الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي العربي ما بين الحداثة والتراث/الجزء الثاني

علي الشمري

2011 / 12 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



لا زلنا نتهم الغرب الكافر بسرقة علومنا ومعرفتنا,ونضع القيود على عقول أجيالنا كي لا تكتسب المعارف والعلوم من بلاد الشرك والكفر ,لا زلنا نتمجد بماضينا ورجالاته الموسومين بالشجاعة في قتال الاعداء ولا يهم نوعهم سواء كانوا اعداء خارجيين او مفترضين من نسج خيالنا او فيما بين أبناء جلدتنا, والجود والكرم في العطاء من باب (وهب الامير بما لا يملك) ,والحكمة والمعرفة في الحكم ,لا زلنا نتبجح في تاريخنا وما يزخر به من بطولات في سبي النساء وبيعهن في اسواق النخاسة ,لا زلنا نتفنن في كيفية جلد الذات والبكاء على اطلال الماضي .
أكثر من ستة عقود مرت على عالمنا العربي وهم يجترون الماضي بكل مأسيه وقبائحه ومن خلال انظمة مختلفة ما بين ديكتاتوريات مستبدة ودينية وراثية وانظمة شوفينية لم تجني منها الشعوب سوى البقاء في نفس حلقات الماضي الفارغة يدورون ,وبعد رحيلهم يتركون لهم مخلفاتهم وقيحهم من احزاب التطرف الاسلاموية كي تكمل المشوار وتعيد نفس الكرة على الشعوب وربما لتكمل عشرة عقود اخرى في نفس الدوامة ,
اليوم تحالف الاسلاميون مع دول الكفر والشرك والالحاد من اجل ان يحكموا شعوبهم تارة اخرى باسم الشريعة والمقدس ,من أجل امتهان كرامتهم واذلالهم من جديد ,من أجل ان يبقوا شعوبهم في دوامة خزعبلات الماضي السحيق ومهاتراتهم الكلامية والتعدي على حقوق الاخرين ,من أجل ان يبقوا نصف طاقة المجتمع(المرأة) معطلة ومهيأة لملذاتهم الجنسية فقط ,من خلال تفننهم في أبتكار انواع متعددة من الزنا المقنع بمسيات شرعية,من اجل ان يربوا جيلا ممتلئ بالحقد والبغض للاخرين.لقد استبدلوا العسل وما يحتويه من جنود ,بفرق الاغتيالات المزودة بكواتم الصوت ,
اليوم ابتكروا طرائق جديدة لاستحمار الشعوب,وركوب أنتفاضاتها من خلال أيمانهم المزيف بالديمقراطية وصناديق الاقتراع ,تباشير الردة تعود مجددا في تونس من خلال فرض الحجاب على المراة والفصل بين الجنسين ووصم السافرة بالعاهرة,تباشير العودة الى عقلية القرون الوسطىوصلت بكل ما تحمل من تخريف وتخريب الى أرض الكنانة لتمزيق نسيجه الاجتماعي وأعلن عنها سلفيوا مصر ,عندما أعلنوا بان فوزهم مذكور بالقران,وعلى لسان نائب رئيس حزب النور في محافظة الدقهلية (محمد عبد الهادي),
فيما وصف أحد شيوخ السلفية في القاهرة( ممدوح جابر)الانتخابات في مصر بانها بين الحق (الاسلاميون)وبين الليبراليون والعلمانيون(الباطل),بينما هناك شيخ سلفوي في السويس افتى بحرمة التصويت لليبراليين والعلمانيين كونهم جماعات خارجة عن الدين وكافرة,,شيخ أخر يقول (الثورة دي اللي عملها ربنا,واللي نجحها ربنا ,واللي هيكسبها ربنا.)’وهذا يدلل على انهم نصبوا انفسهم وكلاء لله,وهناك من الشيوخ السلفيين الذين كانوا من أشد المعارضين للخروج بتظاهرات ضد الرئيس السابق مبارك,وأعتبرها خروجا على الحاكم ,وفتاويه بأن الديمقراطية كفر ,والتماثيل حرام لانها تشبه الاصنام ,,ونجيب محفوظ ملحد لان رواياته تحث على الفجور,اليوم يتصدر المشهد السياسي ويصدر فتاوي بتحريم التصويت لليبيرالي والعلماني والقبطي والمسلم الذي لا يصلي قائلا أن التصويت لهؤلاء حرام شرعا.
لقد كثر الدجالون والمعتاشون على الدين وتنوعت أساليبهم في الاسترزاق ,والشعوب باقية في دوامتهم وما يفتون به لاستغفالهم وتحجيم عقولهم كي لا يفكروا بمستقبلهم وما وصلت اليه الشعوب الاخرى من حضارة وتطور ,فهناك من يعلن على الملئ بانه وكيل الحجة المنتظر وعلى الجميع اطاعته وراح يصدر ولايته الفقهية الى دول اخرى,ليزوع الموت والدمار فيها,وهناك من يدعي بانه خير خلف لخير سلف وخادم الحرمين الشريفين وموحد كلمة المسلمين ومهلك الرافضيين بأمواله البترودولارية ,وهناك من يصر على تطبيق الشريعة ونتيجتها أصبحت بلاده دولتين .
اليوم الغول التركي يطل براسه من جديد ساعيا للعودة لامتلاك ضيعته السابقة بثوب ديني _علماني جديد,فهل سيعود؟؟ويتخابر مع الغول الايراني لبحث الوضع السياسي في العراق ؟؟
نحن اليوم بحاجة الى ثقافة القيادة لشعوبنا من اجل نهضتها وليس لثقافة الانقياد واستمرار كبوتها؟كفانا المنظرين ونظرياتهم التي لاتشبع من جوع ولا تؤمن من خوف.كفانا المؤدلجين وايدلوجياتهم التي صارت تحفا في متاحف التاريخ دون ان تقدم شئيا لشعوبها غير الفرقة والانقسام..كفانا شيوخا وقساوسة وفتاوي ومرجعيات همها اٍستغلال جهد وعرق الاخرين ليتنعموا في ملذات العيش وتحجيم عقول الاخرين وكبت حرياتهم الفكرية .,ما احوجنا اليوم الى من يوفر لنا الامن والامان ,الى من يوفر لنا العيش الكريم ,الى من يقوم بانصافنا في عدالته بتوزيع الثروات
لا بد من التخلص من قيود المقدس والقداسة كونها تعني الاذلال والتبعية والعبودية, لا بد ان نرفض أقتيادنا يوميا الى سوح القتل والسجون والتعذيب والتغييب تحت يافطة الوهم والغيبيات .
علينا ان نرفض الجنة وما تحويه من حور العين وغلمان وانهار العسل وانواع الخمر والقبول بالنار مأوى لنا ,أذا كان طريقها معبدا باجسادنا ودمائنا ,وبفتاوي الشيوخ الدجلة والمرائين.
لابد وان نبحث عن مدى مصداقية (سود وقائعنا ,بيض صنائعنا,حمر مواضينا ,خضر روابينا)وهل بقيت لنا منها ما ينفعنا؟؟
كفانا نطحن يوميا بقطبي الرحى الايراني_السعودي المستمرة بالدوران؟ألا فكرنا بالتخلص منه ومن وصايتهما المستمرة على مقدراتنا وعقولنا؟؟
علينا ان نتعلم بان الاخر هو الوسيط بيننا وبين أنفسنا وهو المفتاح لفهم ذاتنا والاحساس بوجودنا ؟علينا أن نقف بوجه كل من يساهم في تعميق جراحاتنا ,يجب علينا أن نكون حلفاء للحرية وليس حلفاء للاستبداد واعوانه الذين لا زالوا يبثون الرعب في قلوب الاخرين لعقود ,وخلفت ورائها كم من المفسدين الذين نهبوا ثروات شعوبهم وحرموهم من التطور
من الاجدر بنا ان نبحث عن الدين الذي يعتبر الانسان هو محور كل القيم لا أنتقاصه.نبحث عن قيم تحثنا وتعلمنا على كيفية التعامل مع من نختلف معهم في الاراء والتطلعات ,بالدين والمعتقدات ,بالعادات والتقاليد ,تعلمنا كيف نؤمن بان الوطن للجميع تحت سماء واحدة,
متى تتولد عندنا ثقافة التعايش السلمي وحب لاخيك ما تحب لنفسك. الثقافة التي تتطلع اليها شعوبنا لا بد ان تتجاوز كل التخندقات,والايديولوجيات ذات البعد المحدود وتعبر الى الضفة الارحب الاخرى وهي ضفة الانسانية بكل ما تحتويه من معاني سامية ,ثقافة الصدق والاخلاص والعمل والامانة ,ثقافة حب الوطن والتمسك بتربته ,لا ان نبقى في ثقافة اقامة المراسيم واحياء شعائر الاموات ,وما يصاحبها من تخندقات طائفية ضيقة.على الدول التي تدعي بانها تريد تبني الديمقراطية ان تضع قيودا وحدودا على من يطلق لنفسه تسمية حماة الاديان او وكلاء السماء في الارض ,كي لا يتخذوا وسيلة من الدين لانتهاك انسانيتنا .فأصول الدين وفروعه تكون غير عبادية اذا لم نتعلم بان الصدق والعمل والامانة والاخلاص وحب الوطن اركان مهمة للعبادة ,وكما قال سيدالبلغاء الامام علي(ع)(الصلاة عادة,والصوم جلادة,ومعاملة الناس هي العبادة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكريم الشمري
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 12 / 22 - 04:29 )
تحيه وتقدير
نعم معاملة الناس عباده
احترام الناس عباده
الصدق والاخلاص عباده
الجهد والدقه عباده
الابتسامه الصادقه عباده
النظافه عباده
الابتكار النافع عباده
زراعة الورود عباده
الكلمه الطيبه عباده
احترام خصوصية الغير عباده
تحيه لك اخي علي واستمر لان صداها حتما يصل في يوم ما دام ماده من القلب


2 - جميعها مفقودات
علي الشمري ( 2011 / 12 / 22 - 19:30 )
الاخ الفاضل عبد الرضا حمد جاسم المحترم
هذه الصفات التي ذكرتها انت وانا والتي نريد منه ان تكون هي السائدة في مجتمعنا ومع الاسف مفقودة حاليا(عند الاكثرية)واستبدلوها بالمظاهر الجوفاء ,تقليم اللحية,التختم باليمين والشمال,وضع علامة ميسيوبوشي على الجبهة(من خلال كيها)الاكثار من الاشتراك في المراسيم والشعائر ,,التسبيح على طول النهار ومع تحريك الشفتين ,الاحتيال والنصب على الاخرين لغرض الكسب ,بطرق شرعية ملتوية.,وغيرها الكثير حتى مللنا من تعدادها وتكرارها,
تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد