الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة البديلة والدستور المرتقب والموقف الإيجابي من التعددية الدينية والثقافية والهوياتية ....

محمد بودواهي

2011 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن الإنتفاضات الديمقراطية التي شملت جميع أنحاء شمال إفريقيا والشرق الأوسط ,كانت من إحدى الإفرازات الأساسية والجذرية لإفلاس وإنهيارالأنظمة التبعية الاستبدادية كنموذج تم فرضه على المنطقة بعد الحصول على الاستقلالات الشكلية من الاستعمار الإنكليزي والفرنسي والأوربي بشكل عام . هذا النموذج الفاسد والمتناقض مع مصالح الشعوب وحقيقة التاريخ ووقائع المنطقة, حولت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الى سجن واسع و مفتوح ,داس على كرامة المجتمعات وشرف الإنسان وخلق حالة من الإنهيار المعنوي والأخلاقي واستولى على كل الخيرات والموارد المادية وفرض سياسة التفقير والتجويع والتخويف على الشعوب بشكل لم يسبق له مثيل حتى بات الإنسان الشرق أوسطي والشمال إفريقي يبيع شرفه وكرامته وهويته في سبيل الوصول الى لقمة خبز يسد بها جوعه ,كما خلق حالة من الأنقسام والعداء والحقد فيما بين أبناء هذه المنطقة بدعم مباشر أوغير مباشر من النظام العالمي الامبريالي الأحتكاري المهيمن ، وهوما أدى الى ظهور حالة من الركود والفقر والمرض والتخلف والهجرة الجماعية للعقول والسواعد لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنطقة . وعلى أثر ذلك انتشرت البطالة والبغاء والتفسخ الأخلاقي في الحياة الأجتماعية ,كما تعمق التعصب القومي والديني والمذهبي والعشائري والعائلي في الحياة الثقافية والروحية لدى شعوب المنطقة .

لقد حولت هذه الأنظمة الشمولية سواء منها العميلة للإمبريالية أو القومجية العنصرية المتمثلة في البعث السوري والعراقي و الطورانية التركية والنجاتية الفارسية في إيران,.. هذه المنطقة الى صحراء مقفرة وجافة خالية من الحياة والحركة . على الرغم من الخلافات والصدامات فيما بين أقطابها , إلا إنهم كانو متفقين في فرض العبودية والقمع والمذابح على رقاب شعوب المنطقة . كما إن الخلافات والصدامات فيما بين هذا النموذج والنظام العالمي الأحتكاري ,لم تمنع في يوم من الأيام وقوف النظام الى جانب أبنائه المدللين (هذه الأنظمة) ضد إرادة الشعوب وآمالها في الحرية والديمقراطية ....لإن هذا النموذج كان ومازال الحارس الأمين لمصالح هذا النظام الأحتكاري المهيمن . على الرغم من أن جميع شعوب المنطقة عانت من القمع والمذابح والعبودية على يد هذه الأنظمة ...,

وكما هو معلوم فإن الكثير من أطراف المعارضة في المنطقة لا تملك برنامجا واضحا للدمقرطة والتحرر بعد إفلاس نظام الحزب الواحد واللغة الواحدة والثقافة القومية الواحدة المتمثلة في الطرح القومجي العروبي . وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام عملية التغيير الديموقراطي على الرغم من روح المقاومة التي تبديها في مواجهة سياسة القمع والإستبداد ....

وهدا ما جعل لتيار الإسلامي المعارض - بإيعاز ودعم أمريكي - يكون له دور كبير في تحريف مسار الإنتفاضات الشعبية الني تسعى إلى تعميق الجوهرالديمقراطي وإعطائها طابعا سلميا وتقدميا وديمقراطيا حقيقيا بدلا من الشعارات الأصولية الرجعية المتخلفة .

فصعود حزب النهضة في تونس واكتساح الاخوان المسلمين لانتخابات مصر وسيطرة تيار مصطفى عبد الجليل في ليبيا يوحي بدون شك إلى حجم التدخل الخارجي في شؤون الإنتفاضات لتحريفها من مسارها الصحيح وضمان عدم إعطاء حصول أي تغيير جذري في بنية الأنظمة السياسية وبالتالي عدم إعطاء فرصة لتغيير الدساتيربصيغتها الديمقراطية التي تعترف بالوجود العربي والغير عربي لشعوب المنطقة ... .

ولمواجهة كل الإحتمالات يتوجب على الحركات الديمقراطية الوطنية وكل التيارات اليسارية والشيوعية والجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني وكل قوى التحرر أن تتمسك في برامجها الثورية بالمطالب الشرعية والمشروعة وعلى رأسها مطلب الدستورالديموقراطي شكلا ومضمونا ضمن إطار الدولة الديمقراطية وعلى ارضية ديمقراطية تضمن حقوق كل الشعوب والقوميات والأقليات والعقائد الدينية المختلفة مثل الأقباط والأمازيغ والأكراد و السريان و الآشور و الأرمن والنوبيين وكل المكونات الأخرى في مجتمعات المنطقة . لذا فإن التمسك بالرموز والألوان و الثقافات المتعددة والتعبير عنها في المظاهرات هو من أبسط الحقوق الديمقراطية للشعوب المتعايشة ضمن إطار الوطن المشترك .

إن جوهر الديمقراطية يعني الإعتراف بالحقوق المشروعة والعادلة للقوميات و الأقليات المتعددة في المنطقة ، أي قبول الآخر كما هو بلونه وثقافته و لغته ودينه وعرقه وهويته .... وبدون الإعتراف بهذا المبدأ لا يمكن بناء نظام سياسي ديمقراطي ووطن ديمقراطي ودستور ديمقراطي ولا يمكن الحديث عن التغييرفي النظام السياسي القائم على الأحادية وإقصاء الآخر . ومن هذا المنطلق فإن الثائرين والمنتفضين الذين يدافعون عن شعار إسقاط الأنظمة والفساد والاستبداد .... ولا يعترفون بالتعددية و التنوع ووجود القوميات المختلفة ، فإنهم لا يختلفون عن الأنظمة الشمولية الاستبدادية المنهارة منها والحالية من الناحية الجوهرية ولو كانوا ينادون بالتغيير والإصلاح ... . لأن هؤلاء لا يعترفون بمبدأ التعددية و الديموقراطية وقبول الأخر وبالتالي يريدون إجراء تغييرات سطحية في البنيات السياسية للأنظمة دون المساس بالجوهر.... ومثل هذه الذهنية لاتختلف عن ذهنية الأنظمة الحالية المتمثلة في الثقافة الواحدة و اللغة الواحدة و الهوية الواحدة و الأحادية في النظرة .... . هذه الفكرة الضيقة والقومجية هي التي أوصلت دول المنطقة إلى هذه الحالة التي نعيشها , فكيف لها أن تكون بديلا !؟ إذا كانت هده تفرض مفهوم الأمة العربية على جميع مكونات مجتمعات المنطقة ، فإن مفهوم الأمة الإسلامية العربية لا يشكل بديلا عنها , لأن كلا المفهومين يرفضان قبول الآخر ويمثلان نفس الذهنية الأحادية و الشوفينية ....

إن الحل الديمقراطي يفرض نفسه كبديل في هذه المرحلة الحساسة والتاريخية الحاسمة التي تمر فيها المنطقة المغاربية والشرق أوسطية . هذا الحل يتجسد في بناء أوطان وطنية و ديمقراطية وشعبية على قاعدة مفهوم المواطنة الحرة والحريات الأساسية و الإعتراف الدستوري بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية والبيئية المشروعة لجميع مكونات هذه الشعوب .. . وبدون هذا الحل سوف تنحرف الإنتفاضات والثورات عن مسارها التغييري وقد تفتح الطريق أمام تدخلات خارجية وصراعات دموية تحول البلدن إلى ساحات و ميادين للمناوشات والصراعات والاضطرابات التي لا تخدم التطور الديمقراطي ومصالح الشعوب ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال