الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث عن ملكوت الله أم بحث عن مأزق الوجود؟

محمد ماجد ديُوب

2012 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أن إمتلك الإنسان خلايا الدماغ المفكرة في مسيرة تطوره بدأ البحث القلق عن سبب وجوده وعن ما بعد الموت وعن الخلود وعن الحرية وعن الهدف من الخلق ولم يزل البحث مستمراً حتى بين جماهير العلماء والكتاب والمثقفين فكان الحل المريح والمقبول هو فكرة الله المدبر لما خلق ولم تزل فكرة الله هذه مثار جدل بين هذه الجماهير المذكورة أعلاه ولم يقع أي منهم على حد علمي حتى الساعة على سبب مقنع يستطيع العقل البشري الباحث عن الحقيقة والقلق دوماً من الجواب الذي لايشفي غليله بشكل نهائي إذ ان فكرة وجود الله يرى فيها الكثيرون وأنا منهم محاولة غير موفقة للهروب من عدم قدرتنا على هضم فكرة أن هناك وجوداً مادياً أزلياً ولامبرر على الإطلاق لأن يكون هناك إفتراض وجود خالق لهذا الوجود

لعبت التربية وما زالت تلعب دوراً مهماً وحاسماً ومنذ آلاف السنوات يعمل على تثبيت فكرة أن هناك خالق وعلينا إطاعته وننفذ أوامره والدليل القاطع على هذا هو أن كل من ينتسب إلى مذهب أو دين أو طائفة أو مدرسة فكرية ما . يستميت في الدفاع عما يؤمن به ويحاول بكل ما أوتي من ثقافة وعلم أن يسخر ما أوتي بهليثبت للآخرين أنه هو من يمتلك الحقيقة وما عداه فهو على باطل ودليلنا هو الحوارات التي تجري بين أتباع مختلف هذه الديانات والمدارس والمذاهب والطوائف

كما ترى أيضاً أنه ‘لى جانب كل هؤلاء من يدعون الإنتماء لإحدى مارس الإلحاد ومع ذلك تراهم وفي بحثهم المضني عن الله أو عن أهداف الخلق أو عن سبب الوجود يشون في كتاباتهم ليس عن رغبة ظاهرة في كتاباتهم بل عن رغبة مغروزة عميقاً في لاوعي كل منهم في البحث عن سبب يقنعون به أنفسهم ويبرر لهم عدم قدرتهم على نزع فكرة الله من لاوعي كل منهم

أين الله ؟

سؤال يتردد كثيراً على الألسنة وهذا السؤال يخفي بين حروفه ما هو أعمق من مجرد الرغبة في معرفة أين هو الله .والذي هو الرغية في معرفة مصيرنا بعد الموت ومعرفة سبب عدم قدرتنا على تحقيق الخلود والحرية والعدالة وتلبية الرغبات الكثيرة والجامحة في كثير من الأحيان والإنتصار على ضعفنا المذهل في مواجهة أمراض تسببها كائنات بعضها لايرى حتى بأكبر المكبرات

الإنسان في مسيرته العلمية يسير بإتجاه هدف واضح محدد هو الإنتصار على الطبيعة ومفرزاتها الضارة به بل ونحو أن يكون حراً عن طريق تحقيق الكشف عن أسرا الطبيعة وإستخدامها في سبيل ذلك

في الحرب العالمية الثانية كان إختراع الرادار تقليداً تكنولوجياً لعمل جهاز الإرسال في الخفاش والذي يستطيع تحديد البعد عن أي حاجز بدقة تقترب من 100%
كما كانت الإختراعات بدءاً من القطار وحتى الأقمار الصنعية وكل تكنولوجيا الإتصالات مبنية على مشابهاتها في الطبيعة حتى هذا الحاسوب الذي نستخدمه هو لمن يدقق جيداً يجد أنه يعما بطريع عمل العقل البشري وكلاهما يعتمدان الكهرباء في عملهما وفق النبضتين( 0 - 1 ) وذلك في أدق التفاصيل


الإنسان محكوم بأي عمل يقوم به بالهدف منه فعندما يقوم المرء بعمل ما ودون هدف محدد يقال عنه أنه عبثي


الإنسان هذا هو نفسه لايستطيع الخروج من تحت راية مايقيسه على نفسه فكما هو له هدف في حياته إفترض أن للطبيعة هدف من خلقه وكما هو يرى أنه لاشيء يمكن أن يكون من تلقاء نفسه كالسيارة والطائرة وغيرها من المصنوعات إفترض أنه وبقية الخلق في الوجود لايمكن أن يكونوا بدون صانع


هذا الإنسان سجن نفسه ضمن حدود رؤيته ولكن بسبب رغبته الجامحة في عدم الموت والرغبة الجامحة في الخلود والحرية وإستمرا رعالم اللذة والقضاء على عالم الألم لم يجد بدا من إفتراض ما يبرر له كل مساحة الرؤية الضيقة هذه فكان إفتراض وجود خالق وأسبغ عليه كل الصفات التي يتمناها لنفسه ولم يكن ذلك إلا بسبب إيمانه بعجزه عن إيجاد الحلول لكل الأسئلة الوجودية التي طرحها وما زال يطرحها

إن رسوخ فكرة الله في لاوعي البشر تجعلهم غير قادرين على رؤية العالم كما هو بل تجعلهم يرونه كما يتمنونه وكلما تعمق إيمانهم بعجزهم عن فهم العالم إزدادوا تمسكاً بفكرة الله بل وإزدادوا تعنتاً في بذل الجهد بحثاً عن تبريرات لاعلاقة لها بالعلم تفسر سبب عدم قدرتهم عن إجتثاث فكرة الله من لاوعيهم

إن المتابع لتطور الإنسان يجد أنه تطور من خلال تطور دماغه ولولا تطور هذا الدماغ وإمتلاكه خلايا التفكير لبقي كما القردة في الغابات ولكن هذا التطور وعلى الرغم من خدمته للبشرية إلا أنه أدخلها في متاهات ما وراء الطبيعة وبزوع فجر العقائد بسبب عملية إدراك الذات التي بزغت مع فجر بروز الخلايا المفكرة

الوجود طاقة أزلية تتحكم في حركة جزيئاتها صراعات الأضاد من شحنات كهربائية متعاكسة ومغناطيسات متعاكسة فكل جزيء متحرك مشحون بكهرباء ما ينتج موجة كهرطيسية وهناك آلاف المليارت من الموجات المنتشرة في الفضاء وهناك على مثل عددها وربما أكثر من المستقبلات فكل خلية حية هي مرسل موجة وهناك مثيل لها خلية حية مستقبلة لموجتها فكما يرسل الدماغ ثلاثة أنواع من الأمواج الكهريطيسية هي موجات ألفا وبيتا وغاما يوجد في الماغ نفسه مستقبلات لهذه الموجات وإلا كيف نفسر علمياً ما يسمى الحاسة السادسة أو ما يسمى عملية التليباثي

عندما تتذكر فجأة شخصاً ما تجده أمامك فنقول في نفسك الآن ورد على بالي ذكره وتستغرب .لا لاتستغرب إن إقتراب هذا الشخص منك وأنت في حالة شرود جعل دماغك يلتقط موجات جماغه فأحسست بوجوده وورد ذكره على خاطرك

عندما نجد في البرمجة اللغوية العصبية أن الصورة التي نتخيلها أو الكلمة التي نرددها ونحن في حالة إسترخاء حيث بوبات اللاوعي منفتحة على مصراعيها تمر إلى هذا اللاوعي ومع تكرار الأمر مرات عديدة نجد أن ما نتخيله أو الفكرة التي نردد عبارة تحملها ترسخ في اللاوعي ويبدأ هذا اللاوعي بالعمل على تحقيقها وهذا كثيراً ما قمت بإستخدامه في تخليص الطلاب من تأخرهم الدراسي خصوصاً من كان منهم في مرحلة التعليم الأساسي الأولى

إذا تطور البشر هو بإتجاه التدين الخالص فهذا يعني أنهم أوجدوا في أنفسهم بل في أعماق ذواتهم رغبة جامحة في الإنحياز كليا نحو عالم الطاقة الخالصة نحو عالم الوجود بالقوة والخلاص من عالم الوجود بالفعل أليس هذا ما بشرت به البوذية ؟وبالتالي تمت نهايتهم وإختفائهم من هذا العالم الذي نعيشه إلى عالم ربما يكون عالم السكون المطلق أو عالم الله كما تخيله الإنسان عالم الخلود والقوة المطلقة والحرية اللانهائية الأبعاد

إن المسألة من وجهة نظري ليست في البحث عن سبب للوجود أو هدفه بل هي مسألة هل نستطيع فهم الإنسان والكشف عن قدرات لاوعيه الهائلة وكيفية الإستفادة منها لجعل البشرية أكثر سعادة على هذه الأرض











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال آخر مهم ؟!!
أمناي أمازيغ ( 2012 / 1 / 11 - 14:20 )

تحية للأستاذ محمد ماجد ديُوب المحترم

سؤالك ، أين الله ؟! جدير بالأهمية والتأمل ، لكن قبل أن نبحث عن الإله يجب أولا أن

نعرف ماهيته وجوهره وكيانه ، إذ لا يمكن البحث عن شيء لا نعرفه ولم نحدده مسبقا

. لذلك فإن سؤالك يسبقه سؤال أخر مهم : ما هو الله ؟!!!

تحياتي لك سيدي


2 - نعم ولكن
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 11 - 15:33 )
نعم هو سؤال مهم ولكن الؤال عن ما ماهية الله هي متضمنة في السؤال عن مكانه لأنه لايمكن السؤال عن وجود ما هو غير معروف
إن سؤالي أين الله هو في حد ذاته يحمل معنى السؤال عن السؤال عن الله لأنه في حد ذاته سؤال إستنكاري حيث أن الله عرًفه الإنسان بطريقة تجريدية لاتحتمل إمكانية وجوده
لك تحيتي وتقديري


3 - الاستاذ الصديق محمد ماجد التحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 1 / 11 - 16:14 )
يقال وربما انت تؤمن بذلك ان العجز عن تفسير حدث يطلق او اطلقه عليه الصدفه
فهل العجز عن تفسير الخلق اطلق عليه الله


4 - المَثَل الأعلى
موجيكي المنذر ( 2012 / 1 / 11 - 16:46 )
بما أن الإنسان قد رسم صورة لله كاملة الأوصاف، فهل يمكن اعتبار هذا الكيان هدفاً أو مثالاً أعلى يطمح الإنسان المتدين ليكونه؟

بمعنى آخر، هل فكرة الله الكامل الذي يبحث الإنسان المتدين بشكل دائم وحثيث عن الطرق الموصلة إليه هي فكرة سيئة بالمطلق؟

لو كانت صورة هذا الله، المفترض كونها مطلقة القدرة والمعرفة والسيطرة، والتي رسمها له العقل البشري كما يدّعي اللادينيون، تشتمل على عناصر مفيدة للجنس البشري لما كانت هناك مشكلة في الدين أو التدين، ولكن الإختلافات والتناقضات والحجج التي يسوقها أتباع كل ديانة، بالإضافة لتصرفاتهم المنطلقة من تعاليم أديانهم، تجعل هذه الصورة المثالية المطلقة لله مشوهة ومشوشة وبالتالي منفّرة لكل ذي حسّ سليم وعقل راجح

فما دامت الإنسانية مصرّة على التمسك بفكرة الإله المطلق، فحبذا لو ساقت الأقدارُ لنا يوماً تتوحد فيه هذه الرؤى والأفكار: الإلهية، لتنتج لنا الله وفق صورة أكثر تناغماً وتعبيراً عن الحب والخير والسعادة والحرية، والأهم من ذلك أن يُحْفَظَ للعقل قيمته وقدْره

تحية وسلام


5 - جنون حب اللة
صلاح الساير ( 2012 / 1 / 11 - 17:14 )
الاستاذ محمد ماجد المحترم
ان دماغ الانسان بدء ماديا حيث يؤمن بالماء والهواء والنار والتراب والشمس والقمر ...الخ ولكن عندما بدء الاستغلال والاحتكار للانسان اخذ هذا الانسان يقاوم هذة الالهة ويحطمها وفى هذة الفترة نقل هذا الانسان القوى الذى يستغل اخوة الانسان برفع اللة الى السماء لكى لا يطالة هذا الانسان الضعيف مرة ثانية ولازال يبحث عنة ويتقرب الية ليقتلة وعملية القتل مستمرة الى الان 00
شكرا على هذا المقال الرائع واستمر لغرض ان نقتل اللة سوية مع التقدير


6 - الاستاذ محمد ماجد المحترم
فؤاده العراقيه ( 2012 / 1 / 11 - 19:21 )
بحث جميل ونحن بحاإجه ماسه لهكذا مقالات تنبش العقل بعد ان جمدتها الديانات , سيصل العلم لا شك بالوصول يوما الى فهم الانسان والكشف عن قدراته جميعها من وعي الى غيره
لي سؤال لحضرتك في تعليق لك على احدى المقالات ذكرت به بأنك ممارس محترف في مجال التنويم المغناطيسي وتحصل لك حالات لم تجد لها تفسير فأذا امكن ان توضح لي الفكره ولوهي خارج موضوعك هذا لكننا هنا جميعنا نعتبر عائله واحده وللفائده ولكي نرتقي ..مع جزيل الشكر لفكرك


7 - الغالي رضا
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 11 - 21:19 )
ليست المشكلة في العجز ولكنها في الإستسلام له
لك تحيتي المسائية العطرة


8 - العزيز موجيكي
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 11 - 21:26 )
أبداً ليست فكرة سيئة ولكن السيء هو أن هذه الفكرة جعلتنا نتقاتل حول الطريق المثلى للوصول ونسينا هدف البشرية الذي هو الوصول إليها
المسألة في غاية البساطة علينا التحرر من غرائزنا فنصل إلى الله الذي وصفته الحق والخير والعدالة والجمال والحرية إلخ
محبتي وتقديري


9 - الأخ المحترم صلاح
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 11 - 21:29 )
نعم علينا قتل الله الذي هو خارجنا والعمل على الإستفادة من الإله الذي هو في داخلنا علً العلم يوصلنا إلى ذلك
لك تحيتي وتقديري


10 - الأخت المحترمة فؤاده السوراقية
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 11 - 21:41 )
لاتحسبيني قد أخطأت بوصفك بالسوراقية فأنا قصدتها لأنه مالم تقم سوراقيا سيبقى هذا الشرق تعيساً سوراقيا هي دولة الشام ومابين النهرين
سأسوق لك مثالاً عن فتاة في العشرين من عمرها قمت بتنويمها وأعطيتها أمراً بتصليب يدها وطلبت إلى ثلاثة رجال كانوا حاضرين أ يقوما بثني إبهامها فلم يستطيعوا
فكان سؤالي لنفسي من أين أتت هذه القوة لإبهام الفتاة؟
وفي مرة أخرى أوحيت لشاب قمت بتنويمه أن ما في يدي وسأقربه منه هو ثلج ولكنه في الحقيقة كان سيكارة مشتعلة والغريب أن يد الشاب لم تحترق ولم تصب بسوء بل إحمرت كما لو كانت السيكارة ثلجاً بالفعل وبردت
مثل هذه الحالات تستدعي تفسيراً علمياً لم أجده في الكتب ولكن تخميني للموضوع هو أن العقل الباطن له من السيطرة على الجسد ما يستدعي التفكير عميقاً
أرجو أن أكون قد أوضحت ما أردتي ولك تحيتي وتقديري


11 - شكرا للرد ولكن
فؤاده العراقيه ( 2012 / 1 / 11 - 23:16 )
من الؤكد بان عقل الانسان له قدرات وامكانيات لم نستغلها او نصل لها ويستطيع اي شخص لو توفرت له الظروف المناسبه ان يعمل ما لا يتوقعه , ولكن عن التنويم المغناطيسي فأنا شخصيا لا افهمه ولا افهم كيف لشخص ان يصل لحاله لا يشعر بها اي ينام ويكون عبد المامور للذي نومه , او ربما من يضعوه تحت التنويم يجب ان تتوفر به مواصفات خاصه , منها ايمانه بالتنويم او ضعف باعصابه انا عن نفسي لا استطيع ان اتقبل انه لو جرى لي عملية تنوين بأنني سأنام
حبي وتقديري


12 - يا سيدتي
محمد ماجد ديُوب ( 2012 / 1 / 11 - 23:33 )
إن أي عملية استرخاء وأنت تشاهدين برنامجاً تلفزيونياً لايستوجب التفكير هو بداية لعملية التنويم
بالتأكيد إن من لايريد أن ينوم لايستطيع أحد تنويمه لأن دماغه في هذه الحالة وبسبب توتره يبقى يقظاً
تحيتي وتقديري

اخر الافلام

.. رئيس مؤسسة -إسلام فرنسا- غالب بن الشيخ: مصطلح الجالية الإسلا


.. شاحنة تعرض رسائل معادية للإسلام في تورونتو




.. عضو حزب الاستعادة الفرنسي: حضارتنا الأوروبية ليست مبنية على


.. توافد الحجاج لزيارة المسجد النبوي بعد إتمام مناسك الحج في مك




.. القس دوماديوس: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعاقب الراهب المص