الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات مدينة

خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)

2012 / 1 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بدأَت قديمة ،لا أحد يذكر بدايتها سوى ما عثر عليه من بقايا أدوات حجرية ذات صلة بالبناء بالإضافة إلى الإكتشاف الذي تمّ التوصل إليه بعد العثور على رجل " سيدي عبد الرحمن " ، و حسب المؤرخ "الزياني " (1734ـ1833) فإن زناتة هم من أسسوا هذه المدينة لكنه لا يحدد زمن هذا التأسيس . و في القرن 12يصف " الإدريسي " أنفا المدينة على أنها ميناء تجاري حيوي .
و يعبّر "ليون الأفريقي "في بداية القرن 16قائلا : "داخل أنفا كثيرة هي المعابد و المحلات الجميلة والقصور المرتفعة ".
ثم ... وقع أن دمّرالبرتغال أنفا على آخرها عام 1468 .
وبهذا تعرض "البيت الأبيض " "المغربي "( كما كان يحلو لي تسميتها في زمن ما ...) إلى كسوف دام ثلاثة قرون .
في عام 1866 إنتقل سكان هذه المدينة إلى 6000مسلم و هم أمازيغ إستقدمهم السلطان محمد بن عبد الله من الصويرة ( منطقة حاحا ) و من بواخر (مكناس ) و1800 يهودي بالإضافة إلى أكثر من مائة أوربي .
وفي عام 1912تم توقيع فرنسا على قانون الحماية لتدخل هذه المدينة عهدها الجديد. إذ عرفت مدينة كازابلانكا حركة بنيان لم يعرف مثيلها المغرب و اعتبرت التواريخ (2 91 1ـ 1940) من أهم مراحل البناء الحديث بالمدينة ،إذ تم
إدخال الهندسة الأوربية وتم إستخدام المهارات الغربية الحديثة التي صّممت شققا تعلوها البلكونات وتتخلّلها وجوه تماثيل إستُقدم نحّاتوها لهذا الغرض وارتفعت البنايات وشيدت الشوارع الواسعة المزينة بالأشجار والزهور و الأزقة المتفرعة منها والأرصفة والحدائق إلخ،لا بل استفاد المهندسون الفرنسيون والخبراء الإسبان و الإيطاليون المكلفون بهذه العملية من أخطاء التعمير العشوائي الذي انزلق فيه البناة الأوربيون أحيانا فيما مضى .
فتم بناء الميناء وخطوط السكك الحديدية و خط الترام والمدارس والمستشفيات والأسواق وأسواق الزهور دون أن ننسى المسرح البلدي و الكونسرفتوار وقاعات السينما والمسابح والفنادق والمقاهي و المطاعم والمصحات الحكومية الخاصة بكل حي و الأحياء الصناعية وغالري لافاييت وشواطئ البحر والغابات والمكاتب الإدارية وووو...
ثم حدث بعد تطور و ازدهار هذه المدينة التي غزت العالم بفضل فيلم همفري بوغارت "كازابلانكا "والتي أصبحت مدينة في غاية الجمال والأناقة تضاهي مدنا غربية كثيرة آنذاك ،تحمل مواصفات المدينة المتحضرة الحاملة لكل المقاييس الفنية ، و مع هذا المظهر الوسيم ارتقى بعض المغاربة الأمازيغ و الأمازيغ المستعربين و اليهود إلى هذا الجو المنعش الأنيق برفقة الأوربيين المتواجدين بها و اللذين كانوا على حرص أن تظل مدينتهم نظيفة بفضل قانون البلديات الذي يحمي حق المدينة في النظافة و الإغتسال.
وسُنّ قانون عطلة نهاية الأسبوع لتركن المدينة في هدوء أيام السبت والآحاد إستعدادا للعمل يوم الإثنين ،و لم تُهمل مسألة الأمن ليلا بالخصوص ،حفاظا على سلامة المواطنين اللذين يفضلون الخروج ليلا للترفيه مستعملين الباصات الهادئة التي نادرا ما تتعطل عجلاتها في الطريق .
ثم ......
حدث أن حصل المغرب على استعماره ، عفوا أقصد على استقلاله فتمّ طرد الفرنسيين بكل أدب و تمّ التضييق على اليهود المغاربة إلى أن هاجروا بحقيبة في اليد و تمّ التخلص من الأمازيغ اللذين بُعثوا لأوربا كيد عاملة و زُجّ ب" الفاهمين" النزهاء إلى السجن في حين قُتل أغلبهم رميا بالرصاص وهرب المتبقّون إلى الخارج خوفا على حياتهم .
ثم .... ثم خلت السّاحة للفاسيين (هولاكو المغرب) ليستمتعوا بالسلطة و الجاه و المال و لم ينسوا أن يُسيّجوا أنفسهم بأمثال ادريس البصري ( مهدّم المسرح البلدي )الذين خرقوا جميع أنواع الأشواط المتعارَف عليها بشريا (من الحمارة للطّيّارة )،و خلت لهم الأجواء لأن يعيثوا فسادا في كازابلانكا ، إذ تمكنوا من سرقة شقق الهاربين (المغاربة بما فيهم اليهود والأجانب ) و السطو على ممتلكاتهم و تزوير وثائق البيع و الشراء و الإستحواذ على أموال الغير ، ثم تغيير الأسماء إلى أخرى لا علاقة لها بالتحضّر و البناء و احترام النفس ،.
الخلاصة ؟؟؟؟؟
كازابلانكا الآن = مدينة قبيحة تعجّ بمخلوقات هائمة دون هدف ، سيارات لا
تحترم إشارات الوقوف ، الضوء الأخضر يساوي الضوء الأصفر يساوي الضوء الأحمرأي لا فرق بينهم .يقطع الراجلون طريقهم كيفما كان ،ركامات هائلة من الأزبال في الشوارع و الطرقات .
إجتثاث الأشجار و النبات من قبل الصغار و الكبار معا .
التلوث الهوائي بسبب السيارات التي لا تريد أن تخضع للمقاييس المتعارف عليها .
"النشير" الذي كان ممنوعا أصبح يطل من كل نافذة و الحيطان التي أُدخلت عليها تحسينات " البرابول " ، تحول أجمل الشوارع إلى سوق عكاظ حيث تفترش البضائع الأرض دون أدنى احترام للمكان إلخ .....
الخلاصة : وأخيرا نجح الحالمون بإمبراطورية العروبة في تحقيق المسعى الخالد ألا هو َبدْوَنَة المغرب و عزله عن كل ما يسمّى "حضارة".
الحضارة هو أن تكون لك القدرة و الشجاعة على الجلوس مع أشدّ خصومك و أن تصل إلى نتيجة حول مشكل من المشاكل التي يتخبط فيها الملايين عوض الغوص في المزيد من البَدْونَة و التدليس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة