الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَن وراء تناقضات بنكيران

التهامي صفاح

2011 / 12 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الأسبوع الأخير الذي سبق إخراج الدستور المغربي الجديد ( يونيو 2011) للعموم قيل في الصحافة المغربية (من بينها جريدة الأحداث المغربية) أن االدستور يضم فصلا ينص على حرية العقيدة .و خرج الأستاذ عبد الإله بنكيران يقول أنه سيصوت على الدستور ب"لا" في حال ما إذا نص على حرية العقيدة لأن هذه الحرية تعني نهاية إمارة المؤمنين (و لا ندري كيف؟؟؟؟). وبعد ذلك علق الأستاذ إدريس اليزمي (رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان) في أحد البرامج التلفزية على أن اليسار لم يقم بدوره حينما خرج الإسلاميون يعارضون حرية العقيدة التي كان ينص عليها الدستور ليضغطوا لصالح هذه الحرية ..مما يعني أن الحذف "المفترض" (لأننا لم نر أي حذف) لهذا الفصل "المفترض" قد تم في اللحظات الأخيرة بهذه الطريقة الهيتشكوكية التي تضع علامات إستفهام كثيرة حول آلية و إعداد و إخراج هذا الدستور.
و لقد علقت على الخرجة الإعلامية الآنفة الذكر للأستاذ بن كيران بمقال تحت عنوان "حرية العقيدة مرة أخرى" ضمنته نصوصا من القرآن تؤكد بكل وضوح حرية العقيدة .
و بعد خروج الدستور للعلن تبين أن الدستور الجديد ينص :
1) في ديباجته على ما يلي :
"إن المملكة المغربية ،الدولة الموحدة ،ذات السيادة الكاملة،المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد و تلتزم بما يلي :
-.....
-.....
- حظر و مكافحة كل أشكال التمييز،بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الإنتماء الإجتماعي..أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان.
2) الفصل 25 حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.
ورغم أن الفصل 3 ينص على أن "الإسلام دين الدولة و الدولة تضمن لكل واحد ممارسة شؤونه الدينية" ، فإن حظر التمييز بسبب المعتقد يجعل من المعتقد شيء ممكن أن يكون مخالفا للإسلام.كما أن معنى عبارة "وضع شخصي مهما كان" يذهب هو الآخر في هذا الإتجاه و بالتالي فلا يمكن فهم هذه النصوص الدستورية إلا بأنها تعني حرية العقيدة.
و يمكن فهم "حرية الفكر و الرأي والتعبير" هي الأخرى حرية للإعتقاد و العقيدة .إذ لا يمكن للفكر أن يكون حرا إذا تم تسييجه بمجموعة من المتاريس و الخطوط الحمراء سواء كانت نظريات فكرية أو دينية أو أي أفكار دوغمائية ( الدوغمائية هي صفة لأفكار سائدة لا تقبل الجدال الفلسفي أو المنطقي و تُفرض بالقوة والتخويف والتهديد ) .
و بما أن الفكر مكانه الدماغ الذي هو جزء من الجسم البشري ، فلا يمكن الإحساس بالإستقلال الذاتي للمواطنين و سيادتهم الكاملة على أبدانهم في حال ما إذا كان هناك من يشهر في وجهم ورقة التكفير حسب فهمه هو للتكفير الذي يجعل من تلك النصوص القرآنية و على رأسها الآية 99 من سورة يونس ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ،أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟") مجرد كلام لا يعتد به في تناقض صارخ مع ما يصرحون به من إيمان بالقرآن المتضمن لتلك الآيات.
وبتاريخ 03/12/2011 أي بعد أربعة أشهر على تصريحاته المهددة بالتصويت ب"لا" على الدستور و بعد تعيينه رئيسا للحكومة ، أذاعت التلفزة المغربية (القناة الأولى) حوارا مع الأستاذ عبد الإله بنكيران قال فيه من بين أشياء أخرى في نفس سياق حرية العقيدة :"من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر" ليعني أن حرية العقيدة مكفولة في المغرب متناقضا مع تصريحاته السابقة للإستفتاء و المهددة بالتصويت ب"لا" على الدستور في حال ما إذا كان فيه فصل ينص على حرية العقيدة .ثم قال من بين ماقال في نفس الحوار التلفزي :"لا يمكننا أن نسأل شخصا بصحة جيدة يمشي في الشارع هل أنت مفطر أم صائم؟ لكن الإسلام يقول إذا أبتليتم بالمعاصي فإستتروا"
إنني أتساءل هل الأستاذ بنكيران - الذي هو ليس مخبولا على كل حال- هل يجهل أن أؤلئك الناس الذين لا يؤمنون بالإسلام لا تعنيهم أحكامه و لا نصوصه...؟
و هل تحتاج حرية العقيدة التي هي حق إنساني لا يقبل المساومة لنصوص دستورية بشرية تضعها السلطة في المغرب و تحيطها بالغموض و الريبة في حين أن هناك نصوصا أقوى وضوحا في القرآن الذي يُدعى أنه الدعامة الأساس لهذه السلطة؟
أليس الأفضل العمل بالفهم المستنبر للإسلام و إراحة الناس عوض الفهم المظلم المتعب؟
و أخيرا إن كان للكلام معنى: مَن وراء تلك التصريحات المتناقضة للأستاذ ينكيران؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لانتاقض في فكر بنكيران
عبد الله اغونان ( 2011 / 12 / 12 - 17:00 )
الاحداث المغربية تمثل التيار الاستئصالي في اليسار الراديكالي.لذلك لاتعد مصدرا موثوقا فقد شنت منذ سنوات حملة اتهام حزب العدالة والتنمية بتبني واحتضان فكر ومواقف ادت الى الارهاب بل طالبت بحله.
العلاقة بين الملوك العلويين وبين المغاربة قائمة على البيعة في مقابل حماية الدين ورعاية المصالح والحفاظ على وحدة البلد
حرية المعتقد لدى اشخاص او غير المسلمين شيئ ورعاية مصالح الامة شيئ اخر بصفته مطلبا قائم على عقد البيعة
الاختيار الشعبي حسم هذه المسائل بالدمقراطية وفي الطريق حكومة من الاسلاميين واليمين واليسار.التناقض موجود في من يدعي الدمقراطية واذا فشل يكفر بها.بنكيران والعثماني والرميد والداودي ...ادلوا كلهم بتطمينات توضح ان اهتمامهم سيركز على المطالب الاجتماعية ومحاربة الفساد
نتمنى التوفيق للحكومة الجديدة.ودورا متوازنا للمعارضة
شكرا للكاتب المحترم

اخر الافلام

.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح ما المراد بالروح في قوله تع


.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة تجيب عن -هل يتم سقوط الصلوات الف




.. المرشد الأعلى بعد رحيل رئيسي: خيارات رئاسية حاسمة لمستقبل إي


.. تغطية خاصة | سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال عهد رئ




.. تربت في بيت موقعه بين الكنيسة والجامع وتحدت أصعب الظروف في ا