الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والجنس.. الثورة والدستور

نوال السعداوى

2012 / 1 / 3
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



فى الستينيات من القرن الماضى صدر كتابى «المرأة والجنس» يتضمن حقائق طبية تؤكد أن الشرف لا علاقة له بالعذرية.

كانت كلمة «العذرية» من المحرمات فى مجال الطب والعلم، فما بال أن تنشر على الناس فى كتاب بلغة عربية بسيطة، يفهمها الأطفال من البنات والأولاد فى المدارس الابتدائية. وصدرت الأوامر من السلطة الحاكمة حينئذ بإعدام الكتاب، لكنه ظل حياً تقرؤه الأجيال المصرية والعربية، جيلاً بعد جيل، خمسة أجيال.

كم أم وأب فى مصر وخارجها قالا لى: كتابك أنقذ ابنتنا من القتل. تمت اليوم إدانة جريمة فحوص العذرية وإيقافها، يرجع الفضل إلى النساء المشاركات فى الثورة منذ يناير ٢٠١١، وشجاعة «سميرة إبراهيم» وأبيها، وكم من أب يسكت (خوفاً من الفضيحة) إن تعرضت ابنته لما يمس العذرية، أو يقتلها وإن كانت المجنى عليها، جرائم الشرف وفحوص العذرية كانت تجرى للبنات بواسطة رجال العائلة فى العصر الطبقى الأبوى منذ قرون، أو بواسطة رجال البوليس والسجون، لا يعلم عنها أحد إلا الفتاة الضحية، تشعر بالعار فتسكت، ويسكت أهلها خوفاً من الفضيحة، كلمة «العذرية» خرجت إلى العلن والنور بفضل الثورة المصرية، سقطت عنها هالة التقديس والتحريم وشبح الدنس والعار.

نجحت الثورة فى فضح القانون الأخلاقى الفاسد، كما فضحت الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

درست علوم الطب لسوء حظى، طاردتنى الحكومات المصرية خمسة عقود، عرفت مضار عمليات الختان للبنت والولد، عرفت أن ثلاثين فى المائة من البنات يولدن دون عذرية بيولوجية، أو بأنواع مختلفة من غشاء البكارة لا تنزف ليلة الزفاف، كنت ألاحظ الداية تغرق البشكير بدم دجاجة بدلاً من دم العروس، وأسمع الهمس بين النسوة الكبار.. عرفت أن العالم كاذب مزدوج الوجه، فى القرية والمدينة والمدرسة والبيت والشارع، عالم قبيح يظلم الأطفال خاصة البنات، خاصة الفقيرات والخادمات، والمولودات دون أب أو أم.

منذ العاشرة من عمرى حلمت بالثورة لتغيير العالم القبيح، كانت البنت من عمرى تُساق بالقوة والضرب إلى عريس من عمر أبيها وجدها، لولا صمود أمى الثائرة لتزوجت فى العاشرة من عمرى رجلا فظا يملك قطعة أرض مزروعة «تين برشومى»، ومنزلاً من دورين يشبه دوار العمدة، كدت أتزوجه لأشبع من التين البرشومى اللذيذ، لولا أمى وحلم طفولتى.

كنت أرى نفسى محلقة فى السماء، أجتاز البحار والأنهار إلى عالم ليس فيه ظلم، ولا تزويج الأطفال البنات بالضرب، ولا طفلة تذبح لأنها لم تنزف ليلة الزفاف، ولا رجال قلوبهم فظة لهم شوارب ودقون كثيفة الشعر، ولا عائلة تفضل الولد على البنت، ولا مدرسة تفضل التلميذة الغنية على التلميذة الفقيرة، ولا عمدة ينهب الفلاحين ويضربهم بالكرباج، ولا ملك ولا إنجليز يسرقون محاصيل القطن كما يقول أبى وجدتى الفلاحة.

كانت كلمة «ثورة» تعنى «الكفر»، ننشد فى المدرسة هذه الكلمات الثلاث «الله.. الوطن.. الملك»، كانت الثورة تعنى الكفر بالثلاثة معا، فى وقت واحد دون فصل أحدهم عن الآخر.

وكان الأب يملك السلطة المطلقة فى القانون، يبيع ابنته الطفلة لرجل عجوز نظير مبلغ من المال يسمونه «المهر»، يطلق زوجته التى خدمته نصف قرن ليتزوج طفلة فى العاشرة، يجمع بين أربع زوجات فى وقت واحد، يطلق منهن من يشاء، يتزوج ويطلق دون سبب إلا نزوته ومصلحته الخاصة دون اعتبار لمصلحة الأسرة المقدسة؟

فى المدرسة كتبت قصة من الخيال بعنوان «مذكرات طفلة اسمها سعاد»، عاقبنى المدرس بصفر، وتقرير سيئ يتهم فيه «خيالى» بالجنون والكفر والشطط والتطرف.

الكلمات الأربع (الجنون، الكفر، الشطط، التطرف) تصف بها الحكومات المصرية أى خيال إبداعى يثور ضد الظلم والإهانة.. الخيال وأحلامنا كانت تعاقب، عرفت السجن والمنفى وتشويه السمعة وقضايا الحسبة بسبب الخيال وحلم الطفولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم
مازن صلاح ( 2012 / 1 / 3 - 07:45 )
كان اسمك في تلك الحقبة يعني الثورة في وجه الموروث الغارق في التخلف. كم هي تعاني تلك الفتاة العربية من ظلم الموروث العقائدي و العرف الاجتماعي معا و كيف سينتصر لها الذكور و هم من يعشعش التخلف في فكرهم واهمين بان المراة المقيدة المكبلة اصلح للمجتمع....هناك قلة من النساء مع استمرار القهر الممارس عليهن و هؤلاء من المحظوظات في من توفر لهن عيشة سهلة و لكن نحن بصدد الغالبية الساحقة ممن حرمن من العيش الكريم اللاتي لو مارسن الحياة من دون قيود جاحفة لابدعن و انتجن حياة راقية لاجيال لاحقة


2 - المراة والجنس
انوار يوسف ( 2012 / 1 / 3 - 17:14 )
المقال اكثر من رائع ويدخل الى العقل والقلب مباشرة ,اتمنى يا مفكرتنا العظيمة ان تستمري في نظالك ضد المعتقدات المتخلفة وستدعو بنات اليوم ونساء المستقبل لك بالخير لانقاذك حياتهن ......وستتحرر المراة من هذه المعتقدات تماما بانتهاء دور المؤسسات الدينية التي هي من يغرس هذه الافكار في عقول الناس...............تحياتي لك


3 - السعداوي نوال
ابواحمد1 ( 2012 / 1 / 3 - 20:07 )
الاخ مازن والاخت انوار احييكم كما احيي الاستاذة نوال .ما علاقة العقيدة بما عانته الاستاذة وهل المسلمين هم الحكام على الاسلام ام الاسلام هو الحكم على افعال اتباعه انا استغرب هذا العداء الغير مبرر عند الاخ والاخت والاحظ ان الناس تنتظر ان يفتح احد النار على الاسلام ليفتحوا نيران مدافع الكراهية التي تختذلها نفوسهم ضد الاسلام عجيب امر الانسان انا اتحدى ان يكون هناك نظاما اكثر انسانية وعدالة ورحمة من الاسلام لكن مشكلة حضرات كل الكارهين للاسلام انهم يريدونه ان يكون في جزئية خاصة بهم يريدونه ان يمثل رغباتهم بعض النظرعن بقية الناس وهذا لا يقول به العقلاء مطلقا الاسلام نظام حياة متكامل اذا اردتم معرفة عظمته فناقشوا ما يطرحه بعد ان تفهموا اطروحاته وليس ان نصبح كببغاوات لاعدائه وعلى فكرة الاستاذة نوال لم ارى لها صراعا مع الدين وانما صراعها مع مجتمع ينسب عاداته ظلما للدين وكنت ولا ازال اتمنى ان تعزل الاستاذة نوال بين الدين واتباعه فالدين الاسلامي لا يمكن ان يوجد فيه خلل وظلم وفرق بين المراةوالرجل الا في مجال التنوع البيولوجي وما يقتضيه هذا الاختلاف بغير ما اعتداء على الكينونة الانسانية لاي مخلوق


4 - الرقص حول الجردل
هانى شاكر ( 2012 / 1 / 3 - 20:53 )


فى الغرفة رائحة فجة و كريهه ... رواد الغرفة منتظمين , مواظبين , ملتزمين ... الخادمة تدخل الغرفه فجرا و تكنس الغرفة و تمسحها بماء ساخن و صابون ... ربة المنزل تفرش السجاد و أغطية الكنب .. المقرئ يبارك الغرفة بما تيسر من الآيات و البخور ... الزوار يتقاطرون .. العمدة و شيخ البلد و المأمور و الشاهبندر و الطبيب .. تمتد موائد العشاء بما لذ و طاب ... كل القضايا تطرح .. أخبار العاصمة .. حركة التنقلات .. العراق و امريكا ..المرأة والجنس.. الثورة والدستور .. عذرية البنات ..الحلف بالله جل وعلا ... ينسحب ضيوف الدرجة الثانية و يبقى فقط المقربين جدا ... يبدأ الرقص و الغناء .. الويسكى و الغازية و حشيش الجوزة .. البوكر و الصفقات .. ينزع غطاء الجردل قليلاً و يبدأ الكبار فى المغادرة واحداً بعد الآخر ... آخر ضيف يضع الغطاء على الجردل و يسحب الباب خلفه ...

لا يجرؤ مخلوق واحد فى القرية على زحزحة الجردل !


5 - ليطول عمرک
طاهر حاج حسن ( 2012 / 1 / 3 - 20:57 )
انتي جزء من الثورة التي حتی الان في بدایاتها، ثورة من اجل الحرية و المساواة الکاملة لکل المجتمع
انتي رائدة النسوة المضلومات في کل دول العربية


6 - ليطول عومرک
طاهر حاج حسن ( 2012 / 1 / 3 - 20:59 )
انتي جزء من الثورة التي حتی الان في بدایاتها، ثورة من اجل الحرية و المساواة الکاملة لکل المجتمع
انتي رائدة النسوة المضلومات في کل دول العربية


7 - هذه هي الحقيقة
ندى فاضل ( 2012 / 1 / 4 - 01:04 )
المجتمعات العربية الذكورية والموروث الاجتماعي المتخلف اللانساني لا زال يحكمنا الى هذا اليوم.مقالة رائعة للاستاذة نوال السعدواي كما عودتنا دائما تعبر بصدق عما يدور في عالمنا هذه الايام والتي لم تختلف عما كانت عليه قبل عقود بل ربما اسوء, في وقت اصبح فيه العالم المتحضر يتسابق للوصول الى مقدمة الدول في مجال حقوق المرأة وحقوق الانسان وغيرها من الحقوق.قدمت الكثير من النساء التضحيات وتعرضوا الى شتى انواع التعذيب الى الحد الذي ضحوا بحياتهن في سبيل الحصول على ابسط حقوقهن في الحرية والمساواة ولا زال الطريق طويل لذلك.يحتاج تغيير المفاهيم في المجتمع لثورة ثقافية تبدأ منذ الطفولة ومنذ نعومة اظافرهم في رياض الاطفال والمدارس بشكل تدريجي لترسيخ مفهوم احترام الانسان وحريته وحقه في الحياة سواء كان هذا الانسان رجل ام امرأة.


8 - الشرف الحقيقي
selina ( 2012 / 1 / 12 - 20:43 )
مقالة رائع وفي الحقيقة نعم لم يكن شرف الفتاة بين فخديها او مجرد قطرات دماء فمن يحكم بهده العقلية لايعرف معنى كلمة الشرف الحقيقي ولكن المشكلة بان هده العقلية او المسلمة لازالت مستمرة عند الكتيرين


9 - شكرا نوال
صيفي ( 2012 / 1 / 13 - 11:06 )
المعتقدات الغيبيه والجنس محرمات يجب عدم المس بها من وجهة نظر السلطه ونقصد بالسلطه هنا الابويه او الاقطاعيه او السياسية او الاقتصادية وعلى راسها سلطة الرجل. ومن يخرج او يرفض يصبح خارجا عن الدين والاخلاق. كل ذالك من اجل تسيد السلطه الاجتماعيه
الدكتوره نوال من اوائل من حوربو من اجل ذالك ويكفيها انها من اوائل من حررونا من هذا الاستعمار المتسلط

اخر الافلام

.. شاهدوا الفتاة التي اختارها بيو من أجل جاك ??


.. الأردن: ما وراء ارتفاع مؤشرات العنف ضد النساء؟




.. العراق.. -سوسو- تنتزع لقب ملكة جمال القطط • فرانس 24


.. إحدى المشاركات سعدية العسري من مدينة قلعة مكونة بجنوب المغرب




.. عضوة فرقة أحواش تماست بمدينة ورزازات عتيقة الكدير