الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراة مكان الخلق

كامي بزيع

2011 / 12 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يمكن اعادة رسم العالم عبر عملية خلق جديدة، وهذه العملية تتشابه مع عملية الخلق الاولى، الا انها هذه المرة تتم على يد المراة او بالاحرى قي داخلها.
ان خلق العالم تم في مكان، وفي هذا المكان تجلت الصور والاشياء، وهذا المكان عاد ليختزل في المرأة التي تشبه العالم. ان المكان جسّد عملية التكوين، كما المراة تجسد الولادة، فالمرأة والمكان واحد.
ينطلق ابن عربي من ان المرأة منفعل والرجل فاعل، والمنفعل هو الذي يتميز بالاستعداد للتلقي والحركة والتاثر، فالمكان ولديه هذه المميزات يصبح هو المرأة الذي يسكب فيه الرجل ماءه، فيتحول الرحم الى الوعاء، الى المكان و"لا غير الرحم محل للتكوين والخلق، فتظهر اعيان ذلك النوع في الانثى لقبولها التكوين".
اذن الجسد الانثوي يحمل ذاك النوع من القداسة التي تم به خلق العالم، انه جسد مقدس، لا يمكن الدنو منه الا بطهارة، لهذا يصبح الفعل الجنسي عملا مقدسا، فالجسد الانثوي ينطوي على اسرار التكوين وخفاياه، هو سكن الرجل، الذي يطمئن اليه، وله يشتاق ومعه يطيب الوصال.
العلاقة مع جسد المرأة يشبه تلك العلاقة مع الخالق الذي به تجلّى بابدع صوره، فهي جسد كامل يحاكي الخالق.
المرأة اذن بطبيعتها قابلة للخلق، للولادة، انها استعداد واف للتكوين ومحل لفعل الحق، وكان لا بد من ان يستمر العالم ومكانه، لذلك "فاذا لم يؤنث المكان لا يعول عليه" كشرط اساسي لخصوصية المكان وتحديده كما يؤكد ابن عربي.
ان المراة هي المحل، هي الطبيعة، السر الذي يتجلى ويتمظهر بارادة الخالق، لهذا عندما يشاهد الرجل الحق في المرأة فان شهوده كاملا وتاما.
الفعل الجنسي بحد ذاته هو تعبير عن هذا الشوق الذي يعتري المخلوق لخالقه، انها الشهوة القصوى الذي تصيب الانسان، ولا يستطيع التهرب منها او نسيانها ، لانها تحمل هذا التجلي الذي يربط الحبيب بحبيبه، ان هذا الشوق ممتع لكنه لا يمكن ان يتم الا بين رجل وامراة، رجل يكون هو الحال وامراة تكون المحل.
المراة والمكان يتحدان، لديهما الاستعداد للتكوين، والعلاقة بكليهما تأخذ هذا التشابه مع الوجود، فالوجود مؤنث، انه وجود حي متغير لا يعرف الاستقرار.
قد يصاحب فعل الخلق الالم، اللذة، الخيال، الحلم، المهارة، العذاب والسهر، تماما كأي ابداع. الا ان المرأة وحدها تستطيع ان تتحمل كل ذلك، لاجل اعادة الخلق واستمرار الاجيال، فيها يتم اختصار محل فعل الخلق ، في هيكلها الصغير القدسي داخل الرحم.
اذا كان المكان هو الفراغ الذي يستوعب اجسامنا بكل ما تحتويه من مشاعر واحاسيس واحلام وشغف، فان المراة هي المكان الذي نأتي منه، نسكن اليه، نحيا به، وفي غيابها يسود الليل والفراغ والعدم...
قبلها كان العدم، فأصبحت المكان، المكان النابض بالحياة، المستعد للزرع، المتأجج بالرغبة هي "محل الحوادث وهو عين الحوادث عليها، فانها محال ظهوره"، بهذا يختصر ابن عربي المكان والمراة في الخلق. هناك علاقة مشابهة للحق والخلق، علاقة متوازية، على نفس المستوى اذا جاز التعبير، بل هي علاقة متداخلة لان الحوادث اذا لم تتخذ محلا لا توجد، والامكنة اذا لم يكن لديها فاعلا لا توجد، هي علاقة مصيرية تربطهما وفق مفهمومنا المعاصر.
وابن عربي الذي يرى في المكان مايرفع النفس او يخفضها انما ينسبه الى المراة باعلى مستوياته، مقدما فكرا جديدا، يتلاقى في كثير من جوانبه مع الدراسات النفسية والانتروبولوجية والفلسفية وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
موجيكي المنذر ( 2011 / 12 / 28 - 10:45 )
الأنثى بنظري هي محور الأرض ومحركها الحقيقي ومنها المنطلق ولها الغايات

شكراً للكاتب

اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله