الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا يكون الحاكم الحرامي وإلا فلا

نبيل هلال هلال

2012 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقـول عبـد الرحمن الكواكبى: "ما أشبه المستبد فى نسبته إلى رعيته بالوصى الخائن القوى على أيتام أغنياء، يتصرف فى أموالهم وأنفسهم كما يهوى ماداموا قاصرين، فكما أنه ليس من صالح الوصى أن يبلغ الأيتام رشـدهم، فكذلك ليس من صالح المستبد أن تتنور الرعية بالعلم، ولا يخفى على المستبد أن لا استعباد ما لم تكن الرعية حمقاء تخبط فى ظلام جهل وتيـه وعمـاء "-رحمك الله يا كواكبي .
ويعمـد المسـتبد إلى تجهيل الأمة وتضليلها، وقلب الحقـائق على النحو الذى يزين واقعها البـائس، ويقـوم شـعراؤه وأنصـاره ووسائل إعلامه بمطالبة العامة بشد الأحزمة على البطـون الخاوية بدعوى أن ذلك وطنيـة وطاعة للـه وحتى لا يفطنوا إلى خواء خزائن بيت المال بعد انتهاب أموالهم أو تبديدها فى مناورات عسكرية فاشلة ضد جيرانه من البـلدان الشقيقة، أو الإنفاق على ملذاته، وتجييش فرق الحرس لحمـايته، ويسـتمر هذا التضليل حتى ينجح المستبد فى ترويض النـاس حتى أنه "يأسرهم فيهللون لشوكته، ويغصب أموالهم فيحمدونه على إبقـاء الحياة، ويهينهم فيثنون على رفعته، وإذا أسرف بأموالهم يقولون عنه أنه كريم، وإذا قتل ولم يمثل بجثثهم يعتبرونه رحيما " .قال عبـد العزيز بن عمر بن عبـد العزيز: "سألنى أبو جعفر المنصور كم كانت غلة أبيـك– أى راتبـه– حين أفضت الخلافة إليه؟ قلت: أربعين ألف دينـار قال: فكم كانت حيـن توفى؟ قلت: أربعمئـة دينـار ولو بقى لنقصت " ، وكان عليـه قميص واحد، ويقـول أبو أمية غلام عمـر: دخلت يومـا على مولاتى فغدتنى عدسا فقلت: كل يوم عدس قالت: يابنى هذا طعام مولاك أمير المؤمنين " ، ويقـول سعيد بن سويد: "صلى عمر بالناس الجمعة وعليه قميص مرقوع على الجيب من بين يديه ومن خلفه " ، فى حين أن الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك بن مروان " لم يلبث ثوبا قط وعاد إليه " حتى إن ملابسـه لا يحملها إلا سبعمئة بعير من أجلد ما يكون من الإبل، وأعظم ما يحمـل عليها من الجمال، وكان مع ذلك يتقللها، ولقد أحصى أحد الفقهاء والمقربين من هشام – فى خزائنه – بعد موته اثنى عشر ألف قميص، وقيـل لم يكن فى ملوك بنى مروان أعطر ولا ألبس من هشـام، وخرج حاجا فحمل ثيـابه سـتمئة جمـل! " ." وقال عطاء الخرا سانى: أمر عمر بن عبـد العزيز غلامه أن يسخن له ماء فانطلق فسـخن قمقما فى مطبخ العـامة، فأمر عمـر أن يأخذ بدرهم حطبـا يضعه فى المطبخ، وقـال عمـرو بن مهاجر: كان عمـر يسـرج عليـه الشمعة ما كان فى حوائج المسلمين، فإذا فرغ من حوائجهم أطفأها ثم أسرج عليه سراجه " ، فى حين قال الخليفة المكتفى باللـه عنـدما أصابه المرض: " واللـه ما آسى إلا على سـبعمئة ألف دينـار صرفتها من مال المسـلمين فى أبنيـة ما احتجت إليهـا وكنت مستغنيـا عنها " ، ولما ختن الخليفة المقتـدر باللـه خمسة من أولاده فغرم على ختانهم ستمئة ألف دينـار! " .
ويذكر لنـا التـاريخ أنه عنـدما مات عبـد اللـه أثناء خلافة أبيـه أبى بكر الصديق رضى اللـه عنـه، خلف سبعة دنانير هى كل ما تركه، فاستكثرها أبـوه!!، وكان أمير المؤمنيـن عمـر بن الخطـاب يلبس الجبـة الصـوف المرقعـة بالأديم. وكان الخليفة الهادى العبـاس يحب الإسـتماع إلى المغنيات والمغنين ويهفـو إلى اللهو وشرب الخمـر، لذا كان إبراهيم الموصلى المطرب الشهير وابنه اسـحق من المقربين إليـه، وقد أعطى الخليفة الهـادى من بيت مال المسلمين إلى إبراهيم الموصلى خمسين ألف دينـار لأنه عنـاه ثلاثة أبيـات من الشعر أطربتـه " . سأل عمـر بن عبـد العزيز امرأته فقـال: يافاطمة عنـدك درهم اشترى به عنبـا؟ فقالت: لا، وقالت: وأنت أمير المؤمنين لا تقدر على درهم تشترى به عنبا؟ فقال: هذا أهون علينـا من معالجة الأغلال غدا فى جهنم " ، وكان يصلى بالناس الجمعة وعليه قميص مرقوع الجيب بين يديه ومن خلفه، وكانت نفقته كل يوم درهمين .بتصرف من كتاب الاستبداد ودوره في انحطاط المسلمين-متاح في مكتبة الحوار المتمدن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدستور
ALP ( 2012 / 1 / 11 - 17:45 )
عندما لا يكون هناك دستوراً صحيحاً يُلزم الحاكم بالعدل وعدم الاستبداد ، ستبقى الرعية تنتظر

حظها ليحكمها شخص عادل وهذا الشخص مهما طال به العمر فلن يحكم الى الابد فسيأتي

بعده حاكم ظالم مستبد ، والتاريخ شاهد على ذلك . كم نسبة الحكام العادلين الى الحكام الظالمين؟

كيف نفتخر بحاكم ما وقد رحل دون ان يترك خلفه نهج عادل ملزم لمن بعده؟

ماذا فعل عمر ؟ وماذا قدم للرعية بعد رحيله؟ أين كان بيت المال عندما رآى أمراءة تطبخ الماء

فقط لعيالهل؟ وماذا عن الفقراء في أقصاء دولته الفاحشة الثراء؟


2 - خذ عن المستشرقين اكثر ماتاخذ عن المسلمين
حكيم العارف ( 2012 / 1 / 12 - 03:15 )
يا استاذ هلال ... انا مؤمن تماما ان اى تاريخ يصدر عن المسلمين هو مزور لدرء المخاطره بحياتهم من ظلم الغزاه لانه ليس لهم مبداء يدافعون عنه او يخبرون الحقيقه وينهون حياتهم ... فارجواان تأخذ عن المستشرقين اكثر ماتاخذ عن المسلمين ...

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل