الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع الكولونيالي والتاريخ المفترى عليه (2 )

كوسلا ابشن

2011 / 11 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اكذوبة الظهير البربري يداية الخطاب العرقي المعاصر

كانت ولا زالت اسطورة الظهير البربري مرجعية للخطاب العرقي العروبي لمواجهة الحركات الامازيغية المناضلة المتشبثة بحقها المستقل في الوجود , فما هو الظهير البربري ؟
تاريخيا لم يعرف اي ظهير ولا قانون بهذا الاسم , و الاسم الصحيح للظهير هو ّ الظهير المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات الاعراف الامازيغية ّ الصادر في 16 ماي 1930 ,و ما اضافته الحماية الفرنسية على الاعراف الامازيغية هو الصبغة القانونية للقضاء العرفي , فالمعروف ان القانون العرفي هو المنظم للشؤون العامة في القبائل الامازيغية المستقلة عن المخزن الاستعماري قبل استقدام الاستعمار الفرنسي بقرون ولم تأتي سلطات الحماية الفرنسية بشيء جديد , والظهير حدد المجال الترابي المستقل عن السلطة المخزنية ولم يحدد العرق الامازيغي وحتى اذا افترضنا ما قيل على هذا الظهير , فما ذنب الامازيغ في وضع الظهائر الاستعمارية , ولماذا لم يحاسب السلطان المخزني من ختم الظهير بالختام السلطاني والذي كان من اوائل منتقدي مبدعي اكذوبة ّ الظهير البربري ّ, وذلك في رسالة موجه الى ائمة المساجد قرأت اثناء صلاة الجمعة في 11 . 08 . 1930 اتى فيها ما يلي ّ وهكذا استمرت ممارسة هذه الاعراف عبر القرون واخر من اعترف بها للقبائل الامازيغية ابونا المعظم والممجد الذي لم يحدو في ذلك سوى حدو اسلافه ... وقد قررنا بانفسنا مثل هذه التدابير يظهيرنا الشريف , غير ان شبابا دون مستوى التمييز وغير واعين بخطورة اعمالهم النافية للقانون يحاولون ايهام الناس بان التدابير التي قررناها لا تهدف سوى الى تنصير الامازيغ وقاموا لذلك بمغالطة الجمهور وحثوا الناس على التجمع بالمساجد وقراءة اللطيف ... ّ ,واذا كانت الحركة العرقية العروبية حريسة على الدين و الوحدة والوطن , فلماذا غاب غوغاءها على اكبر جريمة في حق الفلاحين الصغار وهو اصدار قانون المنظم لتفويت الاراضي للمستوطنين الاوروبين ظهير 15 يونيو 1922 , وسبقه ظهير 12 شتنبر 1913م المنظم لاختصاصات المحاكم الفرنسية في كامل البلاد المحتلة ولم تحرك الحركة العرقية العروبية ساكنا رغم ان تفويت الاراضي للمعمرين الجدد اخطر من الصياغة القانونية للعرف الامازيغي ,واذا كانت حريسة على الدين فلماذا لم تمنع التبشير في المناطق المخزنية التي تخرج منها الاب يوحنا محمد ع. الجليل اخ عمر ع. الجليل احد مؤسس حزب الاستقال العنصري , اذا التنصير استهدف المناطق المخزنية قبل المناطق الامازيغية التي كانت حريسة على الاسلام اكثر من المنافقين اهل اللطيف , من ضخم الظهير لتجاوز الحدود الجغرافية , ليطال التنديد به في المجمع العروبي -الاسلاموي , خوفا من اوهام خروج الامازيغ عن ملة الاسلام-العربي , من دون التنديد للوجود الفعلي للامبريالية الفرنسيةفي البلد ولا للمجازر الوحشية التي استهدفت ّ اخوانهم ّ الامازيغ .
الحملة الظاهرية لاهل اللطيف لم تكن تستهدف الظهير الفرنسي بقدر ما كانت تستهدف الامازيغ وحدهم , فالاحساس الخاطئ للحركة العرقية العروبية , من خوف خسارة مواقعها في الادارة الفرنسية وتخلي دولة الحماية عن عمالتهم وتغيير توجهها الى المناطق الامازيغية , استنادا على خطة بناء بعض المدارس الفرنسية و تعليم الامازيغية لابناء امازيغن ( وهذا الاخير يعد مكسب والشعب تحت الاحتلال )والذي رفضته الحركة اللطيفية من موقفها العرقي ازاء الامازيغ وثقافتهم ولغتهم , اما نشر الثقافة الفرنسية والذي شمل كذلك مناطق المخزن العروبي فهي سياسة استلابية استعمارية عانت من تبعاتها كل الشعوب المستعمرة ( فتح الميم ) ولم تسلم منها المناطق الامازيغية الغير معربة.الخوف من تغيير المواقع والموقف العرقي من الثقافة الامازيغية , وراء مبادرة النخبة الخيانية وعلى رأسها عبد اللطيف الصبيحي موظف الاقامة العامة الفرنسية لاستغلال الحدث الوهمي لبناء الارضية السياسية للحركة العرقية العروبية المنطلقة من المساجد بقرأة اللطيف لاضفاء الرمزية الدينية على ادانة البداءيين الامازيغ المتنصرين والانفصاليين , وللتاريخ فلحظة اصدار الظهير كانت المقاومة الامازيغية ولوحدها من يحارب الاستعمار الاوروبي بالسلاح من 1909 الى 1934 ( نخبة البندقية وعلى رأسها محمد امزيان ومحمد ع. الكريم الخطابي وموحا الزياني وع. السلام عسو واخرين ) ولم تهدأ البندقية الامازيغية رغم القوة العسكرية الاستعمارية طيلة هذه المدة وهذه هي النخة الوحيدة ممثل الامازيغ ورافضة المؤامرة الخيانية للحركة العرقية العروبية , من لعبت مهمة الوسيط بين عامة الحواضر والاستعمار , وللتاريخ فالمناطق الامازيغية وحدها من كانت تقصف بكل انواع الاسلحة وبشكل همجي , فهذه هي السياسة ّ البربرية ّ الحقيقية للامبريالية الفرنسية , والتي طمستها اقزام الحركة العرقية العروبية التي كانت عميلة للاستعمار وكانت تندد بالكفاح المسلح الذي خاضته المقاومة الامازيغية , مدعية ان هذا الشكل الكفاحي بدائي ومتوحش ويجب وقفه وبداية العمل الحضاري ( النضال السياسي ) وبهذ الشكل المتحضر يجب التعامل مع فرنسا , وهذا ما كانت تسعى اليه فرنسا , الدعاية في وسط الجماهير لادانة المقاومة المسلحة الامازيغية والقاء السلاح والنزول الى الحواضر للعيش كمتحضرين خدام الامبريالية الفرنسية وعبيد النظام المخزني و افساح المجال للعروبي للتعامل المتحضر مع الفرنسيين وهذا ما تحقق للخونة , بانهزام المقاومة المسلحة الامازيغية , ورفع اللثام على المقصد الحقيقي لاهل اللطيف من خلق اكذوبة ّ الظهير البربري ّ وهو القضاء على المقاومة الامازيغية من جهة ومن جهة ثانية اظهار لفرنسا ان الحركة العرقية العروبية هي القوة الوحيدة الممكن الاعتماد عليها والتعامل معها , وفي نفس تاريخ ( 1934 ) القضاء على المقاومة الامازيغية , رفعت الحركة العرقية العروبية لائحة مطالب للسلطات الاستعمارية , تبدأ بتهنئة فرنسا على انتصارها على البربر البدائيين والاعتراف بالسلطة الاستعمارية في البلاد وياليها مطلب عنصري , وقف تدريس اللغة الامازيغية والغاء المحاكم العرفية ( محاكم الجماعة ) ,وزيادة توظيف ابناء اعيان المدن في الادارة الفرنسية , وتأتي هذه المطالب في لحظة تاريخية تبين حقارة الحركة العرقية العروبية وعنصريتها واحتقارها للانسان الامازيغي قدمت لائحة المطالب والجيش الاستعماري يقود حملة تنكيلية وحشية ضد قبائل تمو وقباج في الاطلس المتوسط , فقد اظهر التعاون الفرنسي-العروبي مغزى استقدام الامبريالية الفرنسية الى البلاد , والذي عبر عليه الليوطي المقيم العام الفرنسي ومشيد اعمدة عروبة البلاد في خطاب استقبال محمد الخامس حيث قال ّ يمكن لي اليوم وانا اودي التحية لجلالتكم ان اتحدث بكامل الثقة والاخلاص عن مصير مملكتكم السعيدة التي تعتبر جلالتكم ... رئيسها السياسي والديني ولا يمكن لسلطتكم ان تمد اليها سوء وهي مبسوطة على المغرب كله ... ّ ( عن مؤرخ القصر ع. الهادي بوطالب ) وهذا التعاون سيتوج لاحقا باهداء فرنسا البلاد كاملة للحركة العرقية العروبية بعد انهاء استقلالية القبائل الاملزيغية لتبدأ السياسة الكولونيالية العروبية بالتطهير العرقي , والتي سيعبر عنها احد القادة السلفيين في الحركة العرقية العروبية المسمى علال الفاسي في خطابا له ّ ان مشكلتنا ايها الاخوة ليست مع الاستعمار كيف جلاؤه بل مشكلتنا مع البربر كيف جلاؤهم ّ , كانت البداية باغتيالات رموز المقاومة الامازيغية وعلى رأسها عباس لمساعدي (1956 ) , حرب الابادة على الاطلس والجنوب الشرقي (1957 ) , جنوسيد امازيغ بالريف ( 1958-1959 ) , السياسة التمييز العنصري المنتهجة حتى اليوم , هذه هي السياسة البربرية الحقيقية التى يواصل ابناء الليوطي نهجها ضد طموح الشعب الامازيغي في الانعتاق والحرية .
باعتبار ّ الظهير البربري ّ ارضية النشوء والتبلورللحركة العرقية العروبية , فيبقى مرجعية مطلقة في الصراع ضد الاخر البدائي ّالبربري ّ كلما حاول اثبات ذاته .
استطاعت الحركة العرقية العروبية تمرير اختلاقاتها واكاذيبها وخطابها الاحادي عبر وسائلها السلطوية القهرية لفترة من الزمن لكنها عجزت عن مقاومة الحقيقة ( النسبية ) التي حمل لوائها احرار الامازيغ مفكك اسطورة ّ الظهير البربري ّ ورافع مشعل الحرية والتعدد واحترام الاخر وقبول الاختلاف وقيم التسامح , مفاهيم جديدة حقوقية لم تكن متداولة باعتبارها من محرمات القاموس العرقي العروبي .

لمن يريد الاطلاع على تفاصيل اكذوبة ّ الظهير البربري ّ فعليه الاطلاع على مؤلف ذ. محمد مونيب ّ الظهير البربري اكبر اكذوبة في المغرب المعاصر ّ , وكذا كتاب الباحث ع. المطلب الزيزاوي ّ اوهام الظهير البربري السياق والتداعيات ّ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | طائرة مساعدات إماراتية ثالثة تصل إلى مطار رفيق الحرير


.. حزب الله يقصف قاعدة رامات ديفيد بصواريخ -فادي 1-




.. طواقم إسرائيلية تعمل على إخماد حريق بمنحدرات صفد


.. مظاهرة ألمانية في برلين مناهضة للحروب في الشرق الأوسط




.. بلا قيود يستضيف أسعد درغام النائب في مجلس النواب اللبناني عن