الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقرار مصر ومآزق الإخوان

تميم معمر

2011 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غالباً هذا هو حال ومصير صانعو الثورة النظيفة النقية والذين تسقطهم الانتخابات ضحايا على أيدي أصحاب المصالح من الأحزاب لا سيما التقليدية , تلك الأحزاب التي لا تدخر جهداً وبإمكانيات عالية ومختلفة وتوفير وتجنيد أصوات من خلال دغدغة مشاعر شعوبنا العربية - العاطفية بطبيعتها -وبالشعارات التخديرية وصولاً للسيطرة على السلطة والنفوذ . لا نحتاج لذاكرة قوية لنتذكّر تصريحات قيادات الإخوان قبل فترة وجيزة بأنهم ليسوا طلاب سلطة أو سيادة !! بينما يصرون دائماً على الدخول في أي انتخابات مما يعنى سعيهم المحموم والهدف الأسمى لهم للحصول على السلطة بأي ثمن مهما كان نوع وشكل الداعم لهم في هذا الاتجاه .
تبدو ورطة الإخوان المسلمين رغم مغازلتهم واجتماعاتهم مع أطراف غربية وأمريكية منذ فترات طويلة , وكذلك محاولات الإخوان تقديم نموذج " معتدل " للغرب يضمنون فيه أمن المجتمع وسلامة الحرية وتحسين ظروف الشعوب العربية المنهكة !! وذلك لتعزيز موقفهم ونيل رضي الغرب , إلا انه ورغم كل ذلك – وسيثبت الزمن – بان الإخوان لن يصلوا المرحلة أو المنطقة المرنة التي يرغبها الغرب والأمريكان ويرضون عنها الرضي الكامل ..
الحقائق نقول لنا أيضاً إن الإخوان أنفسهم باتوا في ورطة جراء هذا الانتصار الانتخابي " المؤقت " ، فمهما نجحوا أو حاولوا إنجاح تجربتهم في الحكم في نواحي مختلفة , إلا أن العديد من القضايا والملفات ستفسد عليهم ذلك , إن لم تكشفهم وتعريهم أكثر أمام الشعب وأمام شباب الإخوان أنفسهم ! ويبدو للأسف أن الشعوب لم تتعلم من الدروس بعد !! على سبيل المثال هناك من الملفات التي تعتبر الأهم , وتمثّل مأزقاً حقيقياً أمام الإخوان ، ولا نعلم كيف سيتعاملون معها ، وهي : كمعاهدة كامب ديفيد ، والاقتصاد ، والسلفيون .
فسياسياَ ، سيجد الإخوان أنفسهم وجها لوجه مع معاهدة كامب ديفيد التي بنوا عليها شرعيتهم بمعاداة كل من نظامي الراحل أنور السادات وبعده مبارك ! واليوم على الإخوان أن يقولوا، بالأفعال وليس بالأقوال ، إن كانوا يريدون إلغاء تلك المعاهدة ، فهذا يعني إعلان حرب ضد إسرائيل ، ومعروف أن الاقتصاد المصري لا يتحمل المزيد من المظاهرات ، ناهينا عن الحروب ، فهل يقبل لإخوان بالمعاهدة وهم في السلطة ؟ وإذا قبلوا بها فما الفرق إذن بينهم وبين الأنظمة السابقة ! حيث كان الإخوان لا يوفرون أي كلمة فيها تخوين ونقد ضد النظام السابق والذي سبقه ..؟ وكثرة التصريحات الأميركية عن الاتصالات المستمرة بينهم وبين الإخوان توحي بأن إخوان مصر لن يجرؤوا على المس بمعاهدة كامب ديفيد ، مما يعني أن الإخوان مثلهم مثل نظام مبارك ومن سبقه !!
المأزق الثاني هو الوضع الاقتصادي الذي بات في كارثة حقيقية، ومصر ليست دولة نفطية مثل ليبيا، مما يعني أنه على من يحكم مصر، أو يكون هو الطرف الأقوى فيها، أن يعتمد على السياحة، بترول مصر، وعملية جلب السياح تتطلب أمنا، وهذا ضد المساس بكامب ديفيد ، كما تتطلب السياحة مزيدا من الانفتاح ، والحريات ، ونظاما اقتصاديا قابلا للتعامل مع النظام المالي العالمي لتشعر رؤوس الأموال الأجنبية بالأمان لتأتي لمصر، كما أن الأمر يتطلب كذلك حركة فنية مزدهرة ، وأمورا أكثر تفصيلا، فالقصة ليست قصة أهرامات وحسب !
وإذا تجاوز الإخوان المأزقين السابقين فهذا يعني ، ولا محالة ، اصطداما حادا مع السلفيين ، وهذا هو المأزق الثالث للإخوان فحينها ستبدأ معركة من الذي يحق له التحدث باسم الدين في مصر، ومن الذي بات يجدف بالدين من أجل السياسة ، فحينها سيصبح السلفيون للحركة الإخوانية مثلما كان الإخوان لنظام مبارك ، أي معارضة مستمرة ، وفي كل مجال ، وتوجه. ولذا فإذا كان البعض يشعر بالقلق من واقع الإخوان بمصر اليوم ، وهو قلق مستحق ، فإن الإخوان أنفسهم الآن يجب أن يشعروا بقلق أكبر، حيث إنهم في ورطة حقيقية ، لأنهم باتوا أمام استحقاقات من شأنها أن تفسد عليهم لذة الحكم، فتطبيق الإخوان لأفكارهم التي طالما روّجوا لها يعني أنهم سيقودون مصر إلى الحروب والإفلاس ، بينما عصرنة مواقفهم وتبنيهم للخط العقلاني ، وهما من المتطلبات الضرورية لمن يريد أن يحكم ، يعنيان ضرباً لمصداقية الإخوان ، كما يعنيان أنهم مقبلون على معركة شرسة مع السلفيين . فكيف سيتعامل الإخوان مع هذه الورطة الثلاثية ؟ هذا ما سيتضح من خلال تعاملهم مع عملية تشكيل الحكومة ، والدستور، وصلاحيات الرئيس القادم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ببساطة استاذ معمر
بشارة خليل قـ ( 2011 / 12 / 8 - 22:50 )
هم يعتمدون على ضعف الذاكرة عند العامة وطبائع الشعوب الاسلامية في الاستجابة للتحريض والتهييج والتجييش والقاء المسؤوليات على شماعة فلان وعلان
شعوب لا تستحق وضع احسن من وضع الصومال وهذا للاسف ما سيحصل
سوف يدمرون السياحة ويشعلون الفتن اكثر واكثر ويعيدون الاقتصاد لمرحلة المقايضة وتشكل الانقسام والاحتراب سبب اخر لخراب الاقتصاد وسيستوردون الاسلحة ضد بعضهم تماما كما في الصومال اليوم مجاعة وانعدام العدل والحرية وكرامة الانسان وهي المطالب التي خرج بها شباب التحرير المغدور
لا حاجة للتنبي فالمؤشرات عديدة في جميع البلدان التي حكمها الاسلاميون.وغدا لناظره لقريب

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي