الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة و التنوير راهنا

عمر بن بوجليدة

2011 / 12 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


...إن استنطاق مفهوم الثورة في جوهرها إنما يحيل على حقل دلالي في تواشج شديد مع فضاء من المعنى أوسع ،تتيحه الحداثة و العقلانية ،لقد بات ممكنا القول إن الحداثة تصور للمجتمع ،على أنه نظام يخضع للعقل بوصفه الأداة الوحيدة لتحرير الطبيعة البشريّة من جميع السلطات .إنّه يمكننا أن نؤكّد أنّ الحداثة رؤيةً للعالم إنّما نهضت على العقل و الثقة في قدرته، و ينسلك الإيمان بالعقل قيمةًً في... ظلّ القطع مع التقليد، ذلك أنّ الإشكاليّة المحوريّة مقصورة على غاية جوهريّة ، هي تحديدا الانتصارات المتنامية للعقل و المعقوليّة بوصفهما الحاصل الفلسفيّ للمشروع الحداثيّ. ههنا تتبدّى وجاهة المسلّمة التي أصبحت تؤكد العقلانيّة أساسا للحقيقة و المعرفة ومن ثمّة ترتبط فكرة الحداثة بفكرة العقلانيّة .ثمّ إنّها تدشن لحظة حاسمة لحظة انفصال العقل العلميّ عن الوجدان الغيبي وعن الأسطورة.ومتى كان الأمر كذلك ، فإنّه يتضح أنّ الفكر الفلسفيّ قد أسس حداثته بمحاولة تأكيد العقل و استبعاد تجلّيات اللاعقل ، فالعقلنة إذن شرط ضروريّ للحداثة سواء تعلّق الأمر بعقلنة الفكر العلميّ أو السياسيّ أو عقلنة التعامل مع الطبيعة.وسيكون لهذه العقلنة أيّما تأثير و بخاصّة على الوعي الإنسانيّ، فمن غير الممكن أن نسمّيَ "حديثا " مجتمعا يسعى أساسا أن ينتظم وفق سلطة الوحي، و دوغمائيّة التفكير ، وعنف الخطاب أو مرجعيّة شوفينيّة ضيّقة ويفعل انطلاقا منها .
ويمكن الخلوص إلى تأكيد مفاده أنّ الحداثة قلبت كلّ الأسس التي ينهض عليها الفكر التقليديّ حيث أعلنت رؤية للإنسان و العالم و الأشياء... جديدة .
لم يعد الإنسان سجين المقدس و أسير سلطته تلك السلطة التي كانت تصدر من "السماء" بل أصبح هو مبدأ و مصدر كلّ سلطة ،و لطالما كان منطق الثورات قادحا لإعلان "حقوق الإنسان و المواطن" مقابل "حقوق الله". فلا شيء مقدس و بالتالي فجوهر الحداثة عقلنة مستمرّة و مطّردة لجميع مظاهر الحياة و ذلك هو التحديث كمسار يحرر الحياة و مظاهرها من اللامعقول و ههنا بالضبط تكمن ديناميّة الحداثة فيصلا دقبقا يفرّق بين طريقة في التفكير مركزها الله و طريقة محورها الإنسان الذي أقرّ ذاته مبدأ ،بالرجوع إليه يكتسب كلّ شيء أهمّيته و دلالته .فيحدث انزياح مرهف عن التساؤلات الحميمة حول أنسنة الإله و تأليه الإنسان و تفقد حركة "النزول بـ" و الارتفاع من" قيمتها المعياريّة كاتجاه تفاضليّ .
لقد قامت الحداثة من جهة ما هي سؤال ينتصب لمّا تتكلّس آليات التحوّل ، بالتأسيس العقليّ للمجتمع و ذلك بعقلنة الفكر السياسي و حتّى نفهم طبيعة هذه الانزياحات لا بدّ أن ندرك أنّ رهان الحداثة في استنادها إلى العقل إنّما كان حرّية الإنسان و بالتالي يمكن استجماع الحداثة في بعدها التحرّري . و إنّه في سياق هذا النحو من الفهم لم تعدّ مبادئ الفكر و السلوك تستمدّ من مرجعيّة ماضويّة لاهوتيّة غيبيّة ، بل غدت تجذيرا للعقل و آليات اشتغاله.
و بعامّة يمكننا أن نؤكّد أنّ الملامح الأولى لوعي الإنسان بحرّيته إنّما تبدأ في الانبجاس ،منذ وعيه بنفسه كـ"ذات" هي المصدر الأرقى لكلّ حقيقة.غير أنّ الذي ليس يعتريه شكّ هو ارتباط الحداثة منذ منابتها الأولى بإرادتي المعرفة و القوّة ، وتتمثل إرادة المعرفة في نشأة العلوم الإنسانيّة لتحرير الإنسان و السيطرة على الطبيعة و المجتمع ، حتّى إذا اتّسق ذلك ، كانت إرادة القوّة منشدّة لإرادة معرفة قوانين الإنسان و المجتمع و الطبيعة انشداد تلازم لإرادة السيطرة و الهيمنة ، فإرادة المعرفة (=تحرير لإنسان من الماضي و التقليد) و إرادة القوّة(= السيطرة على الإنسان و مراقبته ) وجهان ملازمان للحداثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يوسع استهدافاته.. وإسرائيل تؤكد حتمية الحرب مع لبنا


.. أوامر إسرائيلية جديدة بعمليات إخلاء إضافية لمناطق في شرق رفح




.. الفاشر.. هل سيكون بداية نهاية حرب الجنرالين؟ | #التاسعة


.. للمرة الأولى منذ عقدين.. عاصفة شمسية تضرب الأرض |#غرفة_الأخ




.. كأس الاتحاد الإفريقي.. نهضة بركان يستضيف الزمالك في ذهاب الن