الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السياسية مخالفة دينية-أو شَعرة معاوية

نبيل هلال هلال

2011 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الفرق بيِّن بين الدين والاحتيال باسم الدين , فهناك شعرة دقيقة - أدق من شعرة معاوية - فاصلة بين الدين والنَّصب باسم الدين , وهي تحقق الغايات لكل من يحسن جذبها عندما يكون المغنم في الجذب , وإرخاءها عندما يكون المكسب في الإرخاء . وقد تحقق الحال المثال في دنيا الواقع كومضة خاطفة في صفحة الزمان أيام الخلافة الراشدة , إذ لم توجد أرستقراطية حاكمة تستأثر بالمغانم , فكان أبو بكر وعمر- مثلا- فقيرين لم تمتد أيديهما إلى أموال المسلمين , ولم يشتريا الجواري والعبيد والقيان , ولم يجزلا العطاء للمادحين والشعراء مثلما فعل سائر الخلفاء . وبغياب الأرستقراطية الحاكمة لا تكون ثمة حاجة لطبقة الكهنوت التي توطئ الأمر وتتبادل المنافع , ولا يكون الظرف مهيئا للحكم الثيوقراطي على غرار ما كانت عليه مكة نفسها قبل الإسلام . وكانت أول معارك الإسلام هي التصدي للنظام الثيوقراطي المتمثل في "دولة مكة" التي كانت في صورة "مدينة سياسية" , والمدن السياسية هي الطور المبكر للمجتمعات السياسية المنظمة السابقة لظهور الدولة على غرار روما وأثينا وأسبرطة قديما , والفاتيكان وموناكو حديثا . ولذا فقد كانت مكة هي أول "دولة" عرفها عرب الحجاز قبل الإسلام , فلها برلمانها ( دار الندوة ) للبت في شؤونهم السياسية والعسكرية والتجارية , وكانت تَمنح الامتيازات التجارية للقوافل وتُبرم المعاهدات مع الدول المجاورة مما عُرف بعهود قيصر وكسرى .
ولتحقيق التوازن بين مختلف القوى في مكة , تم توزيع السلطات وتقسيم الكعكة على نحو يحقق الاستقرار بين الجميع , فدارت المناصب كلها في فلك "الدين" الذي مثلته الكعبة والأوثان وارتكز عليه نشاطهم الاقتصادي كله , فكان منهم صاحب السدانة ( ومعه مفتاح الكعبة ) , وصاحب السقاية ( يتولى سقاية الحجيج ) , وصاحب الرفادة ( والرفادة هي مبلغ من المال تدفعه قريش لإطعام الفقراء ) , وغير ذلك .
" فدولة مكة " قبل الإسلام كانت دولة ثيوقراطية إذ قام نظامها السياسي كله على الدين والمتاجرة به , وفيها تمتع رجال السياسة بنفوذ ديني . وفي الكيانات الثيوقراطية , يعد الخروج على السياسة مروقا دينيا , كما يُنظر إلى المخالفة الدينية على أنها معارضة سياسية . لذا اعتبروا النبي معارضا لنظامهم السياسي وخارجا على دينهم , ورأوا في الإسلام نذير خراب لدولتهم الثيوقراطية . نبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع كالعادة
شاهر الشرقاوى ( 2011 / 12 / 26 - 12:33 )
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين
*********
المقصود بعمارة المسجد الحرام اى عمارة البنيان وعمارة المكان..السعى فى الحياة والحهاد فيها اكبر وأعظم اجرا
بعدالفريضة

صدقت استاذ نبيل
وهذه الاية تؤيد رأيك مائة فى المائة
والجهاد هنا ليس دائما معناه القتال والحروب
لكنه كما تعلم حضرتك بالتأكيد يشمل كل مناحى الحياة
واعلاها جهاد النفس وقهرها على الحق....

تعلم حضرتك بالتأكيد الحديث المشهور لرسول الله:

لو كان خرج يسعى على نفسه ليكفها عن السؤال ...فهو فى سبيل الله
وان كان خرج ليعول ابناء ووالدين له وزوجة فهوفى سبيل الله
ومن خرج يسعى على ارملة اوايتام اومساكين فهوفى سبيل الله
ومن خرج رياءا وبطرا ونفاقا يرائى البشر فهوفى سبيل الشيطان
قالها الصادق الامين ..لاصحابه لما اعجبو بفتوة وصحة وقوة شاب مر امامهم ..وقالوا لو ان هذا كان فى سبيل الله!!! اى تصوروا ان الجهاد يكون فقط بالسلاح والقتال
فصحح لهم المعلم الهادى مفهومهم لمعانى الجهاد

وتقبل تحياتى وتقدير دوما استاذ نبيل
والسلام عليكم


2 - شكر وتحية إلى الأستاذ شاهر الشرقاوي
نبيل هلال ( 2011 / 12 / 26 - 18:49 )
أشكرك أخي الكريم على تعليقك على المقال .


3 - شكر وتحية إلى الأستاذ شاهر الشرقاوي
نبيل هلال ( 2011 / 12 / 26 - 18:50 )
أشكرك أخي الكريم على تعليقك على المقال .

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل