الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الكولونيالي والتاريخ المفترى عليه (1 )

كوسلا ابشن

2011 / 11 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



التاريخ تصنعه الشعوب المقهورة وليس من صنع الملوك ولا رجالات الزوايا المدنسة .

دأب منظروا الكولونيالية الجديدة الى تقزيم تاريخ شمال افريقيا والقفز على مراحل زمنية مهمة من تاريخ المنطقة , من التسيير الذاتي للاقطاعيات الى تشكيل الدولة المركزية الموحدة للقبائل وهيمنة الدولة على الاقتصاد والقرار السياسي , ويرجع تاريخ تأسيس الدولة المركزية في شمال غرب افريقيا ( المروك ) الى القرن الثالث قبل الميلاد 206 ق.م.بتوحيد الكونفدراليات القبائلية وتشكيل ما يعرف بمملكة موريتانيا ومن اشهر ملوكها يوبا الثاني ( 25 ق,م - 25 م ) ,
كما يتضح ان التشكيل السياسي للدولة الماروكية تأسس قبل ظهور المدعي ادريس بعشر قرون , الا ان التاريخ الرسمي المزيف للسلطة الكولونيالية ارجع تكوين الدولة الى فرد مجهول الهوية نسبه زعيم اوربا الى اهل البيت واللقب الشريف , بعد التعاقد بينه والمدعي ادريس على ان تهيمن اورابا على السلطة السياسية والاقتصادية في منطقة الاطلس المتوسط (بعد ان فقدتها بانهزام كوسلا في حربه التحررية ضد الاستعمار العربي في منطقة الشاوية حاليا بالجزائر ولجوء اتباعه الى غرب تامازغا ), مقابل ان ينال ادريس الرمزية الدينية والسياسية , وكانت الصفقة مربحة للطرفين , السيادة السياسية والاقتصادية لاورابا والزعامة على قبائل الاطلس المتوسط وفي المقابل السلطة الرمزية والجاه والغنى لعابر السبيل .
بعيدا عن التدوين المخزني لتاريخ المنطقة والمتطفلين على هذا الحقل من المعرفة من ينكر حتى اليوم الغزو العربي لشمال افريقيا والذي بدأ في القرن 7م , 646م وما تلاه من ابادة ونهب واستعباد على يد المجرم عقبة ابن نافع , مرورا بالحروب الاستردادية التي تزعمها كوسلا وديهيا وميسرا وانتفاضات مسلحة ضد ولاة الخليفة ولم تعرف المنطقة سلاما مع وجود الاجنبي المسيطر والغير المرغوب فيه وخصوصا غزوة بني هلال وبني سالم والمجازر الوحشية في حق الابرياء من عجزة واطفال ونساء .
عكس ما تدعيه الفلوف المخزنية الباحثة عن شرعية تاريخية بعد الشرعنة الميتافيزيقية , من اوهام عن بداية تأسيس الدولة الماروكية على يد السلالة ّ العربية ّ , دولة طرزان في ادغال الاطلس , من المنطقي اذا افترضنا ان ادريس الفرد غير امازيغي , فانه قد تمزغ واندمج في المجتمع الاورابي الامازيغي واصبح حاكم لقبيلة اورابا بعد المصاهرة , اما الافتراض الثاني وهو الاقرب الى الصواب ان زعيم قبيلة اورابا كان من مصلحته لتقديم الغريب على انه عربي من اهل البيت وحث القبائل المجاورة لمبايعته اميرا عليهم وهذا ما حصل بعد العقدة الادريسية - الاسحاقية وهذا ما يسميه البعض بشراكة بين الامازيغ والعرب في حالة الجمع , وكأن المنطقة كانت اهلة بالعرب بجانب الامازيغ وتوحد الجانبين وشكلوا دولة مركزية بزعامة عربية , هذه هرطقة ميتافيزيقية مقدسة للفرد الخارق المجسدة في الميثولوجية القديمة سواء مع نظرية الخلق في الفكر الميثالي الديني , ودور السوبرمان في التحولات السياسية والاجتماعية من محمد الى دور الفرد في النظرية الرأسمالية .
الامارة المعروفة في الادبيات المخزنية بالدولة الادريسية ( تأسست 766 م ) , لم تتعدى حدود القبائل الاطلسية ولم تكن هي الامارة الوحيدة الموجودة على الارض الامازيغية ( الماروك ) ,بل سبقتها امارة ناكور في منطقة الريف ( 710م -1019م ) وكذا مملكة بورغواطا على الساحل الاطلنتيكي ( 744م -1078 م ) اول دولة امازيغية قومية بعد الغزو العربي ,اما الامارة السلالية فقد ظهرت متأخرة واندثرت قبل غيرها .
اختلاقات التأسيس المركزي وبناء الامبراطوريات وخلق التوازن المفقود خارج حدود المنطقة والتفوق الذهني الفردي الحجازي على الجماعة المحلية , هي مجرد اوهام فكرية للعقل المتخيل , فندها التحليل العلمي في عملية موحدة تاريخية ملموسة , فوقائع التاريخ المرحلي لفترة الادريسية السلالية العرقية بعد انقلاب الابن على الاب والجد وفسخ عقدة الشراكة ستنتج النظرية الوهمية , التفوق العرقي وكذا نظرية التعامل الاستعماري بين الاجنبي السيد المقدس وبين المحلي العبد الخاضع لاوامر سيده , هذه النظرية العرقية ستنتج التشتت والتفرقة وفي نفس الوقت ستنتج المقاومة الرمزية والفعلية التي ستحفر قبر الامارة , وتأسيس الدولة المركزية الامازيغية , الامبراطورية المرابطية التى ستوحد بلاد الامازيغ وتحتل شبه الجزيرة الابيرية لاربع قرون .
الدولة المركزية تأسست مع المرابطين وهم من وحد شمال افريقيا وخلق بالفعل التوازن في منطقة حوض المتوسط وليس مع الامارة السلالية المحدودة ترابيا وبشريا والتي انتهى وجودها الفعلي سلاليا على يد المرابطين الامازيغ ,هذه الامارة التي اعطي لها العقل المتخيل اكثر من حجمها الحقيقي , لبناء الشرعنة الوهمية التي تأسس للوجود التاريخي الوهمي للاوجود .
استطاعت سلالة المرتزقة المنسوبة للعلويين في القرن 17 السيطرة على حواضر المنطقة واسست مستعمرتها في بلاد الامازيغ واشعلت فتيل الحرب العرقية , وقسمت البلاد الى منطقتين سمت المناطق الخاضعة لسيطرتها بلاد المخزن ( بلاد السلطة والقانون ) وسمت المناطق المستقلة ببلاد السيبة ( بلاد خارجة عن السلطة , بلاد الفوضى ) رغم ان هذا المفهوم الاخير لا يعبر عن الواقع الامازيغي انذاك , المعتمد على الشكل الديمقراطي في التسيير الذاتي , فهذه المفاهيم تدخل في اطار صراع الاضداد او ثنائية متحضر وبدائي , السيد والعبد ... , ومع تفويض المخزن الاستعماري السلطة لحاميه الامبريالية الفرنسية بمقتضى اتفاقية فاس , ستجند فرنسا مثقفيها لدراسة التركيبة القبلية للمجتمع الامازيغي المستهدف لاركاعه واخضاعه لنفوذ الاستعمار المزدوج الفرنسي والمخزني .
خلافا لادعاءات اهل اللطيف ومنظري الكولزنيالية الجديدة , فالدراسات الانتربولوجية والسوسيولوجية الكولونيالية سواء لمنطقة المخزن الاستعماري اوللمجال القبلي الامازيغي كان في خدمة الاستعمار الفرنسي واستهدف بالاساس البحث عن ميكانيزمات تفكيك المجتمع القبلي الامازيغي وتدمير بنيته الاجتماعية والسياسية وفي المقايل عمل على تقوية المؤسسة المخزنية وهذا ما مارسته فعليا الاقامة العامة الفرنسية بدك المجال الترابي الامازيغي , اماكن المحصنة للمقاومة الامازيغية , بكل انواع الاسلحة حتى المحرمة دوليا , في الوقت الذي لم تطلق ولو رصاصة واحدة في المناطق المخزنية , بل عملت فرنسا على تحديث المؤسسات المخزنية وبناء المدارس والثانويات الفرنسية , على سبيل المثل ثانوية ادريس بفاس وثانوية يوسف بالرباط , لتكوين الاطر المستقبلية للدولة الكولونيالية المخزنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | طائرة مساعدات إماراتية ثالثة تصل إلى مطار رفيق الحرير


.. حزب الله يقصف قاعدة رامات ديفيد بصواريخ -فادي 1-




.. طواقم إسرائيلية تعمل على إخماد حريق بمنحدرات صفد


.. مظاهرة ألمانية في برلين مناهضة للحروب في الشرق الأوسط




.. بلا قيود يستضيف أسعد درغام النائب في مجلس النواب اللبناني عن