الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صاحب غني الخناق وداعا

كريم الزكي

2011 / 12 / 8
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


صاحب غني الخناق وداعا
يوم 24/11/2011 رحل عنا الإنسان الطيب المتواضع صاحب غني الخناق وترك ذكريات جميلة مليئة بروح الإنسان الشيوعي المضحي المثابر المؤمن بقضيته وفكره الشيوعي النير . في ستينات القرن الماضي تعرفت على الرفيق صاحب في سجن نقرة السلمان الصحراوي مع أكثر من (1200) سجين شيوعي كنا شيوعيين جميعا ولكن تنظيميا في ثلاث مجموعات الكبيرة مجموعة ( ل.م ح.ش ) وهي الأكثرية ومجموعة اللجنة الثورة تنظيم أنشق عن الحزب الشيوعي العراقي بقيادة العقيد سليم الفخري وأخرى صغيرة جدا تسمى جماعة (الصين أي الماويين) وهناك أعداد من السجناء وهم الديمقراطيين وهم الذين لديهم نقاط ضعف في التحقيق . كانت قيادة التنظيم تتكون من الرفيق كاظم فرهود والرفيق عبد الوهاب طاهر عضوي ل.م . والسجناء عموما من العمال والعسكريين الثوريين والفلاحين الفقراء وطلاب الكليات والمدارس المهنية وأطباء وحتى طلاب ثانوية ومنهم كاتب السطور, وحتى رجال دين كانوا أيضا معتقلين كونهم من الشيوعيين ومن مختلف القوميات العربية والكوردية والآثورية والأرمنية واليزيدية هذا هي أجواء الحياة في صفوف الشيوعيين عموما لأنهم أمميون . لا أريد وصف السجن لأنه بكل الأحوال يسمى سجن وهو خاص للرجال المحكومين بأحكام قاسية وغير عادلة فقط كونهم سياسين شيوعيين فالكثير منا كان ينتظر تنفيذ حكم الأعدام ! ولا نعلم متى وأين ولكن حسب رغبة السلطة العارفية الرجعية في ذلك الوقت . وصلت الى السجن وكان الفصل شتاءا , وشتاء الصحراء يكون بارد جدا وخاصة في الليل . وجدت الرفاق منهمكين في عملية عمل الطابوق اللبن والغرض منه بناء قاعات أو صفوف الغرض منها إلقاء المحاضرات فيها الخاصة بالاقتصاد السياسي والفلسفة واللغات المختلفة , وحتى التدريب على المهن الطبية . وخلال فترة قصيرة تم بناء جميع الصفوف وبوشر بالتدريس والتدريب . كنت طالبا مواظبا في حقل الاقتصاد والمهن الطبية . بعد نهاية فترة الدراسة وحسب المدة المقررة في نهاية الفصل الدراسي تم إجراء الامتحان لكل الطلاب . وخاصة امتحان المهن الطبية وهو زرق الأبر وتوجب علي أن أحضر أحد الأشخاص وأقنعه كي أقوم بزرقة إبرة فيتامين C تشجيعا له لقبوله زرق الإبرة من شخص متعلم جديد , المهم حاولت أقناع الكثيرين ولكن بدون جدوى لأنهم كانوا يقولون لي يا رفيق خلينه بحالنا ... ! إلا الرفيق صاحب غني الخناق الذي وافق على ذلك وبرحابة صدر وقال بالحرف يا رفيق أموت بيدك ولا بيد الجلادين من رجال الأمن . وطبعا كنت متردد في الطلب منه كي أضربه أبرة . هذه الحادثة أرويها لأصدقائي المقربين وأولادي وأحفادي باستمرار , لأنها شجعتني على ممارسة هذه المهنة وهي زرق الأبر وبشكل مجاني لكل أبنائي و أبناء المحلة أو المنطقة التي كنت أسكن فيها طيلة هذه السنين ويعود الفضل فيها الى الرفيق صاحب لتشجيعه لي . والزمن يجري التقيت به ثانية أثناء نقله من سجن نقرة السلمان الى بغداد في الربع الأخير من سنة 1967 في مركز شرطة النصر في مدينة الثورة . ولماذا الرفيق صاحب موقوف في شرطة الثورة , السبب أن شرطة التسفيرات في السراي كانت ملئية بالموقوفين مما أطر مديرية الشرطة الى توزيع الموقوفين على مراكز شرطة بغداد وكانت حصة مركز شرطة النصر في الثورة خمسة من رفاقنا على ما أذكر أحدهم طبعا الرفيق صاحب والرفيق محمد مرهون والرفيق عباس والآخرين لم أتذكر اسميهما , فسارعت الى زيارتهم في مركز الشرطة , طلب مني الرفيق صاحب أن أجلب له منشار حديد في أقرب وقت كي ينفذوا عملية هروب من المركز وفعلا في اليوم الثاني زرتهم ومعي قدر كبير مملوء بالتاجينة وهي أكلة شعبية معروفه في بغداد غالبيتها من الأرز ودخل اليهم المنشار طبعا بعد تفكيكه الى قطعتين وثني التيغ(المنشار) حول القدر .
ولكن صاحب لم يكتفي بالمنشار وطلب من أهله أن يجلبوا له كمية من البقلاوة وحبوب الفاليوم المنومة فسحق الفاليوم وحوله الى باودر ورشه بعد فتح طبقات البقلاوة ورش كمية الفاليوم كلها وكانت كبيرة , ومساءا وبعد نهاية الدوام الرسمي يقل عدد أفراد الشرطة , أستغلوا هذه الفرصة رفاقنا في ذلك المركز . علاقته رفيقنا صاحب طيبة مع أفراد الشرطة ودائما ما كان يوزع بعض المواد الغذائية التي تأتيه من الأهل والأصدقاء عليهم . وفي جنح الظلام كسروا قفل الباب بعد ما نام جميع أفراد الشرطة بفعل المنوم الموجود بالبقلاوة , وهرب ثلاثة من الرفاق وبقى في المعتقل اثنان من الرفاق هما محمد مرهون ورفيق آخر , حيث تعذرا بعدم تمكنهم من أيجاد مكان يختبئون به . وفي عصر اليوم الذي هربوا فيه الرفاق صاحب والآخرين , التقيت به وحسب الموعد المتفق عليه مسبقا معه في منطقة كمب سارة خاتون القريبة من مدينة بغداد الجديدة . وبقى في بيتي ومكان آخر حتى زال الخطر وتلاشت أدراج الرياح مساعي رجال أمن عبد الرحمن عارف من إلقاء القبض الفارين من مجموعة صاحب غني الخناق وسجناء سجن الحلة الذين هربوا في تلك السنة 1967 وهي سنة الهروب الناجح لجميع السجناء السياسيين الشيوعيين . وعلى الرغم من عمليات التحري والمتابعة من قبل رجال الأمن السري للسلطة ولكن رفاقنا وبالخصوص صاحب بدأ يتنقل بسهولة ويعمل بين صفوف حزبه من جديد . شارك وبصورة فعالة معنا في تشكيل اللجنة التحضيرية الواسعة للانتخابات العمالية ( قائمة وحدة العمال ) في بداية ستة 1968 ومقرها الكائن في ساحة النصر في بغداد ( مقر نقابة الخدمات الاجتماعية اتخذنا النقابة مركز لنشاطنا النقابي بمقترح من الرفيق سكرتير النقابة شبيب )وقبلها كنا في شارع المشجر القريب من ساحة النصر . انتهت هذه النشاطات بهجوم قوات الشرطة ومنظمة حنين السرية والتي كان يقودها المجرم صدام حسين على المحتفلين من رفاقنا في ساحة السباع بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر الاشتراكية , وكذلك على عمال معمل الزيوت النباتية القريب من معسكر الرشيد وقتل في هذين الهجوميين عدد من رفاقنا وعمالنا الأبطال في ساحة السباع وشركة الزيوت النباتية . وتم غلق مقرنا النقابي وحضر كل نشاط نقابي لنا , وهذا شمل أيضا كل المنظمات الطلابية والشبيبة والفلاحين ورابطة المرأة العراقية . وتوالت الهجمات على رفاقنا من كوادر الحزب وأعضاء اللجنة المركزية للحزب وأستشهد العديد منهم , وجميعهم كانوا في ريعان شبابهم ومن الشيوعيين البارزين في نضالهم وبسالتهم . المجد والخلود لرفاقنا الأبطال , الذكر الطيب والصبر والسلوان لعائلة فقيدنا الراحل عبد الصاحب غني الخناق , ستبقى ذكراك معنا ومع أبنائنا وأحفادنا , أنت وكل الشهداء الذين كنت تعيش حياتك الحزبية معهم . نجاح عبد الكريم وكريم أحمد النعمان وبدران رسن والكثير ممن حملوا لواء الحزب عاليا في ربوع عراقنا الغالي .
رفيقك
عبود كريم عباس الزكي










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية


.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت




.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام


.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف




.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام