الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة حسن الجوار

احمد مصارع

2004 / 12 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أنتقدك ولا تنتقدني !,نعم انتقد نفسي بنفسي ,وهذا لأنني مجاور لنفسي ومحاور لها , والمشكلة هنا تعود الى نقطة البدء , وهل يمكن لي أن لا أكون مجاورا لذاتي ,وحين لا يمكنني ذلك , سأكون أنا هو المشكلة الأولى ,وفي فراغ صغير وكون كبير ازدحم مع نفسي فما حاجتي لأن أصنع لنفسي نظاما ؟ لأنني لا أريد أن أحاسب نفسي بنفسي , يحدث مثل هذا حين تجد إشارة مرور تلعب دورا معرقلا لسلاسة المرور , والسبب في ذلك غالبا مصدره ضعف دواعيه , ودون اعتماد المعلومة التقنية الدقيقة التي تبين عدد الآليات التي تمر في الدقيقة الواحدة مثلا ,وبدون ذلك يكون المردود عكسيا .
الجوار الاجتماعي أو السياسي غير الكثيف , حيث تكون الحاجة ضعيفة للتنظيم , وفي ضعف القدرة على التخطيط ألاستباقي , لا يبقى على هيئة واحدة ,ويحدث نمو عشوائي تتراكم معه الحاجة الى تنظيم حالة الجوار غير المندمجة وغير المتكاملة , وفي مجتمع محافظ وتقليدي و منكفئ على ذاته , مازال مجاورا لذاته الموروثة , والتي لا أثر فيها ولا تفاعل له مع أي نوع من الثورات المزعومة , ذات الشعارات بدون رصيد و المعلقة فقط كمعارض على الهواء الطلق ,تعرض أنواعا من الخط التراثي الجميل , التطور وهو حادث حقيقة ولكنه باتجاه , لا تغريبي فقط بل وضياع .
الضياع وفقدان البوصلة التي تشير الى الترقي والاتحاد سببه عدم محاورة الذات لجوارها , وهو حوار لم تقم به الجهات المستنيرة , بل والتي أبعدت بفعل فاعل ,وهي الفئات المثقفة والأهم فيها :
الأصولية تراثية النهضة التي تريد تحسين شروط جواراتها , وتحويل المجتمع الشرقي من حالته النحيلة والباهتة وغير الحيوية الى تنميته وتحسين تغذيته المادية والمعنوية , وصولا الى ظهوره كمقدرة منسجمة مع ذاتها , فمن الحكمة أن لاربح مهما كان يكون من جرائه فقدان الذات , ولا بديل يمكن له أن يمدني جوارا لذاتي .
المستقبلية الثورية و يمكن تصور جوهر صدمتهم مع الواقع , في الرغبة في إحلال مشروع مجرب لدى الجوارات غير المجاورة للذات المحلية , وحكمتهم في ذلك , من اعتبار صحوتنا الشرقية الجوار ية مفارقة للواقع الإنساني , ومن نوع فاقد ال شئ لا يعطيه , أو كصحوة أهل الكهف , فلا شئ عندهم مواكب للعصر , والفجوة كبيرة لايمكن لنا في جوارنا المحلي من ردمها كما حدث في توازن الجوارات الأوربية نتيجة لكثافة جواراتها .
ما حدث أن لا شئ تجاور لا القريب ولا البعيد ,ولا الماضي صنع الحاضر ولا المستقبل كف عن مسابقته للحاضر ,وكانت النتيجة ممسوخة , فلم يجاور الفرد ذاته ولااحسن مجاورة الآخرين , الأمر ألذي فتح الباب على مصراعيه لإزاحة الجوارات في وقت ضاقت فيه سلسلة الجوارات في زحام الكثافة المتراكمة وبدون تخطيط , لنتذكر سلبيا :لا يصلح العطار ما أفسده الدهر ,وقد أضيف وضع دولي شديد الضغط والحساسية .
المفردات القليلة المتراكبة تصلح أحيانا لبناء مستقبل الأجيال القادمة , إن وجد الاعتقاد بصوابيتها و نما الشعور بروح الحرص على حماية الإقليم المجاور , كشرط لتحقيق الاستقرار الشامل, فمن حيث السياسة القبول بكافة أشكال الأنظمة السياسية , الملكية أو الجمهورية و لكن على المبدأ الأدبي : كن ما شئت واكتسب أدبا .
لكي نكون جميعا جوارا متعايشا,0(فكن كما تشاء) و المهم أن نكون جميعا في نفس القرن من الزمن ونتبادل بأريحية الأثر و التأثير, وعلى مبدأ :أنا لا يهمني شكل النظام السياسي قدر اهتمامي بالأداء الجمعي و الاجتماعي المنسجم مع جواره و محيطه الإقليمي.
إذا كان تقدميا و تفاعليا مع جواره , فليدفعنا جميعا في حالة التفاعل الجواري الحسن نحو الأمام ولا مانع لدينا جميعا في أن يكون هو القدوة الحسنة .
الأمن والاطمئنان في الإقليم و الجوار هو الشرط الموضوعي لكل حياة فاعلة سياسية قادمة.
لست مع المقلدين حين أحمل شعار بونابرت على محمل الجد (إن أفضل سياسة بلد, هي سياسة جغرافيته ) لست داعية للتخصص لوحده, و لا للتكامل و الاندماج لوحده, و لكنني أرى ببساطة أن أشياء من تلكم الأشياء لا بد أن تتحقق, بهدف تحقيق الانسجام.
كلام يطلق على عواهنه ,هكذا ..أنا أعيش و أنت تعيش.. و ليس المهم كيف تحقق ذلك لأن الأهم قطعا, نحن في جوار منسجم و غير متدافع.. و غير متحارب, أنا معك و أنت معي ..
اليابس سينكسر حتما , وهوا لموقف التشنجي , واللين سيعصر شر عصر وهو الموقف اللا مبالي ,على المبدأ الجحوي : لم تصلني النار بعد !
الذي يتهدد حدودك الغربية أو الشرقية يتهددني. وعدم العمل بسياسة حسن الجوار وغياب مبدأ الحوار المحلي والإقليمي هو الذي جعل من بلدان الشرق الأوسط الكبير قوس توتر دائم للأزمات مما سمح للمشاريع الأقل ملائمة لآمال شعوب المنطقة بحياة أفضل هي الغالبة.
فإذا كنا سعداء بالإقليم, فكل ما يتهددك على وجه التخصيص قطعا سنهتز له جميعا .
لست عنصريا في الشرق, و لكن القول المتواضع بالشرق العربي أو الإسلامي "كلنا في الهم شرق", ونواة كل جوار فاعل هو الحرص البالغ على كرامة الإنسان .
يفتقد هذا القول إلى المصداقية الشعبية , فإذا قال أحدهم :لا شرق و لا غرب..سأحس حقا بآلام فقدان الجغرافيا السياسية .
يمكن القول إنسانيا خارج الجغرافيا البشرية..نحن كبشر, كلنا في الهم سواء ..هذا حق , و لا يراد بهِ باطل فحسب .. لأن جغرافيات السياسة للأقوياء محفوظة بينما نحن الضعفاء مادة النهب المنظم و فوق هذا و ذاك بلادنا وليس غيرها, هي الحاضنة اللاطبيعية للإرهاب .
الخير و الشر مجاز, و المواقع متبادلة, لسنا الخير للأبد , و لا الشر للأبد,أحجار شطرنج , لا أبدا.. أحجار دومينو ؟ ! لا أبداً في البدء كنا بشرا و سنبقى كذلك..
الهنود الحمر جيران أمريكا .؟ ... و جيران أستراليا ؟ ...
فهل ينتظر العرب ان يكون مصيرهم كمصير الجوارات المعروفه00؟ وهل المطلوب تحويلهم الى حالة فلكورية يستكمل بها ديكور المسرح وفي الهواء الطلق 00؟
نحن في عصر العولمة و في عهد الأحادية القطبية و القرن الوحيد الذي ينطح الجدار المقام ليهدمه بينما يسمح لمن يقدر على إقامة الجدران وكأن شيئا لم يكن, كأنهم يقولون لا لجدران الفصل السياسي ونعم لجدران العزل العنصري 00
و لماذا يبنى جدار, و يسقط بين الجوار ..
كل أساس للحوار . .

احمد مصارع
الرقة - 2004










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة