الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مايوهات اليسار وعمائم الاخوان

دانا جلال

2011 / 12 / 13
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


لجأ الانسان البدائي الى "الرموز" و"الطقوس الايحائية" بغرض التحكم بنشاطه الاجتماعي، رسم صورة الطريدة لقتل روحها قبل عمليات الصيد كجزء من نشاط غائي كان يهدف من خلال الاستعارة للتحكم بالحدث ومجرياته.
تمزيق صورة العدو ( الطريدة) كفعل اسطوري تطور لاحقا ليتَّخذ طُرقاً واشكالا مبتذلة في العمل السياسي من قبل "جهاز الدولة" المُعَّبِر عن مصالح الطبقة بصيغ ومفردات سياسية. فالسلطة وبدلا من اقتناص الطريدة وسيلة للتحكم، تلجا راهناً الى "المكياج السياسي"، اي اقتباس صورة المُستهدف بغرض اشاعة المُختَّلف عن جوهره الطبقي والسياسي من جهة، وتفكيك الاخر داخليا وإعارته جزء من خطابها المُتَّخلف من جهة اخرى.
النموذج الاقرب لعمليات المكياج السياسي المبتذل تتمثل بالجمهوريات الموروثة التي اعلنت حملات ايمانية وتَّبنى حكامها النسل القريشي وتفرعاتهم من البيت المحمدي، كما فعل قبلهم ملوك الاردن والسعودية والمغرب.
قواعد لعبة " المكياج السياسي" شمله التغيير مع موجة التغيرات في منطقتنا، فبعد ان كان " الخطاب الاسلامي" مكياجا، فانه الان مُرَّشح للحكم من المحيط الى الخليج بعد زحف البداوة السياسية ليصبح مكياج الامس بحاجة الى مكياج، مكياج "ديمقراطي"، ورتوش "علمانية"، لطمأنه "الداخل" و"الخارج" من جهة، والاجهاز على اليسار الكلاسيكي وجعله افيونا مُضافا للأفيون الديني من جهة اخرى .
الاسلام السياسي ومكياجه يحاول تزيف الوعي الجمعي من خلال ادخال بعض القوى والاحزاب الديمقراطية واليسارية والليبرالية التقليدية في حكوماتها، التشويه لم يتوقف عند الاحزاب، بل وشمل بعض رموز الفكر والثقافة العربية ( د. برهان غليون نموذجا) ، فالمثقف العضوي صار عند البعض حديث ثوري ضمن حلقات اليسار، وعمل سياسي مع الاخوان المدعومين من قبل انقرة التي تمثل اجندة راس المال المالي والعسكري في منطقتنا.
نعيش مفارقة تاريخية وتغيرا بين طرفي معادلة "السلطة" و"المكياج السياسي"، مفارقة تفسرها رغبة عبد الإله بن كيران (العدالة والتنمية المغربي) بتشكيل الحكومة مع حزبي "الاستقلال" و "الحركة الشعبية" و"حزب التقدم والاشتراكية" ، واصرار الغنوشى «النهضة التونسي» بتشكيل الحكومة مع "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية"، و "التكتل من أجل العمل والحريات"، وموافقة اخوان سوريا وانقرة بضم الاكاديمي الدكتور برهان غليون للمجلس الوطني السوري المتحالف مع الجيش السوري الحر الذي جُمِد حسابه البنكي من قبل حكومة انقرة لإرغامه على الانصياع إلى تعليمات "جماعة الإخوان المسلمين السورية" التي تهيمن على تركيبة المجلس الوطني السوري المعارض والمدعوم من تركيا (صحيفة القدس) .
العلاقة بين المعارضة الاسلامية وسلطتها مع ادوات المكياج السياسي ونتيجة لميزان القوى هي لصالح القوى الدينية، بل ولها القدرة على فرض خطابها حتى على مفكرين بحجم د. برهان غليون ومجلسه الذي اتهم الحركة الكوردية في تركيا بانها ارهابية ووصفه لكورد سوريا بالمهاجرين وتشبيههم بالمغاربة المهاجرين الى فرنسا.
ان مد البداوة السياسية بموج خطاب الاسلام السياسي سيطيح بكثر من الرموز الفكرية والسياسية، وما رسالة (1) باحث بوزن عفيف الاخضر لرئيس وزراء تركيا والمُعَّرف كوردياً ب ( اردوغان كيماوي ) الا نموذج لمرحلة هزيمة اليسار الكلاسيكي ورموزه الذين يراهنون على تغيير خطاب الاسلام السياسي وجعله معتدلا. وجل اعتدالهم هو ما صرح به احد سلفيي مصر الشيخ محمد عبدالمقصود ( أن الليبراليين فصيل إسلامي في المجتمع المصري مثل السلفيين والإخوان، وينبغي على الناس فهم ذلك جيدا. و إن السلفيين لن يغلقوا البنوك والشواطئ ولن يفرضوا الحجاب، وأن ارتداء مايوهات شرعية تحركها رغبة الناس فقط). ان تغيرا سيحدث في خطاب الاسلام السياسي بعد استلامهم للسلطة وسيتراجع السلفي الدكتور عادل عزازى عن حديثه ( ترك الحكم للشعب أو ما يعرف بالديمقراطية بأنه كفر بالله)، التغير لن يخرج عن خيمة الاسلام السياسي ودعوة الداعية حازم شومان حينما دعا للشباب المصري، "ربنا يجوزكم يا شباب مثنى وثلاث ورباع ويجوز أخواتنا ويقعدن في البيت وننهى فتنة النساء".
هل تنفع سلطة الاخوان ومشتقاتها مكياج اليسار التقليدي ورموزه للاستمرار بتزييف الوعي كخطوة لابد منها لإشاعة فكر و سلطة التحريم والتكفير ؟. قال الواقدي‏:‏ حدثني أسامة بن يزيد، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه قال‏:‏ بينا أنا أنظر إلى عثمان على عصا النبي صلى الله عليه وسلم التي يخطب عليها وأبو بكر وعمر، فقال له‏:‏ جهجاه، قم يا نعثل فانزل عن هذا المنبر، وأخذ العصا فكسرها على ركبته اليمنى فدخلت شظية منها فيها فبقى الجرح حتى أصابته الأكلة، فرأيتها تدود، فنزل عثمان وحملوه، وأمر بالعصا فشدوها، فكانت مضببة، فما خرج بعد ذلك اليوم إلا خرجة أو خرجتين حتى حصر فقتل‏.
لم يردع عصا "محمد بن عبد الله" رمزا حمله عثمان لإيقاف الثورة وردع الثوار، فهل ينفع مكياج سياسي حداثوي لتجميل صورة الاخوان؟
رسالة الاستاذ عفيف الاخضر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا