الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تصدقوا اصحاب اللحى

حاتم عبد الواحد

2011 / 12 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتجلى كارثة الدكتاتور العربي ليس بما ينتجه على الارض من مقابر ومجازر وطرد للعقول واستحواذ على المال العام ومصادرة الحريات ، وانما بما يخلفه بعد سقوطه ، فاوهام الدكتاتور لا تسمح له ان يشجع على وجود احزاب معارضة قوية وعلنية باستطاعتها الاتصال بالجمهور وتوضيح اهدافها وبيانات عملها لان عملا مثل هذا يعد منقصة لشرف الحاكم الالهي واعتداء على ارومته المقدسة التي تمتلك الحق الابدي في الركوب على اكتاف البشر وهدايتهم الى طريق المعلف الخالد الذي يسمونه الجنة ، والحال هذه يكون الدكتاتور العربي قد قطع على عقله كل طريق تستطيع نقطة ضوء من الولوج اليه .
ان مدننا العربية تكتظ باربعة اماكن لا تنافسها اي اماكن اخرى ، وهذه الاماكن الاربعة اذا ما عملنا احصاء محايدا ستحتل اكثر من نصف مساحة اي عاصمة عربية ، المكان الاول هو الجوامع والمساجد والحسينيات والكنائس ، والمكان الثاني هو قصور الحاكم ومقرات الاجهزة الامنية التي تحميه والسجون الخاصة بعسسه ، والمكان الثالث هو المقابر التي تحشتد فيها جثث ضحاياه المباشرين وغير المباشرين ، والمكان الرابع هو البارات والملاهي والنوادي الليلة ، اما الاماكن الاخرى التي تقدم الخدمات للجمهور فانها تبقى متناثرة ببقع متباعدة ولا يمكنك الوصول اليها احيانا الا بعد مسير ساعات . هل الامر مجرد صدفة في هذا التوزيع ؟
ان الخوف من المجهول يدفع الانسان ان يقترب اكثر من طوطم يبدد خوفه ويمنحه الامان ولو بشكل جرعات متناوبة كي لا يبقى في حلقة مفرغة لا يعرف اتجاه بوصلته فيها ، وفي الازمات الكبيرة التي تعيشها الشعوب يكون التوق الى حل مؤقت اكثر جذبا من الحلول الدائمة لان الجلاد لا يملك اذنان كي يسمع انين الضحية ، ولهذا نجد الحشود تتجه الى مكانين من الامكنة الاربعة المذكورة سابقا ، الحانات والبارات والملاهي الليلة او المساجد والتكايا والحسينيات والكنائس ، وكلا المكانين يوفران للمذعور شعورا بالامان لان الله موجود في المكانين بقوته الفاعلة الساحرة ، المتعبد يجد نفسه في الله يحاوره ويسمع اجوبته والسكير العربيد يجد نفسه ايضا في يد الله ان لم يصبح هو الله نفسه ، ولان كل حكامنا المقدسين شرفاء وذوو دم طاهر فانهم لم يبخلوا بفتح هذه الامكان التي غالبا ما تكون قريبة او موصولة بمقر رئيس المخابرات بكابل بشري من المخبرين او بعدسات كاميراته المخفية ، ولهذا ينشغل الحاكم عن فترة ما بعده ، ولا يوجد في اجنده اي حاكم عربي مشروع اسمه " ما بعدي " لان الناس والارض والمستقيل والثروات ملك وراثي سوف يورثه كابرا عن كابر ولو كره المظلومون ،

لقد قضى العالم العربي كما يحب مثقفوا العروبة ان يسموه اكثر من نصف قرن منذ حركات الاستقلال الوهمية بدون ان يبني معلما حضاريا واحدا يشار اليه كنتاج لمرحلة الاستقلال ، فالعربي الذي كان مضطهدا في زمن الاحتلال العثماني او الانكليزي او الفرنسي او الايطالي اصبح مغيبا في زمن الاحتلال الاسلاموي ، الذي فرضته فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، بحيث ان انكلترا اضطرت الى استيراد ملوك يدعون انهم من سلالة الدم المحمدي المقدس لتنصبهم لحكم العراق وسوريا والعراق واماكن اخرى ، واذا كان الاحتلال بكل عناوينه الدولية يقتل بالمصادفة ويسرق اموال الشعوب العربية بالمصادفة فان ما قام به حكام الدم المحمدي المقدس لم يكن بالمصادفة وانما مبينا على ستراتيجة بدوية لا فكاك منها الا بقيام الساعة ، فالاسلام هذا الدين الثأري الكاره لكل مخلوق لا يؤمن به لا يستطيع ان يكون حضاريا ومتمدنا ، وشاهدي البسيط على هذا انني لا استطيع ان اجد في مجمل تاريخ هذا الدين عمامة صنعت رأيا حرا او شعبا سعيدا ، ومن لديه مثل شرودا فليرده مأجورا

وبسبب عدم قبول العربي لرأي السكيرين فان جل اصحاب اللحى من الوعاظ والشيوخ المدججين بالكراهية هم من يستولون على واجهة الحكم بعد سقوط الطاغية ، ولارتفاع نسب الامية من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان نجد ان الناس تتبع اصحاب اللحى مثلما يتبع القطيع جزاره ، وهذا ليس بسبب نجاح الاسلام وانما بسبب تكبر الطاغية في منع وجود احزاب حرة وحضارية ، فشعوب هذه المنطقة هي خليط من الاراميين والاقباط والامازيغ والبدو الرحل ، فلماذا يسيطر الاسلام على مجريات حياة هذه الشعوب ؟ ولماذا يغض المجمتع الدولي النظر عن صعود مثل هؤلاء الى سدة الحكم رغم ان عواصم القرار تدعي انها حريصة على ايجاد نظم سياسية ديموقراطية في هذه المنطقة الملتهبة من العالم ؟
ان المال والتمدن يصنعان بلا شك مجتمعا جاذبا للانتباه وقابلا للتطور في مجالات الاقتصاد والسياسة الدولية ، كما ان المال والتخلف ينتجان ازمات وحروب ومشاكل لا حصر لها ولا نهاية ، ولذا فان الدول الغربية بادعائها الرغبة لتحويل الانظمة العربية الى انظمة ديمقراطية ومساندتها للثارين على هذه الانظمة انما تقول باطلا يراد به الحق ، فليس من مصلحة اوربا على المدى البعيد ظهور شريك اقتصادي وسياسي قوي على حدودها الجنوبية خصوصا وان المعركة الان تدور في اروقة البنوك وليس في خنادق الجبهات ، واغلب الظن ان المخطط لنا هو الدخول الى مرحلة اخرى من ضياع الجهود والاموال والتفتت ، فمن يصدق ان القاهرة او دمشق او بغداد يمكن ان تكون بيد فقيه اسلامي يأمر اتباعه فيطاع ؟
ان الحركات الاسلامية التي تصدرت واجهة البرلمانات في الدول التي شهدت وتشهد ازمات حكم وراثي او دكتاتوري انما تعتمد على الكذب وسيلة لاقناع الشارع المتلهف للمخلص الاسطوري ، والكذب الذي اعتمدته هو كذب مبارك ومشرعن في القرآن والاحاديث ، ولكي نسلط قليلا من الضوء على هذا الجانب فمن المهم القول ان الكذب في الاسلام مباح في مواضع عدة
اولا : ان الحرب خدعة ، والمقصود بهذا التعبير ان المسلم يستطيع ان يستعمل الخداع في حالة الحرب ، وحالة الحرب لدى المسلم قائمة طالما وجد في محيطه من لايؤمن بافكاره وعقيدته ، فالشعب كل الشعب بنظر اي مفتي من شيوخ الاسلام هو عدو طالما لم يخضع للقرآن والسنة ، بل ان القرآن ذاته يحرض المسلمين على الكذب ويوفر لهم مخرجا للتخلص من الاثم الذي يلحق بهم من هذا العار باطعام عشرة مساكين او تحرير رقبة او صيام ثلاثة ايام ، ما افظع الذنب وما اخف العقوبة ؟
" لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة إيمانكم إذا حلفتم واحفظوا إيمانكم كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تشكرون". سورة المائدة 89.
ثانيا : الضرورات تبيح المحظورات ، للعلامة الإسلامى الغزالى كتابه احياء علوم الدين - المجلد 4 صفحة 284 -287. عن أم كلثوم (إحدى بنات النبى صلى الله عليه وسلم ) أنها قالت: "ما سمعت رسول الله " ص" يرخص في شيء من الكذب الا في ثلاث ، الرجل يقول القول يريد به الصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، الرجل يحدث زوجته ، والزوجة تحدث زوجها " اي احدهما يكذب على الاخر ، فمن اين ستخرج زهرة الحرية على يدي هؤلاء المتلحين الذباحين لكل من يخالفهم عقديتهم .
ان صعود الاسلام السياسي الى مدارج القرار المستقبلي للامم التي تسميها اديبات الاسلام امة عربية هو الخطوة الاخطر في تاريخ هذه المجاميع التي البشرية التي استولى الاسلام على مقدراتها ويريد الان ان يقذفها في جحيم صراعاته التي لا تنتهي ، وليس امام المتنورين من القاطنين في هذه البقعة الرجراجة الا ان يقولوا للناس احذورا اصحاب اللحى من الكاذبين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - باعوا الوهم
Amir_Baky ( 2011 / 12 / 5 - 11:11 )
بعد نجاحهم فى بيع الوهم ماذا سيحصدون؟ سرقة الشعوب و عدم حدوث أى تطوير فى المجتمع سيقلب السحر على الساحر


2 - جربناكم ففشلتم
عبد الله اغونان ( 2011 / 12 / 5 - 12:16 )
لقد جربناكم على اختلاف اتجاهاتكم فوقعت كوارث.بماذا افدتونا انتم ياحليقي الذقون ويااصحاب الياقات والمظاهر التغريبية
لايمكنكم ان تتجاوزوا الاسلاميين لانهم اكتسبوا الثقة من الشعوب ديمقراطيا وبقرار حرية الاختيار.كلامكم لايدل الا على النزعة الدكتاتورية والاقصاء والحسد والغرور والرغبة في السيطرة دون مشروعية
اخجلوا من وضعكم
قوموا بمراجعة لافكاركم ومواقفكم ونقد ذاتي لرفض الجماهير لكم

اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة