الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطغيان

محمد ماجد ديُوب

2012 / 1 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الطغيان مفردة كريهة يرفضها الإنسان لمجرد ورودها في أي حدبث يسمعه

فهذه المفردة ما إن ترد في أي حديث حتى يتبادر إلى ذهن سامعها أن المقصود منها طغيان سلطة ما وترتبط هذه المفرة بسلوكيات الحكام المتوحشة فكثيراً ما يوصف الحاكم الظالم بأنه طاغية

مفردة الطغيان هذه إرتبطت بشكل عام بمفهوم سياسي حيث بات ذها المفهوم هو المفهوم السائد

كتب الكثير من الكتاب السياسيين عن الطغيان وبحثوا في العمق عن معنى الطغيان وأسبابه فكانت النتجية أن الطغيان عند جُلهم هو معنى معاكس للديمقراطية وبالتالي هو معاكس في العمق لمعنى الحرية

لكن المشكلة التي وقع فيها كل من كتب عن الطغيان هي أنمه قصروه على المعنى السياسي

هل الطغيان هو فعلاً مقصور على المعنى السياسي ؟

عندما نبحث عن معنى مفردة الطغيان في أي قاموس لغوي نجد أن معناها لايتجاوز معنى الشمول والتعميم فعندما نقول طغى السيل نقصد عمً وشمل

وعندما نقول طغى الحبيب نقصد أنه تحكم فينا تحكماً عاما وشاملاً

ولكثرة إستخدام هذه المفردة نجد أنه من اللازم والضروري تحديد نوع هذا الطغيان كأن نقول هو طغيان سياسي أو هو طغيان عاطفي أو هو طغيان إعلامي أو هو طغيان مادي أو هو طغيان وبائي أو هو طغيان فكري أو هو طغيان عقائدي أو هو طغيان ديني إلخ .....

يلاحظ المدقق في مسيرة البشرية أنها لم تخرج يوماً من دائرة الطغيان أكان على الصعيد العام أم على الصعيد الفردي

فمن الطغيان السياسي إلى الطغيان الفكري إلى الطغيان الديني إلى الطغيان السلطوي إلى آخره على الصعيد العام

أو من الطغيان الغرائزي إلى الطغيان العاطفي إلى الطغيان الأبوي أو الطغيان الأمومي إلى آخره على الصعيد الفردي

كما أنه من نافل القول أن الطغيان أياً كان إسمه أو سببه هو أمر مرفوض لأنه على النقيض التام مع مفهوم الديمقراطية والذي يجعله في العمق على التناقض التام مع مفهوم الحرية

لكن علينا إن كنا جادين في رفضنا للطغيان تحت أي شكل وقع أن نحدد أولاً أي أنواع الطغيان هو الأشد خطراً على البشرية في مسيرتها

ما من شك أن البشرية على الصعيد العام والفردي لاتفاخر بشيء أكثر من مفاخرتها بالعقل هذا العقل الذي لايقبل أي إنسان أن تشكك بقدرته التي يمتلكها فهو عنوان إنسانيته في أعمق معانيها وعنوان وجوده في أدق معانيه

هذا الإنسان الذي يتوهم أنه حر في تفكيره سوي في عقله لايقل قدرة على الفهم من أي عالم أو عبقري من البشر

الدين ولنقل العقائد عندما تتملك العقل تمارس عليه طغياناً أين منها بقية الطغيانات الأخرى والتي يرى فيها طغيانات يجب أن تحارب بكل القوة وبكل السبل ومع ذلك لايرى الطغيان الذي تمارسه العقائد والأفكار التي تملؤ دماغه وتحشو ذهنه غير منتبه إلى أن الطغيان لهذه العقائد والأفكار هي الأكثر قذارة ووحشية في ممارستها للطغيان إذ أنها تصيب العقل بالشلل التام والعمى التام فلا تجعله يرى إلاها ولايستطيع منها فكاكاً وتمنعه من التفكير بشكل مغاير لما ترسمه له إذ نرى ان المتدين لايمكن له بأية حال من الأحوال أن يصدق ما يأتي العلم إن وجده مخالفاً لما يؤمن به ويعتقده صحيحاً ومن مسلماته الإيمانية ألم يرفض إبن باز مفتي آل سعود القول بكروية الأرض؟

ألم يرفض ألكهنة في الديانات المدعوة سماوية الإستنساخ لأنه وليس قالوا يتناقض مع الأخلاق الإلهية ولكنه بسبب أنه ينسف فكرة الخلق التوراتية من جذورها ؟

ولو علم هؤلاء الكهنة أن النظرية النسبية تبرهن بشكل قاطع على أن إلههم خالد بسبب تحركه بسرعة تقترب لانهائياً من سرعة الضوء فأضحى خالداً وكلي القدرة أي أنه لوكان يتحرك بسرعة بطيئة نسبياً تعادل سرعة تحركنا الكونية لكان مثلنا عمره قصير وقدرته محدودة

من يتأتى للعقيدة هذا الحجم الهائل من الطغيان ؟

عندما يؤمن المرء بحبيته تملكه وتبدأ بممارسة طغيانها عليه وعندما ينجرف وراء لذة ما .تأسره ويبدأ بالوقوع فريسة لطغيانها عليه

هناك الكثير من مثل هذه الطغيانات ولكنها يمكن الفكاك من تأثيرها بعد أن يتم عقد العزم على ذلك بما فيها الطغيان السياسي أو الطغيان الإجتماعي أو الطغيان الطبقي

لكن المشكلة في طغيان العقائد أنه يرتدي لبوس القداسة والتي أوهموه أنها مفروضة من السماء التي تملك عليه مستقبله بعد الموت وهو لايدري ما الذي سيحل به إلا بما تخبره به هذه العقائد المقدسة

فأي خروج عما تفرضه هذه العقائد ستجعل نهايته في نار وقودها الناس والحجارة

هناك ديانات كثيرة وضعية أو كالمفترضة أنها سماوية ولكنها لاتمارس تدخلها في كل شاردة وواردة أو في كل كبيرة وصغيرة في حياة الفرد وتترك للفرد هامشاً مقبولاً من الحرية إن على الصعيدين الفردي والعام

أما الإسلام الذي يجد المرء نفسه فيه مقيداً بسلوك الرسول ففيه أسوة حسنة والكتاب الذي لم يفرط في من شيء وأنه عليه الإمتثال في كل ثانية من ثواني حياته لتعاليم الإسلام المقدسة فهو لم يخلق إلا ليأكل ويشرب ويتناكح ويعبد الله صلاة وزكاة وحجاً وصوماً وقبل كل ذلك عدم الشرك بالله بشهادته له أنه لاإله غيره وأن محمد رسوله

وفوق ذلك كله أن ما عداه من البشر إما كافر أو مشرك أو ضال أو مغضوب عليه وأنه يوم القيامة لايقبل منه شيء إن لم يكن مسلما بمعنى أن الآخر اياً يكن الآخر فهو مرفوض وأنه(المسلم ) لوجاء يوم القيامة ملء قراب الأرض خطايا لقوبل ملؤها مفغرة بشرط عدم الإشراك بهذا الإله

أبعد هذا طغيان ؟ وأي طغيان أكثر وحشية منه ؟طغيان المقدس هذا

ومع ذلك هناك من يدعونا لنبارك إستلام الإسلاميين السلطة في بلدان تغييب العقل والمنطق تحت ستار ديمقراطية لايمكن أن يؤمنوا بها فهي ضد عقائدهم المقدسة وتحت ستار حرية هم وإلههم أبعد ما يكونون عنها

عجبي!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أوافقك الراي
سوري فهمان ( 2012 / 1 / 6 - 11:35 )
السيد ديوب أوافقك الراي بما يتعلق بطغيان الدين عندما يستلم السلطه واوضح مثال على ذلك ما يحصل في إيران الاسلاميه من تخلف وظلم . ولكن ذلك لا يعطي ألحق لسرق السلطه من الشعب و أطهاده تحت مسميات الوطنيه والقوميه كحالة الجمهوريه الوراثيه الزرافيه
أطيب التحيات


2 - السيد المحترم سوري
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 6 - 20:39 )
لو لم يستظل كل هؤلاء في ظل خيمة الدين والعقائد لما تمكنوا من ممارسة طغيانهم
لك تحيتي


3 - العزيز محمد ماجد
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 1 / 7 - 06:01 )
تحيه وتقدير
لا تتعجب لانهم سيقولون الثوره سُرِقت ويعودون الى أماكنهم التي تركوها
انهم عمي صم لا يحترسون ولا يتفقهون و لا يتعلمون
ستجد من يطلق مفهوم جديد سيسميه طغيان الديمقراطيه
تقبل التحيه


4 - الغالي رضا
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 7 - 07:24 )
لو كانوا يدركون إلى أي طغيان هم سائرون بشعوبهم لقطعوا أرجلهم كي يتوقف مسيرهم
أسعد صباحك ولك أجمل تحية

اخر الافلام

.. ميناء غزة العائم يثير بوجوده المزيد من التساؤلات | الأخبار


.. نتنياهو واليمين يرفضون عودة السلطة إلى القطاع خوفا من قيام د




.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة ويزيد حدة التوتر في إسرائيل | #مر


.. دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر.. شرطة #مولدوفا تنقذ رجلا مسنا




.. البنتاغون يعلن بدء تشغيل الرصيف البحري لنقل المساعدات إلى قط