الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برامج أحزاب الإسلام السياسي بين الحلم والتطبيق: خيارين لا ثالث لهما (1)

محمد شرف الدين

2012 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تشترك جميع الأحزاب السلفية والمتأسلمة في نفس الفكر ونفس البرنامج الذي يحملونه لمصر وإن لم يكن هذا البرنامج معلناً, وإن كانوا ينفون تبنيهم لهذا البرنامج. ويتمحور هذا البرنامج حول تطبيق مفهومهم للشريعة الإسلامية (والذي يقتدي بالسعودية بنسبة كبيرة ) ويتلخص في المحاور التالية:
1- تطبيق الحدود كقوانين: (السرقة, الزنا, القذف, شرب الخمر, الردة, الحرابة). مع استخدام الحدود كسلاح لإرهاب أي معارض لهم مثل استخدام حد الحرابة ضد المتظاهرين, والردة ضد المفكرين والمثقفين, وتلفيق تهم إذا لزم الأمر.
2- هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرطة الدينية: (وبالطبع لا تمثلها الهيئة المزعومة على فيس بوك): فالأمر والنهي هذا عامود رئيسي في برنامجهم بما يتضمنه من تدخل في كافة الشئون الشخصية والاجتماعية بحجة الأمر والنهي.
3- سلفنة الأزهر: احتلال الأزهر بحجة استقلاليته, وتحويله لهيئة كبار العلماء وتلوينه باللون السلفي؛ ثم الزج بأنف هذه الهيئة في كل كبيرة وصغيرة في البلاد.
4- زيادة رقعة التعليم الديني بشكل غير رسمي ورسمي: بشكل رسمي من خلال تدريس مادة التربية الإسلامية كمادة موسعة أساسية تتضمن 5 كتب على الأقل: (توحيد, تفسير, فقه, سيرة, حديث). ولا ننسى التعديل الجوهري الذي يريدونه في مواد التاريخ والتربية القومية والجغرافيا (التي ستكون جغرافيا الخلافة الإسلامية حصراً), فضلاً عن زيادة كبيرة في مادة اللغة العربية وذلك كله على حساب تعليم المواد العلمية والتقنية العصرية للطلاب.
5- تطبيق الضوابط الشرعية في قطاعات السياحة والفن والآثار: وهو الأمر الذي سيفضي في النهاية وبكل تأكيد إلى تخريب هذين القطاعين وهرب المنتجين والمستثمرين لدول أخرى.
6- أسلمة البحث العلمي والثقافة: من خلال تشجيع البحوث التي تتناول الشريعة الإسلامية في مختلف التخصصات بما في ذلك العلوم الطبيعية تحت شعار الإعجاز العلمي في القرآن والسنة, واستنباط العلم من القرآن والسنة.
7- التضييق على الحريات العامة: ستكون من أولوياتهم خنق الحريات العامة وأبرزها: حرية التعبير, وحرية التظاهر والاعتصام والإضراب, وحرية تداول المعلومات بحجب المواقع والفضائيات والصحف والكتب التي لا تتفق مع رؤيتهم ويبدأ الأمر أولاً بالمواقع الإباحية ثم يصل إلى مواقع المعارضين.
8- تكريس الحكم الشمولي الثيوقراطي: من أبرز اهتمامات هذه الأحزاب " إن الحكم إلا لله" وتحت هذا الشعار, سيحاولون بكل الطرق القضاء على نظام الحكم الديموقراطي التعددي, واستبداله بنظام يقوم على حاكم أبدي يسحق معارضيه بأوامر شرعية, ولا يسمح بتعددية حزبية, ولا بصناديق انتخابية والتي سوف يتم استبدالها بمجلس شورى صوري من طراطير وفقهاء سلطان يسمونهم أهل الحل والعقد.
9- السيطرة على المؤسسات العسكرية والأمنية: ويعد هذا من أكبر أحلامهم الأساسية لكي يمتلكوا القوة القاهرة الكفيلة بفرض كل توجهاتهم الفكرية. وإن كان هذا الحلم مؤجل الآن لكنه هدف رئيس لهم يودون تحقيقه بعد فترة من الحكم.
10- القضاء على الموالد والمقامات ومحاربة الطرق الصوفية: بإجراءات مثل حظر الموالد وهدم المقامات والهدف الرئيس هنا ليس الصوفية فقط بل الهدف إسقاط المذهب الأشعري والحنفي للدين الإسلامي في مصر والذي يعد معتدلاً (لكن متهاون في وجهة نظرهم بالطبع).
11- أسلمة أو تهجير الأقليات الدينية: عندما مولت السعودية السلفيين وضعت في ذهنها أهداف أساسية منها التضييق على الأقليات الدينية (أقباط/ شيعة/ بهائيين) ودفعهم للهجرة, أو محاولة أسلمتهم وهابياً بكافة الطرق. ولن يكون هناك أي عجب عندما تركز القوانين على منع بناء كنائس وهدم ما أمكن من القائم, وإجبار الطلاب المسيحيين على حفظ كم كبير من القرآن, وصرف أموال طائلة من أمول الدولة على محاولة أسلمه المسيحيين.
12- التعامل مع الخدمات العامة واحتياجات المواطن بمفهوم الجمعية الخيرية: في سبيل كسب دعم الطبقات غير المثقفة في مصر (والتي هي الأغلبية), فإن إدارتهم للخدمات العامة والدولة لن تكون بمفهوم الدولة المتقدمة التي تنمي البشر قبل المادة لكن وبدلاً من ذلك ستكون إداراتهم هي التعامل مع الدولة كجمعية خيرية تقدم الفتات من الأطعمة والاحتياجات لفقراء ومساكين. وبمنطق الجمعية في إدارة الدولة, فإن أكثر الموارد التي سوف تمول خدمات الجمعية سوف تأتي من خلال التسول من دول الخليج, والانبطاح التام لهم. هذا بجانب تبرعات أهل الخير من رجال أعمال الدعوة الإسلامية الذين سوف يحظون بمكانة كبرى في الدولة لقاء تبرعاتهم السخية.
13- تطبيق ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي: والقائم على إلغاء التعاملات القائمة في البنوك الحالية والتي تشكل ركيزة أساسية في أي اقتصاد معاصر واستبدالها بما يسمى بالمعاملات الإسلامية. ولا ننسى بالطبع فرض الزكاة على الناس.
14- تبني سياسة خارجية انبطاحية تمانع قولاً تركع فعلاً: سوف يمانعون بألسنتهم فقط فليست لديهم جرأة فعل أشياء ملموسة فقضيتهم ليست قضية وطن وأمة إنما قضية كرسي مدعم بشريعة إسلامية وانتخابات صورية. وسوف يكون الانطباح سياسة رئيسية, فلن يكون منهم أمام أسيادهم في الخليج إلا كل خنوع وخضوع تام, ولن يقووا على أي فعل حقيقي ملموس ضد إسرائيل ولن يكون أكثر من مقاطعات شكلية وتنديد واستنكار, أما أمريكا فمجبر أخاك لا بطل.
15- الخلافة الإسلامية: سيكون الجري وراء سراب الخلافة المنتظرة ركيزة أساسية في نظر الإسلاميين (بخاصة الإخوان), من خلال دعم التنظيمات العالمية للإخوان في الدول الأخرى, وإنفاق الأموال الطائلة في دعمها, مع التحريض على إثارة تحركات وثورات طائفية في بعض الدول العربية والإسلامية (لكن بشرط ألا تغضب الأسياد من بدو الخليج وأمريكا ولن تغضب أمريكا مثلاً من تحركات في سوريا والأردن ولبنان وموريتانيا والجزائر وكينيا وارتريا وروسيا والصين ... الخ). وهذا ليس بأمر مستغرب عليهم فهم ينظرون لإخوانهم في التنظيم الدولي كأكثر أهمية وأولوية من المصري غير المنتمي لهم ( ويختزل هذا مقولة أحد قادة هذه الجماعات: ملعون مصر وأبو مصر واللي في مصر... يحكمني ماليزي مسلم ولا يحكمني مصري قبطي).
تعقيب:
ونجد في النهاية أن كل البرنامج يتمحور حول مفهوم سعودي للشريعة الإسلامية. وليس هذا البرنامج هو ما ينهض ببلاد أو يحل مشاكل بل أنه أقرب إلى تفجير كوارث اقتصادية وطائفية واجتماعية لا حصر لها. وبالإضافة لذلك, الكثير من هذا البرنامج غير واقعي ولا يمكن تطبيقه لا في البداية ولا بعد حين. وأمام الإسلاميين طريق من اثنين لا ثالث لهما: إما نبذ كل خرافاتهم الفكرية والركائز الأساسية – سالفة الذكر- لكل برامجهم ويتبنون كل الرؤى الليبرالية وبالتالي يكونوا مثل " العيال" مع من انتخبوهم, وتكون الشعارات الدينية التي رفعوها في البداية مجرد مطية للوصول للمنصب. وإما أن يلتزموا بهذه الشعارات والمبادئ, فيألبون الداخل والخارج وتنتشر الفوضى وتلقى مصر على يدهم أحد مصائر أفغانستان أو الصومال أو غزة أو العراق وفي أحسن الأحوال السودان.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة ممتازة
نادية محمود ( 2012 / 1 / 16 - 07:42 )
يا حبذا نقرأ المزيد من هذه المقالات

اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية