الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمي تريد إغلاق الفضائيات

ماهر فرغلي

2011 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ببساطتها المعهودة فكرت أمى التى تجاوزت السبعين، فى سبب المشكلة التى تمر بها مصر، وقالت التليفزيون هو السبب، وكانت تقصد بالطبع الفضائيات التى ملأت هواءنا بالطول والعرض وبكل المقاسات.

لقد وضعت المرأة التى لا تفك الخط يدها على سبب خطير أراه يعمق كل المشكلات التى يواجهها الوطن، وبالذات بعد الثورة، بعد أن شغلت الناس بأطروحات المؤدلجين، ومقاولات ونقاشات المثقفين وهم يدورون حول أنفسهم يميناً وشمالاً، فى حين أن المجتمع يفكر بطريقته الخاصة، صارفاً النظر عن كل التيارات الثقافية المختلفة.

أمثال أمى يشاهدون الفضائيات ولا يفهمون مما يقال شيئاً، وكل يوم يمر يثبت يقينا أن المثقفين والتنويريين والمؤدلجين هم أبعد الناس عن المجتمع، فكل صاحب فكرة يحرص على الدفاع عن فكرته، سلفيين وليبراليين، ومستقلين، وإخوان مسلمين، وفى النهاية، هم فى واد والمجتمع فى واد آخر.

أبرز ما يميز الجميع الآن بعد ثورة 25 يناير، هو التنافس على الظهور فى الإعلام، بشكل مذهل وغريب، وشتات فكرى رهيب، حتى أنك لتفاجأ أن أصدقاء الأمس على الشاشات هم أعداء اليوم، والذين كانوا يعيشون فى كنف النظام السابق، استيقظوا فجأة وأصبحوا هم أعداء الديكتاتوريين، وهم مشعلو ثورات الربيع العربى، وأولئك القوم الذين كانوا متطرفين فى مرحلة ما تراجعوا وانتقلوا من النقيض إلى النقيض، وأخيراً أولئك الذين لم يمارسوا العمل السياسى العام ثم أصبحوا الآن يتحدثون فى "البولتيكا" والعمل الحزبى العام.. كل هؤلاء يعتقدون الآن أنهم كانوا فى ضلال مبين، وأنه لابد أن يتسابقوا على خلع الأقنعة، وأن يتنافسوا فى تذويب المفاهيم الخاطئة للمجتمع.

جرب يوماً، أو لعلك جربت أن تقلب الريموت كنترول بين القنوات الفضائية لترى وتشاهد، أنهم هم نفس الأشخاص، الذين يتقعرون بالكلام أمام الكاميرات، وكأن معدى تلك البرامج قد اتفقوا على نفس الأشخاص، فأين الحقيقة؟ ومن هم الثوار فى زحمة مئات من الائتلافات الثورية والأحزاب الوطنية والقومية؟ ومن هؤلاء الذين ملأوا آذاننا صراخاً فى الشاشات الزرقاء؟

واسأل نفسك يوماً أين المجتمع من كل ما يقال؟ ستجد أن رجل الشارع البسيط لا يفهم أى شىء سوى ما يقال فى المساجد والمواعظ والدروس الدينية، ولا يدركون إلا أن أرباب الفضائيات يقفون فى واد والناس فى واد آخر، وهموم الناس أكبر من أن يدركها الفضائيون.

سألت نفسى ماذا لو أغلقنا الفضائيات لمدة خمسة عشر يوماً؟ شعرت أن حالة الجدل التى تعيش فيها مصر ولا تنتهى سنجد لها حلاً، وأدركت أن مرحلة الانتخابات يمكن أن تسير على خير دون صخب أو لغط، أو على الأقل سنوفر الكهرباء، والأفضل أننا قد نجد وقتاً نجلس فيه مع زوجاتنا وأولادنا.

أمى ختمت فى نهاية حديثها: "اوع يابنى تطلع فى الفضائيات" فقلت لها: "طب وآكل عيش منين!!!".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امك. بتفهم
امجد مراد ( 2011 / 12 / 21 - 21:18 )
والله يابني الست امك ديه بتفهم احسن من كل اللي بيطلعوا يهطلوا في التلفزيون. ويحاولوا يضحكوا علي الشعب المصري. والشعب عارف ان كلهم استرزاقيا زي الراقصين في الزفة الموضوع بالنسبة ليهم اكل عيش وسبوبة مش اكتر .سعد زغلول قال من زمان مفيش فايدة ياصفية وعشان الست الوالده بتثق في سعد باشا زيه انا كمان. فشافت ان احسن حاجة انك تطفي التلفزيون وتخش تنام وغطيني وصوتي علي البلد اللي رايحه في ستين داهيه ياعم بيقوللك وش المراة زي ولا لامؤاخذة احسن الست الوالدة تقرا الكلام تفتكرني عيل مش متربي


2 - امك. بتفهم
امجد مراد ( 2011 / 12 / 21 - 21:31 )
والله يابني الست امك ديه بتفهم احسن من كل اللي بيطلعوا يهطلوا في التلفزيون. ويحاولوا يضحكوا علي الشعب المصري. والشعب عارف ان كلهم استرزاقيا زي الراقصين في الزفة الموضوع بالنسبة ليهم اكل عيش وسبوبة مش اكتر .سعد زغلول قال من زمان مفيش فايدة ياصفية وعشان الست الوالده بتثق في سعد باشا زيه انا كمان. فشافت ان احسن حاجة انك تطفي التلفزيون وتخش تنام وغطيني وصوتي علي البلد اللي رايحه في ستين داهيه ياعم بيقوللك وش المراة زي ولا لامؤاخذة احسن الست الوالدة تقرا الكلام تفتكرني عيل مش متربي


3 - العمر الطويل
جورج كارلن ( 2011 / 12 / 22 - 12:20 )
الله يخليلك هالأم, والله انا عندي التلفزيون عالقمر الاوروبي , عالقليلة منشوف أوجه حسنة

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah