الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصريون.... أي نوعاَ من البشر أنتم ؟ 2

سامى غطاس

2011 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عادت بي الذاكرة الى نهاية السبعينات عندما كنت طالباً بالإعدادية ,وقتها كنا مجموعة من أصدقاء المدرسة والحي نجلس على ناصية شارعنا بحي الزيتون بالقاهرة لساعات الصباح المٌتأخِرة نتناقش فى أوضاع مصر وبالأخص السياسية منها , وأتذكر جيداَ و رغم صغر سننا نوعاً ما وإختلاف الفِكر ,إلا إننا إتفقنا جميعاً فى نقطة معينة و هى إن حِكم العسكر لمصر لم ولن يجلب لها سوى الخراب .

الأن و بعد أكثر من ثلاثون عاماً منهم مايناهز الربع قرن خارج مصر ومن خلال إهتمامى و متابعتى للشأن المصرى - والذى لم ينطفئ وميضه ثانية واحدة - مازلت أؤمن بأن سيطرة العسكر منذ منتصف الخمسينات والى هذه اللحظة على دفة الأمور لمصر خنق أي فرصة ممكنة للنهوض بهذا البلد.

كنت فى أشد الحزن عندما أشاهد فى التلفزيون الفاسد و لا أقول المصرى , كنت أشاهد خروج الملايين فى الشوارع للهتاف بعد مباراة كرة قدم وأعطاء الإنطباع إن مصر بفوزها فى هذه المباراة قد حققت المٌعجزة و حلت معظم مشاكلها . ......
و أعود و أشاهد نفس الوجوه تخرج للشوارع بالآف مزمجرة و متوعِدة بكل الوعيد والإسفاف و ذلك للزعم بإن إحدى نساء الأقباط قد إعتنقت دين خير أمة أخرجت للناس ...... ياللحسرة .

كنت أتساءل لماذا لا تخرج تلك الملايين للثورة على الظِلم والعبودية و الفساد الذي أصبح ينخر فى عظام الجسد المصرى ؟. و إستمر تسائٌلى لا يبرح مكانه لسنوات طويلة ومِملة الى الدرجة التى وصلت بى الحالة بفقد الأمل والكٌفر بكل ماهو مصرى و تذكرت المقولة الخالدة للزعيم سعد زغلول ... مفيش فايدة .....
وفى إحدى اليالى الباردة من ليالى الشتاء الهولندى أيقظتنى إبنتى ذو الثانية عشر لتخبرنى إن أخبار عن مصر تتصدر نشرة أخبار القنوات الهولندية وأكاد لا أصدق عينى و أحاول إقناع نفسى بإنها حقيقة و ليست ضغائث أحلام , شاهدت شباب مصر بصدورهم العارية وهم فى مواجهة القوة الغاشمة لجبروت قوات أمن المخلوع مبارك فى ميدان التحرير .
فى هذة اللحظة أصابتنى حالة من الهوس عبارة عن مزيج من الفرح و البكاء لم أمٌر بها من قبل ,حالة لم أستطع تفسيرها لمن حولى من اهل بيتى أو من الهولندين الذين أتعامل معهم . أعلم إن البكاء قد يكون مصاحب للفرح كما فى حالة النجاح مثلاً , ولكن حالة الهوس تلك كانت مٌ
غلفة أيضاً بنوع من الإعتزار بداخلى لهولاء الشباب الذين كنت أحنق عليهم لسنين عديدة فهٌم الأن و الأن فقط أثبتوا لي إنى لم أكن محقاَ فى إساءة الظن بهم .

فى تلك الأيام تولد لدي الشعور بأن الأنظار كلها تتجة نحوى, ولما لا و أنا المصرى إبن تلك البلد الذى تتجه أنظار العالم كله لتشاهد الملحمة التى يسطرها شبابه بسطور من نار فى سجل التاريخ , وإذ بى و بدون سابق إخطار وجدت نفسى ضيفاً على العديد من الجرائد و محطات التلفاز المحلية للحديث عن هذا العمل الخارق الذى يقوم به أبناء أرض الكنانة و كيف إنه سيكون الشرارة التى تندلع فى كل الوطن العربى الواقع تحت نير الظلم و الإستبداد .

لكن و بكل أسف لم تدٌم الفرحة الغامِرة تلك التى إنتابتى سوى إسبوعين على الأكثر وذلك لوجود شواهد كافية حينها بإن تلك الثورة سيتم وأدها ولن تستمر أو على الأقل ستأخذ الطريق الخاطئ , وكانت أهم تلك الشواهد ما أطلق عليه بالمليونية التى كانت تقام فقط أيام الجٌمع و أتخذت شكلاً دينياً إسلامياً وعلى نمط السجود فى مباريات كرة القدم المٌثير للشفقة ,بل تم إستجلاب أصحاب الفِكر المتطرف من أمثال القرضاوي و محمد حسان و أصبح هؤلاء الإرهابيين فكرياَ بقدرة قادر هم زعماء الثورة, وخرج علينا قتلة و مجرمون من عينة عبود الزٌمر وأصبحوا المثال الذى نحتذى بهم مة أخرى ....ياللحسرة.

إرتكب شبب الثوره خطاً قاتلاً بقبولهم تولى الجيش لزمام الأمور و وهو خطاً ما كانوا أن يقعوا فيه لإن العالِم ببواطن الأمور يعرف تماما ن المؤسسة العسكرية هى أحد أكبر بؤر الفساد فى مصر ومعلوم للقاصى و الدانى إنتشار كبار قادة هذه المؤسسة كالسرطان فى مختلف المشاريع الإقتصادية , كذلك و إتقاءاً لشرهم حصلوا على مميزات خرافية من المستحيل بمكان أن يتخلوا عنها و إن تم إبادة الشعب كله.

دخول الإخوان و السلفيين على الخط كان من أهم الشواهد التى أعطت الإنطباع بإن الثورة إنتهت قبل أن تبدأ فهؤلاء الإنتهازين يعلمون تماما إن المصريين فى حاجة الى رغيف الخبز والى الحياة الكريمة أكثر من حاجتهم لأن يتم الحٌكم بشرع الله و لا أعلم لماذ الله فى فكرهم ضعيف لهذه الدرجة بحيث لا يستطيع إن أن يفرض أحكامة على البشر بدل من أحتياجه لهؤلاء الرعاع و إستخدامهم كعصا غليظة يرهبون بها عباده الغلابة... الله الذى نعرفه حاشا له أن يكون كذلك .

الطامة الكبرى كانت مهزلة الإنتخابات التى تجرى الأن و يشارك بها من غرر بهم من أبناء هذا الشعب المغلوب - بإرادته - على أمره , شعب يعلم تماما إن هذا المجلس المٌسمى زوراً بمجلس الشعب لم يمارس أي دوراً فى الحياة السياسية منذ نشأته ولن يحدث ذلك مستقبلاٌ . مجلس لم يضم بين أعضاءه سوى النصابين و سماسرة المناقصات . مجلس يتكون معظمه من شلة من الجهله و الأميين حسب قاعدة إختياره الغبية أن يكن نصفه عى الأقل من العمال والفلاحيين .

أقولها و بكل حسرة على ما آلت اليه الأمور فى مصر الأن إن مصر لن ينصلح حالها إلا إذا بدأت الثورة مرة أخرى و تكون مطالبها وا ضحة و تتلخص فى الآتى
- المطالبة بعوده الجيش الى ثكناته فوراً
-إلغاء الإنتخابات الجارية الأن مهما ترتب عليها من نتائج ودود أفعال من الإنتهازيين وخاصة ذوى اللحة المتسخة منهم .
- إبعاد الدين وشيوخه تماما عن الشارع ووسائل الإعلام والإكتفاء بدورهم الروحى داخل أماكن العبادة
- محاولة تشكيل مجلس رئاسى مؤقت من عدد من الشخصيات المدنية المشهود لها بالكفاءة لتولى دفة الأمور .
- عدم المزايدة بالحديث عن أمريكا و أسرائيل فى الوقت الراهن
- العمل على كتابة دستور مدنى - بشرياً و ليس دينياً - ,و يحدد بكل دقة الصلاحيات المٌستقبلية لرئيس الجمهورية و القوات المسلحة المصرية حتى نتفادى ظهور فرعون أو فراعين أٌخر .

تلك المطالب عليكم الأن السعى للوصول اليها و عند إستقرار الأوضاع
بالتأكيد سنكون بحاجة لمطالب أخرى تنظيمية ومنها تعيين مجلس شعب من أساتذة الجامعات من كل التخصصات والعلماء كلاً فى تخصصه و مصر مليئة بهم . كذلك إلغاء منصب الرئيس و الإستعاضة عنه برئيس وزراء تنتهى مدته بفترة محددة أو تسحب منه الثقة بواسطة مجلس الشعب الحقيقى و و و و و...........

إذ لم يستطع أبناء مصر تحقيق ذلك فلن نستطع مصر التخلص من مقولة زعيمها سعد زغلول ..... مفيش فايدة ..
و سأظل أوجه لكم السؤال الإستنكارى

المصريون .....أي نوعاً من البشر أنتم ؟؟؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فعلا مفيش فايدة
رشا احمد ( 2011 / 12 / 19 - 06:47 )
يؤسفنى ان ابلغ حضرتك انه فعلا لا فائدة كما قالها سعد زغلول
حضرتك متخيل ان البشر فى مصر من الممكن ان يثورو ضد شيوخ الاسلام ونصابيه
لا تكن متفائلا لهذه الدرجة
ماتتحدث فيه لن يحدث باى حال . فما تم هنا هو غسيل مخ لاكثرية الشعب واصبحو لا يرون مخلصا ومنجيا سوى هؤلاء الافاقين مدعى التقية
دع الاحداث تسير فليس هناك سوى قوة العلم والمعرفة من لها التاثير الان فى مجريات الاحداث وهو ماتفتقده عقول معظم المصريين


2 - الكارثة واضحة منذ اليوم الأول
محمد بن عبد الله ( 2011 / 12 / 19 - 12:39 )
ستجد بعض الاخوة الأفاضل يكتبون عن شهامة المصري متناسين مارأيناه من تعامل المسلحين مع العزّل...ويكتبون عن عظمة الشعب وكأن من انتخب الظلاميين قوم أجانب...وسيكتبون ان جند مصر خير جنود الأرض (!!) و مبارك شعب مصر مقتطعين الآية من نصها الذي يقول بالعكس تماما

الغالبية العظمى للمصريين تحتاج لاعادة تأهيل لتصل إلى مستوى انسان القرن 21 فكرا وكرامة وأزيد وخلقا وشهامة...القول بغير ذلك دغدغة رخيصة للمشاعر وعظمة كاذبة

لذا فأنا أتفق مع تعليق الأستاذة رشا (رقم 1) ومقالات عميدنا الأستاذ محمد حسين يونس منذ انطلاق هوجة 25

لا مستقبل لمن لا عقل و لا شرف ولا كرامة له...البداية تكون بمحاربة عقائد التخلف ونشر التفكير العلمي والمنطقي وسنجني الثمار بعد جيل أو جيلين


3 - الكارثة واضحة منذ اليوم الأول
محمد بن عبد الله ( 2011 / 12 / 19 - 13:17 )
ستجد بعض الاخوة الأفاضل يكتبون عن شهامة المصري متناسين مارأيناه من تعامل المسلحين مع العزّل...ويكتبون عن عظمة الشعب وكأن من انتخب الظلاميين قوم أجانب...وسيكتبون ان جند مصر خير جنود الأرض (!!) و مبارك شعب مصر مقتطعين الآية من نصها الذي يقول بالعكس تماما

الغالبية العظمى للمصريين تحتاج لاعادة تأهيل لتصل إلى مستوى انسان القرن 21 فكرا وكرامة وأزيد وخلقا وشهامة...القول بغير ذلك دغدغة رخيصة للمشاعر وعظمة كاذبة

لذا فأنا أتفق مع تعليق الأستاذة رشا (رقم 1) ومقالات عميدنا الأستاذ محمد حسين يونس منذ انطلاق هوجة 25

لا مستقبل لمن لا عقل و لا شرف ولا كرامة له...البداية تكون بمحاربة عقائد التخلف ونشر التفكير العلمي والمنطقي وسنجني الثمار بعد جيل أو جيلين


4 - الاستاذ سامي المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 12 / 19 - 14:17 )
تحيه وتقدير
منذ ان بدات الجزيره بتفضيل عناصرها القرضاويه وتقديمهم على انهم شباب الثوره وان الثوره لا قياده لها لتصنع بعد ايام وباشراف احمد منصور وحسين عبد الغني قياده لشباب الثوره من الموشومين بالعار والتخلف
لقد خططوا بهدوء واتمموا الاستعدادات من ان تم تنحية حسين عبد الغني من مدير مكتب الجزيره واشرف على توزيع وتدريب شبابهم
الخوف على مصر ان ينطحن الشعب البسيط المغيب والغاب بالغيبيات بين جرائم الانور والا اخوان
تحيه لكم


5 - من تقصد بالرعاع
سلامة شومان ( 2011 / 12 / 21 - 02:17 )

و لا أعلم لماذ الله فى فكرهم ضعيف لهذه الدرجة بحيث لا يستطيع إن أن يفرض أحكامة على البشر بدل من أحتياجه لهؤلاء الرعاع و إستخدامهم كعصا غليظة يرهبون بها عباده الغلابة... الله الذى نعرفه حاشا له أن يكون كذلك .
------
بمن تقصد الرعاع المصريين الذين كنت تقف معهم وانت فى السبعينات ام الاخوان والسلفيين
هل هذه عنصرية ام عقيدتك الدينية ؟
ما الفرق بين العلمانى والشيوعى والرأس مالى والاشتراكى والاخوانى والسلفى
الكل له عقيدته سواء ان كانت نابعة من الدين او من السياسة المهم لكل منهم عقيدته
ونحن جربنا كل النظم الفاسدة فى بلادها واصبحت سابقة
واعتقد ان لكل عقيده سياسية محاسنها واخطائها ولكن الذى طغى علينا هو الاكثرية من الفساد
وانت نفسك ذكرت العيوب منذ السبعينات كما تقول والخمسينات وما قبلها باى شكل من الاشكال كانت تحكم ؟
وما بعد بداية القرن التاسع عشر
الاسلام حكم العالم 13 قرن وعلم العالم كله جميع العلوم وبدأ مخطط القضاء على ما يسمى بالاديان والاحتلال وقهر المسلمين لبعدهم عن دينهم وقيمهم فصرنا اذلاء للغرب الهمجى والفكر اللادينى


6 - جربوا اى انسان مصرى ولا تتعجلوا
سلامة شومان ( 2011 / 12 / 21 - 02:24 )
المهم نحن لم نجرب الاسلاميين من اخوان ولاسلفيين
اليسوا رجالا كما هم اصحاب المذاهب الاخرى
وهل السياسة لاتكون الا لمن لايؤمن بالله 0مع ان كل منهج الله خالق الكون هى السياسة ووضع قوانين وشرائع تفيد البشر
ما الداعى للخوف من الاخوان وغيرهم
واخيرا من هو الله الذى تتحدث عنه وتقول اليس قادر على فعل كذا وكذا 0نعم هو قادر ولكن الله جعل البشر خلفاء فى الارض واعطاهم عقول يفكروا بها وجعل لهم حرية الاختيار والعمل والجهد والا ماكان للانسان اى قيمة لو كان فعله كله الانتظار لما يفعله الله يعنى التواكل
قال تعالى (انى جاعل فى الارض خليفة ) (وقل اعملوا )
ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا اخباركم )
الذى خلق الموت والحاة 000ليه يارب 000ليبلوكم ايكم احسن عملا )
فالحياة ابتلاء لكل البشر
واعلم اننى مسلم مصرى ولا انتمى لاى حزب ولا افرق بين اى مصرى
فلنجرب الاخوان واى انسان مصرى يحب بلده
ولانتعجل النتائج
فالاسلام شرائعة الحقيقة كلها خير للبلاد والعباد
وان اخطأ مسلم وخالف تعاليم الاسلام فلا تلومون الاسلام دين الله الحق


7 - رد على الإخوة الأعزاء
سامى غطاس ( 2011 / 12 / 21 - 11:04 )
الإخوة الأحباء
رشا أحمد , محمد بن عبدالله , عبد الرضا حمد جاسم , سلامة شومان
جزيل شكرى لكم على مداخلتكم القيمة التى أتفق فى معظمها معكم , و الإختلاف فى الفكر مع الأستاذ سلامة شومان بالتأكيد لن يفسد للوِد قضية و إن كنت أتمنى منه عدم ترديد الكلام الذى طالما سمعناه نظرياً ووجدنا عكسه تماماً على أرض الواقع .
شكراً لكم مرة أخرى ولكم منى كل التقدير

اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت