الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة محاولة للفهم

بشير ناظر حميد

2012 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم اشئ بيوم إن أقحم نفسي في مواضيع العقيد والدين لكونها قد تمس مشاعر الملايين، وقد يتفق ويختلف معي الكثيرين، ولكن ما نراه اليوم من تداخل وتشابك بين الدين والسياسة دعاني إلى كتابه هذه السطور. أولاً وقبل كل شيء لا بد من القول إن جميع الديانات السماوية هي دساتير يمكن إن تصح في إي زمان ومكان للعيش المشترك بأمان وسلام بين البشر وفي جميع بقاع الأرض، وثانياً لا يمكن بأي شكل من الإشكال الجمع بين الدين والسياسة، بمعنى أنه لا يمكن إن يكون هناك رجل دين وسياسة في نفس الوقت، فمبادئ السياسة تختلف بالتمام والكمال عما موجود في الدين، ومواقف الدين الثابتة في كثير من المسائل لا يمكن تطبيقها بأي شكل من الإشكال على السياسة. فضلاً عن هذا لا يوجد شيء اسمه إسلام سياسي، وإن وجد فهو من اجل خدمة مجموعة صغيرة تسيطر على حكم دولة معينة تحت هذا الاسم. فالإسلام هو دين للتعايش وتنظيم أمور الناس وفق شريعة معينة وثابتة في الكثير من أركانها، والسياسة هي فن الممكن وتتبدل حسب الظرف السائد والعلاقات بين الساسة أو بين النظم الحاكمة، وهي في أمور كثيرة تتعارض اشد التعارض مع الدين. وما نراه اليوم في الكثير من المجتمعات العربية من تسييس واضح وصريح للدين لا يمكن بأي حال من الأحول السكوت عنه، مع يقيني بأني سوف أتجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي رسمتها النظم الحاكمة لمواطنيها والتي تجعلها إن تدوم أو تبقى في الحكم أطول فترة ممكنة، فما عاشته أوربا وعانت منه لقرون، تعيشه اليوم البلدان العربية، فقد غيرت كما تسمى في الكثير من وسائل الإعلام ثورات الربيع العربي ليس فقط الوجوه، وإنما التفكير أيضا، مع الأخذ في الحسبان خطورة هذه المرحلة على إفراد الشعوب العربية، لأن أصعب أنواع التغيير هو تغيير الفكر. فمن احتلال العراق، إلى ثورة الشعب التونسي، ومن بعده المصري، ومن ثم قصف وتدمير وقتل لزعيم عربي في ليبيا، مع سيناريو تم رسمه في غرف لم تعرف النور لكيفية تغير ونقل السلطة في اليمن، مع استمرار الإحداث في سوريا بين صداً ورد. وفي خضم هذه الإحداث صعدت الأحزاب الدينية إلى سدة الحكم، لتحكم بعد إن كانت مهمشة إن لم تكن محظورة، فأختلط الدين بالسياسة وأصبح المنظر رمادي بالنسبة للكثيرين، ولم تجدي نفعاً صيحات الليبراليين والعلمانيين من أجل تأسيس دولة مدنية تحترم الإنسان لإنسانيته لا لانتمائه الديني أو الطائفي أو لأي تسمية أخرى. هنا استذكرت عبارة كارل ماركس والتي انتقده عليها الكثيرين من المفكرين الإسلاميين "الدين أفيون الشعوب" وإنا أقول نعم فالدين أفيون الشعوب، مع إيماني باختلاف الظروف التي عاشها ماركس ليطلق بسببها هذه العبارة عن ظروف اليوم، فخلط الدين بالسياسة واستخدام الدين لتمرير الكثير من المشاريع السياسية أصبح موضة العصر بالنسبة للنظم الحاكمة، وإنا هنا ليست ضد الدين، وإنما اقول إن المجال الديني واضح ومعروف ومحدد والمؤمن الحق هو الذي يكون ضمن هذا الإطار، وكذلك المجال السياسي واضح ومعروف ومحدد، والسياسي الحق من يستطيع بحنكته السياسية جذب الجماهير والتفافهم حوله لا بخطابة الأحادي الموجه لفئة دون غيرها. لا بد من إعادة قراءة الواقع كما هو وليس كما نرغب أن يكون فقط، فقد نجحت حركات الإسلام السياسي علي امتداد العالم العربي والإسلامي، في اجتذاب الجماهير من خلال الشعارات الدينية البراقة، مثل (الإسلام هو الحل) و(الحكم لله) و(المدينة الفاضلة) و(حزب الله هم الغالبون)، ناهيك عن أنها كرست ذهنيا فكرة جوهرية، مفادها: أن تحقيق (العدل) الاجتماعي مرهون بوصولها إلى كرسي الحكم، ما يعني أن مضمون الإيمان لا يتحقق كامل معناه ومبناه إلا في ممارسة " الفكرة " التي ترمز إليه. وهذا قطعاً غير صحيح فالأحزاب الدينية في العراق لم تستطيع تجاوز الأزمات والصراعات منذ 2003 ولحد الآن، ودولة العدل الاجتماعية تحققت في دول فصلت وبشكل قطعي بين الدين والسياسة وكما هو واضح في الكثير من البلدان الأوربية والاسكندنافية، وحسب تقارير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد والتي تصدرها نهاية كل عام فأن هذه الدول تتصدر قوائمها من حيث ارتفاع مستوى الشفافية، عكس الكثير من الدولة العربية والإسلامية والتي تعاني من انخفاض مستوى الشفافية وارتفاع مستوى الفساد في جميع قطاعاتها. اذاً نحن بحاجة لفصل حقيقي بين الدين والسياسة وتحقيق فكرة الدين لله والوطن للجميع. والتأكيد على قيم الانجاز والإخلاص والنزاهة في العمل هي بها ترتقي الأوطان وترتضي الأديان، لا بالممارسات والطقوس المبالغ فيها وما بها من تأثير على المصلحة العامة وإفساد للمنظر الجمالي البيئي وتأخير للعمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين والسياسه
يوسف آل عناد ( 2012 / 1 / 14 - 08:00 )
لاشك ان نظرية فصل الدين عن السياسه هي ليست بجديده في العالم وليس هناك صعوبه بتطبيقها في اوربا واميركا وذلك لسبب لم تصل اليه شعوبنا اولا ثم السلطويون ثانيا وهو وجود(الوعي ) .. ولكن في بلادنا العربيه نفتقد لهذا المتغيير الاساسي ؟ ولنفترض لانستطيع فصل هاتين المتغيرين , الا نستطيع تطبيق ذلك , اليس القرآن الكريم كتاب حقوق وحريات وعداله وعمل وامن وامان وسياسه واق تصاد وطاعه واحترام وعقاب وثواب وعباده .... الخ ! هل دعانا الله الى التحزب وهل دعانا الى الفرقه او التكتل او التمذهب او التطرف والكراهيه والطائفيه ؟؟؟ واعتقد ان الرسول محمد (ص) عمل بما جاء به كتاب الله وكذلك من والوه وتبعوه باحسان الى يوم الدين .هل البلدان الاسلاميه لاتستطيع قيادة شعوبها الا بفصل هاتين المتغير ين !!! واذا كان القصد لانستطيع تطبيق الديمقراطيه في مجتمعاتنا الاسلاميه الابالفصل اعتقد هذا غير صحيح؟ لسبب1ان الدين الاسلامي يعطي كل الاديان الاخرى حقها في العيش . اما اذا كان المقصود بقادة مجتمعاتنا الان لايريدون العمل بكتاب الله والسنه وعدم مراعاة حقوق كل الذين يعيشون في مجتمعاتهم التي يحكمونها فهذه مشكلتهم وليس ذنب الدين؟


2 - الدين والحياة
عبدلله عبد الرحيم ( 2012 / 1 / 14 - 19:21 )
الاخ يوسف ال عناد المحترم: من الواضح ان كاتب هذا المقال قد أوضح وقال ان جميع الديانات السماوية هي دساتير للحياة ممكن ان تصح في اي زمان ومكان، والمشكلة ليست في الدين سوا كان اسلامي او غير اسلامي،، المشكلة في عالمنا العربي واضحه هي في الانظمة السياسية التي نصبت نفسها لرعاية الدين وتسخيرهه لمصالحها، كما هو حال العراق اليوم، فالدولة العراقية متوقفه منذ ايام من اجل اربعينية الامام الحسين، هل الامام الحسين بحاجه الى هؤلاء، هل استذكار الامام الحسين يكون بهذا الطريقة المخجلة، الله الله بالاسلام يا أهل العراق، فالأولى بهذا الصرف والبذخ هم الفقراء والعاطلين عن العمل وعامة الشعب العراقي من دون تمييز، المصلحة العامة متوقفة، والمستشفيات مستنفره والمرضى تعاني، المشكلة في القائمين على الدين اياً كان هذا الدين، وليست في الاديان، لا تنهض الامم بهذه الطقوس والبدع، الدين دين والسياسة سياسة.

اخر الافلام

.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_


.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال




.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا