الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمعٌ ذكوريّ... امرأة تُعجز نفسَها: ردًّا على أسماء صباح!

سيمون جرجي

2012 / 1 / 2
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


كنتُ عزمتُ المشاركة في صفحة التعليقات أدنى المقال، والإيجاز خوفًا من الحشو والتكرار، إلّا أنّ طول نصّ التعليق ألجأني إلى صياغته في صورةِ ردٍّ قصير يُجمل الأفكار التي عرضت لي إبّان القراءة!
عزيزتي الكاتبة، أسعدَ اللهُ مساءَك وأجزلَ لكِ الثّناء على مناصرتِك حقوقَ المرأةِ في مجتمعاتنا الذّكوريّة، لا أُخفي عنكِ، بدايةً، امتعاضي من إهمالِك التطرّق إلى أسباب ذكوريّةِ المجتمعات واستمرارِها وتضخّمِها في مجتمعٍ دونَ آخر، ومن إهمالِ التَّسميات الحقيقيّة واستبدالها بأخرى (عمدًا أو عن غير عمد)، ممّا جعلَ مقالَك أعلاه عرضًا لا يُعالج موضوعَ المقال بشكلٍ كافٍ وافٍ، ويُهمل الأسبابَ وأساليبَ التحرّر منها فالمعالجة وصولًا إلى الهدف.
وبغضِّ النَّظر عن السَّبب الرئيسيّ الطبيعيّ الذي أدّى، منذ البدء، إلى سيطرة جنسٍ على آخر، كما عرضَ ذلك الأستاذُ نعيم إيليا في مقالٍ له "ضد عبد القادر أنيس وفاتن واصل"، على صفحات العدد 3394 من الحوار المتمدن ، فإن الأسباب المتعلّقة بثقافة المجتمع غائبة كليًّا في المقال، وقد تكون مغيّبة إمّا خوفًا من ذكرِها، أو جهلًا بها، ولا يُمكن إزاء عالم اليوم، وأمام وفرة مقالات الكاتبة وثقافتها إلا الإقرار بالتغييب القسريّ تهرّبًا منها ومن النتائج التي قد تترتّب عن ذكرِها في ظلّ مجتمعات متخلّفة مريضة.
تتساءل الكاتبة في مقدّمة مقالها عن سبب قلّة عدد النّساء اللواتي يعرفن بحقوقهنّ ويسعين إلى انتزاعها، ثُمَّ تجيب على تساؤلها سريعًا وتقول: "لأن المجتمع العربي الذكوري خلق امرأة عاجزة عن التطلع للامام". وتختم مقالها كما لو كانت تعرضُ أمام القارئ الحلَّ الرّئيسيّ في معالجة قضيّة الانتقاص من حقوق المرأة، تقول: "ان مجتمع ذكوري كالمجتمع العربي بحاجة الى اعادة صياغة، اعادة تربية، واعادة ترتيب للاولويات". وفي المقدّمة والخاتمة تتعمّد الكاتبة تسمية هذه المجتمع (أو المجتمعات) بالمجتمع العربي، بدلًا من استخدام التسمية التاريخيّة الدّقيقة "المجتمع الإسلاميّ"! وشتّان ما بين التسميتين! المجتمعات العربيّة يا سيّدتي كانت، ما قبل نشأة الإسلام، منحصرة في مناطق جغرافيّة معيّنة، كما أنّ ثقافتها كانت محدودة جدًّا في تلك المناطق. ومع نشأة الإسلام فانتشاره وُئدت كلُّ ثقافة لتحلّ الثّقافة الدينيّة شيئًا فشيئًا مكانها أجمعين! فنشهد أسلمة العادات والتّقاليد وكلّ عنصر ثقافيّ آخر تحت حكم الله المطلق وشريعته وشريعة رسولِه المتمثّلتين في القرآن والحديث والفقه... إلخ!
إنَّ الكاتبة في حماسها، وهو حماس مشروع، وغيرتها على جنس حوّاء، وغيرتها حقّ؛ لم تتنبّه إلى أنّها عابت المجتمع لاعتباره جسد المرأة عورة (ولعلّها تنبّهت فغضّت الطّرف)، وهذا اعتبارٌ دينيّ إسلاميّ حصريّ يرى في المرأة عورة، لا بل مجموعة من العورات لا يسترها إلا النّقاب. ألم تقرأي في القرآن: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (سورة النّور 31)؟! أوَ لم تقرأي أيضًا ما قالَه نبيُّ هذا المجتمع: "إنَّ المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشّيطان وأقرب ما تكون من وجهِ ربّها وهي في قعرِ بيتِها" (سنن الترمذيّ). أوَ لم تسمعي عزيزتي الكاتبة ما قالَه أحد أشهر شيوخ بلادك أبو إسحق الحويني السلفيّ: "إنَّ وجه المرأة كفَرْجها"؟! من أين لمخيّلة السلفيّ الحويني هذا الإبداع الذي ساوى وجهَ المرأة بفَرْجها، لو لم يقرأ ويتأمّل في سورة النّور هذه، وفي زبدة أقوال علماء التفسير فيها، وفي هذا التّسلسل العجيب الذي بدأته الآية الواحدة والثّلاثون منها في إلحاقِ الفروجِ بالأبصار؟! من أين له هذه الصّورة في جعل كلّ ثغر في المرأة عورة لولا قول نبيّه في الترمذيّ؟!
ألم تفطن الكاتبة أيضًا إلى أنّها اتّهمت المجتمع باعتبار المرأة أقلّ من الرّجل، والمجتمع يستوحي هذا الاعتبار مرّةً أخرى من كتابِه الكريم في آياتِه التي تحطّ من شأن المرأة، ومن سنن نبيّه الذي لا يرى في النّساء سوى ناقصات عقل ودين! لماذا تنتفض الكاتبة على الرّجال الذين لا يرون في النّساء، على حدّ قولها، سوى المتعة، وسبقَ القرآنُ وصرّح: "نساؤكم حرثٌ لكم... "، و"انكحوا ما طابَ لكم من النّساء... "؟!
تختم أسماء مقالها بمجموعة من النّصائح تنصحُ بها المجتمعَ ليعيدَ ترتيب الأولويّات، فهل ستسمح له إذًا بإبعاد الدّين ونصوصه عن احتلال صدارة الأولويّات؟! تنصحُ للنساء بتربية جيلٍ من الذّكور قادرٍ على تصوّر المرأة كشريكة، فهل تنصح للأمّهات أن يُبعدن عن وسائل تربيتهنّ "الدّينَ" ونصوصه المهترئة؟! تنصحُ للمجتمع ألا ينظر إلى المرأة نظرةً دونيّة، فهل تقبل بأن يمسحَ المجتمعُ عينُه من ذاكرته وفكره نصوص الإله المقدّسة التي رسّخت فيه هذه النّظرة؟!
حتّامَ يتعامى المثقّفون العرب عن مشكلة المشاكل؟! وحتّامَ يبحثون عن الفلس الضّائع في النّور وهم يعرفون أنّه ضاعَ في الظّلام؟! حتّام يسخرون من أنفسهم ومن جماهير النّاس والقرّاء في إغفالهم المتعمّد أسباب التخلّف الرئيسيّة؟! حتّام يا أمّة الأعراب يا أمّة النّعام؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كتاب مفيد
محمد بن عبد الله ( 2012 / 1 / 2 - 10:58 )
من أفضل ما قرأت أخيرا كتاب عن الرسائل المحررة بأقلام المرأة في مصر القديمة غداة الاجتياح العربي
يفاجئنا هذا الكتاب بالكم الهائل لمثل تلك الرسائل عاكسا صورة مجتمع حر محترم تتعلم فيه المرأة على أعلى مستوى وتستقل بشؤونها

كما يوضّح أن معظم هؤلاء كتبن باليونانية لغة الحضارة العالمية حينئذ

قبل الاجتياح كانت مصر عضوا فاعلا في المجتمع العالمي المتحضر ثم جاء عمرو بن العاص...!

اسم الكتاب
Womens Letters from Ancient Egypt

وهو متاح للتنزيل مجانا من احد الروابط التالية

http://depositfiles.com/files/h3vogfq94

http://www.filesonic.com/file/2607984414

http://www.wupload.com/file/434204393


2 - تقلّب الأحوال!
سيمون جرجي ( 2012 / 1 / 2 - 12:53 )
عزيزي محمّد بن عبد الله

شكرًا لك هذه الإشارة، عسى أن تنفعَ مَن يرغب في الانتفاع!
وهكذا أيضًا كان حالُ العراق، وكان حال سورية وبلدان كثر غيرهما... ويؤسفني أن تصل بنا الأحوال إلى هذه الأيّام!


3 - تحيه جميله لهذا النقد الرائع
فؤاده ( 2012 / 1 / 18 - 12:03 )
فعلا ما ذكرته عن اسباب النظره الدونيه , قسم من الكتاب يرغبون بالتحدث دون اظهار السبب مياشره وهذا اعزوه ربما للخوف او لارادتهم بان يجعلوا الكاتب ينشط بفكره ويبحث , او ربما دمج المجتمع العربي بالاسلامي فالمجتمع العربي اسلامي بالدرجه الاساس وفكره جامد بتأثير ما يسير عليه من تعاليم دينيه باليه

اخر الافلام

.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير


.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م




.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد


.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد




.. فتحية السعيدي ناشطة نسوية وأخصائية في علم الاجتماع