الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطوا السيف على الحق ولم يسلطوا الحق على السيف

نبيل هلال هلال

2011 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قديما " أعطت قوانينُ الدولة الرومانية - ومن أشهرها قانون جاستنيان وتيدورسيان- رجالَ الدين في سنة 529 ميلادية حق تولي أمور السياسة , وأعطتهم صلاحيات منها حق الامتلاك , وحق الغفران ومحو الذنوب , وحق الوعظ الديني , وحق الامتياز في المجالس التشريعية والدينية , وقداسة رجال الدين " . وعُرفت هذه الفترة - عصر جاستنيان - بعصر اضطهاد رجال العلم والفكر وأغلقت فيها مدارس الفلسفة .
وللمشايخ أن يعلِّموا الناس الدين , لكن ذلك لا يمنحهم قدسية إلهية , وليس لهم أن يشاركوا في الإدارة السياسية , والدولة في الإسلام بهذا المعنى دولة مدنية لا سلطان فيها أو نفوذ لرجال الدين , فدورهم تعليمي فقط - لمن لا يعلََم - بلا أي سلطان أو نفوذ على عقول الناس وضمائرهم بدعوى اكتساب قدسية من الله الذي يمثلونه, أو بأنهم ورثة الأنبياء . فوسائل تعليم الناس دينهم متاحة الآن بوسائل لم تتح فيما سبق , ولم يعد التعليم الديني مقصورا على الكتاتيب والزوايا أو المعاهد التي لا تساير العصر , فالآن توافرت الكتب والإنترنت والفضائيات والأقراص المدمجة , حتى إنه يمكن الآن الحصول على شهادات علمية مرموقة عن طريق هذه الوسائل لمن يريد . ولم يعد من السهل خداع الناس أو فرض حصار عقلي ثقافي عليهم وفرض آراء محددة تكون وحدها هي الصواب الذي أقره المشايخ ودونه الضلال كما كان الأمر عليه في الماضي .
ومالم تُسند المسؤولية- كل المسؤولية -إلى الجماعة والمواطن الفرد ضمن الجماعة , في إدارة جماعية لشؤون حياته فلن يتحقق مراد الإسلام من الناس , وستقع السلطة في يد حاكم فرد يدير البلاد والعباد لمصلحته , ويتم عندئذ تسخير الكهنة رجال الدين لخدمة الفرعون والحرص على ألا ينكشف غطاؤه وتظهر سوأته . لذا يجب محاذرة السقوط في الهاوية والوقوع بين فَكَّيْ الأسد وبراثنه , ألا وهو إسناد سلطات سياسية أو إدارية إلى الكهنة , فهم إما يستأثرون بها لأنفسهم - كرجال الكنيسة في القرون الوسطى - أو يحركون خيوط الدُّمَى من وراء الستار لخدمة أنفسهم والفرعون في علاقة أزلية وحلف شيطاني يضمن بقاء الحبل في أعناق الناس والأحجار في أفواههم .
وعندما استبد الخلفاء بشرعيات دينية باطلة , وكانت مبررات هذه الشرعية المزيفة أساسية لدوام حكمهم , كان إظهارهم التمسك بالدين ضروريا لتأكيد هذه الشرعية . وضَرَبَ السلاطينُ أعناق المعارضين بدعوى مناهضة الزندقة والحفاظ على الملة . وقال فقهاء السلطان بإمامة السلطان للناس في الصلاة , ولم يقولوا بمنعه من نهب بيت المال , وأسرف الخلفاء في بناء المساجد الفخمة , تماما كما فعل المماليك الذين حكموا مصر والشام , فذلك كان مظهرا دينيا تعويضيا ليوازنوا بين واقعهم السيئ وتظاهرهم بالتدين. وكان من الحتمي أن تسير الأمور إلى بوار إذ ألقى الخليفةُ النبوي الحَبَّ إلى الفقهاء فلقطوا , وسلط السيف على الحق ولم يسلط الحق على السيف . نبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل