الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة للفهم

محمد البدري

2011 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اتصفت جميع المراحل السياسة الخارجية والداخلية لجميع بلدان الشرق الاوسط بكونها لاعبة علي انغام وايقاعات العالم الخارجي بتقسيماته الايديولوجية فيما بين المعسكر الراسمالي والاشتراكي. وكان الرقص بزهو فوق الحبال الممتدة بين المعسكرين ممكنا لان قوة كل معسكر هي الضامنة لبقاء هؤلاء الامعات السياسية احياءا.
ولم يكن سقوط اي نظام واحلاله بآخر نابع من الداخل بل كان من عمل اجهزة المخابرات لتلك القوي الكبري. ظلت تلك المعادلة قائمة طوال القرن العشرين مما رسخ حقيقة ان العرب ليسوا سوي العوبة في يد من يمتلك مقدرات اللعبة السياسية من الخارج. ولن نسترسل في البرهنة علي ذلك الطرح بدءا من ثورة العرب بقيادة الشريف حسين وتقسيمات سايكس بيكو الي عصر الانقلابات العسكرية مع الاحلال والتجديد كلما لزم الامر حتي وصلنا الي سقوط الاتحاد السوفيتي فارتخي الحبل بل وانقطع فسقطت كل نظم المنطقة في حجر العولمة الرأسمالية.
بعضا من تلك النظم احتفظت بقدر من المهابة لقداسة دينية زائفة لكنها موروثة من عصور الايمان البالية فاضفت علي نفسها نوعا من صدق الادعاء السياسي والاستقلال عن صراعات العالم. ورغم الاستقرار البادي عليها أما بسبب الثروة أو بسبب الاستقرار القبلي لتراكيبها السياسية أو بسبب الحماية الكلية التي اضفتها عليها النظم الغربية اوروبية وامريكية، فقد تهورت بعضا من تشكيلاتها السياسية الداخلية وارتكبت جريمة 11 سبتمبر الاشهر في تاريخ الارهاب العالمي مما دفعها دون ارادة منها لتكون جزءا من معادلة الصراع الجديدة بعد ان اصبح الملعب كله يجري علي الارضية الراسمالية الليبرالية.

كانت تلك مقدمة لفهم ما الذي دفع ملك السعودية باقتراح الوحده الكاملة لدول الخليج في مؤتمرهم الاخير رغم فشلهم المزمن في اقامة اي نوع من التضامن او حتي توحيد العملة وهي جميعا دول تستهلك من مصدر واحد وتصدر لنفس المصدر النفط الذي هو سلعتها الوحيدة الاستراتيجية وتسترشد بوصايا الغرب في الحفاظ علي كراسي الحكم وتدافع بكليتها عن الدين مع تشويه دائم لاي فكر انساني وضعي ويقابله تمويل للحركات الدينية التي هي السلعة الفكرية الوحيدة لديهم والتي رعاها الطرف المنتصر في الحرب الباردة.

فإذا كان الترويض بالترهيب والترغيب والقصف والاسقاط هو ما اعتادت عليه نظم المنطقة من القيادات التي امسكت بخيوط الصراع عالميا وباطراف حبال الرقص عليها طوال القرن العشرين فان نجاح الغرب في اسقاط الكتلة الاشتراكية وما تلاه من روح عدوانية من قوي الاسلام السياسي أعطاها احساسا منها بانها ستنتصر ايضا بناء علي انتصار حليفها وراعيها الغربي الرأسمالي. فبعد جريمة نيويورك بدت المعادلة الحمائية للنظم تتساقط الي ان خرجت قوي الداخل،التي عانت كل انواع الظلم في ظل فساد غير متناهي، للثورة من اجل تغيير الاوضاع بما فيها أقليات دول الخليج ذاتها التي استمتعت بحماية غربية غير محدودة. وكان السؤال الاهم لما بعد التغيير من هي القوي المؤهلة لاخذ زمام السلطة في اوطان ودول فاشلة؟ وجاءت الاجابة بوصول التيارات الاسلامية الي كراسي البرلمان في تونس ومصر مع تصدير لخطاب ارهابي عن المرأة وعن الاقليات وعن الحرية وعن الحقوق الطبيعية.


فكما لعبت النظم العربية، دون استثناء واحد، في ترويض كل شعب ليؤيد توجه النظام الي كعبته في واشنطن أو موسكو فان وصول الاسلاميين بما يشكله من تهديد صريح لكل ما هو حداثي وديموقراطي وإما انصياع الي درجة الانسحاق التام تحت اقدام النظام الرأسمالي سيعيدون كرة الترويض ليس فقط لمنطق السوق انما لمنطق عالم الايمان الذي لم يحمي ذكرا أو انثي طوال عمره المديد. فالغرب واقصي الشرق علي السواء لم يعد لديهم من عدو يخشونه الا الركود الاقتصادي وخلو السوق من قوي الاستهلاك أو انبعاث قوي تعود بنا الي زمن الثورات الاشتراكية في القرن الماضي لهذا فسيقوم التيار الاسلامي الصاعد من محو اي ثقافة حقوقية يتمتع بها شعوب كثيرة بغض النظر عن توجههم الايدلوجي لضمان اتساع السوق دون معارضة من داخله، وهو ما يشبه السوق الاكبر المزمع اقامته بالوحدة الخليجية.

الاحتمال هذا يبدو قويا اما لضعف الداخل او لعدم وجود نموذج خارجي يمكن امتثاله. فمن الممكن فهم تصريح قادة حزب النور ردا علي سؤال ما العمل في معاهدة كامب ديفيد بعد وصولكم للحكم. وكما يقول المثل المصري" رمي حزب النور بياضه" اي القي بالعربون مقدما فقال: انه يحترم المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر لكنه سيعمل فقط علي تعديلها بما يتفق ومصالح مصر.

قطعا فان مصالح مصر ليست موضوعا للمساومة، وهو ما لا يقدر علي المساس به علي الملأ، وبنفس رمية الحجر طمأن اسرائيل لكنه وحتي هذه اللحظة لم يقدم لشعب مصر شيئا، اي شئ، من الطمأنينة علي مستقبله وحريته وكرامته التي قامت الثورة من اجلها. هكذا تبدو معادلة التعامل مع الخارج وكانها لم تتغير وكذلك الداخل، وكان الثورة لم تقم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ محمد البدرى
محمد حسين يونس ( 2011 / 12 / 26 - 16:36 )
عندما يرحب مرشد الاخوان بالارهابي الحماسي الذى القي معارضيه من فوق السطح و اوصل قطاع غزة الي حد الفاقه و الخرافه بانهم يطبقون الدين و هم يسرقون الشعب .. فنجد ان الاخوان ترى حماس رائدة و حماس تعلن انها جزء من الاخوان .. فلا يصبح امامك الا ان تلعن امريكا و اللي جاب امريكا لمنطقتنا لحماية ابار الزيت و نهب الاجلاف الذين يتحكمون في عوائد البترول .. رايت فيلم عن كيف نهبت عصابات الامريكان العراق و كدت ان ابكي من الحقراء القادة الاجلاف الذين اوصلونا لهذا الموقف .. السلفيين الاوباش الذين يريدون ردنا لالف سنه هؤلاء و اسيادهم سيتصارعون علي الكعكه مع جالبي الخير لمصر و اسيادهم .. و الخزينه خاويه و الشعب مديون و المصانع واقفة و طظ في دة علي دة علي دة .. تحياتي


2 - المفاجأة في مصر
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 1 / 1 - 09:19 )
تحياتي يا باشمهندس

عارف حضرتك النكتة اللي فيها المشعوذ بييجي يحضر عفريت فيطلع عفريت بجد؟
زي ما ده حصل مع الثورة المصرية، ح يحصل مع الديمقراطية المصرية و الحرية المنشودة (الوهم المستحيل و عفريت الطغاة)
أنا شايف إنه ح يحصل لسبب بسيط إننا شعب بيحب الحياة جدا لدرجة إنه أخدها معاه بعد الموت
احنا بقي لنا كتير ميتين فأعتقد آن الأوان للبعث

اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه