الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطوات من اجل التعايش والتسامح في اقليم كوردستان

خدر شنكالى

2012 / 1 / 11
المجتمع المدني


ان رابطة التعايش والتسامح والتآخي الموجودة في كوردستان ليست جديدة اليوم ، وانما ترجع جذورها الى بداية تكوين المجتمع الكوردي واستقراره في هذه الارض الخضراء ، وتبدو ملامح هذا التعايش واضحا من خلال المعالم والآثار التي تدل على تواجد هذه الاديان ( الايزديين والمسيحيين ) الى جانب اخوانهم المسلمين في هذه البقعة من الارض ( كوردستان ) منذ القدم وحتى قبل مجيء الاسلام ، أي ان المجتمع الكوردي مجتمع قائم اساسا على التعدد الديني ، وان الله عز وجل قد قدّر لهذه الاديان الثلاثة ان تجتمع وتعيش مع بعضها في هذه الارض الخصبة لتكون نموذجا للتآخي والتسامح في المنطقة ، ثم ان الجميع قد دافعوا عن هذه الارض الطيبة وفي خندق واحد واختلطت دمائهم باروائها لكل شبر من هذه الارض ، وما التجربة الديمقراطية التي يتمتع بها الاقليم اليوم الا نتيجة لذلك الدفاع والتلاحم والتكاثف المشترك جنبا الى جنب ، بحيث اصبحت هذه التجربة اليوم امانة في اعناق الجميع وعلى الكل العمل بجدية واتخاذ الخطوات اللازمة من اجل اغناءها واظهارها بالصورة الاجمل والاروع ومعالجة السلبيات او نقاط الخلل او الضعف التي لاتزال تعرقل سبيل هذه التجربة وتقدمها الى الامام والتي تتطلب معالجتها بطرق علمية وحضارية وواقعية بعيدة عن الامور العاطفية وبما تلائم وتنسجم مع واقع المجتمع الكوردي وبكل اطيافه . ومن الخطوات التي نراها ضرورية في سبيل تحقيق مسألة التعايش والتآخي والتسامح في كوردستان هي :
اولا : التعليم ، لاشك ان حكومة الاقليم قد قامت بخطوات كبيرة في مجال اصلاح النظام التعليمي او الدراسي في اقليم كوردستان وبالاستفادة من تجارب وخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال وخاصة في المواد العلمية ، الا ان الذي يهمنا هنا ويتعلق بموضوعنا هو اصلاح النظام الاجتماعي في المدارس وابتداءا من مدارس رياض الاطفال ، لان المدرسة هي المؤسسة الاولى والاهم بعد الاسرة يتلقى فيها الطفل اولى افكاره وتعاليمه وان هذه الافكار في هذه المرحلة المتقدمة من العمر سوف تكون راسخة في ذهنه كما اثبت ذلك علم النفس التربوي ، اذا فتقع على عاتق المدرسة مسؤولية تربية وتنشأة الطفل على اسس اجتماعية سليمة وممارسة الانشطة والفعاليات المدرسية التي تعلم الاطفال على حب الناس وعدم التفرقة بينهم وزرع روح المحبة والتآخي فيما بينهم وابتعادهم عن المسائل الدينية في المراحل الاولى من عمرهم ، ويجب ان تستمر هذه التربية المدرسية الاجتماعية في المراحل الاخرى وذلك من خلال اجراء التغيرات على الكتب التي تخص الجانب الاجتماعي كالتاريخ او الاجتماع مثلا وبما تلائم وافكارهم التي اكتسبوها ومن اجل خلق جيل قادر على فهم واقعه وبما يخدم المجتمع الكوردي بكل مكوناته .
ثانيا : الدراسة الدينية : لاشك ان الدين يعتير جزءا لايتجزأ من حياتنا الاجتماعية بل ويشغل المساحة الاكبر منها ، الا اننا هنا يجب ان لانخلط بين الدين وبين المسائل العلمية والاجتماعية الاخرى لان الدين هو شيء مقدس وثابت أي غير قابل للتغير بمفهومنا بينما العلم والمسائل الاجتماعية هي قابلة للتغير في أي زمان ومكان ، ولكي نفهم الدين بالشكل الصحيح يجب ان لانضع انفسنا في خدمة الدين وانما جميع الاديان وجدت لتخدم البشرية وجميعها تتفق على مباديء وقواعد ثابتة وموحدة من اجل خدمة الانسانية دون تميز ولايستوجب ذكر الامثلة هنا لانها معروفة للجميع .
اذا ومن هذا المنطلق ولكي نضع الدين في مكانه اللائق وبما يلائم مع قدسيته وخصوصياته ومنحه المزيد من الاحترام والتقدير يجب ان نبعده عن قاعات المدارس وساحات الاطفال وفتح مدارس دينية خاصة للذين يرغبون في دراسة العلوم الدينية ولجميع المراحل ، واقصد هنا جميع الاديان الموجودة في كوردستان ، حيث نلاحظ ونتيجة للتجربة الديمقراطية التي يتمتع بها اقليم كوردستان واتاحة الفرصة امام جميع المكونات الدينية كالاسلام والمسيحية والايزدية لدراسة علوم اديانهم في المدارس ، انها تسابقت على زج المدارس بالمواد الدينية دون دراسة علمية او مستقبلية او ما سيتولد عنها مستقبلا ، فلو فرضنا في مدرسة فيها طلاب ايزديين ومسيحيين ومسلمين كما هي الحالة في منطقة الشيخان مثلا والتي تعتبر نموذجا للتعايش الديني فعندما يأتي درس الدين لاي منهم سوف يقوم الاخرون بالخروج من الصف وهذه بالتالي سوف تزيد من التفرقة والتمييز فيما بينهم نتيجة تفرقهم الى مجموعات مختلفة مما يؤثر ذلك على نفسية الطالب وبالتالي عدم فهمهم وتقبلهم للآخر ، وهنا لا اقصد الغاء دور الدين والانتقاص من قيمته ، وانما ادراك خطورته في حالة عدم فهمه واختلاطه بالامور الاخرى كالتعليم والثقافة والسياسة وغيرها ، وهنا تقع المسؤولية على عاتق وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الاوقاف والجهات ذات العلاقة وبعد دراستها جيدا ومن كافة الجوانب باتخاذ قرار جريء برفع مادة الدين من المدارس وتعويضها بمادة ( التربية الدينية ) او ( التربية الاخلاقية ) او غيرها على ان تتضمن المباديء والقيم الانسانية العليا التي تتفق عليها الاديان جميعا مثل التوحيد والمساواة والحقوق والواجبات وغيرها .
ثالثا : منظمات المجتمع المدني ، لمنظمات المجتمع المدني في اقليم كوردستان الدور الكبير في زيادة الوعي الثقافي بشكل عام لدى الافراد في المجتمع ، فمن واجبها ان تقوم بدورها الفاعل في توعية المجتمع الكوردي وخاصة في مجال حقوق الانسان واشاعة روح الاخاء والتسامح والمحبة فيما بينهم ، وليس من خلال اقامة الندوات والسيمينارات فقط وانما العمل على اقامة فعاليات ونشاطات مشتركة بين كافة المكونات الموجودة في الاقليم مثل تبادل الزيارات المشتركة بينهم للتعرف على بعضهم البعض بصورة اكثر وتنظيم سفرات مشتركة الى اماكن العبادة الخاصة بكل منهم او اقامة ورشات عمل مشتركة وخاصة للشباب من اجل تقوية روابط الصلة والتاخي والتسامح فيما بينهم .
رابعا : من واجب حكومة الاقليم ايضا ان تقوم بدعم كافة الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها المدارس وكذلك منظمات المجتمع المدني ماديا ومعنويا والانتباه الى هذه المسألة المهمة جدا والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال ، وعند كتابة هذه المقالة تم في اربيل عاصمة اقليم كوردستان الاعلان عن خطة العمل الاقليمي لحقوق الانسان في الاقليم بحضور ممثل الامين العام للامم المتحدة في كوردستان وهذه تعتبر خطوة كبيرة في مجال حماية حقوق الانسان في الاقليم وخلق مجتمع ديمقراطي يعيش فيه الجميع بحرية وعدالة ومساواة ، وبالتأكيد فان هذه الخطوة سوف تكون دافعا كبيرا في سبيل تحقيق التآخي والتسامح والتعايش في الاقليم .
خامسا : اجراء بحوث ودراسات ميدانية حول مسألة التسامح والتآخي في الاقليم من قبل الباحثين والمختصين في هذا الشأن واجراء لقاءات مع الطلبة والمدرسين ومختلف فئات المجتمع من اجل التعرف على المشاكل والمعوقات التي تقف عائقا في سبيل تحقيق هذا الهدف ومحاولة ايجاد الحلول اللازمة لها .
ومن اجل تحقيق هذا الهدف ايضا وسهولة تعرف المكونات على بعضها البعض وبصورة صحيحة وواقعية يجب على الايزديين انفسهم ايضا ان يقوموا وباسرع وقت ممكن على اتخاذ الخطوات التالية :
اولا : العمل وخلال هذه السنة على ابعد تقدير على تصديق قانون الاحوال الشخصية للايزديين والذي مضى عليه فترة اكثر من عشر سنوات منذ بداية الخطوة الاولى لانجاز هذا المشروع التاريخي المهم ، وللتاريخ اقول ان كاتب هذه السطور ومع مجموعة من الاخوة الحقوقيين وهم كل من ( الاستاذ هاشم وهو حاليا نائب المدعي العام في محكمة دهوك والمحامي بركات شيخ عمر والحقوقي ديندار شيخاني ) بادرنا معا بفكرة انجاز هذا المشروع في عام 2000 وفعلا فقد تم اكمال المشروع بعد شهرين من العمل المتواصل وبدعم كامل من مركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك وتم تقديم المشروع الى المركز المذكور في حينه ولاسباب خارجة عن ارادة المركز تم تأخيره لحد الآن ، على كل حال نتمنى ان يتم اكمال المشروع سواء كان هذا المشروع او غيره على ايدي الخيرين من المثقفين والحقوقيين الايزديين ومصادقته من قبل البرلمان الكوردستاني ، لانه بحق يعتبر انجاز عظيم للايزدية بل ويعبّر هذا المشروع الى حد كبير عن الهوية الاجتماعية للايزديين .
ثانيا : بالنظر لعدم تدوين نصوص الديانة الايزدية وجمعها في كتاب خاص لحد الآن لاسباب تاريخية واجتماعية كثيرة لامجال لذكرها هنا ، بحيث اصبح كل يفسر الايزدياتي حسب وجهة نظره الشخصية مما ادى ذلك الى خلق الكثير من الشكوك والغموض حول حقيقة الديانة الايزدية وصعوبة التعرف عليها وعلى حقيقتها من قبل الغير ، لذا اصبح من الواجب والضروري الاسراع في جمع النصوص الدينية الايزدية في كتاب خاص ليكون مصدرا يتم من خلالها التعرف على الديانة الايزدية بيسر وسهولة وتوضيح كل ماهو مبهم وابتعاد كل ماهو غير صحيح عن هذه الديانة التي تعرضت الى الكثير من الاضطهاد والغبن على مدى تاريخها الطويل ، وهذه المسؤولية تقع على عاتق المجلس الروحاني الايزدي وبالتعاون مع المثقفين ورجال الدين سواء كانوا داخل الوطن او المهجر .
ثالثا : الانتباه هنا الى مسألة مهمة وحساسة جدا وهي تاليف واصدار الكتب الخاصة بالديانة الايزدية و أؤكد هنا ( الكتب الخاصة بالديانة الايزدية حصرا ) سواء كان من قبل الكتاب الايزديين انفسهم او غير الايزديين و عدم طبعها اوتداولها مستقبلا الا بعد الموافقة عليها من قبل لجنة خاصة يتم تشكيلها بقرار اميري لهذا الغرض من الباحثين والمختصين والمهتمين بالشأن الايزدي من الايزديين انفسهم ، وكذلك العمل على توحيد الخطاب الديني الايزدي ، وذلك تلافيا لبعض الاشكالات او الملابسات او التناقضات التي لاتخدم المجتمع الايزدي والكوردي بشكل عام .

خدر شنكالى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقترحات جميلة
عبدالباري مجيد هداية ( 2012 / 1 / 12 - 22:02 )
انها مقترحات عملية وواقعية , ومن اجل تاطيرها بشكل قانوني حديث منطقيا على القانونيين المشرعين العمل على رفع الشطر الاول من المادة الدستورية السادسة من مشروع دستور اقليم , كوردستان ومن ثم العمل الجاد والسريع من اجل الاستفتاء عليه واقراره , اي عمليا فصل الدين عن الدولة وهذا ركن اساسي لتاسيس مجتمع حديث ومساوات نظرية وعملية وتآخي حقيقي والاحتكام الى مبدأ المواطنة


2 - شكرا على مروركم الكريم
خدر شنكالى ( 2012 / 1 / 14 - 19:20 )
شكرا على مروركم الكريم ومقترحاتكم الجديرة بنظر الاعتبار وسوف تكون لنا وقفة معها في موضوع اخر في حينه ، تحياتي لكم

اخر الافلام

.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين


.. الأمم المتحدة التوغل في رفح سيعرض حياة الآلاف للخطر




.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة