الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشارع معادلة صعبة أمام العدالة والتنمية...

اقريش رشيد

2011 / 11 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الشارع معادلة صعبة أمام العدالة والتنمية...

العدالة إذا اتجهت إلى التقشف، فل تعلن على نهايتها كبقية الأحزاب التقليدية.


صحيح، أن العدالة والتنمية فازت في انتخابات 25 من شهر نونبر من سنة 2011. صحيح أيضا، أنها غطت ما يناهز 81 في المائة من الدوائر، صحيح أنها هيئة منظمة هيكليا ومؤسساتيا، وصحيح أيضا أنها تاست على مشروعية حزب " الخطيب " الذي مهد لها الطريق وعبده لكي تلج الحقل السياسي، صحيح أنها انطلقت من حركة اسلامية " التجديد والاصلاح " وحاولت تأسيس حزب سياسي الوحدة والتنمية، لكن تطور الأحداث التي دارت بينها وبين المخزن، آنذاك، لم تكن تسمح لهم بالبروز في المشهد السياسي، لان الاعتبارات التي كان يراها " المحزن" ، لم تسعفه على ذلك. دون أن نغفل، الحراك الاخواني الإسلامي بالعالم العربي، أو ما يسمى ب "المشروعية البديلة" أو الأصولية الجديدة " التي تطالب بالرجوع إلى روح السلف العقدي والمذهبي.
الأنظمة لعربية لم تكن يوما راضيا على هذا التحول أو إحداث تغييرات سياسية داخلها، خاصة وأنها كانت حديثة العهد بالاستقلال وبزوغ الحرية و..و. ورغم المشاكل البنيوية والهيكلية التي كانت تعاني منها الأنظمة السياسية العربية، نتيجة اقتصاد الريع، والفساد الإداري والمالي و...و...، لم تكن التيارات الإسلامية الوحيدة المحظورة بل كان الطبقة المثقفة، هي أيضا مقموعة.
إن ما وصلت إليه الأنظمة إلى اليوم، ليس إلا نتيجة حتمية لفعل سياسي مطبوع بنكهة " تقليد " أو إنزال أو إسقاط مفاهيم ديمقراطية بعيدة عن واقع عربي أو إسلامي أو أمازيغي...كان نتيجتها تكريس إواليات لشرعيات سياسية أي ل " نخب سياسية " محافظة" لتسير الشأن العام...لقد لاحظ الجميع، ان التعددية السياسية أو نموذج الحزب الوحيد، في العلم العربي لم تكن السبل أو الآليات الحقيقية للخروج من أزمة التدبير السياسي. لم تكن أيضا مناهج التدبير وفق منهجية التقليد أو الإسقاط بدائل وحلول لأزمة الأنظمة السياسية.
لقد كانت هناك مؤشرات نظرية مستمدة من الواقع تشير إلى أن الفعل السياسي في الوطن العربي، يسير ويؤول إلى " النقطة الميتة"، نقطة الانحباس الحراري السياسي للأنظمة السياسية العربية والإسلامية..كان منتظرا بالنظر إلى مؤشر التنمية داخل هاته الأنظمة، أن يزداد الوعي السياسي الفردي والجماعي رغم آليات القمع المادي والمعنوي...إلى تحريك " القطب الجامد في المجتمع" ، إلى تحريك العناصر الفقيرة والمهمشة والمثقف والمقصية في التدبير السياسي إلى شارع.
لقد نزل الشارع بدون جدولة زمنية، وبدون قيادات أو زعامات، وبدون برنامج حقيقي، كل ما في الأمر، أن " السكين وصل إلى العظم" ، ولم يعد هناك مجالا لإنتظار التغيير أو الإصلاح، إلا بالخروج في وجه السلطة السياسية...
شارع بدون " برنامج " مقابل برامج عقيمة لمؤسسات بدون " شارع"..هذا تصير الأمور، لتصير ما لم تكن أبدا، إنها الوجودية السياسية التي لا يؤمن بها الفاعل السياسي، والتطور التاريخي الذي لا يشعر به المدبر للشأن العام...
فوز العدالة، كان نتيجة الموت الإكلينيكي للأحزاب التقليدية، كان أيضا، نتيجة ضياع الوقت في الصراعات السياسية الواهية، وحب المصالح الآنية والذاتية، كان نتيجة التذمر الشعبي من تلك الهيئات.
إذا كان نسلم بان الشعب عاقب الأحزاب بالعدالة، فبالمقابل، يضع نظرية المخزن التقليدانية أمام " محك " جديد. أمام تيار متنامي عالميا، أمام حركة إسلامية متعددة المشارب...فالإخوان في مصر لا يشبهون بتاتا العدالة والتنمية التركي، والتركي لا يشبه أطلاقا العدالة والتنمية المغربي.
حزب العدالة والتنمية التركي، علماني سياسيا، ذو مرجعية أخلاقية إسلامية. فهو لا يطلب تطبيق فعلي للشريعة، بل يطلق وفق الشريعة " الحرية الدينية" في مجتمع مؤسس على العلمانية كتوجه سياسي أعطى نتائجه في الاقتصاد والسياسة التركية.
إن التشابه في الأسماء، لا يعني بالبثة، التشابه في إرهاصات التنشئة و المولد، فكل واحد موقعه و موضعه..
العدالة والتنمية المغربي، حزب معتدل في الصورة، في الخفاء، يؤمن أفكار " حركة التجديد والإصلاح". ولكن ممارسته للسياسة تتجه للعلمانية الإسلاموية.
لا يعني فوز العدالة والتنمية إن المغرب فاز فعلا بالمسار الديمقراطي، لقد خبرنا تجربة التناوب السياسي مع حكومة اليوسفي التي عقدت عليها مختلف الشرائح الاجتماعية المغربية، آمالا عريضة بحكم أنها كانت في المعارضة لسنوات، وبحكم شعارات الشعبية الرنانة، وبحكم تصوراتها العقلية لمنطلق الفعل السياسي. ولمن بمجرد ولوج " صرح الحكم" تبين للمحللين، إن " دخول الحمام ما شي بحال خرجو".
العدالة والتنمية، ستجد صعوبة في التحالف، وستعمل جل الفرقاء على تسخين " الطرح "، على أساس تبيان الممانعة القبلية التي تجعل العدالة والتنمية في حيرة، والحزب الذي يمتاز ب " خفة الرجل " غير وراد في أجندة العدالة والتنمية. لأنها ترى مغرب آخر، مغرب يتغير فعلا، من حيث اللاعبين السياسيين، من اشتراكيين وليبراليين ومحافظين، إلى نخبة ملتحية، لها برنامج ستدافع عنه بكل قوة، كما قال أمينهم العام.. ولكن كيف ستتعامل العدالة مع ملفات الفساد الكبرى التي أثارتها الصحافة (...). هل ستأتي غالى الشعب لتقول مقولة اليوسفي، لقد وجدنا إرثا ضخما.
هل ستبدأ من حيث انتهت الحكومة السابقة أم أنها ستبدأ من " التحضير ".
لا اعتقد، أن التحالفات التي تريدها العدالة ستكون مريحة، ولا اعتقد، أن سيطرتها بالأغلبية ستمكنها من التحكم في آليات الفعل السياسي، ذلك أن أمامها معارضة كبيرة، من أحزاب هم بمنطق السياسي " أعداء ".
إذا كانت وعدت بالسعادة للمغاربة، فذلك جاء في غياب تفسير إكرهات المغرب الاقتصادية والاجتماعية جراء ألازمة العالمية، في غياب أي تفسير، للمعادلة العصبة التي تنتظرها مع صندوق المقاصة، والعجز التجاري المرتفع، ومع الدين العمومي المرتفع، والدين الخارجي المرتفع أيضا.
كيف ستعامل مع جيش فيل من المعطلين المعتصمين بالشوارع المغربية، كيف ستعامل مع ملف " أراضي الفلاحة التي تنتهك حرمتها..
كيف ستتعامل مع رخص الصيد البحري في أعالي البحار، هل بمقدورها، الكشف عن أسماء أصحابها؟
هل العدالة والتنمية، قادرة على حل أزمات الطبقة الشيغلة المحرومة من حقوقها الاجتماعية و..أمام ضراوة " الباطرونة".
العدالة إذا اتجهت إلى التقشف، فل تعلن على نهايتها كبقية الأحزاب التقليدية.
2011/11/30








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran