الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


؛؛الشرق الاوسط الجديد؛؛: الفوضى الخلاقة وضحايا التغيير (5)

علي عبد داود الزكي

2011 / 12 / 31
المجتمع المدني


ان العصر العالمي الجديد للعقود القادمة من هذا القرن هو عصر الشركات التي تفرض قدسية جديدة وتلغي القدسيات الوطنية ويكون الانتماء الجديد هو للاقتصاد الذي تديره الشركات العالمية التي حدود نفوذها تجاوز حدود الدول والقارات لتكون هي المتحكمة بالسياسة العالمية. لربما في العقود القادمة بظل العولمة (الامركة) سيتم السيطرة على العالم وسيتم الغاء مفهوم الدولة الحالي وستلغى قدسيات الاوطان ويتم الرجوع الى القدسيات الاقليمية الصغرى (المدن والبلدات والولايات) ومن خلال ذلك يتم الانتماء الى العالم كله (عالم باقتصاد تديره الشركات) بعيدا عن مفهوم الدولة الموحدة وسيكون الانتماء للعالم من خلال المصالح الاقتصادية والتي سوف تتكامل مع باقي مدن العالم وليس بالضرورة ان يكون تكاملها مع ما يجاورها من مدن وسيظهر فكر ادارة عالمي جديد يعتمد على التطور العالمي والادارة العالمية للشركات الكبرى التي ستظهر كقوى عظمى جديدة بدلا من القوى العظمى (الدول العظمى) في العالم الحالي الذي نشا بعد الحرب العالمية الاولى وترسخ اكثر في الحرب الثانية والذي كانت تديره وتتحكم به هذه الدول بما وضعت من اسس وانظمة وقيود عالمية بعد ان ربحت الحرب. لذا فان العصر الجديد سيشهد الغاء الكثير من منظمات ومؤسسات العالم الحالي والتي بعضها بدا فعلا بالانهيار امام الازمات الاقتصادية العالمية والتغير في النظم السياسية الدولية. انه عالم جديد بدات تسود فيه موجات التناقض الفكري بعد التحرر من الدكتاتوريات القديمة او فشل النظريات الاقتصادية وانهيار مقومات الاقتصاد العالمية التقليدية التي كانت سائدة خلال العقود الماضية تمهيدا لالغاء الارث الحضاري القديم للشعوب وسيادة افكار وقيم الامركة من خلال العولمة وعالم النت والحاسوب والموبايل. ان امريكا لديها اذرع طويلة تمتد بمكر لتنفيذ المخطط الامريكي باسلوب همجي اهوج لتوجيه الحركات الدموية الغريبة الافكار والتي وتبدو وكانها جاهلة لكن خيوط اللعبة تشير الى ان هؤلاء مسيرون بايدي امريكية خفية ضد المصلحة الوطينة العليا لشعوبهم ولمنع ظهور ديمقراطية حقيقية قد تقف ضد المصالح الامريكية.
ان بشاعة مشهد الانتقام من الدكتاتور المجنون القذافي وكيف انتهى بيد ابناء شعبه بشكل مهين اصبحت تمثل صورة انتقام دموي متسرع لا يمكن ان تمحى من الذاكرة ولا نقول انه لا يستحق هذه النهاية لكن الحادثة بدت اعلاميا كانتهاك كبيرا لحقوق الانسان وشرخا كبيرا في صرح القيم الانسانية التي يسعى الثوار الليبيين الى التاسيس لها في ليبيا الجديدة. ان استنكار الحدث لا يسقط جرائم القذافي ابدا وعلى كل حال هذه هي نهاية الدكتاتورية. نقول هنا لكل دكتاتور انظر هذه هي نهاية التشبث بالكراسي على حساب الانسان والوطن وعلى حسب حتمية التغيير في الحياة. ان من يقف ضد التغيير يجب ان يتنبه الى هذه الحقيقة ان التغيير سياتي حتى وان كان بنهاية مشابهة لنهاية القذافي. انتهى القذافي بدعم امريكي واوربي عسكري واقتصادي واعلامي وسياسي كبير جدا وبمباركة كبيرة من قبل بعض الانظمة الدكتاتورية العربية العتيدة. ولازالت الفوضى متسمرة وتنتنشر بسرعة كبيرة كتسوانمي عظيم يجرف اوثان الدكتاتورية ويقلع اوتاد التجبر. اذن مرحلية فوضى التغيير ستعم كل الشرق الاوسط لتفرض تبعاتها وتغيراتها على كل العالم. يبدو التغيير اليوم وكأنه طوفان من قيم الامركة التي بدات بفكر العولمة عبر عالم النت والاتصالات الحديثة. وكانت بدايته التاسيس لمدارس الفكر الاسود تحت رعاية المخابرات الامريكية وعملائها الاقزام في الشرق الاوسط منذ اكثر من عقدين من الزمن للتهيؤ لمرحلة مليشيات الشوارع الدكتاتورية الجاهلة لتسيطر على الشارع في الشرق الاوسط عند سقوط الانظمة الدكتاتورية المستبدة لتمزق ثوب الديمقراطيات الوليدة وترعب الشعوب وتكبح طموحاتها من نيل الحرية وتحقيق الامن والرفاه. لتندفع الشعوب مرة ثانية لترتمي بحضان امريكا ولتخضع مرة ثانية لانظمة حكم ديمقراطي هشة تخدم مصالح امريكا اولا.
ان فكر التنظير والاستراتيجية الناضجة في ازمة حقيقة اليوم في كل بلدان الشرق الاوسط بسبب طول فترات الظلم والاستبداد من قبل الانظمة العربية الدكتاتورية السابقة او التي على وشك ان تصبح سابقة لشعوبها وممارستها القمع الفكري للمثقفين والكتاب والمنظرين اضافة الى هروب الكثير من المفكرين من ظلم الانظمة الدكتاتورية في المراحل السابقة وتغربهم وابتعادهم عن اوطانهم وشعوبهم لسنوات طويلة ثم رجوعهم الى بلدانهم بعد نهاية انظمة الظلم في اوطانهم وهم يحملون تغرب فكري كبير عن وطنهم ومجتمعهم لا يمكنهم من ادراك الرؤى الوطنية السليمة. كما ان السياسات الدكتاتورية السابقة منعت ظهور اي مفكرين وطنيين وحاربتهم ونكلت بهم ووروجت لفكرة القائد الوحيد الاوحد مدى الحياة عبر اقزام التلفيق والادعاء من وعاظ السلاطين. اضافة الى كل ذلك فان قادة الفكر السليم في مرحلة نهاية الدكتاتوريات العربية لم ولن يظهروا ولم ولن يمنحوا حق الظهور الآمن وذلك لان امريكا لا تريديهم ان يظهروا ويفسدوا عليها مشروعها لذلك دعمت الجهل والغباء ليقود المرحلة الى فوضى كبرى يتم فيها اغراق كل من العملاء المحالين على التقاعد من قبل امريكا واغرق كل القوى الوطنية التي تختلف مع امريكا. كما ان سياسيوا الغفلة والصدفة السياسية في اغلب البلدان العربية فيما بعد نهاية الدكتاتورية هم ايضا لا يريدون ظهور فكر وطني يسحب البساط من تحت اقدامهم ويجردهم من السلطة.
قلنا كلمة وبقيت كلمات قلنا راي وننتظر اراء ولا نجزم بما نعتقد فهو راي قابل للنقاش قد تمر الايام وتثبت بعضه وقد تنفي بعضه وقد تنفيه كله. اننا نهدف الى استفزاز الرؤى لدخول حلبة النقاش والاستقراء ومحاولة فهم ماحدث واستدراك ما سيحدث.

د.علي عبد داود الزكي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟