الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولاء ... و البراء

أحمد عفيفى

2012 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت احلم دائما ببيت على تله، يشرف على بحيرة، ولما كنا بسطاء، ويستحيل علينا تحقيق ذلك الحلم، فقد كنت أدين بالولاء لله حتى ييسر امرى فاحصل على ذلك البيت فى الدنيا أو احصل عليه فى الآخرة، فى الجنة، ذلك عن الولاء.

أما عن البراء، فهو اننى برئت من سيطرة تلك الفكرة علىّ، فالله لا ييسر أمرا، لا فى الدنيا ولا فى الآخرة، والأمر كله مرده للحظ أو للصدف، أو قل للوراثة، فأنت تولد فقيرا، فتشقى بفقر اهلك، وترثه وتورثه، وربما نفذ بعض الفقراء المحظوظون بالحيلة أو بالحظ إلى ضفة الموسرين، أو أن تولد موسرا فترث الثراء وتورثه.

أما أن يرزقك الله، وأن رزقكم فى السماء وما توعدون، وأن الله مقسط، وأن الرزق بيد الله، فيرزق من يشاء، فكل ذلك محض هراء وعزاء، فعلى طول امتداد التاريخ توارث الفقراء الفقر، وتوارث الأثرياء الثراء، حتى فى الدولة الإسلامية الرشيدة والأموية والعباسية، لا حكم كان لله، الحكم كان للخليفة وأبناءه بالوراثة وبالتبعية، ناهيك عن قارات بأكملها لم تتسلل إليها ثقافة الله وقسطه وتوزيعه للرزق فراحت تقسط هى على رعاياها بحكمة وقسط اعدل كأوروبا والأمريكيتين واليابان والصين وغيرها.

وحتى تلك، أين هى من الله وتحكمه وسيطرته على رزقهم الذى فى السماء وهم كفره به ولا يعترفون ولا يقتنعون بوجوده، وبالأحرى ليس بحاجة لوجوده، فالله مصدر للتوكل والتخاذل والتعاسة، ولم يورث المسلمون سوى الفقر والحقد والجهل، وتوارث السلطة والمال باسمه وتحت سمعه وبصره، فالخليفة ظل الله والحاكم بأمر الله والأمير أو الولى له الأمر وعلى المسلمون الولاء والامتثال له والطاعة، ولو كان جائرا وألهب ظهورهم بالسياط، طالما هو من يمثل الله فى الأرض ويحكم باسم الله وبكتابه وبشريعته.

الله فى أحسن حالاته لم يتشطر أو لنقل لم يقنع سوى أصحاب تلك البقع و العقول الصحراوية الجافة النائية بأنه موجود وعادل ومقسط، ولما ذهب هناك حيث يستعمل الناس عقولهم ويحكّموا المنطق فيما بينهم، فما كان الحكم هناك الا للمنطق، لم يصمد كثير او بالأحرى لم يتواجد من الأصل، ولو أنهم اقتنعوا به وبعدله وحكمه وقسطه، لكانوا يصطادون الماموث إلى الآن و لا يجيدون حرفة غير الرعى.

ولكن لأنهم يحتكمون إلى العقل والمنطق، فهم قد نحّو الله بأرصدته المخزنة فى السماء يفعل بها ما يشاء، وقرروا عدم التوكل عليه والاعتماد على أنفسهم وفى اقل من مائتى عام أصبحت لهم حضارة وعلوم وصناعات تتجاوز حضارة أو ثقافة، تجاوز عمرها الأربعة عشرة ألف سنة، ولم تحظى بشيء سوى مزيد من الانتظار لرزق فى السماء أو جنة بعد الموت أيضا فى السماء.

عندما كنت أشاهد فى الأفلام الكفار من المسيحيين واليهود وهم يملكون بيوتا على المحيط كنت أعجب وأتساءل كيف يرزقهم الله بيوتا كتلك وهم الكفرة الفجرة؟ وكيف لا يرزق الله والدى ببيت مثلهم وهو المؤمن التقى؟ ثم كيف يملكون بيوتا على الماء وعرشه هو فقط من يجب أن يكون على الماء؟ وكيف يتمتعون بكل تلك النعم التى لا تتوافر لأحياء وربما لبلاد مسلمة كاملة؟ ناهيك عن فرد واحد يتفرد بما لا عين رأت ولا خطر على عقل بشر وهو كافر ومغرض ومازال يحيا على الأرض فى الحياة الدنيا ولم ينتقل بعد للسماء والجنة وما حاجته إذن للتفكير بالجنة وحورها وجنانها إذا كان بالفعل يملكها على الأرض فى حياته الدنيا بين يديه بحورها وبحورها وجنانها؟

كنت أنصت للتفسير المؤمن المسلم لتلك الظاهرة فاضحك واستخف به وأنا الصغير وهو أن الله أعطى لهم الدنيا وسوف يعطى لنا الآخرة، اى قسمة ضيزى تلك! وكيف يفكر الله هكذا؟ أم أننا نحن من نفكر هكذا؟ أم انه لنا الله ولهم الرب؟

ثم إن كنا نحن كسالى وأغبياء واتكاليون هكذا، وهم نشطاء وأذكياء ويعتمدون على أنفسهم هكذا، فما حاجة الله لنا؟ وما الداعى لسخط الله عليهم؟ وهم الأولى بالسخاء والعطاء من قوم لا يفكرون بشيء سوى الموت بانتظار الجنة التى وعد المتكلون.

كيف يعاقب الله من يصلح فى الدنيا ويعمرها ويجعلها مستدامة له ولأولاده ولأحفاده بان يحرقهم ويعذبهم ويحرمهم؟ ويهب الجنة والمغفرة والنعيم لقوم لا يفتئون يفعلون شيئا سوى الكسل والتواكل وحب الموت وكراهية الدنيا واقتسام الله على صحائفهم وفضائياتهم؟ وكأن الله أصبح مشاهد ومتفرغ لغثائهم ليل نهار حول بول البعير ورضاع الكبير وولوغ الكلب.

كيف يهب الله الجنة والمغفرة لقوم لا يفعلون شيئا سوى النعيق والنهيق والوعيد، قوم تحول عالمهم لمجرد حنجرة تصدر صوتا طوال الوقت كعجلة قل شحمها لتحصل على كل الشحم كم يقول الانجليز، العجلة التى تصدر أكثر ضوضاء ممكنة، تحصل على كل الشحم الممكن، والأموال والشهرة والقصور والسيارات.

أين رجال الفضائيات والهامر والمرسيدس والتجمع الخامس من سعيد بن جبير ومالك وبن حنبل والشافعى وبن العزيز وكانوا رجالا ربما يطفئون الشمع ليوفروا شحمها لو شغلوا بأمر غير أمر الأمة.

وكيف لهؤلاء المرتزقة الدجالون المدعون ألا يتوقفوا عن سب الغرب الكافر ثم ينافقوا فى نفس اللحظة فيتكلمون فى ميكروفونات من صنع الغرب الكافر ومحطات وأقمار وسيارات وهواتف وملابس من صنع الغرب الكافر، اى ازدواجية ونقص وتناقض يتمتع به هؤلاء الفجرة المجاهرين بالتقوى وبتكفير الآخر.

اى علم عرفوه وحصلوه غير العنعنة واللغط والسفسطة والاجتهاد واللغو وكل ذلك الهراء مما لا طائل منه، فلا يشفى مريضا ولا ينفع بشرا، إلا أولئك الأحياء الأموات المتمسحون بأضرحتهم وفتواهم وفضائياتهم، وهم اقرب لذباب يأكل من جثة فلا الذباب يشبع ولا الجثة تبلى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
قانيش الهندي ( 2012 / 1 / 7 - 19:34 )
العزيز الاستاذ احمد
الله ذهب الى اوروبا والصين واليابان وامريكا ولكن المشكل لم يجد من يسمع ويصغي له فالكل يعمل لبناء عالم افضل وحياة ارقى فقرر العودة لنا فاستقر معنا هناك الملايين ممن يصغون اليه


2 - ظاهره عمرو خالد
على سالم ( 2012 / 1 / 8 - 00:00 )
بالطبع استاذ احمد اتفق معك فى هذا الطرح ,للاسف الشديد الصدفه والحظ يلعبوا دور كبير فى مصائرنا ,هذا المدعو عمرو خالد ماهو الا دجال كبير وكاذب ومحتال ,لعب الحظ مع هذا الهلفوت والتف الشباب والفتيات العوانس حوله وهن يحلموا بان يكون الدون جوان خالد هو عريسهم المرتقب ,كان يخدرهم بالكلام المعسول ,بالطبع هم على درجه كبيره من السذاجه والبله والتخلف العقلى ,لقد قرات منذ حوالى ثلاث اعوام خبر فى جريده عرب تايمز خبر كارثى للشيخ عمرو خالد ,كان الشيخ فى زياره للامارات كداعيه اسلامى وفى احدى المؤتمرات الاسلاميه راى الشيخ فتاه جميله تستمع اليه ,دنى منها واعطاها رقم تليفونه لكى تقابله فى الاوتيل لكى يعطيها المذيد من المواعظ الدينيه ,ذهبت الفتاه الى الاوتيل ,دقت باب حجرته وفتح العكروت وكان بيحلق دقنه ,اغلق الشيخ الباب وبدون مقدمات هجم البغل عليها وهو يحاول خلع ملابسها ,صرخت الفتاه وحضر امن الفندق وكانت فضيحه مروعه للشيخ الزنديق ,استخدم هذا الشيطان سلاح الرشوه حتى لاتنتشر فضيحته وتتسرب الى الجرائد وقنوات التليفزيون


3 - المسلمون متل الويزل
جورج كارلن ( 2012 / 1 / 8 - 00:16 )
المسلمين يا صديقي متل حيوان الويزل لا تستطيع أن تمسك له طرف . سفسطائيين . اذا كان الإنسان مؤمن وغني يقولون انظر كيف يعزّ الله عباده . واذا كان الإنسان مؤمن وفقير يقولون ان الفقير يدخل إلى الجنة قبل الغني ب 50 الف سنة وهذا امتحان حتى تعلو درجاته . واذا كان كافر وفقير بيقولو شوف كيف الله بيذل الناس اللي ما بتعبدو واذا كان كافر وغني بيقولو الله عم يعطيه مشان يضيعوا بزيادة ولو كانت تساوي جناح بعوضة ما سقى منها الكافر شربة وسكي. يعني مالهم حل . والمشكلة انو عم يستخدموا اختراعات الغرب وعلى سبيل المثال اجهزة الكمبيوتر وخدمة الانترنت مشان يدخلو على صفحة متل هي ويناقشوا انو الغرب ملحد وكافر..... . كلامك جداً رائع يا أخ أحمد


4 - العزيز قانيش الهندى
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 8 - 05:36 )
اوروبا وامريكا والصين واليابان
لحسن حظهم
لا يفهمون العربية :)


5 - على سالم
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 8 - 05:41 )
عمرو خالد ليس ظاهرة
عمرو خالد حالة
محمد حسان وحسين يعقوب وإيزاك الحوينى
يشترطون الالوف فى حلقاتهم وكأنها تجارة
ويتزوجون بأربعة وربما اكثر
ويسكنون قصورا لو رأيتها
لعجزت عن الكلام
وربما اغشى عليك


6 - جورج كارلن
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 8 - 05:43 )
المسلمون ...
حمالوا أوجه :)


7 - الجنة ام النار
تحسين خليل ( 2012 / 1 / 8 - 05:59 )
لو كنت كافرا فساتمنى جحيم النصارى , فيبدو انهم معتدلين حتى في جهنمهم . وان كنت مؤمنا فستاتمنى جنة المسلمين طبعا حيث العذارى وانهار الخمر ارتشف منهما ما اشاء


8 - أخ تحسين :)
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 8 - 06:02 )
يمكنك أن تؤمن قبل أن تموت
فتعيش فى جحيم النصارى فى الدنيا
وتعيش فى جنة المسلمون فى الاخرة :)


9 - تحية خاصة
مجدي سعد ( 2012 / 1 / 8 - 08:41 )
الحقيقة انه أمر مدهش جدا لمن يراقب سلوك المؤمن( من اي ديانة) فقد يكون طبيبا او مهندسا او ما شابه وربما يكون علي اعلي درجات الحرفية ومعلوماته المهنية لا تشوبها شائبة و علي قدر لا بأس به من الثقافة

اذا فلا بد انه علي قدر عال من الذكاء

ورغم ذلك عندما تأتي الامور الي المعتقد الديني يلغي كل هذا تماما ويتحول الي أبله

كما قال احد قراء الحوار ذو الالمعية أي مسحوق هذا الذي يستعملونه لغسيل المخ؟

عزيزي وجهت لك يوما نقدا شديد اللهجه علي تعليق لك كان عن سوء فهم حيث لم أربط بين ما سبق وقرات لك وبين تعليقك ولقد اعتذرت لك واكرر اعتذاري الان

الحقيقة انني لم أقرا لك الكثير حتي ذلك الوقت وهذا تقصير مني ولكني رجعت وقرأت وأداوم الان علي متابعة ما تكتب وأود ان أقول أنني أستمتع بما أقرأ وأجده حافلا بأفكار جيدة وجديدة

وتحياتي


10 - مجدى سعد
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 8 - 17:04 )
لا تعتذر يا صديقى
فقط استمتع :)

تحياتى


11 - متى يتحقق هذا الوعد
رشيد تونسي ( 2012 / 1 / 8 - 20:43 )
تحياتي العطرة للكاتب أحمد عفيفي
يقول الحديث القدسي - من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب مني، وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له وإذا استعاذني أعذته-
ترى ألا يوجد في عصرنا هذا و الذي يعتبره شيوخ المسلمين عصر الصحوة الاسلامية من تتحقق له هذه الوعود فنرى أثرها في رفع الغبن عن المسلمين في فلسطين و الصومال مثلا ؟


12 - رشيد تونسى
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 8 - 20:49 )
يبدو ان العبد لا يتقرب بنوافل كافية :)
وتحياتى العطرة لك يا صديقى

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah