الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال الشوارع ( المتسربين ) .

ناهده محمد علي

2012 / 1 / 11
التربية والتعليم والبحث العلمي




في الأجواء العربية الساخنة يتجول ملايين من الأطفال العرب في المدن والأرياف الى متسربين بحثاً عن الخبز اليومي .
ذات مرة سألت طفلاً يتجول في أحياء بغداد يحمل سلة كبيرة من الخبز تعادل وزنه تقريباً , ( ماذا تفعل ) قال : أبيع الخبز للبيوت , آخذه من الفرن يومياً وأوزعه على البيوت القريبة إذ أني لا أملك دراجة هوائية , قلت ولماذا تركت المدرسة ؟ قال : أطعت أُمي حينما قالت المدرسة ( للبطرانين ) ثم إبتعد الطفل وعلى وجهه إبتسامة حزينة وساخرة .
كان هذا الحل وسطاً بين أن يعمل هذا الطفل أو يجوع أو يُترك في إحدى دور الأيتام العراقية , فلقد قرأت ذات مرة عن دار للأيتام في وسط بغداد يسكنها 30 طفل من الذكور وتتكون الدار من غرفتين يتكوم فيها الأطفال بعضهم فوق بعض , ينامون فيها ويأكلون قليلاً ويبكون كثيراً لأنهم وببساطة ليسوا أهلاً للرعاية من قبل المجتمع العراقي الغني الفقير .
إن الإحصائيات المنشورة في البحوث التربوية تؤكد على أرقام هائلة لأعداد الأطفال المتسربين في الدول العربية , فهم ليسوأ بالآلاف ولكن بالملايين , وتتجه الإناث المتسربات عادة الى الأعمال المنزلية أو الأعمال التجارية البيتية كالخياطة والحياكة أو الصناعات الغذائية البدائية , كما يتجه البعض الآخر الى خدمة المنازل أو قد يتحولن الى المهن السرية ويصبحن بائعات للهوى , وللأسف توجد لهذه الفئة مراكز كثيرة في الدول العربية تمتص أرواح هؤلاء الأطفال وتكسب الكثير منهم . أما الذكور فيتجهون الى أعمال السخرة والتلمذة على أيدي الأسطاوات الذين هم أكثر أُمية من هؤلاء الأطفال , ويفضل هؤلاء الأسطاوات الأطفال صغار السن لأجل سرعة تشرب المهنة ورخص الأجور , وهذا ما يجعل الطفل المتدرب يعاني الأمرين من قسوة ظروف العمل وقسوة الأسطاوات , لذلك تنمو في المجتمع فئة تحمل صفات القسوة والخشونة وتؤسس هي الأخرى بيوتاً مبنية على نفس القبم التي تربت عليها ومهناً ترتكز على هذه القيم أيضاً , ولا عجب فقد أحاطت بهذه الفئة المفكات والمطارق وأفران النار بدل الألعاب المسلية والتي تُنمي الروح الإجتماعية والتعامل الجميل والمهذب .
إن إحدى السمات الأساسية للمجتمع العربي بالإضافة الى الفقر هي سمة الخشونة ونجد هذه السمة في الشارع والبيت والمهنة , حيث تُتوارث جيلاً بعد جيل من خلال المعايشة الإجتماعية حيث يمتصها الطفل بالإكتساب وبالقوة وهو يقتدي على الأكثر بطريقة التربية الأُسرية والتربية المهنية وحيث يتشرب الطفل هذه القيم التربوية وهو خارج المدرسة في محلات وورش الحدادة والنجارة وورش الصناعات البدائية.
إن الظروف الإقتصادية والإجتماعية التي مر بها هؤلاء الأطفال تساهم في تشكيل الميراث القيمي الذي أنتج قيمة العُنف والقسوة وهي قيمة إجتماعية سائدة في المجتمع العربي بسبب الحالة الإقتصادية العامة وإرتفاع مستوى الأمية مع إرتفاع أعداد المتسربين الباحثين عن لقمة الخبز بعيدأ عن مدارسهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لابد من فرض عقوبه على ابائهم
ناديه احمد ( 2012 / 1 / 11 - 14:09 )
سوف تستمر الظاهرة ومهما حاولنا فتزايد الاعداد سيطيح بأى محاولات للاصلاح وكأننا نحرث فى البحر . يجب اجراء عمليات جراحيه لمنع مثل هذه الاسر المفككه من الانجاب ثانيه . اللص وتاجر المخدرات والساقطه والمدمن لايمكن ان يربوا جيل سوى وسليم من العقد , يجب منعهم من ان يجنوا على اطفال جدد


2 - تحية للزميلة الدكتورة ناهدة
عمر علي ( 2012 / 1 / 11 - 15:21 )
عزيزتي الاخت ام نورس
عندما كنت في العراق اعتصرني الالم حينما رايت اطفال صغار يتراكضون ويتدافعون في الاسواق والازقة وازدحام السيارات وينجزون اشغال اكبر بكثير من قوتهم البدنية ومنها جر عربات محملة بالبضائع لايتحملها الا انسان بقوة طرزان.صادفني احد المرات وكنت مع بعض الاصدقاء في احد شوارع بغداد المزدحمة وكنا في سيارة وفي طابور طويل لان احد قادة الميليشيات كان يمر مع حماياته وانقطع السير لمدة 30دقيقة شاهدت طفلة بعمر بنتي اليانانورا بحدود7سنوات وتحمل رزمة من الجرايد وتمر على السيارات الواقفة بانتظار السير وكانت شاحبة والاوساخ على شعرها ووجهها . اتعرفين اعتصرني الالم وكدت ابكي وتذكرت بنتي لو كانت في هذا الحال وجمعنا لها نحن الذين في سيارتنا مبلغ بحدود 10000الاف دينار مايعادل 8دولار. اتعرفين انها طارت من الفرح وسالتها عن اهلها ولماذا اهلك يسمحون لك ان تشتغلين ولم تذهبين للمدرسة فاجابت وبلوعة ان والدي قتله الارهابين بانفجار سيارة مفخخة ولدي سبعة اخوة واخوات وكلنا صغار وامي ايضا تشتغل مثلي .هذه هي المأساة في عراق الطائفية اليوم
تحياتي لك وللاخ ابو نورس

اخر الافلام

.. كيف ساهم متابعي برنامج -ماذا لو- بتطوّره؟ • فرانس 24 / FRAN


.. رومانسية خيالية، غرام مأجور... اليابان، مختبر أشكال الحب الج




.. العنف الجنسي ضد القاصرات: -ظاهرة متجذرة- في الـمجتمع الـمصري


.. فوضى ونهب وعنف في كالدونيا الجديدة.. هل استقر الوضع الأمني؟




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. غاية أم وسيلة؟