الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحداث زاخو بأقليم كردستان...قراءة مغايرة

هفال زاخويي

2011 / 12 / 14
القضية الكردية


شهدت مدينة زاخو بأقليم كردستان يوم الجمعة 2 كانون الأول 2011 أحداثاً مؤسفة بعد صلاة الجمعة ، إذ خرج بعض الشباب من أحد الجوامع تدفعهم على ما يبدو ظاهراً الحماسة الدينية وبعض التقاليد الإجتماعية ليكتسحوا الشوارع ويهاجموا محلات (المساج ) الصينية ومن ثم التحق بهم عدد كبير من الشباب ليهاجموا المرافق والنوادي السياحية وكذلك محلات بيع المشروبات الروحية في المدينة ، وكان يوماً القى بظلاله القاتمة على نفوس أهل المدينة ... خصوصاً منهم أؤلئك الذين ينتمون لزاخو القديمة وتقاليدها المدنية الجميلة .
الثقافة التي تسببت في هذه الحوادث هي ثقافة طارئة على المجتمع الكردستاني برمته ، فلم تكن محلات بيع الخمور في العقود السابقة هدفاً للجمهور ، كما أعتقد جازماً ان الظاهرة الدينية التي بدأت تنشط في الآونة الأخيرة في المنطقة برمتها لم تكن سبباً رئيسياً في ما حدث بقدر ما تقف وراء ذلك ومن أهمها :
- تعثر المشروع الإصلاحي الذي دعا اليه السيد رئيس الأقليم منذ ما يقارب الستة اشهر لحد الآن على أقل تقدير(مسألة الوقت) وعدم ظهور بوادر على تقدم هذا المشروع.
- التباين الطبقي في المجتمع الكردستاني بسبب ظهور (طبقة جديدة) من المنتفعين والتجارالجدد في ظل غياب عنصر العدالة الإجتماعية و تصاعد الحديث الرسمي عن العدالة (أحزاب السلطة الحاكمة) والتي هي بالأساس (عدالة موجهة) مقاساتها حكومية حزبية غير عادلة في وقت ما زالت الدعوات الى الإصلاح مجرد حبر على ورق ، وأقصد الإصلاح الجذري في شتى مجالات الحياة .
- غياب البرامج الترفيهية لشريحة الشباب وحالة الحرمان التي تعانيها والعوز مقابل التطلعات الكبيرة والطموحات غير المحدودة لها .
- اتساع الفجوة بين جيلين لا يفهمان على بعض ، جيل ما زال يتحدث بأسم الثورة والزعامة والقيادة الضرورة (في ظل تناقض شديد بين القيم والمباديء وبين ما يحدث على أرض الواقع من فساد إداري ومالي)، وجيل لايفهم ولا يعرف ولا يؤمن أصلاً بتلك المقولات القديمة ولا يأبه بها .
- كما لايمكن اقصاء العامل الخارجي وتقاطع المصالح الأقليمية لإحداث هزة في التجربة الكردية التي تجاوزت العقدين من الزمن ، خصوصاً ان رياح التغيير في المنطقة بدأت تلقي بظلالها على كل شيء ، فاستقبال رئيس الاقليم لوفد كردي سوري معارض ازعج حكام دمشق واجهزتها الأمنية وكذلك أزعج أنقرة رغم الدعم التركي الظاهري لمنتفضي سوريا ، وبالضرورة أزعج طهران.
- استمرار أزمة الثقة بين الأحزاب الحاكمة في الأقليم وبين أحزاب ومجاميع المعارضة والتي مع الأسف تسعى هي الأخرى للقفز من فوق تطلعات الجمهور وخصوصاً الشباب الكرد ومن ثم استلام السلطة ، فلا اعتقد ان برامجها الحقيقية تتخطى أحلام استلام السلطة فحسب .
- تصاعد المد الاسلاموي في المنطقة برمتها ، وصعود مفهوم ومستساغ للإسلام السياسي الى دفة الحكم في مصر والمغرب وتونس وحتى ليبيا ولا يستبعد أن تكون سوريا أيضاً في الطريق الى ذلك...واقليم كردستان طبعاً ليس استثناءً من القاعدة.
ان هذه الأمور اضافة الى جملة اسباب أخرى أقل اهمية تظافرت لتؤدي الى وقوع ما حدث في زاخو وغيرها من المدن في غضون ليلة واحدة ، لكن ما هو مفجع وخاطيء ومثير للجدل ان الخطأ جاء ليعالج الخطأ ، فقد تبع حرق محلات بيع الخمور حرق لمقرات الإتحاد الإسلامي الكردستاني (الأخوان المسلمين ) وتعاطف الحزب الاسلامي العراقي معه خصوصا من خلال الخطاب الإعلامي ( قناة بغداد الفضائية)، ومن ثم حصر رئيس الأقليم المشكلة في كونها تستهدف شريحتين غير مسلمتين هما المسيحية والإيزدية ، وهذا بحد ذاته شيء بعيد الى حد ما عن الواقعية (مع احترامي الشديد لرأي رئيس الأقليم) ، فالذي حدث لم يكن الهدف منه الإعتداء على المسيحيين والإيزديين بقدر ما كان برنامجاً يهدف الى فلتان الأوضاع ... تلك الأحداث المؤسفة أحدثت بعض الألم من خلال جروح طفيفة أصابت الأقليم ، وأدت الى ان يرفع البعض أنخابهم فرحين بما حدث في الأقليم خصوصاً من دول الجوار وبعض الحالمين بإجهاض التجربة الكردية التي هي تجربة شعب وليست تجربة قيادة محددة ، تجربة مجتمع وليست تجربة زعيم أو قائد ضرورة بحد ذاته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كفو عن التحليل وقولوا الحقيقة
فواز كنعو ( 2011 / 12 / 14 - 14:20 )
يحكى انه في قديم الزمان الذي كانت تتم فيه السرقات فتسمى تفخيما غزو وهذا استعارة عن الاحباء البدو ان بدويين كانا في طريقهم الى السرقة وكانا في النهار يختبئان وفي الليل يقومان بالسرقة وفجأة لحظ احدهما اثار وحش فقال لزميله هذه اثارسبع فرد عليه زميله الذي كان سباقا في الملاحظة فقال له هذا السبع هناك بالقرب منا
لا يستطيع اي رجل دين اسلامي مهما علت مكانته ان يحرض على الاقليات دون أمر ولي الامر وخاصة المسيحيين والازيديين والدليل انه في السليمانية ايضا كان هناك حدث مشابه المشكلة ان المسيحيين لم يفهموا الامر للان عليهم الرحيل والا سيرحلوا الى المثوى الاخير لانه غير مرغوب بهم في الشرق


2 - ولكن لا احد ينكر التعصب الجديد
نبيل محمد ( 2011 / 12 / 14 - 16:37 )
احترامي الكبير الى السيد الكاتب .ولكن هل تعفي التعصب الديني الجديدوموجة التكفير التي تمارسها كل التيارات المتشددة .انك وبعنوان مقالتك التي حاولت فيها ان تكون مغايرا بالرأي فيما يحدث,لا تستطيع ان تخفي حقيقة كارثية ,هي ان المتعصبين لا يتوانوا عن فعل كل شيئ ,لانهم ووبساطة ينقادوو ن خلف من يوجههم ويزرع بذرة الحقد والدماروالقتل في وعيهم الساذج والبسيط,اذن علينا حين نريد معالجة الامر ,اولا وأخيرا ردع المسؤليين والموجهينوالمحرضين على مثل هذه الاعمال ,والا سنجد كردستان الرائعة تصاب بعدوى التعصب والقتل والموت المجاني ,وهي البعيدة عن افعال كهذه ويضرب بها المثل بالتسامح والمحبة والوئام بين كل فئاتها.شكرا لك


3 - السيد هفال المحترم ...
متابع ( 2011 / 12 / 14 - 19:07 )
...وراء الاكمة ما وراءها !!


4 - شكراً
هفال زاخويي ( 2011 / 12 / 14 - 21:00 )
احترامي الشديد لجميع الأخوة الذين كتبوا تعليقاتهم ويدلون بتعليقاتهم التي تثري الموضوع ...شكرا للجميع


5 - حكم العوائل
شاخوان محمود ( 2011 / 12 / 14 - 21:33 )
حكم العوائل المتحالف مع النفعية والمطبلين والمزمرين هو من يهدد تجربة الاقليم.هل يعقل ان العوائل تؤمن بالديمقراطية وهي في دفة الحكم اكثر من عشرين سنة وصممت الدستور على مقاسها


6 - تحليل هادئ ومقنع ....والمطلوب
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 12 / 15 - 02:11 )
لو عندكم الوقت يمكنكم الاطلاع من خلال اليوتيوب على الكم الهائل من خطب -النارية- في التكفير ونشر الكراهية والتحريض على ما يسمى ب-الجهاد- من قبل-الجهلة- ملالي وشيوخ الكرد ومن على منابر جوامع المدن في اقليم كوردستان، ولا وجود بالمقابيل اية برامج عملية اجتماعية او علمية او غيرها لشريحة الشباب التي تجد نفسها في احد المساجد ليستغلها رجال الدين واستخدامها اداة للوصول الى سدة الحكم. -الاسلام السياسي-مستغليين -الشيوخ- الكم الهائل من المتنتقضات الاجتماعية التي استجدتها الظروف الاقتصادية والسياسية في المنطقة
تحليل هادي ومنطقي ومقنع الى حد كبير لما حصلت في زاخو وكوردستان وما ستحصل مستقبلا
شريحة الشباب تتاثر جدا لما تحصل في المنطقة وعلى الجهات العليا مواكبة الاحدات قراءةتها بتمعن وبمسئولية والبحث عن البدائل المقنعة التي تجد الجميع فيها حاجاتهم وتحقق لهم ما يريدون والا القادم اشر واكثر خسارة من التي وقعت في الاقليم خلال هذه السنة من احداث. سلمت قلمكم النير في الحوار المتنور


7 - المجتمع المدني
راستي البدراني ( 2011 / 12 / 15 - 06:12 )
اخي هفال ,هل يعقل وبعد مرور اكثر من (20) سنة على التجربة للحكم في اقليم كوردستان, لم يستطيع جميع منطمات المجتمع المدني والتي تعمل في الاقليم وتصرف عليها وعلى احتفلاتها وعزائمها ومكرماتها ملاين الدنانير والدولارات , لم تستطيع ان تؤثر على ثقافة وعقلية هذا الجيل , في الوقت الذي قام ( ملا) امي, متخلف, متعفن الدماغ بعد صلات الجمعة , ان يشحن كل هؤلاء الغوغائيين, بالقيام بهذا العمل الاجرامي والمشين ؟؟؟؟؟

اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية