الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعثر النموذج التركي في ليبيا ومصر

محمد سيد رصاص

2011 / 12 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تجري في بلدان"الربيع العربي"مسارات نحو الأخذ بالنموذج التركي،البادىء منذ استلام (حزب العدالة والتنمية) للسلطة في أنقرة في عام2002والقائم على ثالوث(الجيش- الاسلاميون- الإدارة)،وهناك إشارات على أن اليمن ،من خلال المرحلة الإنتقالية البادئة باتفاق23نوفمبر،يتجه نحو ذلك مادام تحالف عسكر اللواء محسن الأحمر واسلاميو(التجمع اليمني للإصلاح)كان هو الذي فرض التوازن الجديد القائم منذ أيار الذي أجبر الرئيس صالح بالنهاية على توقيع الاتفاق.
في تونس هناك اتجاه سلس نحو ذلك،شبيه بسلاسة مسار الثورة التونسية ضد حكم بن علي،ويبدو أن سلاسة الثورات والمراحل الانتقالية تتعلق بعدم تعقيد تضاريس البنية الاجتماعية في البلد المعني،فيما العكس صحيح.
في ليبيا،كان واضحاً منذ ثورة17فبراير2011 أن هذا التحالف الثلاثي ،للإدارة (وزراء ومسؤولون سابقون)وضباط الجيش المنشقون وقوى المعارضة لحكم القذافي التي يغلب عليها الاسلاميون،هو العصب المحرك للثورة وهو الغالب على قيادتها كما وضح من تشكيل (المجلس الوطني الانتقالي)في يوم27فبراير.خلال ستة أشهر فصلت ذلك التاريخ عن سقوط باب العزيزية كان الصراع في المجلس الانتقالي متمحوراً بين طرفين:الإداريون( الدكتورمحمود جبريل)والعسكريون(اللواء عبد الفتاح يونس) ،من جهة،والاسلاميون من جهة أخرى،فيما تفادى المستشار مصطفى عبد الجليل،وهو الوزير السابق عند القذافي،وضعية الدكتور جبريل بسبب نزوعاته الاسلامية،وميوله الوسطية في صراعات المجلس الانتقالي.لايمكن عزل مقتل اللواء يونس في نهاية يوليو عن ذلك على يد اسلاميي المعارضة،ليس فقط بسبب خلفية العداء القديم عندما تولى اللواء يونس كوزير لداخلية القذافي قمع واعتقال الاسلاميين ،وإنما بسبب اتجاههم إلى تصفيته بحادث مخطط لإزاحته عن الواجهة في ظروف كان من الواضح فيها اقتراب نهاية حكم القذافي . في مرحلة مابعد القذافي، بين السقوط(23أوغسطس)والمقتل(20أوكتوبر)،وضح أن مصير الدكتور جبريل،كرئيس للمكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي،هو إلى أفول،وخاصة لماتبين من خلال سير معارك طرابلس،ثم بني وليد وسرت،بأن القوة العسكرية الفاعلةعلى الأرض،إضافة ل(الناتو)، هي (كتائب الزنتان ومصراتة)التي تشكلت من مدنيين أثناء الثورة كان واضحاً عليهم التوجه الاسلامي،وليس ضباط وعناصر الجيش المنشقون عن القذافي.وعملياً،وحتى عندما انتقل المجلس الانتقالي من بنغازي إلى العاصمة فإنه كان جلياً أنه لايملك،لاهو ولاالحكومة المشكلة حديثاً ،السلطة على الأرض مادام مسلحو الكتائب هم الذين يسيطرون على مرافق العاصمة،ومنها المطار،وليس قوات "وزارة الداخلية"أو"وزارة الدفاع"،وربما كانت أكبر الدلالات الرمزية على ذلك أن سيف الاسلام القذافي،وحتى شهر من اعتقاله،لم تسلمه كتائب الزنتان إلى الحكومة .
هذا يقود إلى تعثر عملية تشكيل(النموذج التركي)على الأرض الليبية،مادامت عناصر ثالوثه في حالة تصادم،كان آخرها في أوائل ديسمبر محاولة اغتيال قائد القوات البرية الليبية من قبل مسلحي كتائب الزنتان المسيطرة على مطار العاصمة.هذه الحادثة لايمكن عزلها عن عدم رضا لاسلاميين(رغم حضور الشيخ القرضاوي) عن مؤتمر المصالحة التي دعا له المستشار عبدالجليل والذي انعقد في اليوم السابق لتلك الحادثة،وإن كانت أساساتها البعيدة تأتي من صراعات مكونات ذلك الثالوث الليبي على من سيملك زمام التحكم بمسارات السلطة الليبية القادمة.
في مصر هناك تعثرات في النموذج التركي،رغم أن الصورة كانت معاكسة في مرحلة مابعد سقوط حكم مبارك في 11فبراير لمابان هارموني قوي في نهاية ذلك الشهر لثالوث كان واضحاً منذ تلك الأيام أنه يتألف من :(المشير حسين طنطاوي – مرشد الإخوان محمد بديع – حكومة عصام شرف).تفادى (الاخوان)،في تحشد شهر مايو الماضي الذي دعت له بعض الأحزاب المصرية،المشاركة خشية الظهور في مظهر المتصادم مع المجلس العسكري ومع الحكومة التي كان من الواضح منذ فبراير الماضي أنها في موقع الوسط بين العسكر والاسلاميين،ولكن كلما اقترب موعد انتخابات البرلمان(28نوفمبر)كان احتكاك هذين الطرفين يزداد،وخاصة مع محاولات العسكر تأمين وضعية شبيهة بوضعية العسكر التركي في مرحلة مابعد انقلاب27مايو1960ضد رئيس الوزراء عدنان مندريس لماأنشاوا(مجلس الأمن القومي)الذي كان ستاراً لحكم خلفي للجيش من وراء المدنيين،ونصبوا أنفسهم "حماة للعلمانية الأتاتوركية"ول"الدستور"،أتاحت لهم بعد تسليمهم السلطة للمدنيين ،المنتخبون عبر انتخابات برلمانية،التدخل تحت تلك العناوين عبر انقلابين عسكريين في عامي 1971 و1980ثم في "انقلاب أبيض"ضد حكومة نجم الدين أرباكان في يوم28فبراير1997.كانت (وثيقة الدكتور علي السلمي)،في أوئل نوفمبر الماضي،محاولة لفرض شيء من هذا في مصر لتأمين مبادىء"مافوق دستورية"قبيل تشكيل البرلمان المنتخب ليكون بمثابة جمعية تأسيسية لدستور مصري جديد،وقد كان عصب تلك الوثيقة هو ماقالته احدى موادها"أن القوات المسلحة يحق لها التدخل للحفاظ على الشرعية الدستورية"،مماكان سيكون مسوغاً لانقلابات أوتدخلات من وراء الستار ولتحكم المؤسسة العسكرية في الحكومات المدنية المنتخبة. قادت تلك الوثيقة إلى صراعات في "ميدان التحرير"،وفي مدن أخرى غير العاصمة،وضح من خلالها لأول مرة منذ 11فبراير بداية تصادم بين (المجلس العسكري)و(الإخوان)كانت حصيلته الأولية سقوط حكومة عصام شرف،واضطراب شارعي كاد أن يطيح بالعملية الإنتخابية المصرية.كان تراجع العسكر عن (وثيقة السلمي)طريقاً لتأمين جريان العملية الإنتخابية،التي وضح من جولتيها الأولى والثانية،الإتجاه إلى فوز الاسلاميين بغالبية المقاعد البرلمانية.كان اتجاه العسكر بين الجولتين لتشكيل(المجلس الإستشاري)استئنافاً للصراع ضد الاسلاميين،ولمحاولة تلغيم صلاحيات الجمعية التأسيسية المنتخبة في أن تكون المطبخ الوحيد للدستور القادم.كان الملفت للنظر هو انحياز الليبراليين واليساريين وكل الخاسرين المتوقعين للإنتخابات إلى العسكر في صراعهم مع(الإخوان)من خلال قبولهم المشاركة في ذلك المجلس المعين من قبل المجلس العسكري،ماأعاد لصورة القاهرة صورة موازية رأيناها في السنوات التسع الأخيرة بأنقرة لماتحالف علمانيو أتاتورك مع العسكر في صراعهم الخاسر مع أردوغان،قبل أن يستطيع الأخير في عام2011محو كل المترتبات السياسية والمؤسساتية لإنقلاب 27أيار1960،وأن يجعل الاسلاميون غالبون في ثالوث(الجيش- الاسلاميون- الإدارة)بأنقرة،وهو مالايعرف ،بعد،إن كان سيكون الأمر كذلك في تونس وطرابلس الغرب والقاهرة وصنعاء،أم أن هذا الثالوث سينفجر من خلال الصراع بين عناصره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية