الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا خوف بعد اليوم

امال قرامي

2011 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا خوف بعد اليوم ، شعار رفعه التونسيون حين ثاروا فأطاحوا بدكتاتورية عتيدة ولكن يبدو أنّ دوائر الخوف عادت من جديد لتفعل فعلها...،هي مخاوف كان يقال لنا أن لا مبرّر لها في ظلّ بلاد في طريقها نحو التحوّل الديمقراطي ، وفي ظلّ أغلبيّة (حزب النهضة ) تعدنا بتحقيق أهداف الثورة وتكريس الديمقراطية ...وها نحن اليوم نثبت بالأدلّة والبراهين أنّ مخاوفنا مشروعة و ليس الخبر كالعيان .
مظاهر من العنف الممنهج ضدّ بعض الفنانين والمثقفين وأساتذة الجامعات فضلا عن انتهاك حق النساء على اختلاف انتماءاتهن الطبقية والثقافية في اختيار زيّهن...وفي الأفق مشروع مجتمعي جديد يدعو إلى الفصل بين الجنسين والحدّ من مكتسبات النساء وتقييد الحريات ...يحدث هذا في تونس ما بعد الثورة ، ومع كلّ يوم جديد نباغت بأحداث عنف جديدة ، وليس من قبيل الصدفة أن تتالى أحداث تنتهك فيها كرامة الأساتذة الجامعيين فمنذ أيام طلب من أستاذتين جامعيتين إعلان الشهادة أمام الجميع والالتزام بلبس زي شرعي، وقبلها طردت جامعية من مؤسسة عملها إذاعة الزيتونة بعد أن قرّرت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنّها غير مؤهلة لتكون في هذا المنصب .
واليوم 28 نوفمبر 2011 فوجئنا بتهجّم فئة ،من المرجّج أنّهم من السلفيين على الأقلّ هذا ما يشير إليه زيّهم وما تومئ إليه طريقتهم في عرض ذواتهم: لحى طويلة وقمصان باكستان أو أفغانستان قصدوا كليّة الآداب بمنوبة، مطالبهم الظاهرة تمكين المنقّبات من حقّهن في التعليم وتوفير فضاء للصلاة وبرنامجهم الخفيّ الذي تجلّى في خطاب بعض من اعتلى سدّة الخطابة أسلمة المؤسسات الجامعية وتطهيرها من العلمانيين وتحرير الكلية من جيل ممثّل للاستعمار جثم طويلا على أنفاسها .
ولم يكن الأمر مجرد كلام بكلام بل هو كلام بفعال فحين عرضوا برنامجهم وحاول بعض الأساتذة مقارعتهم الحجّة بالحجّة تبيّن لهم أنّهم لا يقدرون على المحاورة لأنّ العنف سيّد الميدان في شرعهم. احتجزوا العميد وبعض الأستاذة وأعدّوا العدّة لقضاء الليل وربّما الليالي ...
ليست المسألة متعلّقة بحقّ منقبات بل هي محاولة فرض مشروع بالقوّة في وقت تمرّ به البلاد بظروف خاصّة. الرهان الحقيقي إذن: ضمان الحريات وتحقيق التعايش بين المختلفين أيديولوجيا وعقديا وسياسيا وثقافيا وفق مبدأ المواطنة والسير قدما نحو مجتمع تسوده منظومة قيمية تكفل الاحترام المتبادل والعيش معا.
كيف السبيل إلى تجنّب الصدام بين من يرى أنّ من واجبه أن يراقب وأن يفرض إرادته على الجميع ومن يدافع عن حق الفرد في الاختيار ومسؤوليته في تحمّل تبعات اختياراته. كيف نصون الحياة الخاصة وحرماتها تجاه سلطة جديدة كليانية ؟ كيف السبيل إلى مواجهة الفوضى بجميع أشكالها؟
ما كنّا نحسب أنّ الدكتاتورية تترك مكانا لنشأة دكتاتورية جديدة بمثل هذه السرعة وما كنّا نتوقّع أنّ أكبر إنجاز تحقّق في تونس منذ الجمهورية وكان مفخرة التونسيين بين الأمم سيستهدف مباشرة بعد الثورة وهي التي لم ترفع شعارات من قبيل نِقابي عنوان عفّتي ولا المصلى قبل الدرس ...شباب الثورة طالبوا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وحقّ العمل ...شهداء الثورة ضحّوا من أجل أن تعيش أجيال من التونسيين مستمتعة بحقوقها الأساسية والإنسانية، وشتّان بين مطالب هؤلاء وهؤلاء والأساليب المتوخاة :ثورة سلمية حضارية رفعت فيها الفتيات على الأعناق واشتبكت فيها أيادي الرجال والنساء، الشيب والشباب ، حشود كالبنيان المرصوص تهتف الشعب يريد إسقاط النظام ، ارحل.وهجمات منظمة واقتحامات للمؤسسات الجامعية ومنع للطلبة من إجراء امتحاناتهم بالقوّة، وسوقهم قسرا إلى الساحات وترويع الموظفين والموظفات وتهافت على الخطابة في زمن كثر فيه الناطقون نيابة عن الله.
كنّا ننتظر من جيل تحرّر من الاستبداد أن يبدع ، أن يشمّر على السواعد وأن يساهم في البناء ، أن يطرح علينا أفكارا جديدة ومشاريع وتصورات تطّور منظومتنا التعليمية المهترئة. كنّا ننتظر من شبابنا وشاباتنا مقترحات تعبّر عن تطلعاتهم وآمالهم ، كنّا نتوقّع بناء علاقات تفاعلية جديدة غايتها محاربة الأمية والفقر والتهميش والقمع ...ولكن يبدو أنّ الوقت لم بحن بعد مازال أمامنا الكثير.
وفي انتظار ذلك نقولها عاليا:نرفض ارتهان مؤسساتنا الجامعية فمسؤولية المربي/ة والمثقف/ة جسيمة تتطلّب منه الدفاع عن الثوابت الأكاديمية وأوّلها الدفاع عن استقلالية المؤسسات الجامعية كما أنّنا لا نقبل ولن نقبل بسوق شباننا وشابتنا المغرّر بهم نحو الهاوية ، نحو عبودية جديدة لخطاب يهدم ولا يبني لخطاب يفرّق ولا يجمع ...سنحميهم ونحمي مؤسساتنا بكلّ ما اوتينا من جهد وحتى آخر رمق ...شعارنا لن تمروا إلاّ على جثثنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الثوره لم تقضى على الفساد بعد
حكيم العارف ( 2011 / 11 / 29 - 05:39 )

لو كنتم رجاله صحيح كنتم عملتم ثوره اخرى على المرتزقه الذين يستخدمون الدين فى ركوب الشعوب ...

ينبغى ان تظهروا قوتكم ... لان المرحله لم تنتهى بعد ....

سوف تكون اسواء لو جسوا نبضكم ووجدوكم تتقبلون الاهانه ... فالاهانات لن تنتهى ... وتصير تونس ومصر وليبيا امتدد للسعوديه


2 - الصمود ...الصمود ..الحق الحق
شاهر الشرقاوى ( 2011 / 11 / 29 - 08:39 )
قولو لهم ان الله فى عليائه لم يضع حدا لعقاب المتبرجة او منعها من الخروج او فرضه على النساء بالقوة والقهر
أتشرعون انت وتحللون وتحرمون وتضعون حدودا ما انزل الله بها من سلطان؟

الا يوجد مجلس نواب او شعب تعرض عليه القوانين ليتم دراستها قبل تشريعها؟
الا يوجد شعب ابى ثار على البغى والطغيان والظلم والاستعباد؟؟؟
هذه الارشادات الدينية الشخصية يتحمل وزرها الانسان نفسه
انا زوجتى محجبة
وابنتى
وكل اهلى ومعظم جيرانى وهناك منقبات ..ومهما كان الامر
فالقهر مرفوض شكلا وموضوعا
مرفوض
حتى دينيا وقرانيا
أفأنت تكره الناس حتى يكون مؤمنين؟؟

فذكر ..انما انت مذكر ...لست عليهم بمسيطر
يقول لحبيبه ولرسوله ولمصطفاه وخير خلق الله
لست عليهم بمسيطر
لست عليهم بمسيطر
لست عليهم بمسيطر
افتسيطرون انتم؟؟؟
هؤلاء خوارج الامة.خوارج العصر
اذا تنازلتم
فلن ينتهى وينخفض سقف الاوامر والنواهى

الايمان والاسلام يتم بنطق الشهادة
وليس لاحد على الاطلاق بعدذلك ان يستعبد انسان ويهيمن عليه هيمنة مطلقة كهذه
الله ذاته لم يفعلها
أفتفعلونها انتم؟
أيكون لكم ما لم يفعله الله .وهو من حقه؟
لستم وكلائه
لستم مفوضون منه
لستم اعلى من انبيائه
عفوا


3 - احتجـــزوا العميـــد وبعض الاساتذة
كنعــان شـــماس ( 2011 / 11 / 29 - 20:31 )
وماذا بعد اقتحام حرم جامعة واحتجاز عميد اين الشرطة ؟ اين الا علام ؟ واضح ان تونس سقطت اسرع وحصد هولاء الشياطين امجاد الثائرين ومن ضحى بدمائهم في العراق وتحديدا البصرة هكذا سيطرو بدوا بشعارات على الحياطين وتهديدات لباعة المشروبات الروحية وسكت خنازيرهم في الشرطة والقضاء وبعد ان قتلوا عددا من الباعة و140 امراءة لعدم ارتدتائهن الحجاب اليم لاتتجاسر امراءة تسير في الشارع بلا حجاب يا اخت امال الضابط في الجيش لايستطيع السيطرة على الجنود مالم يكونوا بزي موحد رحم الله بورقيبة ومحمد بوعزيزي اذا مر هذا الانتهاك بلا عقاب فالقادم امر واتعس تحية


4 - وفقكم الله في كفاحكم ضد المجرمين
Elias Ashor ( 2011 / 11 / 29 - 20:44 )
أستاذة آمال
إن دكتاتورية بإسم الدين هي أسوأ أنواع الدكتاتوريات. كما أن الإضطهاد بإسم الدين، هو أبشع أنواع الإضطهاد. والقتل بإسم الله هو جريمة لا تُغتفر
وهو خدمة للشيطان. وفقكم الله في كفاحكم ضد المجرمين


5 - ديموقراطية اختيار الدين
محمد البدري ( 2011 / 11 / 30 - 18:55 )
الحرية لا ترهن نفسها الا للحرية. فمن المستحيل قيام حرية علي ارضية دينية لم تعط حرية لاحد الا لمن عمل سيافا لدي قاتل يحكم باسم الدين يقتل باسم الله ويحجب وبنقب ويرفض باسم الله وباسم قرآنه بطاعة عمياء. هذا هو تاريخ الاسلام من اوله الي هذه اللحظة. ولم يعد لدينا سوي عدم الخوف فنحن اجبرنا لان نكون مسلمين وعربا . فالسؤال المفترض طرحه في هذه الايام البائسة هل الاسلام جبر أم اختيار. فمن يختاره فيتحمل مسؤولية اختياره طبقا لما يرتضيه من مهانة من ولي امره وعلمائه ونبيه الذين نص عليهم قرآنه. اما من يرفضه فلديه مساحات واسعة من الحرية والعلمانية واحترام الحقوق الانسانية التي يرفل في نعيمها كل شعوب الارض عدا العرب والمسلمين. فالاختيار هو حق ديموقراطي فلماذا لا نحققه علي خيارنا الدين اصلا؟ شكرا وتحية وتقدير للمناضلة الشجاعة د. قرامي


6 - هذا هو الربيع
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 12 / 1 - 18:50 )
الزميلة الكاتبة
ما ذكرت من اعمال منافية للديمقراطية وحقوق الانسان هو ما توقعناه من نتائج لقوى مدعومة من الامبريالية والايام القادمة ستشهد ما هو امر واقسى انه تجديد لدكتاتوريات شابت فبعثت باطار ديني جديدولكن سيكون مصيرهم مصير من سبقهم

اخر الافلام

.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة


.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح




.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم