الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطأ ثوار التحرير .. وخطيئة المجلس العسكرى

هشام حتاته

2011 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد عشرة شهور على الاطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك دعونا نقرأ الواقع المصرى ونتعرف على الاخطاء والخطايا ونحاول ان نقرأ المستقبل :
** خطأ الثوار :
لبى ثوار التحرير نداءات الثورة من خلال الفيس لوك فكانوا بلا قيادة متمثلة فى شخص بقدر ماكانت قيادتهم هى شعارات الحرية ، العدالة الاجتماعية ، الدولة المدنية الحديثة ، ولكن كان خطأهم انهم لم يشكلوا ما كان يمكن ان نطلق عليه " مجلس قيادة ثوار التحرير " ويختار من بينهم رئيسا يتحدث باسمهم ، بل انهم افسحوا مكانا متميزا فى منصات التحرير لرجال الدين ، ثم صلوا جميعا بعد انتصار ثورتهم وراء القرضاوى الذى جاء مندوبا لمشيخة قطر وعاصمتها قناة الجزيرة ( .....!! ) لقطف ثمار تلك الثورة .
لاشك ان مشاركة الاخوان المسلمين فى الثورة ولو متاخرا كان من اسباب نجاحها عندما خرجت كوادرهم الى الميدان وميادين مصر الاخرى بما لهم من ثقل فى الشارع المصرى وقدرتهم على حشد هذه الكوادر ( وتلك الحقيقة اكتبها كباحث محايد بغض النظر عن موقفى من الانتهازية والتلون الحربائى لجماعتهم ، ولكن وجودهم على الساحة لاينكره الا موتور ، وقد كانت نتائج انتخابات المرحلة الاولى لمجلس الشعب تعبيرا قريبا من الحقيقة ، وان ماحدث من مخالفات فى استعمال الشعارات الدينية والتأثر على بعض الناخبين الجهلاء امام وداخل المقار الانتخابية لم يكن سيغير من النتيجة كثيرا )
** خطيئة المجلس العسكرى وغنيمة السلفيين :
ماحدث وراء الكواليس بين المجلس العسكرى والرئيس السابق مبارك منذ انهيار جهاز الشرطة ونزول القوات المسلحة الى الشارع وحتى تنازل الرئيس عن صلاحياته الى المجلس العسكرى لم تتضح فصولها بعد ، وان كانت اغلب التحليلات تقول انه كان صراعا بين الطرفين من اجل عدم تنفيذ اوامر القائد الاعلى اليهم بضرب المتظاهرين ، بمعنى انه وضعهم بين خيارين : اما ضرب المتظاهرين واخلاء ميدان التحرير واما اقالتهم وعلى رأسهم المشير وتعيين آخرين ، ولاننكر ان هذا الصراع كان لصالح الثورة عندما حسم المجلس العسكرى امره وقرر عدم اطلاق النار ومن ثم تم اجبار الرئيس على التنازل مع وعد بعدم المساس به ورحيله الى مقر اقامته المحبب اليه فى منتجع شرم الشيخ مع صدور بيان يشيد به وبتاريخه الوطنى فى خدمة مصر مضيفا الى مآثره انه بتنازله وضع مصلحة الوطن فوق اى اعتبار .... !!
وجد المجلس العسكرى نفسه مسئولا عن ادارة البلاد دون ان يكون لديه تخطيطا واستعدادا لتحمل هذه المسئولية . واتصور من خلال قراءتى لكل الوقائع على الارض وماحدث على الساحة منذ 25 يناير وحتى الآن ان المجلس العسكرى فى بداياته الاولى عقد الصفقة مع الاخوان المسلمين على اساس
ــ اعطائهم الشرعية لتكوين حزب مدنى ولكن على مرجعية دينية حتى يتوافق الحزب مع جماعة الاخوان المسلمين ، فحزب مدنى على مرجعية ليبرالية لن يتناسب مع انتمائهم لجماعة الاخوان المسلمين ، ومن اجل تم مااشرت اليه فى مقالتى على الحوار بعنوان : الى المجلس العسكرى .. دستور يااسيادنا فى 15 /6 / 2011 نصا ( لم تتوقف المسألة عند هذا الحد ، ولكننا نرى الأرض تمهد لماهو آت ، فنرى المجلس العسكرى ينص فى اعلانه الدستورى فى المادة الرابعة على : ( لايجوز قيام احزاب سياسية على اساس دينى ) ولا شئ عن المرجعية الدينية التى كانت تنص عليها المادة الخامسة من دستور 1971 بعد تعديلات 2007 والتى ناضل من اجلها الشعب طويلا والتى كانت تنص على ) لايجوز قيام احزاب سياسية على اى مرجعية دينية او اساس دينى )، وقد فتح هذا الباب ايضا ظهور السلفيين ليقدموا حزبا مدنيا على الورق فقط ، وان كانت كل ممارساتهم على ارض الواقع تقول بالدولة الدينية على غرار مملكة آل سعود باقامة الحدود وتبخيس حقوق المرأة والاقباط ومنع السياحة والفجر والخمور...!!وقد اثبت الاخوان والسلفيين للمجلس العسكرى قدرتهم فى تعبئة الشارع المصرى عندما حشدوا كل قواهم للموافقة على التعديلات الدستورية فى استفتاء 19 مارس وجعلوه اختيارا بين الكفر والايمان وهذا ماحدث ايضا فى انتخابات المرحلة الاولى لمجلس الشعب والتى قلت عنها نصا فى مقالى بعد التعديلات الدستورية : الثورة المصرية الى اين بتاريخ 22 /3/2011 (لقد حشدت وعبئت الجماهير تحت شعارات دينية سافرة ، وهذا وحده كافى - بغض النظر عن كل ماذكرنا- ان يكون هذا الاستفتاء باطلا . واذا كان هذا الاستفتاء بهذه الطريقة هو بروفة لانتخابات مجلس الشعب القادمة بعد شهرين تليها مباشرة انتخابات رئيس الجمهورية ، فلنقل على الثورة السلام ... !! ) واذا كان الاستفتاء باطلا لهذا السبب الذى ذكرته فان الانتخابات ايضا باطله لهذا السبب .
ــ ان يكتفوا بوجودهم فى مجلس الشعب ولايرشحون رئيسا للجمهورية من جماعتهم حيث يفضل الجيش ان يكون رئيس الجمهورية مدنى ، فالواقع يقول انه مهما تم اختراق افراد القوات المسلحة بحالة التدين لانهم جزء من المجتمع الذى تم اختراقة ، فان قيادات الجيش لن تقبل بحال من الاحوال ان يكون رئيس الجمهورية من رجال الدين ، يكفى انها ستوافق ان يكون رئيسا مدنيا من خارج المؤسسة العسكرية . ولهذا نرى التأكيد الدائم لحزب الحرية والعدالة بأنهم لن يرشحوا رئيسا للجمهورية ، وان كان القيادى الاخوانى البارز عبد المنعم ابو الفتوح قام بترشيح نفسة وقامت الجماعه بفصله منها ، ولكنه قال ردا على ذلك : عندما ارشح نفسى لن يملك المرشد الا ان ينتخبنى ، وهذه حقيقه منطقية جدا
ـــ ان يحتفظ الجيش بنفس مميزاته فى النظام القديم ويزيد عليها انه حامى الدولة المدنية والنظام الديمقراطى المدنى فى مصر ( على غرار النموذج التركى مع اختلاف الدولة المدنية فى الدستور المصرى عن الدولة العلمانية فى الدستور التركى )
اما ثوار التحرير فانها هوجة وسوف تنتهى قريبا وتقل اعداد المتظاهرين يوما بعد الآخر . فالشعب المصرى قلما يثور وان ثار فلعدة ايام .. وبعد انسحاب الاخوان من الملونيات لن تكون ذات تاثير .. وكل شى تمام ياافندم . وينام المجلس العسكرى نوما هادئا ويصحو ليجد مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثه
خطأ العسكريين انهم لايفرقون بين الحكم المدنى باطيافه المتعددة والموائمة بينهم وبين الاوامر العسكرية التى يصدرونها فى معسكراتهم ويتم تنفيذها على الفور دون اى اعتراض .
ولكن المليونيات خرجت من اجل محاكمة الرئيس السابق وشارك فيها شباب الاخوان ، وخرجت من اجل محاكمة رموز الفساد فى عهده ، فاضطر المجلس العسكرى تحت ضغط الثوار الى مايعرفه الجميع ولاداعى لتكراره .
ولكن خطيئة المجلس العسكرى انه لم يشكل على الفور لجنه لوضع الدستور من كافة اطياف المجتمع المصرى ، فاذا ما تم ذلك مبكرا وفى خضم الفرحة الغامرة للشعب بانتصار الثورة والتوافق بين مطالب الثوار على مدنية الدولة وقبل تكوين الاحزاب وتنظيم صفوف الاخوان والسلفيين وحشد الجماهير ورائهم وتعبئتهم بالشعارات الدينية التى صنفت الشعب المصرى الى اسلاميين ( اهل الدين ) وليبراليين ( كفار ) ، ولكن تطبيقا لبنود الاتفاق بين المجلس وجماعة الاخوان تمت التعديلات الدستورية فى اللجنة المشئومة برئاسة المستشار البشرى وعضوية الصول صبحى صالح ليكون مجلس الشعب اولا ومن مجلس الشعب يتم صياغة الدستور لانهم يعلمون ان الغالبية فى صالحهم ، وعندما اراد المجلس العسكرى ان يحقق باقى الاتفاقية بوضع مبادئ فوق دستورية تضمن مدنية الدولة لم يوفى الاخوان ولا السلفيين بوعودهم وخرجوا فى مليونية يوم 9 مايو ورفع السلفيين الوهابيين منهم اعلام مملكة بن سعود فى ميدان التحرير .... وسقطت المبادئ فوق الدستورية ، وعندما اعاد الكره مرة اخرى بوثيقة السلمى وزاد عليها هذه المره وضعا خاصا لللقوات المسلحة فى الدستور بأن لايناقش مجلس الشعب ميزانيتهم ، ولا يتخذ قرار حرب من رئيس الدولة الا بموافقة المجلس العسكرى ، ولكن الاخوان والسلفيين لم يردوا الجميل او لنقل لم ينفذوا الاتفاق وكانت المظاهرة الحاشدة يوم 18 نوفمبر وللاسف شارك فيها الليبرالييون ودعاة الدولة المدنية ، وان كانت مشاركتهم اعتراضا على الوضع الخاص للقوات المسلحة . وانتهت وثيقة السلمى ...
حقق التيار الدينى مااراد فليس لهم عهد ولا امان ، وباعوا للمجلس العسكرى الترام . ومازال الصراع مفتوح كرا وفرا بين المعسكرين
وان كان لكل ظاهرة سلبياتها وايجابياتها ، فانه ظاهرة صعود الاسلاميين اسعدتنى ولم تكن ابدا مفاجأة ، وسبق ان كتبت فى مقال : الى المجلس العسكرى المشار اليه سابقا (ستسفر انتخابات مجلس الشعب القادمة على ثلث المقاعد لحزب الحرية والعداله للاخوان المسلمين ( وبدون لف او دوران فهو حزب جماعة الاخوان المسلمين ..) وسيحصل السلفيين على حوالى 20 % من المقاعد لحزبهم المسمى حزب النور ) ، لاننى اعيش الواقع المصرى واعرف مدى وجودهم وتاثيرهم فى الشارع ، ولكنى سعيد لانهم ظهروا على حقيقتهم الرجعية ( وخصوصا السلفيين ) وتصريحاتهم افزعت المواطن المصرى البسيط ، وسعيد بالنسبة التى حصلت عليها الكتله المصرية والتى على رأسها حزب المصريين الاحرار ( الذى اعتقد انه سيكون حزب المستقبل ، وان كان نظرا لظروف انتخابية فى مجتمع مجيش دينيا يقول : لا لالغاء المادة الثانية من الدستور ) ، وسعيد اكثر لانه اذا كان التيار الدينى الذى حصل على حوالى 60% من الاصوات وصم كل مخالفيه بالليبراليين الكفره ، فأصبحت الليبرالية تتردد يوميا فى وسائل الاعلام المقروءة والمسموعه مما سيصب بالنسبة الباقية ( 40 % من الاصوات ) فى خانه الليبراليين ، وسعيد اخيرا حتى يرى الناخب المصرى الذى اعطى اصواته لتيار الدينى ماذا سيفعلون فى مشاكل مصر المتراكمة عبر السنين ، ليدفعوا ثمن اختياراتهم ويعرفوا ان الدين لن يقدم لهم اى حلول لهذه المشاكل .
ولكنى فى النهاية اقول ، واذا كان هناك مزيد من العمر سوف اذكر قرائى بهذا القول بعد عدة سنوات : ان الشعب المصرى منذ بداية التاريخ اعتاد على المرح والرقص والغناء والاحتفالات التى املته عليه طبيعته كشعب زراعى يغنى وهو يزرع ويغنى عند الحصاد ويقيم الاحتفالات بعد جنى المحصول ليس من السهل عليه ان يعيش حياة التجهم والاكفهرار الذى يريدة الوهابيين ، وربما يكون الاخوان المسلمين اكثر وعيا بطبيعة الشعب وبطبيعة علاقات مصر الدولية فيضطروا الى التنازل عن بعض شعاراتهم ويتجهوا الى دولة مدنية توافقية ، وربما يتحالفوا مع الكتلة المصرية فى البرلمان ، ولن يدخلوا فى صراع مكشوف مع المجلس العسكرى ويسلمون له ببعض المطالب ، ولكن السلفيين سيكونوا لهم بالمرصاد ، وسيشهد مجلس الشعب القادم خلافات فقهية بين الاخوان والسلفيين دون النظر الى مشاكل مصر الحقيقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض