الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى تُنصف ثورة الحسين ؟

مهند الحسيني

2011 / 12 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


طرح بعض الاخوة سؤال يتساءل فيه هل ان (الشعائر الحسينية) بدعة أم ضرورة من ضروريات الدين؟
وعلى الرغم من الثنائية الازلية التي لازمت السؤال ،اجده تساءل محق ومشروع سيما ونحن الان نعيش في مجتمعات عنوانها التطرف والغلو، والشحن الطائفي فيها مستعر لأبعد الحدود .
وأقولها بحسرة وألم: نحن نعيش في عالم يغيب عنه اللون الرمادي ، تلك المساحة الشاسعة التي من شانها أن تساهم بتقاربنا بدلا من ان تبعدنا ، فاما ان تكون :
أبيض او أسود
أما مع اوضد
اما في أقصى اليسار او في أقصى اليمين
فكل شئ لدينا يخضع للتطرف , حتى أمزجتنا وحبنا وكرهنا هو الاخر محكوم بالتطرف وكأننا جمهور في ملعب كل طرف متعصب لفريقه المفضل ويحمل اعلامه ورموزه (!).
فما بين فئة تغالي وتبالغ بـ (الشعائر الحسينية) وتعتبرها من العبادات ،وتعتقد بأن اقامة هذه المراسيم على اساسها يقوم الدين وتحفظه من الضياع (!) .
ومابين فئة ترى في هؤلاء كفرة مبتدعين خارجين عن دائرة الدين لمجرد انهم يتمسكون بحب ال بيت نبيهم معتبريهم بقية الصوت وهم الاحق بالإتباع ، وهؤلاء المكفرين لم يكتفوا باخراج الاخرين من الملة بل راحوا لأبعد من ذلك حين أحلوا دمائهم وأستباحوا نسائهم وممتلكاتهم وكانهم من بقايا الروم والديلم (!)، على الرغم من ان هؤلاء التكفيريين لم ياخذوا موقفا متشدد ومشابه الى حد ما من عبدة البقرة والصخور !! .

وفي محاولة لإستفزاز الطرف الاخر ودفعه بالغلو في فكرته اخذوا يترضون ويترحمون على قتلة الحسين وكأن الامر هو مجرد عناد اطفال ليس إلا (!)، حتى أن منهم من يروج بأن الحسين قتل بسيف جده متحججا بقول للنبي محمد ( من اراد ان يفرق امر هذه الامة فأضربوه بالسيف كائنا من كان ) ، وكأن الجد خص حفيده وريحانته بهذا الحديث ؟!.
وبغض النظر عن هذا الفريق او ذاك وبعيدا عن تطرفهم ، أجد ان التعاطف والبكاء (ولا اقصد هنا اللطم والزنجيل والتطبير) على مآساة الحسين لا هو بدعة ولا هو ضرورة في نفس الوقت باعتباره حالة وجدانية تعبر عن المعنى الانساني ، فمن منا لم تترقرق دموعه يوما وبشكل لا ارادي على مشاهد لدراما تلفزيونية لامست ودغدغت مشاعره ؟!.
من منا لم يتأثر بقصة مفجعة حدثت لاشخاص لا نعرفهم ولا يمتون لنا بصلة ؟!

نعم أن مأساة ( الطف ) هي قضية انسانية قبل ان تكون قضية دينية تخص طائفة ما او دين ما ، ولايوجد هناك انسان يمتلك شيئا من الشعور الانساني السوي لا يهتز كيانه في يوم العاشر من محرم لهول الحدث ومأساويته ( وان كان مجرد اسطورة تضمنتها المبالغات ) ، وهذا ماعبر عنه كثير من الفلاسفة التنويريين الغربيين الذين وصفوا الملحمة الحسينية بكثير من التعابير التي تتعاطف مع حركة الحسين الاصلاحية وما تحمله من قيم ومبادئ، فالحسين اصبح رمز ثوري ضد الظلم والجور والطغيان شاء من شاء وأبى من أبى .
فأنا كطرف يرى بعين محايدة ومجردة من الاهواء الطائفية أجد في الحسين رمزا خالدا ابد الدهر لانه قدم للانسانية درسا مجانيا ، علمهم معنى ان يكون الانسان حرا وحتى لو كان أسير السيوف والرماح، علمنا كيف للدم أن ينتصر على حد السيوف .
وما أقوله ليس مجرد رواسب عالقة بقدر ما هو تعبير عن انسانيتي المجردة من الغلو والتطرف ، فهذا واقعنا العربي اليوم الذي يأن من الظلم والجور والدكتاتوريات التي احلت كرامة الفرد واستباحت حقوقه واغتصبت إنسانيته هو اليوم بحاجة ماسة لاستلهام الروح الحسينية الصلبة وتراثها الثوري لكسر الطوق وإنهاء حالة العبودية للحكام وللانظمة القمعية المتخلفة .
آن الآوان لان ينبذوا عنهم خرافة بني امية وتدليس فقهائهم العميان الذين اقنعوهم طيلة 1400 سنة بان الخروج على الحاكم هو مفسدة عظيمة حتى وان كان هذا الحاكم فاسدا وجائرا (!) .

وعودة للجانب الأخر الذي غالى في الطقوس والممارسات وتناسى إبراز القيمة المعنوية لحركة الحسين ( الا فيما ندر) والتي للأسف افرغت الحدث من معناه الجوهري من خلال اختزاله بشعائر لاتمت لثورة الحسين بصلة تذكر .
فانا على يقين لو بعث الحسين اليوم ووقف على تلة في كربلاء ظهيرة يوم عاشوراء لندب حظه الذي جعل هؤلاء القوم هم من يحيي ذكراه .

لتكن كل ايامنا عاشوراء وكل الارض كربلاء نستحضر فيها الثورة الحسينية .. بشرط ان نفهم غايتها وفلسفتها الإنسانية ، ونستلهم منها صلابة الدفاع عن الحقوق المستلبة بدلا من إبراز الخرافة وتغييب العقول والاستكانة للانتهازيين الذين داوموا على المتاجرة بالقضية الحسينية لصالح منافعهم الدنيوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم هذا هو الحق
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 12 / 6 - 15:45 )
ان بني امية لعائن الله عليهم قتلوا الحسين لا لشي الا انه ابى ان يبايع لمن ليس اهلا للبيعة وهو محق في ذالك ولا ننسى الاتفاق المبرم بين اخوه الحسن ومعاوية والذي ركله برجله وامنطى على رقاب الامة بالغلبة مستعينا بفقهاء فاسدين الذين اضفوا الشرعية على حكمه الفاسد باتخاذ القضاء والقدر وتفسيره حسب مزاجهم والذي لا زالت نتائجه تنخر في جسم الام وما حكم آل سعود الا شاهد على نذالة وعهر الحكم الامي وما تلاه.ان ثورة الحسين الخالدة علمت الاجيال معنى العزة والكرامة والتضحية في سبيل الحق مهما كانت النتائج ولقد قالها بوضوح وبدون التباس:
سامضي وما بالموت عار على الفتى** اذا ما نوى حقا وجاهد ظالما
الى ان قال:
فان مت لم اندم وان عشت لم الم ** كفا بك ذلا ان تعيش وترغما
سلام على الحسين وعلى آل الحسين و على من واساه ومن وقف في وجه الطغات اين ما وجدوا.
لكن انه من المؤسف حقا ان نرى شعائرا لا تمت الى نهضته المباركة كالتضخيم واختلاق قصص ليس لها من الواقع شيى والانكى من ذالك هو جلد الذات بالسيوف والسلاسل واللطم اللا معقول او جعله كالمسكين المستكين وهو من هو.ولكن بنو اميه قتلوه ظلما وعدوانا وبعض محبيه تاجروا بدمه.


2 - رد على الموضوع
عبود مزهر الكرخي ( 2011 / 12 / 6 - 16:53 )
أخي مهند
احييك على هذا المقال والذي يحمل كل مضامين العالية في فهم الثورة الحسينية واالتي تحمل من المضامين والقيم السامية مايفوق التصور والخيال.
وقد أستاثرتني مقولة وعبارة والتي ذكرها الهندوسي والزعيم السابق لمؤتمر الحزب الهندوسي توملاس بوندين والذي يقول(أن التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الأمام الحسين قد خدمت الفكر البشري، وخليق لهذه الذكرى العظيمة أن تبقى الى الأبد ،وتذكر على الدوام).وهنا اتسائل لماذا الهندوس قد عرفوا عظمة الحسين وماقام به من ملحمة عظيمة في سبيل تصحيح دين جده محمد(ص)فما بال النواصب والسلفية يغمطون هذه الملحمة العظيمة والدروس العظيمة لواقعة الطف الممثلة بالثورة الحسينية .أما الشعائر الحسينية فهذه لدينا عليها من المأخذ ولكن هي التي حفظت الذكرى الحسينية من النسيان ومن قبل الشيعة العامة الذين ليسوا من النخبة المثقة وليس هم قراء ومتابعين للثقافة .ومن هنا كان لابد من بقاء هذه الشعائر الحسينية من اجل عدم اطفاء جذوة الثورة الحسينية.وهناك خطوط جديدة وتيارات ثقافية حتى من مثقفين شيعة وقراء المنبر الحسيني . فلنستبشرخيراً


3 - بعد 1400 سنة؟؟؟؟
جورج كارلن ( 2011 / 12 / 7 - 10:37 )
الشعائر الحسينية الآن تقام لأغراض تجارية بحتة بالنسبة للمنتفعين . والقسم الآخر كالغنم يركض وراء قائده ويعتقد فعلا أن التمثيل والبكاء يعلي درجته في الآخرة ويمحي كل آثامه من السنة للسنة كالكذب والنفاق والغش الخ... بالنسبة للحدث ذاته تتضارب الروايات , المؤيد يبالغ بالحدث والمعارض يستخف به. الامام الحسين كما هو واضح خرج ضد الخليفة لأغراض سياسية بحتة لا علاقة لها بالدين . فالخليفة( أو المسيطر على الحكم) لم يقتله الا عندما خرج عليه . وبالتالي عندما ربط الامام وجوده ببقاء الدين . كان من الممكن ان يصلح دين الناس من دون ان يكون الخليفة . وبعيد عن ذلك , الدنيا مليئة بالحوادث المأساوية , فمنذ فترة قريبة مات 3000 طفل صومالي في شهر واحد من المجاعة ولم اسمع عن عاشوراء لهؤلاء المساكين . فالأولى أن نهتم بما يحدث الآن ول ندع الموتى يرقدوا بسلام وكفانا استغلال لكل شي .


4 - موقعة واسترزاق
كمال ( 2011 / 12 / 7 - 11:57 )
ما يجري في عاشوراء من افعال واعمال لطم وضرب الزنجيل والقامات وما ينشره تجار المنابر من قصص خرافية واكاذيب تاريخية من اجل تعظيم الحادثة والموقعة لها نتائج عكسية حيث ان هذه الافعال قد افرغت الموقعة والذكرى من محتواها وغايتها الانسانية والتضحوية ..... وكل الافعال السلبية التي تسيء للدين والمذهب يتحملها تجار المنابر الذين يسترزقوا ويتجاروا بهذه المناسبة .

المقال يشخص حالات كثيرة وسلبيات يتطلب تصحيحها تغيير المفاهيك والقيم التي قد رسخها تجلر المنابر وافهام الناس بان الغاية من استشهاد الحسين ليس اللطم والعزاء بل العبرة والاقتداء .

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah