الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الخلافة وأوهامها (١)

رفعت السعيد

2012 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



وما إن اتسعت رقعة النشاط السلفى حتى اتسعت رقعة الحديث عن الخلافة والقول بأنها فريضة، وما لم ينهض المسلم بالدعوة إليها فهو آثم، الأمر الذى يدفعنا إلى الكتابة فى هذا الأمر، ولا نزعم قبل أن نمضى فى الكتابة أننا نمتلك القول الفصل، ولكنها محاولة لفتح حوار حول هذا الأمر ربما ينهض به من هم أجدر منا بفهمه والإحاطة بأمره.

ونبدأ كالعادة بتعريف كلمة الخلافة، وفى القاموس الوسيط نقرأ: «الخلافة هى الإمامة، والخليفة هو المستخلف والسلطان الأعظم» لكن الشائع فى القواميس الأخرى هو: «أن الخلافة هى رئاسة عامة للمسلمين فى كل الدنيا» بمعنى «أنه لا يجوز لبلد أو جماعة من المسلمين أن ينفردوا باختيار الخليفة، بل يتعين أن يبايعه المسلمون فى كل بقاع الأرض. ومن لا يبايعه يكون آثماً» «ومن مات وليس فى عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية».

وفور وفاة الرسول الكريم ثارت هذه المسألة، وتطلع آل البيت إليها خاصة على بن أبى طالب، لكن عمر بن الخطاب خشى أن يتحول الأمر إلى تقليد، ثم إلى عرف، فقال لابن عباس «إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتذهبوا فى السماء شمخاً بذخاً» (ابن أبى الحديد- شرح نهج البلاغة- جزء ٢- صـ٩).

وأتى أبوبكر بعد ملاسنة شديدة وربما قاسية مع سعد بن عبادة الذى طالب بها للأنصار ثم طالب ببعض منها لهم «لكم أمير ولنا وزير». ومنذ اليوم الأول عرف أبوبكر حدوده فوقف فى الناس قائلاً: «أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامى هذا كارها ولوددت أن فيكم ما يكفينى» ثم «أتظنون أنى أعمل فيكم بسنة رسول الله؟

إذن لا أقوم بها. إن رسول الله كان يعصم بالوحى، وكان معه ملك، وإن لى شيطاناً يعترينى. ألا فراعونى وإن زغت فقومونى» (أبوجعفر الطوسى- تلخيص الشافى- الجزء الأول صـ١٠). وهكذا ومنذ اليوم الأول تحول الحكم والأحكام إلى مسألة إنسانية فالوحى انقطع. وحكم الحكام بالرأى أو بالدقة بما يعتقدون هم أنه مستمد من الشرع. لكن هذا الاعتقاد فعل إنسانى يحتمل الخطأ والصواب. وتوالى الخلفاء الواحد تلو الآخر، ولكل منهم رأيه ورؤيته وممارساته التى تختلف عن الآخرين. ويورد الإمام السيوطى أن عبدالملك بن مروان (حكم ٧٣ هجرية) خطب فى الناس يوم ولايته قائلاً «أيها الناس: لست بالخليفة المستضعف (عثمان) ولا بالخليفة المداهن (معاوية) ولا بالخليفة المأفون (يزيد) ألا أنى لا أداوى هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لى قناتكم. والله لا يفعلن أحد فعلة إلا وجعلتها فى عنقه، والله ما يأمرنى أحد بتقوى الله بعد مقامى هذا إلا ضربت عنقه».

أما قصة عبدالملك بن مروان هذا، فتبدأ بأنه انتقل إلى المدينة شاباً وأقام فى مسجد الرسول يقضى يومه وليله يصلى ويقرأ القرآن، حتى سموه «حمامة المسجد»، واستبشر الناس خيراً إذ تولى الخلافة، فإذا به يقول ما قال «والله ما يأمرنى أحد بتقوى الله بعد مقامى هذا إلا ضربت عنقه».

وأول من قال بالخلافة الخليفة معاوية ورجاله فمعاوية يزعم «والله ما أردتها لنفسى لولا أنى سمعت رسول الله يقول: يا معاوية إن حكمت فاعدل». ثم ابتدع رجاله حديثاً مكذوباً «الخلافة بعدى ثلاثون عاماً وبعدها ملك عضوض» وإذ أوفى الثلاثين عاماً وقف ابن المقفع فى مجلسه قائلاً «خليفة رسول الله هذا وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد، ومن أبى فهذا وأشرع سيفه فى وجه الجميع». ثم تحدث فقهاؤه عن مشروعية ولاية المتغلب. ودخلوا بالمسلمين إلى زمان ما سمى بالخلافة والخلفاء، لكن المسلمين كانوا أكثر ذكاء فسموا الخلافات بمسماها الحقيقى، فنسبت الخلافات إلى العصور والأسماء البشرية، الخلافة الأموية- العباسية- السلجوقية- العثمانية، ويبقى بعد ذلك حقيقة الموقف الفقهى من الخلافة. ونقرأ:

الشهرستانى يقول فى كتابه «نهاية الإقدام» «إن الإمامة ليست من أصول الاعتقاد».

الجرجانى يقول فى «شرح المواقف» «إن الخلافة ليست من أصول الديانات والعقائد، بل هى من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين».

الإمام الغزالى يقول فى «الاقتصاد فى الاعتقاد» «الإمامة ليست من المعتقدات».

أبوحفص بن جميع يقول فى «عقيدة التوحيد» «إن الإمامة مستخرجة من الرأى وليست مستخرجة من الكتاب والسنة».

الآمدى يقول فى «غاية المرام فى علم الكلام» «واعلم أن الكلام فى الإمامة ليس من أصول الديانات، بل لعمرى فإن المعرض عنها لأرجى حالا من الواغل فيها، فإنها لا تنفك عن التعصب والأهواء وإثارة الفتن والشحناء».

ويستند كل هؤلاء الفقهاء إلى فهم صحيح لآيات القرآن الكريم. فالكثيرون من دعاة الخلافة يستندون إلى الآية الكريمة «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله» (النساء- ١٠٥) لكن البيضاوى فى تفسيره والقرطبى فى «الجامع لأحكام القرآن» يؤكدان أن كلمة «تحكم» هنا كانت تعنى أن تكون قاضيا بينهم. ويؤكد أغلب الفقهاء أن كلمة «الحكم» قد أتت فى القرآن الكريم فى كثير من الآيات بمعنى الحكمة أو الرأى السديد، ويستدلون على ذلك بآيات عدة منها «يا يحيى خذ الكتاب بقوة. وآتيناه الحكم صبياً» (مريم: ١٢) ولم يكن يحيى حاكماً بل منحه الله الحكمة وهو صبى.

وآية أخرى عن عيسى بن مريم نقرأ فيها «ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لى» (آل عمران- ٧٩). ولم يكن السيد المسيح حاكماً. وكذلك لوط «ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً» (الأنبياء: ٧٤) وموسى أيضاً «ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً» (القصص-١٤).

وكلما أطلنا فإننا سنكتشف أن البعض يوهمنا بضرورة «الخلافة» والإيمان بها وأنها شعيرة من شعائر الإسلام لا مناص منها. لكن كل ما سبق وأضعاف أضعاف غيره تنفى نفياً قاطعاً فكرة الحاكم المطلق والخليفة المتحدث باسم السماء والحاكم بأمرها.

ويبقى أن نشير فى كلمة قادمة إلى النتائج المأساوية لحكم الخلافة والخلفاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا نهار اسود
امجد مراد ( 2012 / 1 / 7 - 12:45 )
حقيقي ما يحدث هذا ام انه كابوس ؟ اهناك من ينادي باالخلافة عام 2012 واخر يحاول وعلي استحياء وادب يقنعه بأن الخلافة من الماضي المتخلف ولا تصلح مرة ثانية كيف يكون هناك امل في التقدم بعد هذا لا والف لا لن يكون هناك امل وانتم تعلمون هذا .


2 - الشبيخ حسن البنايطالب بها
محمد حسين يونس ( 2012 / 1 / 8 - 03:16 )
بعد سقوط الخلافة العثمانيه و تأكد المسلمين ان الخلفاء( فيما بعد الراشدين ) مخابيل و ظلمه و متخلفين عبر التاريخ سواء كانوا امويين او عباسيين في بغداد او القاهرة .. كانوا عرب او اتراك او من بلاد الواق الواق .. خرج علينا الشيخ حسن يريد عودتها و سايرة البعض املا ان يصبح الخليفه فؤاد او فاروق او سعود .. ولكن اسيادهم الانجليز قمعوهم و اخرسوهم و جعلوهم لا ينطقون.. حتي بلانا الامريكان بهم ثانيا ليغرقونا بتخلفهم و ضيق افقهم الذى لا حل له .. اتركهم يتسلوا علي راى واحد صاحبنا و عندما يجد الجد سيضربون بعضهم بالشباشب .. فمسلمين المنطقه الاقليه امام جحافل جنوب شرق اسيا و تركيا و البلقان .. الاكثر تحضرا و فهما و لن يقبلوا ان يتحكم فيهم متخلف من بتوع الجاز .


3 - إلى الأستاذ رفعت السعيد
نبيل هلال هلال ( 2012 / 1 / 8 - 16:27 )
تحية للأستاذ رفعت السعيد ,اتفق مع سيادتكم فيما ذهبتم إليه ,ولي كتاب عالجت فيه أمر الخلافة ,واسمه (خرافة اسمها الخلافة - قراءة في سقوط الدولة الدينية) , وهو متاح في مكتبة الحوار المتمدن ,ورابطه هو:
http://www.4shared.com/file/GZId9Xdz/hilalhilal.html
وإذا لم تكن ممن يحبون القراءة على الكمبيوتر ,فيسعدني أن أرسل لكم نسخة ورقية من الكتاب على أي عنوان أردتم ,وقد أشرت في كتابي إلى كثير من أفكاركم,مع خالص التحية . نبيل هلال هلال


4 - الخليفه الكافر عبدالملك مروانان
ال طلال ث صمد ( 2012 / 1 / 8 - 18:14 )
الاخ المحترم
ان الاكتشافات الماديه من عملات واختام في السويد والمانيا في العام 1997و
اثبتت انه معويه كان مسيحي وكذلك عبدالملك مروانان كان مسيحي متعصب للمسيحيه وانه من اهل مرو خراسان ولا علاقه له بصحاري الحجاز واسمه ليس عبد الملك ابن مروان كما تدعي الروايه الاسلاميه والمكتوبه في القرن التاسع في فارس زورا وكذبا
للمزيد لي دراستان منشورتان على صفحات الحوار وغوغل
كما تعلم ان الاسلام يقوم اساسا على مبدا قال الراوي يا ساده ياكرام وهذه الروايه اسوه بروايه الف ليله وليله لا صله لها مطلقا بالعلم ان بناء الاسلام على روايه متهالكه يقصم ظهر ه لا مخاله وسوف يختفي ليترك المجال لدين اخر قادم اسوه بدين الفراعنه والمجوس ان اجلا ام عاجلا
مع الشكر والتقدير
صمد


5 - الخلافة قادمة
ابواحمد1 ( 2012 / 1 / 23 - 13:19 )
اصحاب التعليقين ثالث ورابع مع شديد الاحرام لراييهما وبغض النظرعن الاتفاق او الاختلاف معهما الا تريان ايها الكتبة الجهابزة ان احترام عقول القراء امانة لا يجوز التفريط فيها والاستخفاف بعقول القراء يفقد حضراتكم اي مصداقية واحترام
احدكم كاتب والثاني مؤرخ وتكتبون كلاما لا اتمنى لمن يدعي تلك المواصفات من الكتاب والمؤرخين ان ينزل بنفسه الى هذا المستوى الاستاذ هلال وهل يقول عن الخلافة الاسلاميةخرافة غير من لاعلم له ولا يحترم عقله الخلافة عاشت 1400 سنة تنشر الخير بين بني البشر وحضرتك تراها خرافة ربنا يهدي
واما المؤرخ الجهبز طلال يا مصيبة العقل الانساني بانتماءمثل حضرتك اليه ممكن حضرتك شرفتنا على كوكب الارض من زحل مثلا او الزهرة كان سيكون لكلام حضرتك وقعا افضل من وقعه وانت تزعم انتمائك للنوع الذي يعيش على الارض
يارجل العرب وعلم الانساب الذي كان مفخرتهم مع علم اللغة ضاع عليهم نسب معاوية وحتى دينه وكذلك تسلل عبدالملك ابن مروان من خرسان الى مكة وزورقوائم دائرة النفوس فيها يا عقلاء المنتدى المتمدن المحترم ارجوكم ارجوكم الف مرة هذه العقول فيها خطر على النوع الانساني عندما يسمح لها بالظهور هنا


6 - الخلافة قادمة
ابواحمد1 ( 2012 / 1 / 23 - 13:42 )
الاستاذ رفعت يكتب وما على من يقرا الا هز الراس على ما يبدو
لا بد لنفهم الغاية من كتابة السيد رفعت ان يوضح لنا هل يؤمن حضرته بالله
اولا وهل يؤمن برسول اسمه محمد جاء بدين اسمه الاسلام ثانيا ام انه قد يرى كطلال مؤرخه ان محمدا وهم لم يوجد كما ان عبدالملك خرساني هههه
هل يعتقد الاستاذ رفعت ان الاسلام اذا كان يؤمن به اصلا هو نظام حياة شامل
هل يعتقد الاستاذ رفعت ان البشرية تجاوزت الاسلام وتعاليمه وسبقته ام هو سابقها
هل التغييرات الطبيعية في حياة البشر التي تتطوروتتغير مدعاة للكفر بالاسلام ورد تعاليمه وانظمته
هل يرى استاذنا الفاضل ان الاسلام جاء لفترة تاريخية معينة لؤلائك الاعراب وانتهت صلاحيته
هناك اسئلة كثيرة لا بد من الاجابة عليها لنستطيع ان نكلم الاستاذ رفعت او احد وكلائه الكاتب او المؤرخ وسيكون النقاش مفيدا اذا كانوا يزعمون الايمان فاما انهم يكفرون بالاسلام اصلا فلا فائدة من اي نقاش وسيبقى معاوية نصرانيا متشددا وعبدالملك خرسانيا فارسيا
للاسف الشديد اذا كانت هذه الافهام هي من ستتعامل معه الامة في المرحلة القادمة فسنضيع وقتا كثيرا بلا فائدة وسنحتاج اكثرالى مشافي تخصصية لاعاقاتنا العقلية


7 - الخلافة قادمة في أحلامكم فقط
امجد مراد ( 2012 / 1 / 24 - 17:08 )
من يتحدث عن عودة الخلافة ليس هذا هو المكان المناسب فا المصطبة هي المكان المناسب وضروري وجود راكية شاي وجوزة لزوم القعدة وطبعا مجموعة من السذج اللي مش فاهمين اي حاجة وأتكلم براحتك


8 - تاريخ الامم
ال طلا ل ث صمد ( 2012 / 1 / 25 - 01:43 )
الى السيد ابو احمد
تحيه طيبه
لو سمح لي الاخ سيد رفعت للاجابه عن سؤال السيد ابو احمد
من المعروف ان المسلمون المتعصبون العمي الخرس لا يتوانون عن قتل شخص مثلي لانه تطاول على الروايه والتي كتبها الفرس في القرن التاسع واسموها اسلام ولكن لماذا يا سيد احمد لا تذكر اسمك مم من انت خاءف وانت تدافع عن دينك المبني على قال الراوي ياساده يا كرام
من المعروف ان لكل الامم تاريخها والمدون حسب الاصول وهو علم وليس على طريقه قال ابي عن جد جدي والذي تحول الى تاريخ
يا ابو احمد هات دليل واحد على ان عبدملك مروانان كان مسلما او معويه والذي كتب اسمه ولاول مره بالعربيه في العام 58=680 ميلادي حيث لم يكن بعد تاريخ هجري واشكرك صمد ال طلال

اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني