الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 3

غالب محسن

2011 / 12 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 28


تحليل نفسي ، محاولة

أختياري لهذا العنوان الفرعي فيه الكثير من الغرابة لكن ليس الغرض منه بتاتاً التباهي أو التجاوز على أصدقاء وزملاء صاحب نظرية التحليل النفسي . لكنني قصدت تبيان ذلك الجانب من الأشكالية الفكرية التي يُسَبِّحُ بها الكثير خصوصاً في هذه الأيام التي تعرف ب " الربيع العربي " ، ألا وهي دور العامل الخارجي في هذه اللأحداث .
ما أن يجري التلميح ، في النقاشات المخلصة وغيرها ، لهذا العامل الخارجي حتى ينبري أصحاب هذا الفكر بالهتاف والصياح للشعب المكافح وقواه الوطنية الباسلة القادرة على تحقيق الديمقراطية والعدالة الأجتماعية دون تدخلات الأجنبي " المستعمر " . بشرط ، أقصد لو أدى هذا التدخل لتحقيق مصالحهم ( مثلاً السلطة) لخفت هذا الصياح وربما أختفى تماماً . بعبارة أخرى كانت تلك الهتافات نصف الحقيقة .

يمكنني الزعم أن أعضاء كل منظمة سواء أكانوا في حزب سياسي ، منظمات مجتمع مدني ، شركة كبيرة أم جماعة دينية ، يتميزون في منظماتهم عموماً بثلاثة أدوار : المدافع المقدام ، المشاكس المعارض ، والمراوغ المسالم . وفي أغلب الأحيان يتكيف معظم أعضاء هذه المنظمات على هذه الأدوار مجتمعة حسب مقتضيات الظروف . فتراه مرةً مدافعاً مقداماً عن " منظمته وقيمها الأصيلة " عندما يتحاور مع " المختلف " ثم تراه معارضاً مشاكساً مع أقرانه وفي ذات الوقت مسالماً مع قادته ورؤوساءه . وليس بالضرورة أن يلعب هذه الأدوار بوعي وقصد وربما العكس هو الصحيح ، يعني باللاوعي أو ضمن ثقافة المألوف .

لكن من بين هذه الأدوار الثلاثة يسود ويطغى في معظم الأحيان دور المدافع المقدام وتراه يطل برأسه في كل المراحل لأنه يعتقد أنه يمتلك الحقيقة و لا غيره ، تماماً كما المؤمن بالله ورسوله ، لذلك تسود في لغته تقريباً ذات المعاني بل وحتى الكلمات وتحس ذات الأنفاس " عزم وأصرار وتصميم وكفاح وأرادة صلبة من حديد ، جهاد ونضال وصبر وأنتصار وهزيمة ... الخ " ومثلها كثير .

أن الأخلاص و " الأيمان " لفكرة أو قضية ، وأن كانت وهماً ، هي البوصلة التي تدفع على الأختيار المناسب لأحد هذه الأدوار بل والأبداع فيه معظم الأحيان ، والمدافع الممقدام هو الرائد. ويمكن القول أنه بطل الظروف الثورية والأنتفاضات أو مراحل التحول والتغيير بلا منازع ، بينما بطل زمن المشاركة في الوليمة هو المراوغ المسالم . أما ما بينهما ، أي في فترات البرود والهدوء النسبي فيبرز دور البطل المشاكس المعارض . والتأويل هو السلاح الفعّال لكل هذه الأدوار.

تأمل عزيزي القارئ فيما حولك وأنظر أن كنت ستجد أحداً لم يمر بهذه الأدوار أو أحدها على الأقل وكاتب هذه التأملات ليس أستثناءاً ، وبعكس ذلك يكفيني ثواب المحاولة !
ترى أي واحدٍ من هؤلاء ذاك ؟

الثقافة الجديدة ، تأويل

الجديد من التجديد الذي يعني التغيير المستمر . فالواقع متحول لا محالة ، والسكون حالة أستحالة ، وحالنا ليس على هذه الحالة ، قبل وبعد موعد الأحالة .
في لغة الهوى يسمى عُشقاً ، وفي الفقه " مُستحب " وفي السياسة تسمى " أنتهازية " لو بدا وجهك شاحباً أو فكرك منشغلاً بما هو غير مألوف . و في السياسة هناك ما لا يعد ولا يحصى من الأوصاف التي يمكن أن يُنعت بها الخصم أو المختلف ، أغربها مَصلَحِي (من المصلحة ) مع أن السياسة لا تعني غير المصلحة .
في سلسلة تأملاتي الأخيرة تناولت موضوعة التأويل كما ورد في القرآن ، وقتها لَمَعَت في ذهني فكرة التأويل في السياسة ، فلمستها بحذر شديد ، فالتأويل والسياسة أخوين في الرضاعة . من منًا لم يُقسِم ، يومياً ، بأن أمريكا تُريد مصالحها أولاً في العالم ، وهذا حق فالأمريكيون أنفسهم لا ينكرون ذلك ، أما بالنسبة للأتحاد السوفييتي" فيما مضى " فأن مصالح الشعوب هي من تأتي أولاً ، هكذا كنا نُردد ونؤمن . كل الدول وأحزابها لها مصالحها الخاصة ، الضيقة . أما نحن ، وأحزابنا ، فليس عندنا سوى مصلحة الشعب وحقوقه العادلة .

في مناقشات مناضلي التيار الديمقراطي في مدينة يتبوري في السويد ، وغيرها في الخارج والداخل أيضاً ، حول معنى الديمقراطية ، خيم مفهوم العدالة الأجتماعية ،على الأجواء وكأن الديمقراطية ليس لها وجود خارجها . أليس هذا أدعاء أكثر منه حقيقة بعد أكثر من نصف قرن من التجارب المريرة للشيوعيين ، وتطبيقاتهم للعدالة الأجتماعية ، في بلدان هي أكثر تقدماً على أية حل من بلداننا والحليم يفهم مقصد الكلام .
هي تأويلات حسب الظروف لكن ليس من غير شروط .

الدعم الخارجي بين الأسطورة والواقع

كنت قد أثرت ، ومثلي كثيرين ، بعض الآسئلة في تأملات سابقة حول وجهة ومقاصد البدائل التي أعقبت أنهيار عدد من الأنظمة الأستبدادية في المنطقة . وكل الأسئلة مشروعة أذا أحتكمنا للثقافة السويدية على الأقل . لكن المبالغة في أثارة الأسئلة يفقدها محتواها بل يجعلها عديمة الجدوى . فمخاوفنا من تلك البدائل يجب أن لا تضعف عزيمتنا في دعم كفاح هذه الشعوب خصوصاً عندما نرى تصاعد العنف بل على العكس يجب أن تدفعنا للتأمل . أن مساندة الشعوب في كفاحها ضد أنظمة مستبدة من أجل الديمقراطية والحرية يجب أن لا يخضع لشروط هي في الواقع أنانية .

قبل كل شئ أعتذر لهذا التكرار الذي لا بد منه : كل الدول ، الكبيرة كما الصغيرة ، تسعى في سياستها الخارجية لمصالحها ولم أسمع دولة معاصرة تقول غير ذلك اللهم ألا زمن الحرب الباردة . على أساس هذا الزعم تسقط كل أدوات الأستفهام ويصبح التساؤول أن للغرب مصالح من هذه التدخلات نافلاً .
لكن لماذا ننسى دائما هذه الحقيقة البسيطة ونتصور أن الغرب وحده من يسعى لمصالحه ؟ أليس للشرق مصالح أيضاً ؟ الصين وروسيا ، أيران والسعودية وسوريا وقطر ، حزب الله والدعوة وحماس والنهضة والأخوان وطالبان ؟ أليس للديمقراطيين وأصحابهم مصالحهم أيضاً ؟ أم تراهم أستثناء من السياسة ؟

ننسى تلك الحقيقة البسيطة ونحن من أبتكرها وروّج لها ؟

أن من بين أغرب تلك الأسئلة و الأنتقادات حول المساعدة الخارجية " بما فيها العسكرية " لهذه الشعوب هو الخوف من أن أنهيار تلك الأنظمة الأستبدادية يفتح الطريق أمام القوى الأسلامية لتسلم السلطة حتى وأن تمت هذه الأنتقالة بالأنتخابات . وأذا كنت أتفق مع الكثير من أن الأنتخابات ليست هي الديمقراطية لكنني لا أفهم محاولة تجاهل أن الأنتحابات هي أحد أهم تجليات الديمقراطية التي نناضل من أجلها وعندما تتاح الفرصة لنا " للمسها " نريدها بشروط ، شروطنا .

من نافلة القول أنه في معظم البلدان ، والأقل تطوراً بشكل خاص ، سادت فيها الفوضى وعم الخراب عندما أنهارت أنظمتها الأستبدادية وقد أتفق أنها كانت في معظم الأحيان عفوية بدون التدخل الخارجي . بل أن العنف فيها غالباً مايتخذ شكل حرب أهلية والثورات الكلاسيكية في أوربا ليست أستثناء بأي حال رغم أفضلية الشروط الأجتماعية والأقتصادية بل وحتى السياسية . حتى أنهيارات بعض الدول التي كانت تُعرف بالأشتراكية لم يتم دائماً بدون عنف و فوضى ( رومانيا ، يوغسلافيا ، بعض جمهوريات الأتحاد السوفييتي ...) .

السيناريو الآخر هو عندما تنتصر تلك القوى السياسة ، وتتسلم السلطة ، تبدو كأنها لعنة . يبتدأ قادتها ، على الأرجح تحت الضغط و العاطفة ، في البناء والعطاء وحب الفقراء . وقبل ان تتشكل ملامح هذا العناء ، يبتدأ الصراع ، أولاً داخل البناء ، بين الأخوة و الحلفاء والأصدقاء . وما أن ينتهي الصراع الداخلي أو يخفت حتى يبتدأ الصراع خارج الأسوار ، مع الآخرين الكفار وبلاد الأستعمار . وفي الأخير ينتهي بالفناء (بما فيها الثورات الكلاسيكية والمعاصرة بالطبع) .

السطة السياسية المسلحة بالعتاد والسلاح والمدّاحيين والكهنة ، تبدو كأنها قلعة منيعة . لكن مع أستمرار الصراع ينقص المال والعتاد ، ويضعف الجاه و تكثر الجثث والضحايا والخراب والدمار ، فتنهار ، عاجلاً أم آجلاً ، تحت ضربات المحتجين والمعارضين والدسّاسين ، لتنبعث سلطة جديدة ، مرة أخرى ، بحلى مختلفة هذه المرًة وليبدأ الناعور بالدوران من جديد . هكذا بدأت الأمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس ، وهكذا أنتهت .

أن هذه الوقائع التأريخية لا تعني بالطبع حتمية هذه الأحداث ، فهذا تبسيط ، لكن لا يمكن تعليم الديمقراطية بالمواعظ والخطابات واطلاقاً ليس بالأمنيات . أن وصول القوى الأسلامية للسلطة عن طريق الأنتخابات وضعف القوى الديمقراطية أنما هي منتجات الواقع الأستبدادي ما قبل الأحداث وتبقى جذورها هناك لفترة حتى بعد أنهيار تلك الأنظمة . تلك هي التي دفعت العوام ، أكثر بفعل الخوف والجهل والأرهاب ، للبحث عن النجاة في السماء لا في الأرض ، كما فعل أجدادنا في الزمن الغابر . البكاء لن يجدي نفعاً . هذه أشكالية مفصلية في بلداننا لم ينج منها حتى الكثير ممن يسمون أنفسهم بالعلمانيين والديمقراطيين .

التأويل الجديد : لو شاء الغرب حقاً مساعدة هذه الشعوب بالتدخل العسكري المباشر فعليه تسليم السلطة للقوى الديمقراطية الحقة (يعني لنا ) حتى وأن كان بغير أنتخابات * . وألا فعلى الغرب عدم التدخل حتى تتمكن القوى الديمقراطية من بناء قواها الذاتية لتصبح قادرة على كسب وتعبئة الجماهير الى جانبها ولتقوم بالمهمة التأريخية وأن تَطَلَبَ هذا الأمر أستمرار هذه الأنظمة الأستبدادية لعقود أُخرى من الزمن مع تقديم الأعتذار لشعوبنا من آشور حتى شمال أفريقيا الى الخليج التي عليها الصبر وتحمل العذاب ( لأننا غير مستعدين بعد ) ، وتقديم المزيد من الضحايا (بالآلاف) ، فالفرج قادم بأذنه سبحانه . هكذا قال الرب لأهل الكتاب " ويكون في ذلك اليوم أن السيد (الرب) يعيد ( يمد ) يده ثانية ليقتني (لأفتداء ) بقية شعبه التي بقيت من آشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام ومن شنعار ومن حماة ومن جزائر البحر " أشعيا الأصحاح 11 ، وهكذا قال الوحي لأصحاب الكتاب الذي لا ريب فيه { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } عمران 142.

" لا يفتقر الأمير أبداً للأسباب كي يكسر بوعده " ميكيافيللي

لن يجرؤ أحد ، دون خوف ، على الزعم أن الأحتلال الأمريكي للعراق قد حقق على الأقل شيئاً أيجابياً واحداً ( درءاً للنقاش ) . وقبل أن تُسمع حجج صاحب هذا المزاعم حتى النهاية ، يبتدأ الغمز وااللمز و السخرية ( التصنيف بالعراقي ) من كل حدب وصوب ، كما يأتي الحجيج مكة ، ولتصل في النهاية للأتهامات بالدفاع عن المحتل بل والشتائم أحياناً . ربما كان هذا الزعم مفهوماً لو أعدت الصياغة و قلت أن ماركس ، وهم المتمترسين خلف رأس ماله ، قد قال منذ زمن بعيد أن الأستعمار يُجبَرُ على " تقديم " المساعدة للطبقة العاملة عندما يضطر للبناء في البنية التحتية وتدريبها حتى يتمكن من نهب ثروات البلدان المستعمرة ، يعني البناء لا لسواد عيون هذه الشعوب بل لمصالحها . وطبعاً يتم أستغلال هذا البناء الأضطراري وأظهاره كأنه مساعدة من البلدان المُستَعمِرة .

التأويل والأجتهاد خطير هنا لآنه قد يفسر دفاعاً عن الأحتلال . أليكم مثالاً آخراً من أكثر منظور :

1 . ماذا لو همس أحدهم " أن مصالح الغرب في ما يسمى الحرب على الأرهاب ، وكذلك مصالحها في الحد من هجرة شعوب بلدان العالم الآخر لبلدانها ، وقبل كل شئ بل في مقدمتها مصالحها الأقتصادية والسياسية ، تلتقي هذه الأيام مع مصالح الشعوب العربية الأسلامية ومطالبها العادلة في الخبز والحرية والكرامة . فلو تحققت في هذه البلدان شئ من الحرية و توفر القليل من الخبز قد يساعد ذلك في الحد من عدد الذين ينضمون للأرهاب ، هذا من جهة ، ويعني من جهة أخرى توفير فرص أفضل لبقاء هذه الشعوب في بلدانها . وأذا كان هناك بالرغم من ذلك من يود الهجرة فأن حكومات هذه البلدان ستتمكن من أعادتهم و كل المهاجرين عند الحدود الى بلدانهم دون أثارة الرأي العام المحلي أو الخارجي . هذا يعني أيضاً أن تلك السياسة ستفتح للغرب أبواباً واسواقاً جديدة . لذلك تسعى للتدخل العسكري المباشر (البلقان ، أفغانستان ، العراق ، ليبيا وربما بلدان أخرى مرشحلة لمثل هذا التدخل ) وبغيره في البلدان الأخرى . هل كان لما يسمى ب " ثورات الربيع العربي " أن تنتصر لولا هذا الدعم الخارجي الذي كان حاسما في بعض الأحيان .

غاندي لم يرد أن يرحل الأنكليز عن بلاده بل أراد للهنود أن يحكموا بلادهم والفرق شاسع بين الأثنين .

2 . أن حكاماً طغاة قد فهموا لعبة الغرب و جشعهم و سعيهم الحثيث لمصالحهم فسارعوا بوتائر متناسقة وألاعيب سياسية لتلبية هذه المصالح وبذلك أمّنوا جبهتهم الخارجية وتفرغوا لذبح شعوبهم دون أن يرف لهم جفن . أننا نواجه حقائق جديدة كانت للأمس القريب وكأنها مسلمات . من بين هذه الحقائق أن شعوباً مستضعفة كثيرة لا تستطيع بقواها الذاتية أن تحقق حريتها وأنها بحاجة للدعم الخارجي أكثر مما كان يُعتَقد سابقا بل غدا وكأنه العامل الحاسم في تحقيق أنتصارها . من لا يريد أن يرى هذا الواقع هو من تابعي دون كيشوت .

ألا تساعد دعواتنا ، وأن كانت في معظم الأحيان بدون قصد ، ضد تدخل الغرب في شؤون بلداننا والتشكيك بأي دور والتركيز على أن هذه الأخيرة لها مصالحها من وراء هذه المساعدات ، وهذا حق لا أحد ينكره ، أقول ألا تساعد هذه أولئك الطغاة في الأستمرار في طغيانهم ، بل أن هؤلاء الطغاة قد فهموا هذا الأمر وساعدوا على أنتشار تلك الدعوات قدر ما أستطاعوا بل وأبدعوا فيه خير أبداع .

ومن الناحية الأخلاقية هل يحق لنا أن نطلب من هذه الشعوب المظلومة والمعذبة أن تتحمل أكثر ، ولعقود ، وعليها أن تصبر حتى تصبح " القوى الديمقراطية الحقيقية " قوية للحد الذي تستطيع فيه تحقيق طموحاتها وحقوقها . حسب المثل الشعبي " لا أرحمك ولا أخلي وحمة تنزل عليك " .

والآن لو أن هذه البلدان لها مصالح أخرى من وراء أستقرار المنطقة مثلاً كي تؤمن تدفق مستمر وآمن لنفط الشرق الأوسط لبلدانها وربما لعقد أتفاقيات تجارية لصالحها وربما سياسية لتأمين مصالحها وأصدقائها أقول هل يغير هذا من أهمية أنها تقدم " دفعة " حقيقية ، لا وهمية ، دفعة وأن غير متكاملة وحسب " هوانا " لكنها تمنح فرصة جديدة في النضال ؟

ألم يحن الوقت لأن نرى أن شعوباً عديدة في آسيا وأفريقيا غير قادرة بقواها الذاتية من تحقيق أبسط مطالبها ( تخلف ، جهل ، فقر ، جوع ، خرافات ، ديكتاتوريات عريقة وأرهاب مروّع ، وتحالف مع الأرباب ) ، وأن من المخجل أننا في الغرب نتمتع بالرفاهية والأمان وأن هناك رأياً عاماً وثقافة متحضرة تضغط على هذه الحكومات للتدخل وأن كانت تتم في أحيانٍ كثيرةٍ تتم لأغراضٍ أخرى ( أجندات سرّية ).

" السياسة الداخلية قد تخذلنا ليس إلا ، أما السياسة الخارجية فبأمكانها قتلنا " جون كندي

الدول ، تُحركها مصالحها . هكذا ، في مجلس الأمن ، صوتت الصين وروسيا مؤخراً لصالح بشار الآسد ، هكذا تُصَوِت أمريكا لصالح أسرائيل كل يوم . وهكذا كما زار السويد في شهر أكتوبر من هذا العام وفد سعودي رفيع المستوى من أجل شراء أسلحة سويدية . أصحابنا ينسون هذه الحقيقة البسيطة .
أن تلتقي مصالح " الأمبريالية " مع مصالح وطنية في حقبة زمنية أمر ليس بالضرورة بسوء نية ، بل ربما لظروف تأريخية ، وربما مصادفة ، تكون في صالح قضية ، مشتركة وهوية ، كالتيارات الأرهابية الأصولية ، بل وحتى في الديمقراطية ، ضد الأنظمة الشمولية ، ملكية أم جمهورية .

لن يجد المرء أية مشقة في العثور على أجتهادات التأويل في السياسة في بحور الكتب والأنترنت ، وبشكل خاص عند العراقيين . فأنا لم ألتقي عراقياً واحداً ، وصاحب هذه التأملات ليس أستثناءاً بالطبع ، لم يحاول ولو لمرة أن يدلو بدلوه . لكن هناك جامع لكل هذه الأجتهادات والتأويلات أنها " تُغَرِّد " ضمن أطار ثقافة قديمة مهيمنة تنظر بتوجس لكل رأي يأتي من خارج هذه الثقافة رغم أننا نزعم ليل نهار بغير ذلك . أنا مُتَيّم بالمثل الشعبي : أسمع كلامك أصدقك ، أشوف أفعالك أتعجب !!

لا يمكنني الترحم على صدام مهما تردى الوضع في العراق ، فجرائمه من الكبر مما لا تُغتفر ، لكن لولا ظلمه ما غادرت العراق وربما بقيت في ظلماته حتى اليوم . فالمعرفة تبقى على الدوام نسبية في أطار فضائاتها ، لكننا نسعى للتقرب منها .

د. غالب محسن

-----------------------------------------------------------------------------------------------------
* بالتأكيد هناك أسباب فعلية موضوعية كنت قد تناولت في تأملات سابقة بعضاً منها وراء أخفاق هذه القوى (مثلاً في تجربة العراق ) في الأنتخابات وما تركته سنوات الملاحقة والمطاردة والقمع بحق القوى الديمقراطية . لكنني كنت مهتماً بشكل خاص بقصور العامل الذاتي وغياب التجديد الفكري الفعلي (لا اللفظي ) وأستمرار ثقافة ما مضى ليس على صعيد السياسي فحسب بل والتنظيمي أيضاً و ربما كان ذلك هو الأكثر أهمية . ومن جانب آخر كنت أيضاً تناولت بعضاً من المزاعم حول سبب تفوق القوى الأسلامية في الشارع وبالتالي في البرلمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-