الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزر والمد في السياسة:الاسلاميون مثالاً

محمد سيد رصاص

2011 / 12 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استفاد(الاخوان المسلمون)من الصراع بين الملك فاروق وحزب الوفد،البادىء منذ أن فرضت الدبابات البريطانية المقتحمة لقصر عابدين حكومة الزعيم الوفدي مصطفى النحاس باشا في يوم4فبراير1942،لكي يتحولوا إلى القوة المنظمة رقم واحد،بعضوية قاربت المليون،في منتصف الأربعينيات:أتى هذا من اتفاقية جنتلمان أقامها النحاس باشا وحسن البنا بتأييد الحكومة الوفدية مقابل اطلاق حرية العمل ل(الاخوان). خلال الفترة الممتدة من شباط1945وحتى اغتيال المستشار أحمد الخزندار من قبل (التنظيم الخاص )ل(الاخوان)22آذار1948اقترب البنا من حكومات القصر وابتعد عن (الوفد)،قبل أن تُحل الجماعة (8كانون أول)ويغتال البنا بعد شهرين في12شياط1949.في فترة مابعد انتخاب حسن الهضيبي مرشداً (19أوكتوبر1951)وحتى انقلاب23يوليو1952اقترب الهضيبي من القصر فيما كان الجناح المضاد له في التنظيم الاخواني، بزعامة صالح عشماوي، قريباً من (الوفد).
لم يؤد هذا النمو التنظيمي الاخواني إلى حالة مد سياسي يكسر الجزر السياسي الذي عاشه تنظيمهم منذ تأسيسه في آذار1928 ،والذي – أي هذا الجزر- كان انعكاساً لحالة المد السياسي التي عاشها التيار الليبرالي الحداثي عقب ثورة1919 بمصر التي قادها (الوفد)وأيضاً في عموم البلدان العربية إثر انهيار الدولة العثمانية في 1918،ولوأن هذه الحداثوية السياسية،والفكرية،لم تصل إلى علمانية كمال أتاتورك،إلاأنها قد عبرت عن موجة تغريب اجتاحت المجتمعات الاسلامية بعقد العشرينيات ،شملت أيضاً آل بهلوي الحاكمون في طهران منذ1925وملك الأفغان،ليكون ظهور ونشوء (الاخوان المسلمون)أحد ردود الفعل الأيديولوجية- السياسية المضادة لها.
كان هذا المد التغريبي،الذي كانت حتى منتصف الخمسينيات أحد أقوى تعبيراته هي الليبرالية ثم النزعة القومية وبعدها الماركسية،لايقتصر على الشكل الأيديولوجي السياسي وإنما يمتد إلى الفكر والثقافة والفن و السلوك الاجتماعي والأزياء،وكادت تأثيراته أن تمتد إلى الفكر الاسلامي من خلال شخص مثل علي عبد الرازق بكتابه:"الاسلام وأصول الحكم"(1924).من هنا،فإن المد التنظيمي الاخواني لم يكن له مفاعيل قوية موازية في البنية الاجتماعية العامة لكي يتحول إلى مد سياسي.هذا الأمر استمر في المرحلة الناصرية منذ صدام (الاخوان)مع عبد الناصر عقب حادثة المنشية(26أوكتوبر1954)لماكان المد القومي العروبي يملك غالبية اجتماعية كاسحة في البلاد العربية كرد فعل على نكبة فلسطين في عام1948.
منذ هزيمة5حزيران1967دخل المد القومي العروبي في حالة الجزر السياسي لصالح موجة اسلامية بدأت معالم نموها التنظيمي بالظهور طوال عقد السبعينيات في عموم البلدان العربية،ثم منذ عام1978في ايران،وفي باكستان الثمانينيات،وفي تركية التسعينيات:في ايران مابعد11شباط1979استطاع الخميني ترسيخ جمهورية اسلامية،وفي باكستان كان نمو(الجماعة الاسلامية)معتمداً على التحالف مع النظام العسكري للجنرال ضياء الحق(1977-1988) قبل أن تتحول إلى رقم سياسي باكستاني صعب طوال عقدين تاليين،فيماوصل (حزب الرفاه)للمرتبة الأولى في انتخابات البرلمان التركي لعام1995قبل أن يتحول هذا المد التنظيمي- السياسي للاسلاميين الأتراك إلى موجة كبرى،أيديولوجية- سياسية- ثقافية- اجتماعية،كنست الكثير من الأتاتوركية منذ فوز حزب (العدالة والتنمية)ببرلمان2002.
لم يستطع الاسلاميون العرب تحويل نموهم التنظيمي إلى مكاسب سياسية،رغم تنامي النفوذ للتيار الاسلامي في الفكر والثقافة والسلوك الاجتماعي والأزياء وفي بعض قطاعات الفن مثل المسلسلات التي عكست منذ أواخر السبعينيات الكثير من المظاهر المحافظة بعكس سينما الستينيات:في سوريا واجه (الاخوان المسلمون)النظام الحاكم في مواجهة دامية بأعوام 1979-1982انتهت بهزيمتهم،وفي تونس 1991كان الأمر كذلك مع (حركة النهضة)،ثم بالجزائر مع (الجبهة الاسلامية للإنقاذ)إثر انقلاب11كانون ثاني 1992 الآتي عقب فوز الاسلاميين بالجولة الأولى من الانتخابات قبل أن ينتصر عسكر الجزائر على (الجماعة الاسلامية المسلحة)بين عامي1994و1998،الشيء الذي حققه الرئيس المصري حسني مبارك خلال عقد التسعينيات ضد اسلاميي(الاخوان)و(الجهاد)و(الجماعة).
بين عامي1999و2001كان هناك بداية لتراجع النمو التنظيمي- السياسي للاسلاميين في عموم العالم العربي،حتى أتى(11أيلول2001بنيويورك)و(احتلال العراق-2003)لكي يعيد هذا النمو ويعطيه زخماً قوياً،وذك بعد أن أعطى رد الفعل الأميركي على ماجرى لبرجي نيويورك من خلال مثالي كابول وبغداد الكثير من القوة الفكرية لأطروحة(صدام الحضارات)عند الكثير من المسلمين.كان التعبير الأبرز عن هذا هو انتخابات البرلمان المصري عام2005 التي فاز فيها(الاخوان) بخمس المقاعد رغم كل التضييقات،وهو العام الذي شهد بداية الاتصالات بين(التنظيم العالمي الاخواني)وواشنطن بعد قطيعة استمرت منذ انتهاء تحالف الاسلاميين مع الأميركان عقب انتهاء الحرب الباردة1947-1989ضد السوفيات،لما اختارت واشنطن الأنظمة العسكرية في مصر مبارك وتونس بن علي وجزائر مابعد انقلاب1992ووقفت معها في عملية مجابهتها للاسلاميين.
في تونس17كانون أول2010-14كانون الثاني2011أيام الانتفاضة التونسية ضد بن علي ظلت واشنطن (ومعها الفرنسيون)في حالة اضطراب وتردد . انكسر هذا التردد الأميركي في قاهرة25يناير-11فبراير2011لماوقفت واشنطن مع(ميدان التحرير)ضد حليفها القديم مبارك وبالذات في الأسبوع الأخير رغم وضوح أن مليونية جمعة28يناير بالميدان كان محركها هو الاسلاميون:منذ سقوط مبارك وضح أن هناك اتجاهاً عند واشنطن لملاقاة تداعي بنى النظم الجمهورية في العالم العربي، أمام مد اجتماعي ضدها،بنموذج هو موجود منذ عام2002في تركية رجب طيب أردوغان يقوم على ثالوث(الجيش- الإدارة- الاسلاميون). في انتخابات23تشرين أول2011بتونس تم تدشين هذا الاتجاه نحو هذا النموذج،الذي يبدو أن انتخابات28نوفمبر المصرية تتجه لبنائه أيضاً،وكذلك الحال في ليبيا،وفي يمن مابعد تنحي علي عبدالله صالح.
خلال مجرى عام2011الدراماتيكي العربي،ظهرت الحدود الواسعة لحالة المد السياسي التي بدأ الإسلاميون يعيشونها في مرحلة تداعي بنى النظم الجمهورية التي استلهم معظمها نموذج نظام 23يوليو1952، بالترافق مع نمو تنظيمي ومع مكاسب انتخابية،وفي ظل غطاء دولي غربي أميركي- أوروبي،ومع نموذج مثلما كان يدعوه المرحوم نديم البيطار ب(الاقليم- القاعدة) هو موجود في بلاد الأناضول، حيث ماكان بدون هذين الأخيرين أن يتحول ذلك النمو التنظيمي،والمكاسب الانتخابية،المترافقان مع نفوذ فكري-ثقافي- اجتماعي واسع،إلى مد سياسي من الواضح أنه بقوة ماعاشته ليبرالية سعد زغلول والنحاس باشا بين عامي1919و1952وعبد الناصر1956-1967.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 134-An-Nisa


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم




.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس


.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي




.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س