الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لندن

خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)

2012 / 1 / 15
المجتمع المدني




استيقظتُ صباحا مبكّرة متعبة ، غير قادرة على التركيز بسبب ما يحدث من حواليّ.
فمنذ ستّة أيّام و المدينة تحترق تحت النّيران و حظرالتجول وقد تمّ إرغام المحلات حتى الكبرى منها على الإغلاق بدأ من الظهيرة، لا بل انتقلت العدوى إلى مدن أخرى كمنشستر و برمينغهام و بريستول و ليفربول ونوتنغهام وميدواي.
لقد أصابت الفاجعة الجميع ، مما اظطر الوزير الأول و نائب الوزير و وزيرة الداخلية وعمدة المدينة و كل من له علاقة بالموضوع على إنهاء عطلتهم السنوية ملتحقين بأرض الوطن في أقرب وقت ممكن .
ابتدأ الحادث بتوتنهام و هو حي يبعد عن مركز لندن بثمانية أميال ،حيث ليس ببعيد توجد منطقة الحديقة الأولمبية التي ستحوي الألعاب الأولمبية خلال العام القادم .
تمتازالمنطقة بكونها خليط  من الأجانب الوافدين من ألبانيا و تركيا و كردستان و العرب و جمايكا و البكستان والبنغال والأفارقة واليهود إلخ ...، حيث يتم استعمال 300 لغة .
و يبدأ الحادث بمقتل مارك دوغان ،البالغ 29من العمر يوم غشت من قبل رجال خدمة شرطة الميتربوليتن مما أشعل نيران الشغب بالمنطقة وأدى إلى عمليات السرقة و النّهب و إضرام النيران عمدا و سرقة الأماكن و سرقة الأفراد ، و لم يمض على الوقت طويلا حتى اجتاحت الفوضى مناطق متعددة بلندن فوقف رجال الشرطة عاجزين عن صدّ آلاف الشباب الهائج الذي لم يعد يهمّه شئ سوى خلق المزيد من الفوضى .
لقد استفاق المجتمع البريطاني مذهولا على كارثة غير معهود بها ، هذا المجتمع الأكثر رقيّا في العالم الذي استفاد من أخطائه التاريخية و الذي تمكّن من الإحتفاظ برتبة الصّدارة بفضل الخبرة التاريخية التي جمعها خلال قرون من الإستعمار.
هذا النظام الإجتماعي الذي خلق عدالة اجتماعية و حاول تقليص الهوة بين الغني و الفقير من خلال مساواة الفرص أمام الجميع بغض النظر عن الدين أو العرق و الميول الجنسي ، و حيث ينعم الأجانب بامتيازات اقتصادية و تعليمية و صحية
اجتماعية كبيرة ، إذ توفر الحكومة البريطانية ميزانية 74 بليون جنيه استرليني فقط للتعليم ، دون التطرق لميزانية الصحة و السكن والترفيه و مصاريف التنقل المجّاني وأنواع المساعدات المادية لأصحاب المدخول المحدود أو للّذين يفضلون البقاء خارج مجال العمل( وإن كانوا يتمتعون بصحة جيدة )، و للمرضى و العجزة و الأطفال و المعوقين و الملايين من اللاجئين الوافدين على المملكة المتحدة ، و حيث نظام الجباية صارما على الطبقة المتوسطة أو العليا تحت شعار "الإزدهار و الحياة الكريمة للجميع ".
و السؤال المحير و البديهي هو:
ما سبب الحقد الّدفين الذي يكنّه أبناء الأجانب للبلد الذي آواهم من الفقر و القهر الهاربين منهما و وفّر لهم جميع الإمكانيات للإنطلاق باتجاه حياة نافعة يتكلّلها النجاح ؟؟؟
و ماذا كانت ستكون ردّة فعل هؤلاء الشبان لو عاشوا طوال حياتهم في بلدانهم الأصلية تحت القمع و الحرمان و الخنوع ؟؟
إنهما سؤالين من بين أسئلة كثيرة تخيم على الفضاء الديمقراطي للغرب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انها حركة التاريخ
نجيب هنداوي ( 2012 / 1 / 15 - 18:26 )
انها النزعه نحوالعداله التي تنشا مع الانسان من نعومة اظفاره وهذا امر جلي وواضح في اغلب المجتمعات التي يظهر الفارق الطبقي بين فئات المجتمع وليس بدعا حينما نرى الثورات وهي تضرب دائما في الاماكن التي يقفز فيها الاختلاف في الدخول ويجعل تمايزا واضحا بين طبقه مسحوقه مهمشه واخرى ميسوره مترفه ولو عدنا الى الثورات الكبرى في روسيا او الفرنسيه قبلها وكثير من الحراك الاجتماعي الذي نراه محاوله لاعادة تصحيح يمارسها المجتمع كي تنتظم الوتيره النفسيه لمكوناته من البشر اما لو سار المجتمع دون ان يمارس عملية التصحيح فستراه ينكفئ على ذاته ويعيد رسم الحركه ان بدعوات اصلاحيه او صوفيه او صعاليك وغيرها مما اتحفنا به السجل العالمي لتاريخ الشعوب 0فلندن ياسيدتي ليست بمناى عن صيرورة التاريخ وبالاخص قوانينها التي تيسر مثل هذه الاعمال ولاننسى عقدة الاضطهاد التي يحسها الوافد مهما كانت ظروف بلد الايواء حيث يبقى هاجس الخوف معشعشا في النفس 0اضافه الى الشحنه الكبيره التي يحملها المهاجرون تجاه السلطه فهي تمثل لهم دائما مركز عدم اطمئنان بفعل التركه الثقيله التي لزمتهم حينما كانوا باوطانهم

اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد