الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرعنة الاستبداد ..وفقه السلطة..

جمال الهنداوي

2011 / 12 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن الباحث في التاريخ السياسي العربي لن يجد صعوبة في اكتشاف حرص الانظمة الحاكمة عبر العصور على تأسيس نظام فقهي رديف يتصدى لمهمة تأويل وتزييف الوعي الديني بما يسند ويدعم موقع الحاكم ويتسامى به الى مستوى النقاء الألهي المؤيد بالسماء. وكنتيجة للتراكمية التحريفية للدين اكتسب الحاكم قداسة تماهي القداسة المسبغة على النبي ..من خلال الترويج لرسالية التكليف الالهي الملهم للسلطان والدأب الملح في اختلاق كل ما يواكب الحكم من احاديث او تفاسير بدون رادع ولا حياء..
حيث يتجدد سعي الفقهاء والمحدثين –وباستمرار - بانتقاء شذرات وأحاديث من تجربة الرسول محمد"صلى الله عليه واله وسلم" في ادارة دفة الحكم وبعض الممارسات السياسية في بواكير الدولة الاسلامية الوليدة وتركيبها على منصب الخلافة التاريخية ومن ثم على كل من يتصدى للحكم حتى في العصر الحديث، بالرغم من ابتعاد الغالب الاعظم –القريب من الكلية المطلقة - من الحكام عن احكام ومتطلبات الشريعة الإسلامية،حتى في امور المعاملات والمعلوم بالضرورة من الحلال والحرام أو تميزهم بالاستيلاء على السلطة بطرق ملتوية وغير شرعية، وبناء مجمل المنظومة الفقهية على الحديث الذي رواه البخاري عن أبى هريرة عن النبي "صلى الله عليه واله وسلم" :أنه قال: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني).
فبالاستعانة بمحترفي العاب الخفة الفقهية والضالعون بالتقافز ما بين الايات والاحاديث الشريفة والتوسع في النص من المقدس امتدادا حتى التاريخي يتم العمل –وبلا كلل – على تثبيت الهوية الثقافية او المعتقدية المراد ترويجها كصفة مميزة لهذا العصر.. والتي ليس من العسير التوصل الى ان هذه المتسيدات غالبا ما تكون خيارات النخبة الحاكمة ومتطلبات استمراريتها في الحكم اكثر من كونها خيارات شعبية حرة وان كل الغرض منها هو تمرير المنظومة الفقهية الساندة لعمليات شرعنة الاستبداد والتسلط ومشروع التشبث بالموروث الديني والتاريخي لغرض التأبد على سدة الحكم.
ولقد تبوأ هذا النظام الفقهي دوره الاهم في التحالف الديني والسياسي من خلال ممارسة القمع والارهاب الفكري لكافة حركات التحرر والانعتاق على ظلم الحاكم الجائر.. وعن طريق تخليق التباسات مقصودة ومغلوطة حول قضايا التوعية والتنوير.. وتشكيل تيار ممانعة للضرورة الحتمية لإعمال العقل والمنطق في المقاربات الفكرية للمعضلات الاجتماعية التي تهم الفرد والجماعة.. وعن طريق تشويه الغايات والدوافع الحقيقية لهذه الحركات واصمة اياها بالمروق والكفروالزندقة والشعوبية مبررة وفاسحة المجال امام التنظيمات التكفيرية المتشددة المتمتعة والمستندة على الدعم السياسي الرسمي العربي لانتاج وتعميم ثقافة التناحر والتقاتل المذهبي والطائفي عبر اعلاء فلسفة الكراهية والاقصاء والتهميش اعتمادا ً على التراث المزيف الذي اضفيت عليه قسرا وتدليسا صفة المقدس والمعلوم من الدين بالضرورة الواجب الاتباع تحت طائلة الخروج من الملة..
ونحن هنا..مع الاعتراف بصعوبة تجاوز تراكمات التسييس المنظم للنصوص الدينية لاكتساب هذه المنظومة للرسوخ التاريخي المتقادم ..فان الواجب الاخلاقي يحتم على كل القوى المحبة للخير وللانسانية العمل على تغليب مبدأ التعايش والتحاور وتقبل الاخر ..والعمل على اعلاء واحترام الجانب الانساني في الاديان واحترام الخيارات الفلسفية السلمية للانسان..تحت قدسية حق الاعتقاد..والعمل على تعميم استيعاب انساني شامل لمباديء الحرية والديمقراطية وضمان حق الرأي والمواطنة ..ومناهضة العدائية المنظمة لمبادىء حقوق الانسان من خلال تطوير اليات عمل منظمات المجتمع المدني..والتأكيد على اولية الجانب الانساني للمجتمع على الجانب الديني ..وعندها لن يكون مهما من ينتصر في الجدال الازلي لتحديد هوية وملامح الفرقة الناجية يوم القيامة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية