الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميون المصريون..حتى يتبدد القلق

علاء النادي

2011 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلاميون المصريون..حتى يتبدد القلق
علاء النادي

على الإسلاميين في مصر أن يعترفوا ابتداء بأن القلق قد استبد بقطاعات ومكونات سياسية ومجتمعية في النسيج المصري عقب النتائج التي أسفرت عنها الجولة الأولى من الاستحقاق الانتخابي الذي تشهده مصر الثورة.
هذا القلق لا يبدو جديداً أو طارئاً فرغم أن بعض فصائل التيار الإسلامي خاضت غمار العمل السياسي في مناسبات عديدة وحققت انتصارات في مواعيد انتخابية سابقة إلا أن هذه التجارب لم تفلح في إزالة المخاوف لجملة أسباب منها عدم الوصول إلى قواسم مشتركة ثابتة بين التيار الإسلامي وبقية الطيف السياسي المصري حول شكل وطبيعة الدولة المصرية وكيفية إدارة شؤونها وتسير دولاب عملها ،وما يرتبط بذلك من تبيان لحقيقة موقف التيار الإسلامي من المخالف الأيديولوجي له في ظل ما كان يصدر أحياناً من إشارات مقلقة من بعض القيادات صاحبة الحيثية في قيادة التيار الإسلامية إضافة إلى نلبس الرؤى والتصورات بقدر من الغموض والضبابية وغياب الحسم.
ما يزيد من حجم المخاوف هذه المرة أن التيار الإسلامي لم يعد ممثلاُ بشكل حصري في جماعة الإخوان المسلمين التي اعتادت الدخول في مضمار العمل السياسي في تجليه الانتخابي بشكل منفرد في ظل عدم جاهزية بعض الاتجاهات الإسلامية الأخرى لخوض هذا العمل ،إضافة إلى احجام بعض الاتجاهات الإسلامية ذات الوزن النسبي المعتبرة في خريطة الإسلاميين عن الاشتباك مع الفضاء السياسي لأسباب تعلقت بتقديرها لطبيعة الظرف السائد في الفترة السابقة ،وفي مقدمة هذه الاتجاهات التيار السلفي .
من يتابعون شؤون الحركات الإسلامية من بعيد شكلت نتائج الإسلاميين لهم قدر كبير من الدهشة ،وتزايدت تلك الدهشة بصورة كبيرة حيال ما حققه حزب النور السلفي من نتائج .فلم يكن هؤلاء يتوقعون أن ينجح هذا الحزب الوافد على العمل السياسي والذي يخوض أولى تجاربه في تحصيل تلك النتائج.ولدى من يراقبون المشهد عن كثب لم تكن نتائج النور مفاجئة بالنظر إلى حجم الحضور الذي يتمتع به الاتجاه السلفي في الساحة المصرية وقد كان بإمكان هذا الحزب الوليد أن يحصد حصصاً تصويتية أكبر لو امتلك خبرات العمل السياسي وتوفرت له ماكينة انتخابية مدربة كتلك التي يتملكها الإخوان المسلمون.
بشكل عام فإن الأحزاب الإسلامية المصرية مدعوة إلى جملة أمور من شانها أن تساهم في التقليل من حجم المخاوف سعياُ لتجاوز الهواجس التي يصعب في حال عدم تخطيها الحديث عن استقرار سياسي وتجاوز لمرحلة عنق الزجاجة التي يمر بها المجتمع المصري من هذه الأشياء:
- على الإسلاميين التحلى بالتواضع والابتعاد على كل ما يشي بالاستعلاء والزهو .فطبيعة العمل السياسي أنه يتسم في أحواله وشؤونه بالدوران والتعاقب ولا يستقر على حال .فمن غير تنافسية وتدافع وتقلب في المواقع والأدوار بين قوى المجتمع لا يمكن الحديث عن مجتمع حي .من شأن تصدير هذا الاحساس بشكل موضوعي من قبل الإسلاميين أن يساهم في تخفيف حدة الاستقطاب ويخلق أجواء من القابلية للانفتاخ من قبل القوى السياسية والمجتمعية المختلفة مع الإسلاميين.
-في مقدمات الواجيات التي ينبغي على الإسلاميين القيام بها والوفاء بمستلزماتها المراجعة والنقد الذاتي .ولا يجب أن يكون هذا الأمر مثار استغراب فما من شك أن ثمة أخطاء قد ارتكبتها الأحزاب والقوى الإسلامية ومناصروها في الفترات الماضية .تبدو المراجعة الضرورية على خلفية ما تم ملاحظته من تسرب الحس الاستعلائي والخطاب الذي بدا عنتريا وخاصة من قبل الكوادر الوسيطة داخل أوساط الإسلاميين. كما أن أحاديث على لسان قيادات إسلامية مصرية عن شؤون المستقبل ومجال الحريات والشريعة لم تكن باعثة على الثقة والارتياح بأن هناك رؤية ذات مرجعية منفتحة تتسم بالرحابة وبعد النظر .
-على الإسلاميين أن يدركوا أن الاستحقاق الانتخابي لم تنته كل أشواطه الماراثونية وأن تلك النتائج لا تعني اسدال الستار على المشهد الانتخابي وفق تلك المؤشرات والقياسات فمن الوارد جداً أن تتغير المعادلات وتتبدل الأوزان في ظل ما قد يطرأ من مستجدات في الشوطين القادمين.
-النتائج التي حققها الإسلاميون ومع افتراض احتمالية تحققها بشكل مماثل أو قريب مما جرى في الجولة الأولى تطوق أعناق الإسلاميين بتحديات غير مسبوقة تضع تجربتهم على المحك.فللمرة الأولى يبدو أن الإسلاميين على مرمى حجر من التلامس مع إدارة شؤون الدولة وهم قد يتصدون لذلك في ظرف شديد الحساسية والتعقيد .تلك الظرفية بملابساتها تتطلب قدراً من الحيطة والحذر ودقة في التقدير والحساب فليس من السهولة بمكان الاقدام بجرأة متهورة على تولى هذه المهمة الثقيلة في ظل عدم توفر الخبرات الكافية ،فلم يسبق للإسلاميين في مصر أن قاموا بتدبير شأن وزاري واحد ،والخبرات لا تتولد إلا عبر الممارسات العملية والاحتكاك المباشر وهو ما لم يتوفر للإسلاميين.هذا الأمر ينبغي أن يثبت في أذهان الإسلاميين وجوب الانفتاح على التيارات والاتجاهات السياسية الأخرى والاغتناء بخبراتها .كما أن تلك الوضعية المعقدة تستلزم أن يكون لدى الأحزاب الإسلامية نزوعاً نحو تفعيل قيم التشاركية والتعاون والتحالف السياسي .فمصر بكل ما ورثته من أثقال تجارب الماضي لا يمكن أن يتصدى للقيام بشؤونها جماعة أو تيار أو حزب بمفرده مهما بلغت قوته،ومهما كان حجم ما تحصل عليه من نتائج انتخابية..
-رغم أن الخبرة الإسلامية المصرية سباقة وصاحبة ريادة في العمل الإسلامي المعاصر ،إلا أن هذا السبق التاريخي لا يعفي من الاعتراف بحقيقة أن الأطراف قد تقدمت على المركز.ففي بلاد المغرب العربي وآسيا وتركيا وغيرها قدم الإسلاميون تجارب جديرة بالنظر لما حققته من نتائج وما توفر لها من التفاف مجتمعي كبير بفضل كياسة القائمين على هذه التجارب ونضوج التصورات والطروحات التي قدموها.لدى الإسلاميين المصريين سانحة تاريخية غير مسبوقة لإعادة الاعتبار للتجربة المصرية ،وتقديم الشاهد العملي على أن هذه القوى والأحزاب في جعبتها ما يمكن أن تقدمه لمجتمعها بعيداً عن التصلب الأيديولوجي والاستغراق في قضايا هامشية غير مطروحة على أجندة الأولويات المجتمعية .
- على الإسلاميين أن لا يترددوا في الإعلان عن أنهم وبشكل حاسم وقاطع يؤمنون بالتعددية والديمقراطية وتداول السلطة حتى ولو جاءت بأحزاب غير إسلامية تطرح أفكاراً وبرامج تتعارض مع قناعات الأحزاب الإسلامية .إن التلعثم في القبول بالديمقراطية ووضع اشتراطات وسياج لها والحديث الفضفاض عن ديمقراطية محكومة بسقف الثوابت يطرح علامات استفهام ويعمق الهواجس لدى البعض من حقيقة موقف التيارات الإسلامية من قيم الديمقراطية والتداول والتعاقب على سدة السلطة.التجربة المصرية على أعتاب التحول الديمقراطي وتخوض أول مخاضاته الصعبة وأول مقتضيات هذا التحول تحقيق التوافق والابتعاد عن مناخات الاستقطاب والتأزيم التي قد تعصف بالتجربة برمتها وتعيدها إلى نقطة الصفر.
مصر لا تعاني كما يتوهم البعض فراغاً في الخطاب الديني وتراجعاً في مجال الالتزام القيمي والأخلاقي بل إن عكس ذلك ربما هو الصحيح فالمجتمع المصري لديه فائض في الخطابات الدينية .إن ماتحتاجه مصر وشعبها تجربة حضارية تنموية في مجاالات الاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا فتلك هي مساحات الفراغ الشاغرة والمناطق المهجورة التي على الإسلاميين شغلها وتحقيق مساهمة فاعلة في ميادينها والالحاح عليها كأهداف كبرى توضع لها الاستراتيجات وترسم لها الخطط والسياسات.
لو أردا الإسلاميون تأزميم مسار التحول الديمقراطي وتحطيم تجربتهم فما عليهم سواء الدخول في المزايدات الأيديولوجية،واستمراء السجال والمناكفات حول قضايا هامشية لا تشغل سوى أصحابها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع
محمد علي ( 2011 / 12 / 4 - 17:43 )
في الحقيقة هذا المقال موضوعي و رائع، ليس فيه أي تشنج أو تسفيه و النقاط المطروحة فيه نقاط واضحة و يجب الأخذ بها.


2 - الحذر الحذر من شر قد ظهر
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 12 / 5 - 03:22 )
اعلل النفس بالآمال ارقبها *** ما اضيق العيش لولا فسحة الامل
لا اعتقد ان هناك ما يبدد القلق وان الاسلاميين غير مستعدين بالتنازل عن اديولوجياتهم والا اصبحو كفرة كاي حزب آخر كما يعتقدون.ان على الذين انتخبوهم تحمل النتائج لان انتخابهم كان من منظور ديني وليس من منظور سياسي لان المفهوم العام بان الاسلام دين ودولة ودين الاسلام له عقائده وتشريعاته واهم عقيدة فيه هو الايمان بالقدر خيره وشره وهذا يعني ان اي تقصير او سوء ادارة من قبل الدولة يعني قضاء وقدر من الله او كما تكونوا يول عليكم وعندها يقع اللوم على الشعب نفسه لتقصيره في اداء الوجبات الدينية.حكم الله وحكم الشعب لا يتلاقيان.
ان الافاعي وان لانت ملامسها *** عند التغلب في انيايها العطب.
اسف على تضحياة ستذهب ادراج الرياح.
ابشروا بحكم اسلامي سعودي.
اطع الامير وان جلد ظهرك وهتك عرضك.

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب