الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير الثورى لمفهوم العدالة والشرف

نوال السعداوى

2011 / 12 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


تعثرت الثورة المصرية، وكادت تجهض بالقوة المسلحة، لولا صمود النساء المقاتلات، وأمهات الشهداء، وأطفالهن وآبائهن وزملائهن فى الثورة وزميلاتهن.

عددهن بالآلاف لكنهن بالإصرار والاستمرار يجذبن الملايين إليهن عند الضرورة، يتدفقون من كل المحافظات والشوارع والحوارى والميادين، دفعوا ثمن حرية الشعب المصرى وكرامته بالدم والدمع والعرق والتعب والأرق والنوم على الأسفلت فى الحر والبرد، لولا صمود هؤلاء حتى الموت، والتعذيب فى السجون والضرب وتمزيق الملابس حتى التعرى، لتم القضاء على الثورة نهائيا على يد المجلس العسكرى والإخوان والسلفيين، ونخبة النظام المتملقة للثورة، ثم المتحولة عنها حين تضرب.

رددت هذه النخبة المتلونة أقوال المجلس العسكرى عن ثوار مصر، شوية بلطجية يخربون الدولة لصالح مخطط أجنبى، يتميز القانون السياسى والأخلاقى بالازدواجية، بالكذب وخيانة العهد، العبودية الطويلة تحت حكم الاستعمار والاستبداد، وضرب الثوار فى السجون، وضرب النساء فى البيوت، واحتقار الخدم والفقراء، وعقاب الضحايا من الأطفال، عندنا خمسة ملايين طفلة وطفل فى الشوارع، ضحايا القانون الظالم المزدوج، يتخلى الأب عن ابنه أو ابنته، يلقى بزوجته إلى الشارع لإرضاء نزوة، يدعمه القانون، تغيب العدالة فى الدولة والعائلة، يلتزم رجال القانون بما يسمونها العدالة «القانونية» وليس العدالة الأخلاقية، لأن القوانين تقوم على الظلم، حسب النظام الطبقى الأبوى الحاكم، بدلا من محاكمة مبارك أمام محكمة عسكرية، بصفته رجلا عسكريا، إذا به يحاكم أمام محكمة مدنية عادية، أما الشابات والشباب الوطنى، الذين رفعوا رأس مصر عاليا بعد الثورة، فإنهم يحاكمون أمام المحاكم العسكرية ويعذبون فى السجون، وتشوه سمعتهم. المجلس العسكرى لا يحاكم على قتل وضرب وسحل الشابات والشباب الثورى، بحجة أن القانون لا يسرى على العسكريين كما يسرى على المدنيين، حجة واهية بالطبع، لماذا لا يحاكمون أمام محكمة عسكرية؟

يمكن لرجال السلطة أن يبرئوا الحاكم الظالم تحت اسم القانون، ويمكن أن يعاقبوا الضحايا المظلومين تحت اسم القانون، وينتقلوا من محاكم عسكرية إلى مدنية كما يشاؤون. كان المفروض أن تحكم الشرعية الثورية بعد الثورة بقوانين عادلة جديدة ودستور عادل جديد، لكن المجلس العسكرى مع القوى الدينية والسياسية السائدة قاوموا الإرادة الثورية لتغيير الدستور. كيف يمكن انتخاب برلمان جديد بدستور قديم؟ وكيف يمكن انتخاب رئيس جمهورية جديد بدستور عتيق تم ترقيعه ليخدم القائمين على الحكم؟

النظام القديم (مع الاستعمار الخارجى) لايزال يحكم، ويسرع بانتخابات برلمانية ورئاسية مفتعلة متسرعة، خوفا من التغيير الثورى الحقيقى تعثرت الثورة وكادت تنتهى، لأنها لم تفرض الشرعية الثورية منذ البداية، وتركت المجلس العسكرى والقوى السلفية والإخوانية يحكمون بقوة السلاح والدين، لكن الثورة المصرية نجحت بقوة الملايين، بل تطورت مؤخرا إلى ثورة ثقافية وأخلاقية بسبب شجاعة النساء وزملائهن الرجال الثائرين. استطاعت المرأة الثائرة الصامدة أن تحدث ثورة فى القانون الأخلاقى المزيف، ومفهوم الشرف الضحل، واختزال كيان المرأة المصرية لتكون مجرد جسد، يغطى بالتدين الزائف أو يعرى فى السوق الحرة أو بالضرب، أعطت المرأة الثائرة درسا أخلاقيا للجميع، قادرا على تغيير النظرة الدونية للمرأة. المرأة عقل داخل جسد يتحدى رصاصهم وقنابلهم حتى الموت. الشرف هو الثورة ضد نظام فاسد وقوانين فاسدة. كشفت النساء الثائرات عورات النظام الحاكم.

صورة المرأة العارية فى الإعلام جرحت شعور هيلارى كلينتون الأنثوى الرقيق، لا يجرح شعورها مذابح النساء والأطفال والرجال، على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية - الأمريكية والناتو.

هيلارى كلينتون فى حماسها الاستعمارى تحت اسم حماية المرأة المصرية، تشبه غزو الجيش البريطانى لمصر ١٨٨٢ تحت اسم الحماية، تشبه حماس بعض الرجال، تحت اسم «الدكر» لحماية الأنثى، التى تعرت، كم عدد الآلاف الذين اخترق رؤوسهم وعيونهم الرصاص الحى فى الشوارع والميادين؟ رأيت بعينى بقايا مخ الإنسان المصرى فوق الأسفلت فى شارع قصر العينى، وجثث القتلى رجالاً ونساء وأطفالاً، مكومة فى مشرحة زينهم، مثل قطع اللحم المجمد فى علب الصفيح، هتفت الشابات والشباب فى المظاهرات: «ارفعى راسك يا أختى.. أنت أشرف من اللى داسك»، هذه العبارة الموجزة تغير مفهوم الشرف.

الشرف لا تثبته الكشوف عن العذرية. الشرف فى رأس المرأة وعقلها، لم يتحرر العبيد والنساء فى التاريخ إلا بالدماء. أحد الكتَّاب الكبار يقول إن ثورة يناير المجيدة تم تشويه صورتها بهؤلاء الشباب الذين يحرقون المجمع العلمى، كنز مصر العظيم، يبكى عليه الكاتب الكبير ولا يبكى على دماء الآلاف من شباب مصر وشاباتها، كنز مصر الحقيقى. أستاذ جامعى كتب: العيال الشوارعية خربوا البلد، الناس بتترحم على أيام مبارك، الخطة رسمتها الثورة المضادة لإنهاء الثورة دون جدوى.. الثورة مستمرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائعة
حسني كباش ( 2011 / 12 / 27 - 09:14 )
رائعة يا نوال السعداوي أشكرك على هذا المقال
و بالفعل نحتاج إلى مفهوم ثوري جديد لمعنى الشرف

الشرف لا تثبته الكشوف عن العذرية. الشرف فى رأس المرأة وعقلها


2 - ستبقين نبراس للثورة والثوار
فؤاد محمد ( 2011 / 12 / 27 - 12:11 )
الرفيقة المناضلة نوال السعداوي تحية وسلام
رائدة الفكر القكر الثوري المتجدد
الذي سيعجل بانتصار العداله والمساواة ودحر القوى الرجعيه الخرافيه والسلفيه
دمتم للنضال


3 - المرأة القدوة
محمد الشعري ( 2011 / 12 / 27 - 20:34 )
أعتقد أن نوال السعداوي نموذج للإنسان المناضل العقلاني الذي يزداد حكمة و ثورية بفعل التقدم في العمر و بفضل ما يحمله السن من تراكم للخبرات. إنها قدوة شخصية متميزة لكل الديموقراطيين، أيا تكن مراكزهم أو تخصصاتهم.ا
أتمنى أن تكون في كافة المجتمعات و الفئات قيادات من هذه النوعية الرائدة فكرا و ممارسة. فوجود هذه الطليعية شرط أساسي و جوهري لنجاح مختلف الأنشطة السياسية أو الثقافية. إنها المدرسة التي تتربى و تتطور بفضلها جماهير الشعب جيلا بعد جيل..ا


4 - راس الافعى
على سالم ( 2011 / 12 / 27 - 20:55 )
دكتوره نوال مقالك مهم وخطير ويضع النقاط فوق الحروف ,للاسف الشديد المجلس العسكرى اثبت وبدون ادنى جدال انه من اكبر اعداء الشعب وايضا خائن وعميل جبان ,الشعب المصرى ساذج وطيب وصدق ان مجلس الفساد يحمى الثوره وهو يعمل بدون كلل لااجهاضها ,صراحه المجلس العسكرى ده هو عصابه المجرم والقاتل الاثيم مبارك ,دى عشره ثلاثين عام من السرقه واللهط والعربده مع رئيس عصابتهم الشرير ,لواءات المجلس العسكرى ماهم الا تشكيل اجرامى من القتله والبلطجيه واللصوص ولايتورعوا عن قتل نصف الشعب فى مقابل ان لايقدم رئيس عصابتهم الى المحاكمه العادله ,انا على ثقه تامه من ان هؤلاء المجرمين يتلقوا رشاوى بملايين الدولارات من السعوديه والكويت والامارات فى مقابل ان يجهضوا الثوره تماما وان لايقدم المجرم القاتل مبارك الى المحاكمه العادله والقصاص منه


5 - اقتراح 1
محمد البدري ( 2011 / 12 / 28 - 09:17 )
في زمن الاحتلال الانجليزي خلعت هدي شعراوي النقاب وبدأت حركة تحرر واسعة في ظل مجتمع طبقي وراسمالية واقطاع وابوية وكل انواع الظلم ووجود العداء للمساواه والحقوق ليس فقط للنساء بل فيما بين افراد وطبقات المجتمع الواحد الي حد وجود محاكم خاصة بالاجانب وتمييز واضح لهم. الان وفي وجود حضور لفلسفات من كل نوع وقدرة علي خلع مستبد بثورة لم تنجح مثيلتها في عام 1919 فهل يمكن عمل حشد نسائي يضم قادة كل الاحزاب الديموقراطية العلمانية ويخلعن الحجاب في ميدان التحرير جهارا نهارا واعلان المساواه التامة بينهن وبين هؤلاء الرجال وخاصة الانطاع من مشايخ الاسلام بالدشداشة السعودية ممن يصادرون حق الحياه للانثي ولا ننسي ان نلعن العروبة وثقافتها البدوية ونذكر المرأة بايزيس المصرية التي لم تكن حجدبة بل مقاتلة من اجل زوجها بعكس ما يقول به الاسلام من انها عورة ومتاع للفحل زوجها. فطالما اصبح ميدان التحرير ايقونة للتحرر والثورة، فلتخرج معنا الدكتورة نوال في محموعة كبيرة من نساء مصر الي ميدان التحرير في تظاهرة - وسيحميها الشرفاء من رجال مصر - ويخلعن الحجاب فليخلعن ما لم يسترهن بعد ان غشهن المشايخ بان الحجاب صون للكرامة.


6 - اقتراح 2
محمد البدري ( 2011 / 12 / 28 - 09:17 )
المشايخ والعسكرهم انفسهم الرجال المعتدين في القنوات الصفراء يسخرون من الفتاة التي كانت ضحية.لقد قتلوها واعتدوا علي عفتها مرتين. الاولي عندما اقنعوها بانها عورة فحجبوها وفي الثانية عندما سكتوا عن العدوان عليهم وكشفهن وهن محجبات. يا دكتورة نوال نحن في حاجة الي ثورة علي كل اقوال الضلال، فهل يعقل ان نثور ضد حكم ضال ولا نثور ضد اقوال مضللة.طالما اصبح ميدان التحرير ايقونة للتحرر والثورة، فلماذا لا تخرج علينا الدكتورة نوال في محموعة كبيرة من نساء مصر الي ميدان التحرير في تظاهرة - وسنحميها نحن الرجال الشرفاء - ويخلعن الحجاب ومن المنقبات يخلعن النقاب. الجميع يخلع ما لم يسترهن بعد ان غشهم المشايخ بانه دليل عفة وصون. فمن استباحهن هم انفسهم من الرجال بل ووقف المشايخ في القنوات الصفراء يسخرون من الفتاة التي كانت ضحية. لقد قتلوها واعتدوا علي عفتها مرتين. الاولي عندما اقنعوها بانها عورة فحجبوها وفي الثانية عندما سكتوا عن العدوان عليهم وكشفهن وهن محجبات. يا دكتورة نوال نحن في حاجة الي ثورة علي كل اقوال الضلال، فهل يعقل ان نثور ضد حكم ضال ولا نثور ضد اقوال مضللة. تحياتي للدكتورة المقاتلة نوال السعداوي


7 - ثورة العبيد
نعيم إيليا ( 2011 / 12 / 28 - 11:28 )
((لم يتحرر العبيد والنساء فى التاريخ إلا بالدماء))
تحرضين الشباب على بذل الدماء، وتنعين على أحد الكتاب أنه لم يبك عليهم:
((أحد الكتَّاب الكبار يقول إن ثورة يناير المجيدة تم تشويه صورتها بهؤلاء الشباب الذين يحرقون المجمع العلمى، كنز مصر العظيم، يبكى عليه الكاتب الكبير ولا يبكى على دماء الآلاف من شباب مصر وشاباتها، كنز مصر الحقيقى )) ألا تشعرين بغرابة موقفك؟
ثم، أمن العدل والمنطق، ألا تدان جريمة بذريعة أن جريمة أخرى قد وقعت؟
ما هذا المنطق اللينيني المضل!؟
الزمن يا دكتورة قد تغير، الثورة خلعت لونها الأحمر، وارتدت لوناً أخضر قشيباً فتنبهي.
الشعب الروسي أسقط أعتى ديكتاتورية عرفها التاريخ، ولم يسفك قطرة من دم
فلماذا تحرضين على أن يقتل المصريّ المصريَّ؟


8 - التغيير الثوري لمفهوم العدالة والشرف
ناس حدهوم أحمد ( 2011 / 12 / 28 - 16:24 )
أحيي فيك يادكتورة نوال السعداوي هذه الروح الثورية العظيمة
فلقد ضقنا درعا بالخرافات والأفكار القديمة وتفاهات فتاوي فقهاء
الظلام
ضقنا درعا بهذا المجتمع العربي الذي يأبى التغيير فرغم الثورة
التي قام بها شباب مصر فقد تم السطو عليها والتف عليها أصحاب الفكر المنتمي إلى عصر الكهوف
وتم تعيين وزيرا أول من بقايا مبارك وزمرته وأصبح المجلس
العسكري هو المتحكم في مصير المصريين
إذن أين ذهبت الثورة
لم تعد مستمرة يا سيدة نوال
إنني جد مهموم وحزين ويائس

اخر الافلام

.. شاهدوا الفتاة التي اختارها بيو من أجل جاك ??


.. الأردن: ما وراء ارتفاع مؤشرات العنف ضد النساء؟




.. العراق.. -سوسو- تنتزع لقب ملكة جمال القطط • فرانس 24


.. إحدى المشاركات سعدية العسري من مدينة قلعة مكونة بجنوب المغرب




.. عضوة فرقة أحواش تماست بمدينة ورزازات عتيقة الكدير