الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا تتسع للجميع - حول إغلاق حانة في دمشق

إبراهيم إستنبولي

2004 / 12 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قرأتُ بحزن مشوب ببعض القلق زاوية " إنهم يغلقون الفريدي " المنشورة في جريدة الثورة العدد 12584 تاريخ 16 / 12 / 2004 حول محاولات إغلاق حانة " الفريدي " في مدينة دمشق . تلك الحانة ، التي اشتهرت بزوارها من الأدباء و الساسة و شخصيات تاريخية .. و قد أردت من خلال مشاركتي هذه أن أضم صوتي إلى صوت الشاعر لقمان ديركي ، كما أدعو جميع العقلاء للدفاع عن الوجه الحضاري و التاريخي لمدينة دمشق و كل سوريا .. بل إن هذا من الأمور التي يجب على هيئات المجتمع المدني أن تهتم بها بدرجة لا تقل عن غيرها من القضايا الحقوقية أو السياسية ، و أن تسعى للحفاظ على كل الأماكن ذات الصلة بتاريخ دمشق و كل سوريا . بغض النظر عن طبيعة نشاط تلك الأمكنة .
ذلك لأن مَن يسافر إلى بلدان أخرى ، غير عربية - في هذا الزمن الأمريكي – يعرف أنه كثيراً ما نُسأل من أي بلد ، لنجيب ببعض الأريحية : من سوريا ( و ليس كما يشاع : انا سوري يا نيالي .. ) ؛ لعلمنا أن وعي المواطن الأوروبي أو الروسي أو الآسيوي لم يدرج سوريا حتى الآن ضمن قائمة الدول " الظلامية " . بل إن الكثيرين من الأجانب يشعرون بالدهشة عند زيارتهم لسوريا ، لأنهم يفاجئون ( حتى الآن ) بالتنوع الثقافي و الديني و بالمظهر الحضاري في سوريا .. و كم يثير الإعجاب و الرضا ظاهرة التسامح و قبول الاختلاف بخصوص الملبس و المشرب و غير ذلك من مظاهر الحياة الاجتماعية .. و كلنا نرى هذا التنوع و هذا التناغم الجميل بين الزي المعاصر و الزي المحافظ ، الذي نشاهده في الجامعات و في مختلف المؤسسات و الدوائر ، و كذلك من خلال الصبايا و السيدات ، اللواتي يمشين في أسواق ، شوارع و حدائق المدن السورية - و قد ارتدت إحداهن زياً عصرياً " غربياً " و إلى جانبها ، يداً بيد ، تسير أخرى في حجاب ، تجمع بينهن الصداقة و المدرسة و العمل ، بل كثيراً ما نشاهد صبية جميلة بلباس عصري تتأبط ذراع أمها بلباس محتشم ( حجاب الى الأرض ) تسير بجانبها – هذا من ناحية .
و من ناحية أخرى ، إننا نعاني جميعاً من ضعف فظيع في قطاع السياحة و قلة السياح و المنشآت السياحية مقارنة بغيرنا من البلدان . و للعلم أشير إلى أن واردات تركيا من السياحة في العام تبلغ لا أقل من 15 مليار دولار سنوياً !! و قد قال لي أحد الأجانب يوماً : لماذا لا تكونوا مثل جارتكم تركيا – فالبحر واحد والمناخ كذلك ؟ . و هذا موضوع بحاجة لدراسة مستقلة .
فهل هناك مَن يريد أن يستقطب السائحين بإغرائهم بالذهاب إلى الجامع أو إلى الكنيسة فقط ؟ و ماذا سيفعل السائح بعد انتهاء جولته ( التي في الأغلب تتم نهاراً ) على الاماكن الأثرية ؟ هل يجب عليه الذهاب للنوم مباشرة ؟ أم أنكم حريصون على أن يضطر لتناول العشاء في فنادق أربع و خمس نجوم حصراً ؟ ألا يكفي انه لا توجد لدينا برامج للسياحة الشبابية ، و التي عليها تبنى مختلف الخطط السياحية في جميع بلدان العالم ، لأن الشباب هم الذين يشكلون أكثر من نصف السائحين في العالم ؟ بل إن الكثير من البلدان التي تمتاز بسياحة نشيطة ، تقوم بكل ما يلزم من اجل استقطاب السياح من مختلف الدول الأوروبية ( مثل تركيا و قبرص و اليونان .. حيث إنها فتحت أبوابها واسعة أمام قدوم السياح بدون أن يكونوا مضطرين للحصول على فيزا طيلة الموسم السياحي !! ) . هل يريد البعض من القيمين على مدينة دمشق أن تتحول سورية إلى بلد بلون واحد و بثقافة واحدة ؟ ألا تكفي الآية الكريمة : " .. لكم دينكم و لي ديني .. " ؟ ألم يقل أحد رجالات النهضة : " لقد رأيت في أوروبا مسلمين و لم أرَ إسلاماً ، و إنني أرى في البلاد العربية إسلاماً و لا أرى مسلمين "! ؟ .
لذلك ، إن تساؤل الأديب لقمان ديركي مشروع جداً ، فيما إذا كان البعض من الظلاميين يخططون لتحويل سوريا إلى أفغانستان أخرى ؟ و مَن يراقب ما يجري في الشارع السوري ، يمكنه أن يلحظ العمل الحثيث للجماعات المتطرفة في هذا الاتجاه .
في النهاية ، الجميع يعرف أن تاريخ الدولة الإسلامية – مليء بشتى أنواع الحانات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah