الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطلق والنسبي-نهاية النضال النظري

نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)

2004 / 12 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعقيب على مقالة نقولا الزهر "في عالم المفاهيم – حول العلاقة بين المطلق والنسبي" في النشرة الإخبارية "سوريا الغد" 20 كانون الأول 2004
من عجائب هذا العالم الافتراضي- الإلكتروني مقالة لـ نقولا الزهر ، بيريسترويكا جديدة، حول علاقة المطلق بالنسبي .
يقول الزهر بروح لا تخلو من الفكاهة والتخفف من وضعية المتفلسف ، أن هذا المفهوم "مفهوم المطلق" وعلاقته بالنسبي موجود عند الشيخ المصري الأزهري السور بوني المعاصر "عباس عبد النور من دمنهور" ، وموجود لدى "ماركس .. وكثيرين من هذا العالم [ ومنهم بالطبع الأستاذ نقولا ] وموجود في فلسفة التاو الصينية .
إذاً ، وإذا كانت هذه العلاقة بين المطلق والنسبي موجودة عند فلسفات متضادة ومتناحرة أحياناً فأين المشكل ؟ ولماذا تتصارع الأفكار والإيديولوجيات وتتطاحن ؟ ولماذا يطرح نقولا الزهر هذه الإشكالية طالما أنها موجودة عند الجميع بمن فيهم عبد النور من دمنهور الشيخ الأزهري المعاصر . المشكلة عند الأستاذ الزهر ليست في اجتماع هؤلاء في طرح المسألة ، بل في الطريقة التي حلت بها عند كل منهم .
هذا التعدد الأيديولوجي يقلق الأستاذ، و حتى يتخلص من قلقه ومن الحلول الكثيرة التي تسبب الحَوَل يقول الزهر وبلهجة لبنانية : " ياعمّي طالما كلكن عم تطرحوا ها المشكلة ، ليش مختلفين . خلوني أنا نؤلا فرجيكن أنو المسألة بسيطة ، أنتو متفقين أنّو كلكن طرحتو المشكلة ، إي خلاص بقا "
هكذا وبمعجزة أشبه بالفلسفة الشعبية وأمثالها حل نقولا المسألة وهيأ الأرض الأيديولوجية لـ ملاقاة التحالفات السياسية القادمة . فإذا كانت هذه العلاقة "الفصعونة" بين المطلق والنسبي سوف تفرق بين الأخوان من كل الجهات إسلاميين ، علمانيين ، وشيوعيين متقاعدين قبل انتهاء المدة ، فإنها من الآن فصاعداً لن تستطيع فعل ذلك خاصة بعد الاكتشاف الافتراضي الالكتروني للأخ الزهر والذي مفاده أن المشكل مطروح عند جميع المتخاصمين وأن المسألة الخلافية مفتعلة ومبالغ فيها . وهو يقترح ضمناً أن من حق كل من هؤلاء الحلفاء المستقبليين أن يطرح علاقة المطلق بالنسبي كما يشاء ، المهم أنه يطرحا وبذلك يتساوي مع زميله في الحزب الإيديولوجي الآخر . المهم تجاوز جميع العقبات والمحن من أجل التحالف التكتيكي المرتقب.
لقد توضحت الآن المهمة التاريخية للأستاذ الزهر من الناحية الفلس- شعبية (الفلسفة الشعبية) الوضعية الجديدة ألا وهي توحيد المعارضة السورية ليس سياسياً فحسب بل و إيديولوجياً مهما كان شكل مطلقها ومرجعياتها المعيارية ، دينية أم غير دينية يمينية أم يسارية لا يهم ! ، أو بالأحرى تجميع المعارضة السورية حول ميثاق شرف وطني شعاره الرئيس "نقسم نحن الموقعون على هذا الميثاق أن العلاقة بين المطلق والنسبي والتي طرحها كل من عباس عبد النور وماركس وآخرون كثر ومنهم نقولا الزهر، ليست بمشكلة تفرق المعارضة السورية إيديولوجياً وسياسياً. دعونا نتحد وفقكم الله وإلى الأمام "
بالطبع لا يستطيع القارئ الرصين إلا أن يقف بإجلال وامتنان أمام هذا المتفلسف الشعبويّ العظيم ، لأنه لا يضيف لبنة جديدة في طرح هذه العلاقة بين المطلق والنسبي وحلها فحسب ، بل يؤسس لعلم فلسفي/سياسي من طراز جديد ، علم يضع قواعد مدهشة لفن التكتيك السياسي والإيديولوجي ، علم يجبُّ ما قبله ويبتلعه و يبصقه تكتيكاً سياسياً فريداً . منضماً هكذا إلى الكثيرين من هذا العالم الذين طرحوا علاقة المطلق بالنسبي.
ولكن أين السر في هذا كله ؟
السرّ في السوق وفي نهاية التاريخ ، والإنسان الأخير ؛ الإنسان البورجوازي الليبرالي الجديد.
دعونا نتقمص شبح الأستاذ نقولا لنقول : طالما جميعنا أغنياء وفقراء نشتري من السوق ونبيع في السوق بما فيها أفكارنا فلما الاختلاف والصراع الأيديولوجي ! هكذا مع سيادة البورجوازية الأخيرة والنهائية ، ينتهي النضال النظري والصراعات الأيديولوجية ، والعلم التاريخي الاجتماعي كل هذا يغدوا نافلاً . في السوق لا تحتاج لشيء سوى النقود . النقود والسوق هما المطلق الجديد .
يرد الأيديولوجي اللاهوتي في المنطلقات النظرية لمشروعه السياسي على شبح نقولا : "وحدة الخالق وتكريم [العامل] المخلوق" ، الله هو المطلق الوحيد خالق الخلق والقيم عبر أشباحه ، ظهورا ته وأطيافه . فيرد شبح الزهر مؤكداً أن المطلق الوحيد والمعيار الأكيد هو السوق وهي خالقة القيم . نحن المعارضة السورية إذا اتفقا على إطلاق يد السوق لن نضل ولن نفترق أبدا. وفي معمعة هذا الجدل الساكن تختفي قوة عمل العامل كخالق للقيم الاستعمالية والتبادلية ، ويكرّم في المناسبات الوطنية والقومية، ويغيب معها قانون فضل القيمة وأصل الاستغلال البورجوازي لتسود السوق وقانون القيمة الذي يسوي كل شيء بالأرض ماسحاً في طريقه كل القيم ومعها البشرية المعذبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل