الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لاتلغى مآذن الجوامع ؟

احمد مصارع

2005 / 1 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجامع والمسجد أو المسجد الجامع , في الشكل المعمول به في معظم أرجاء العالم الإسلامي , غير متلائم مع معطيات العصر ولا روح المسلمين , فهو موجود على هيئة موروثة , من حيث التخطيط والبناء ,ولا أحد يمكنه تفسير شيوع نمط واحد , إلا ما ندر .
إذا كان المقصود من وجود مئذنة شاهقة الارتفاع مثلا , هو الاستدلال عليه , فأبنية المدن قد غطت عليها ولم يعد بالا مكان مواصلة المنافسة فيمابينهما , ولقد أوجد نظام الإشارات الفسفورية الحديث , بديلا عن المآذن العالية ,أما إذا كان المقصود إسماع صوت الآذان الى أبعد مدى ممكن , فقد تم تجاوز ذلك عن طريق مكبرات الصوت وبأحجام وقدرات تستطيع إسماع من به صمم .
إنني أستبعد أن يتشبث المهندس الإسلامي , أن التصميم الشائع هو الأمثل , من ناحية الشكل المعماري , وهو الشكل النهائي , التام التمام ..
لقد علق أحدهم ساخرا من المآذن بوصفها ( الصواريخ التي لا تطير ) وأتساءل أليس من المفيد للمجتمع الإسلامي جعلها قادرة على الطيران , بمعنى إلغاؤها من خريطة الجامع الجديد , والاستفادة من كتلتها العمودية الشاهقة أفقيا ,وعن طريق توجيهها لخدمة مرافق أكثر جدوى في المنفعة العامة .
لو أن كتلة المئذنة المغيبة , توجه الى جوانب خدمية ومنها, مقاسم صغيرة تصلح للإيواء عند الضرورة , ومنها مقاسم قليلة للتحويل السهل الى مطعم أو الى مكتبة ,بالإضافة الى مرافق صحية أكثر عددا من الحاجة الحالية ومن نوعية أرقى مما هو سائد حاليا .
للجامع وظائف معطلة في معظم أنحاء العالم الإسلامي ,ومن الغريب أن يكون الجامع في وجوده ,وعلى هيئته الشائعة من وحي دين الرحمة , ودين اليسر لا العسر ,وهو الإسلام .!
الجامع المفتوح والمشرع الأبواب على من يؤمه , بشكل دائم , ولامكان للعطلة فيه , في سائر الأيام هو الوضع الأنسب , والأقرب الى البيئة الإسلامية , ويمكن إحداث التجاوبات المطلوبة لتتوافق و مع مثل هذه الأهداف , وهي الحضور الدائم في محيطه , وتقوم تلك المرافق الملحقة به على تأمين حضور دائم للجامع , يجعله حيويا وعامرا على الدوام , حتى حين يغلق حرمه الرئيس , ويكون إشعاعه مؤثرا وتفاعليا , وليقدم أكبر خدمة عملية وروحية في مجتمعات فقدت ذاتها , ولم تجد بديلا عنها .
الجامع بوجه رسمي , وحكومي , مفارقة على تضاد مع دين الله , وشعبيته , وذلك حين تبنى المساجد بإحسان المحسنين , ومن التبرعات والصدقات , لتتحكم به إدارة عامة , كما لوكان مرفقا حكوميا ,وهذا التداخل غير مشروع بالمرة , ومن الأنجع وجود تسيير تطوعي لمرافقه المتكاملة , وعلى النحو المعماري الذي أتصوره هو ألأقرب الى رحمة الله , ويسره حين لا يسود المجتمع إلا العسر المصطنع وبغير وجه حق .
التجار إذا لم يكونوا فجارا , وكانوا من بناة بيوت الله , فلن يكون لهم مصلحة , في إغلاقها , بحجج واهية , وهي وان بدت تنظيمية المظهر , ولكنها لا تعكس في النهاية سوى المستوى الضعيف من الفقر الروحي , والضعف الإيماني , بضرورة وجود جامع حيوي يتحرك عاملا وموحدا , آناء الليل والنهار .
الجامع الذي يمتلك داخله كل مقومات الحياة في كل وقت , هو عمل رباني , وعبادة لله وإسعاف لعباده في كل حين , ولكم أشعر بالفخر من وجود جامع وعبر القرون يقدم وجبات طعام للفقراء , ويلجأ إليه الفقراء والمساكين
وكل صاحب حاجة , في عصر كل مافيه يدفع الى الكفر بالقيم الربانية .
كل منا معرض لأن ترمي به المقادير نحو أماكن قصية , وحين تنزل في بلدة صغيرة , في ساعة متأخرة من الليل , فسيكون معظم الناس نيام , وتجد نفسك مشردا , لا ينفعك مال , ولاجاه , إلا من رحم ربي , وحين تنظر الى الجامع في عطلة , ضمن حالة دوام رسمي , فسينتابك شعور بأن الجامع وهو بيت الله قد أتبع قسرا بنظام رسمي بليد ...؟!!
والمقالة مفتوحة .
احمد مصارع
الرقه-2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل