الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سامي لبيب تحت المطرقة

نعيم إيليا

2011 / 12 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


((أين التناقض حين أقر بالقانون المادى الطبيعى وأقرّ في الوقت نفسه بوجود العشوائية؟)).
بهذا الاستفهام ينفي الأستاذ سامي لبيب أن يكون ثمة تناقض بين إقراره بوجود قانون ثابت ينظم حركة الطبيعة، وبين إقراره بوجود ما يضادّ النظام مما يدعى (عشوائية) أي فوضى واختلالَ نظامٍ ومصادفات.
فهل لهذا الإقرار، وقد جمع بين النقيضين: النظام والفوضى، أن يكون منطقياً يطمئن إليه العقل أو يرتضيه العلم؟
قبل البحث عن الإجابة على هذا السؤال، ينبغي أن أذكر أنّ فكرة النظام، وفكرة العشوائية أيهما تسود الكون مطلقاً، تمثلهما نظريتان علميتان من نظريات علم الفلك الرياضي الحديث (الكوزمولوجيا)، هما: النظرية النسبية، والنظرية (الكوانتية) ففي الأولى تتمثل فكرة الانتظام، وفي الثانية تتمثل فكرة الفوضى؛ فلعلني بهذا الذكر أن أوفق إلى شرح المعنى البعيد لخبط (اللبيب) في النظام والفوضى، وأوفق إلى تعليل قبوله بالاثنين معاً: فإن سامي لبيب مصاب بالماركسية، ولما كانت الماركسية تدَّعي لنفسها صفة العلمية، ولما كانت النظريتان، اللتان أشرت إليهما، علميتين، وجب أن يذعن الماركسي لكليهما. وليس عليه من جناح بعد ذلك إن هو لم يتوقَّ محاذير التناقض والتعارض والاختلاف بين النظريتين.
وقد أحبُّ أن أدع (اللبيب) يجيب عن سؤاله: ((أين التناقض بين الإقرار بالنظام والإقرار بالفوضى معاً)) بنفسه فيكشف عن تناقضه العجيب بلفظ جليّ؛ فأبلغ من ذلك غاية معلومة هي أنَّ اعتراف المرء بلسانه على نفسه بالخروج عن جادة المنطق، أوقع وأصدق من إثبات الادعاء عليه من طرف آخر.
ولكنْ، هل يعترف اللبيب قبل هذا بخروجه عن جادة المنطق طوعاً بملء اختياره وإرادته؟
لا، ليس يسيراً على الماركسي أن يعترف بالحق على نفسه طواعية واختياراً، وإنما الحقّ ينتزع منه انتزاعاً من تضاعيف أقواله وزلاّت لسانه.
وقد كان لي حظّ انتزاع اعتراف من الأستاذ سامي لبيب بهذا الخروج في هامش من الهوامش التي شهدت نزاعاً بيني وبينه، لم تسل فيه - لحسن الحظ !- منا دماءٌ زكية. قال اللبيب يومذاك:
(( إنّ الصدفة نتاج ماديّ حتمي، لم ولن يوجد ماديّ مهما بدا نادراً وشاذ الحدوث إلا وهو يخضع لقانونه المادي. كما أن حركة المادة هى المادة فى حد ذاتها وليست شيئاً طارئاً عليها... يستحيل تواجد مادة بدون صراع الأضداد فى داخلها، فهى متلازمة بالمادة بلا إنفصام.
الانفجار العظيم لابد أن يحدث لتوافر الظروف الموضوعية لحدوثه كونه انفجر لا يعني أنّه ليس هناك ترتيب لشظاياه. إن كل شظية منه تحركت وتشكلت وفق محصلة القوى التى تعتريها. وهذا يأتى فى الرد على مقولة النظام والترتيب الصارم التى يدعيها المتدينون)).
فجعل كلّ شيء في الوجود، بل الوجود برمته خاضعاً لنظام قسري، وضابط قهري لا يحيد عن أهدافه وغاياته ومساراته، حتى إنّ المصادفة؛ التي هي رمز من رموز الاعتباط والعشوائية، ليست عنده حرّة منفلتة من عُقُل النظام السرمدي.
فكيف يصحَّ القول بعد هذا بوجود فوضى وعشوائية في الكون؟!
وكيف يصح بعد هذا أن يجمع بين الفوضى والنظام؟
وكيف يكون في هذا اختلافٌ وحيدة عن اعتقاد المتدينين؟
إنّ هذا لأمر عجيب لا يكاد يقوم في الوهم أو الخيال! اللهم إلا إذا كان مدلول النظام والعشوائية شيئاً واحداً عند اللبيب بخلاف منطق اللغة!
وما أردت أن أطرق اللبيب بمطرقتي حقيقةً، وإنما أردت الطرق مجازاً ومداعبة. فما اللبيب إلا اسمٌ على مسمى، ينأى عن الطرق.
وما هو إلا فكر جميل هادٍ يشع في الدُّجوِّ.
وما كنتُ - أنا الفقير إلى العلم والشجاعة ورحمة النظام السرمدي – أجرؤ يوماً أن أطرق أرؤس البراغيث بمطرقة، ولا أن أجزَّ أعناق القمل بمنجل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تناقض
ماجد جمال الدين ( 2011 / 12 / 11 - 17:18 )
السيد نعيم إيليا
لا تناقض فيما كتبه ألأخ سامي لبيب لأن :
العشوائية تخلق النظام .
وهذا ألأمر قد يكون من الصعب تصديقة بل وحتى فهمه بدون دراسة جدية من مختلف الجوانب ،سواء بألأمثلة التجريبية أو برهنته بالطرق الرياضية خاصة .


2 - التناقض واضح وضوح الشمس
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 11 - 19:43 )
أهلا بالأستاذ ماجد جمال الدين
العشوائية تخلق النظام؛ هذا ما تقول به نظرية الأوتار الفائقة
ولكن هل ما تقول به نظرية الأوتار مثبت؟
سيدي، باختصار: أستاذنا اللبيب يقر بأن الكون خاضع للنظام، ولكنه يقر أيضاً بوجود الفوضى ولا يرى في الجمع بينهما تناقضاً
والأدهى من ذلك أنه وهو يقر بوجود النظام، ينكر على الدينيين قولهم بوجود .النظام
هذه هي المسألة. وشكراً لك يا أخي المحترم


3 - الأستاذ المحترم نعيم
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 12 / 12 - 07:58 )
أعتقد أنه يوجد سوء فهم لمسألتي النظام والفوضى وكذلك للنظريات العلمية
عزيزي نعيم إن النظام والفوضى هما كما هي فوضى الحركة لذرات الماء في مجرى النهر الذي يبدو منتظماً
هذا هو الفرق بين غواص بحجم ذرة يسبح مع ماء النهر دون معرفته بما هو خارج الماء ورجل يطير في أعالي الفضاء بحيث يرى النهر وكأنه خط سير منتظم لحركة الماء
فكلا الرجلين محق برأيه إذ يرى الأول الفوضى في حركة الماء بينما يرى الثاني النظام في حركته
أما بالنسبة للنظريتن علينا أن ندرك أن كل نظرية هي صحيحة والذي يحدد صحتها هو مستوى السرعة الذي تعمل عليه فنظرية نيوتن هي صحيحة من أجل السرعات البطيئة والنسبية صحيحة على مستوى سرعات عالية جداً والكوانتية صحيحة على مستوى أعلى من السرعات بحيث نرى أن فكرة الإحتواء هي السائدة فالكوانتية تحتوي النسبية والنسبية تحتوي النيوتنية ولاوجود لفكرة الإلغاء فلاتلغي أية نظرية سابقتها أبداً بل تحتويها كما تقدم وتعترف بصحتها على مستوى سرعة الحركة فيها
لك من أجمل تحية صباحية


4 - إلى الأستاذ القدير محمد ديوب
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 12 - 09:16 )
أشكرك أخي على هذا التوضيح الجميل والمفيد
لا اعتراض
الأستاذ سامي لبيب أظهر ضيقه بإهمالي لأقواله التي عرضتها هنا على عجل وعاتبني بسبب
هذا الإهمال. وكان في عتابه شيء من التحدي
فعزمت على الرد عند أول سانحة وأنا أتعجب من ركاكة تناقضه. إذ كيف يمكن أن يكون الكون - وهو على هذا النحو من التنظيم في نظره - عشوائياً في نفس الوقت؟
.الكون إما أن يكون منظماً وإما أن يكون عشوائياً من حيث المبدأ.
لو كان زعم أن الكون بين بين، لخضعنا لزعمه. ولكنه رآه منظماً في أدق تفاصيله ثم نسب إليه العشوائية فأحدث بهذه النسبة تناقضاً في رؤيته


5 - عد للقراءة
محمد بن عبد الله ( 2011 / 12 / 12 - 10:26 )
أخي العزيز المحترم نعيم

آسف أن أقول لك ان مقالك يكشف ضعفا كبيرا في المعلومات

عد للقراءة والدراسة واطلب العون ممن يفهمون في العلوم والرياضيات والمنطق

تقبل محبتي وتحياتي



6 - تحياتي أستاذ محمد بن عبد الله
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 12 - 10:38 )
أشكرك على التعليق أخي العزيز
فأما طلب العون ممن يفهم في العلوم والرياضيات، فنصيحة طيبة وجيهة
وأما طلب العون من المناطقة، فلا أراه مسوغاً وضرورياً.
أريد أجابتك على هذا السؤال لو سمحت:
هل يجوز أن أنتهر المؤمن، إذا رأى أن الكون منظم، وأنا أشد إيماناً منه بانتظام الكون؟


7 - إلى السادة المعترضين
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 12 - 11:20 )
ذكرت معتمداً على معلومات أخذتها من مصادر علمية أن النظرية النسبية ترى الكون منتظماً بحكم الجاذبية وقوى أخرى ، وأن النظرية الكوانتية ترى الكون خاضعاً للاحتمال وعدم الانتظام
فإن كان للأخوة اعتراض على ما ذكرت وأخذت من مصادره، فأرجو أن يحددوا نقاط اعتراض محددة كي أستطيع الرد عليها وإن لم تكن النظريات بحد ذاتها قضيتي وهمي
وشكراً


8 - أخي المحترم نعيم
محمد ماجد ديُوب ( 2011 / 12 / 12 - 11:45 )
إن التوضيح الذي تقدمت به هو من صلب إختصاصي فأنا مجاز بالرياضيات والفيزياء ولك تحيتي وللأخ محمد بن عبد الله


9 - لاتناقض بينكم
وليد يوسف عطو ( 2011 / 12 / 14 - 12:52 )
الاستاذ الفاضل نعيم ايليا الجزيل الاحترام . اعتقد لايوجد خلاف بينك وبين الاستاذ سامي لبيب فانا ضد العشوائية المحضة القائمة على الصدفة ولكني مع العشوائية القائمة على مبدا اللاسببية والتزامنية كما عرضهما وشرحهما العالم يونج حيث الصدفة اللاسببية ترتبط بالقانون الذي ينبثق عنها والذي يوجد في تفاعل معها حالما توجد وهذا القانون لايزال العلماء يجهلونه لحد اليوم واعتقد يستطيع الباحث والمفكر وليد مهدي اضاءة الضوء حول هذا الموضوع مع خالص محبتي


10 - إلى الأستاذ وليد عطو المحترم
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 14 - 13:32 )
عزيزي أستاذ وليد، قضية النظام والعشوائية قضية علمية بحتة. ثمة نظريات تقول إن الكون لا يحكمه النظام، وأخرى ترى العكس. أما شعورنا الذاتي بأن الكون منظم، أو بأنه عشوائي و فهو شعور ذاتي وليس حقيقة
بالنسبة للأستاذ لبيب فأنا لا أعقل عبارته حين يقول: إن الكون منظم وعشوائي، ثم في اللحظة نفسها يقول لك : بل إن الكون منظم في أدق جزئياته
أهذا الكلام منطقي معقول؟
شكراً لك أستاذي القدير


11 - اضافة على اللاسببية
وليد يوسفق عطو ( 2011 / 12 / 15 - 10:41 )
الاستاذ نعيم ايليا الجزيل الاحترام . ماقصدته من لاسببية اوضحه في مثال مشهور. اذا اخذنا الف ذرة بلوتونيوم ستفقد نصف الذرات طاقتها بعد خمسة وعشرون الف سنة وفقدها للطاقة واضح وله سبب ولكن ماليس له سبب لماذا تفقد الذرةالف طاقتها ولاتفقد الذرة باء المجاورة لها طاقتها؟ هذا الفقدان الذي يبدو منتظم ويسير على قانون غير معلوم نسميه اللاسببية . كذلك هناك اكثر من حدث لايبدو لهما رابط ولكن الربط بينهما ينتج شيئا اخر وهذه يبحثها العالم يونج ويسميها الاحداث اللاسببية والتزامنية مع خالص مودتي


12 - شكر
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 15 - 10:57 )
أشكر لك عزيزي الأستاذ وليد هذا التوضيح
لقد قرأت مقالتك الأخيرة، أعجبتني لأنها تثير التساؤلات . سأتوجه إليها لأقرأها مرة ثانية وقد يكون لي تعليق على جزء أو جزأين منها


13 - - الى الجميع : الضرورة والصدفة
رمضان عيسى ( 2012 / 2 / 3 - 22:14 )

الضرورة هي الظاهرة التي نلاحظ تكرار حدوثها بشكل أو بآخر , وهذا يكشف عن سببية قانونية كامنة خلف تكرارها مثل الظواهر التي تتكرر بفعل قانون الجاذبية أ و الطفو أو قانون بقاء المادة , أما الصدفة فهي الحدث المتقلب والنادر والبعيد زمنيا في حدوثة , . والسؤال هل هناك تعارض بين الضروري والصدفي أي اما هذا أوذاك في الحياة, ان كلاهما موجود.ورأيي لا تعارض بينهما أي لا ينفي أحدهما الآخر , بل هما مظهران موجودان في الطبيعة والفرق بينهما هو المدة الزمنية في الحدوث , فإن تكرار الظاهرة على فترات زمنية ملحوظة تكشف عن قانونية التكرار , أي القانونية السببية الكامنة خلف التكرار , أما في الظاهرة الصدفية فهناك فرق زمني ونسبي في تكرار الظاهرة , فقد تتكرر بعد شهر أو بعد عام , أو بعد 500عام . من هنا تبدو صدفيتها ويكون رأينا عنها أنها عشوائية , ولكن وهنا بيت القصيد اذا شاهدنا الظاهرة بعد مدة ,أي بعد شهر أو بعد عام أوبعد500 عام , واكتشفنا سبب تكرارها في هذه المدة , فإننا في هذه الحالة اكتشفنا أن وراء تكرارها البعيد هذا قانون , فمثلا مجيء مذنب هالى واقترابة من الأرض أهو صدفة أم قانون ؟
.

اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح