الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعاء غير المستجاب

أحمد عفيفى

2012 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني، فادعوني استجب لكم.
اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا، فيتولى أمورنا شرارنا.

منذ الأمويين مرورا بالعباسيين، وربما حتى بدءا بالراشدين فلا ردة أبو بكر كانت خيرا، وكل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه، والقاتل والمقتول فى النار، والفاروق سير الفتوحات والأولى أن تسمى حروب وغزوات، فأى دين هذا الذى ينتشر قهرا بالزحف والجيوش وأى جزية تلك التي تؤخذ عنوة من أناس ارتضوا دين آخر، وعثمان ونزقه وأقاربه من ولاته وعلى وحربه وحرصه على الخلافة.

الله يبدو انه لا يستجيب للدعاء، وفى حال استجاب، فانه يستجيب بالسلب فيولى شرار الناس.
اللهم آتنا فى الدنيا حسنة، فيأتينا فى الدنيا مرضا وجوعا ونقصا فى الأموال والأنفس.

خمسة عشرة ألف سنة والمسلمون يرزحون تحت حكم طغاة ولم يفلح الدعاء يوما بتغييرهم أو هدايتهم، خمسة عشرة ألف عام والمسلمون يرزحون تحت عمامة ويتسربلون بعباءة وأقصى أمانيهم إتباع السلف، بكل ما فى الكلمة من ماض مر وراح وفات، وكأن لا عقول لهم ليقتدوا بها كما اقتدى بعقولهم السلف.

وربما للأمر مرد آخر، وهو عجز العقل المسلم عن التفكر أو خوف العقل المسلم من التفكير، فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار، وما أدراك ما النار، بعبع المسلمين الجبار، المسلط على عقولهم وأرواحهم وحياتهم وأرزاقهم طوال الوقت طوال اليوم طوال الدهر، والمساكين لا قبل لهم بسبعين خريفا، وتبا للعقل لو سوف يوردهم موارد التهلكة.

الدعاء إذا لم يستجاب، وهو عادة لا يستجاب، يظهر رأى يخبرك أنه لم يستجاب، لأنه يؤخر لك فى الآخرة، حتى أنك ساعتها سوف تقول يا ليتنى ما دعوت بحاجة ولبيت لى فى حياتى الدنيا، وكأن كلام الفقهاء والكهنة اصدق من كلام الله، ادعوني استجب لكم!

المهم أن يكون هناك مخرج لعدم إجابة الدعاء، كعادة الدين فى إيجاد مخرج من كل مأزق، فهو حمال أوجه بطبعه، وناسخ ومنسوخ وشاطر ومشطور، ولا جناح عليه إن نسخ شيئا لم يحدث بشيء سوف يحدث.

خمسة عشرة ألف سنة، والمسلمون يدعون ولا يستجاب لهم، ولا يفهمون ولا يكفون ولا يتراجعون عن الدعاء، خمسة عشرة ألف سنة والكسل يحتل أرواحهم، خمسة عشرة ألف سنة والمعجزات والخرافات مازالت ترتع وتربض فى عقولهم.

لو ظل الصينيون واليابانيون والأوروبيون يدعون، لما قامت لهم قائمة، ولما أصبحت قوافل المسلمين تحج الى سفاراتهم وبلادهم هربا من ظلم وفقر الحياة فى الدول المسلمة التي لا يكترث بها الله ولا يستجيب لدعائها.

لا اعرف كيف يفكر المسلمون، ولا ارغب أن اعرف، فهم مصرون ومرابطون بانتظار مدد السماء ولا يفعلون شيئا آخر، ويكرهون الحياة بنفس الوقت طمعا فى الآخرة، فتكرههم الحياة بالمقابل، ولا تقبل عليهم.

يكره المسلمون الكفرة ويسعون حتى الموت للحصول على منفذ لبلادهم، يكره المسلمون الكفرة ويستخدمون هواتفهم وسياراتهم وحاسباتهم وحتى مواقعهم الاليكترونية، يكره المسلمون الكفرة ولا يصنعون خيرا كما يصنع الكفرة، فلا علم لهم ولا اختراع ولا طب ولا تقنية ولا حقوق للإنسان لديهم، ولا حقوق للمرأة، فهى مجرد بهيمة وحاضنة ويجب عليها ملازمة البيت حتى تلازم القبر.

يصرون على تلقين صبيانهم وبناتهم نفس الهراء المقدس الذى لم يفلح ولم يأتي بنتيجة معهم ومع أجدادهم، يصرون على تلقين أبنائهم أنهم على حق والآخرون على باطل، وواقع الحال ينسف تلقينهم هذا، فهم إما فقراء أو جهلة أو مظلومون أو كل ذلك مجتمعا.

منذ أن توقف المسيحيون عن الدعاء وانتظار المدد من الرب والسماء، آلت حالهم لما هم عليه الآن، آلت حالهم لأفضل حال، حتى أن المسلمون أصبحوا يدعونهم لبلادهم ومدارسهم ومشروعاتهم، فلا قبل للمسلمين بالعلم والعمل تكفيهم فقط المشاهدة والمتابعة والنقد والكره والحقد والحسرة والغيرة والحسد.

منذ أن توقف المسيحيون عن الدعاء وبلادهم نظيفة ومنظمة ومتحضرة وتحترم الإنسان وتحترم الآخر وتحترم حتى الحيوان.

منذ أن توقف المسيحيون عن الدعاء، اكتشفوا بأنفسهم علاجا للطاعون والأوبئة والأمراض الكثيرة الظاهرة والمتوطنة، اكتشفوا البنج والبنسلين وغيرها، والمسلمين مازالوا بانتظار الله إن يشفى أمراضهم وأمراض أبنائهم وأمراض مجتمعاتهم.

منذ أن توقف الأوروبيين والأمريكيين واليابانيين والصينيين عن الدعاء، أصبحت لهم حضارة وثقافة وثقل وقيمة وشخصية يرهبون به عدو الجهل.

لو اكتفى الغرب والشمال والشرق الأقصى بالدعاء، لكان سكان الأرض كلهم حتى ألان يسكنون الخيام والوديان بحثا عن المرعى والماء.

الدعاء ارث قاتل يدعو إلى الركون والتواكل والكسل، ويؤجج مشاعر الحقد والغيرة والكره والحسد، ولا يفتأ يفعل شيئا سوى مزيد من الهم والغم والفقر والانتظار.

لو إن الله تكلم فربما قال للمسلمين تحركوا أيها الكسالى واسعوا فى الأرض وتفكروا واستعملوا عقلكم وإمكانياتكم ودعكم من دعائكم وانتظاركم السقيم الممل المستمر.

حتى الرجل عندما قال لهم امشوا فى مناكبها لم يردف وعمروها أو استصلحوها بل قال لهم وكلوا من مناكبها، أى استسهال وتواكل وتنطع هذا! كلوا ما تجدوه وما تحصلوا عليه، أما أن تزرعوا أو تصنعوا ما تأكلوه، فحاشا وماشا وكلا، فانتم خير أمه ولا يجب أن ترهقوا أنفسكم بالعقل والكد والجد والعمل، يكفيكم أن تغزو وتستحلوا الغنائم حلالا بلالا طيبا، وتبا لمن عمل وكد وجد وزرع وسهر واهتم بتلك الغنائم فليذهب الى الجحيم أو فليدفع الجزية ورجله فوق قفاه.

الدعاء مثله مثل الرزق والقضاء والقدر، موروث فتك ولازال يفتك بالعقل والجسد والمجتمع المسلم، فالمسلمون لا يفتئون يدعون على الغرب الكافر، اللهم بدد شملهم، فيجتمع شملهم ويصبح الاتحاد الأوروبي، وكأن الله يستجيب بالعكس.

اللهم عليك باليهود الملاعين، فتصبح لليهود دولة إسرائيل، بل وتصبح دولة قوية، لا يغلبها العرب مجتمعون، ويتمتع جيشها بسلاح طيران يفوق أسلحة طيران العرب مجتمعين، وتزرع الصحراء العربية دونا عن العرب سكان الصحراء، الذين لا يفقهون شيئا عن الاستصلاح ولا يعرفون سوى الأكل مما يجدوه فى مناكبها حلال طيبا والدعاء على اليهود الملاعين المتقدمين، الذين للصحراء مستصلحين، وللعلم جامعات مشيدين، وأعداء الله والدين.

جامعة القاهرة تخرج من تصنيف أفضل خمسمائة جامعة على سطح الأرض، وجامعة تل أبيب ترتقى فى القائمة، اليهود يصنعون صابونا يمكن استعماله فى الماء المالح – والمعروف أن الصابون لا يذوب أو يتفاعل مع الماء المالح – والمسلمون ما زالوا يستنكرون استخدام اليد اليمنى فى الاستنجاء أو الطهارة، اليهود شوارعهم نظيفة ومدنهم مخططة ومنظمة، والمسلمون شوارعهم تمتلئ بالنفايات والفقراء والشحاتين، اليهود يحترمون أنفسهم ومواطنيهم وينتخبوا ويغيروا رؤسائهم، المسلمون لا يحترمون أنفسهم ولا يحبونها ولا يحترموا مواطنيهم ولا يغيروا رؤسائهم ولا يستطيعون، اليهود شعب الله المختار، فكانوا عند حسن ظن الله، المسلمون خير امة أخرجت للناس، فخذلوا الله.

المسلمون يدعون ليلا ونهارا، والكفار يعملون ليلا ونهارا والنتيجة ليست بخافية على احد، الأعمى منهم قبل البصير، المختلط عقله والمستوى عقله، بما فيهم المسلمون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضعيف بالحساب !
ماجد جمال الدين ( 2012 / 1 / 16 - 20:04 )
أقل من خمسة عشر قرنا ، أي الف وخمسمائة عام وليس خمس عشرة الف سنة كما قلت وكررت .
تحياتي


2 - ماجد
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 16 - 20:07 )
ليس ضعفا
انا اتنبأ فقط بخيبتهم
التى ستستمر قرونا اخر
تحياتى


3 - الدعاء مستجاب...متى ...الله واعلم
سلام صادق ( 2012 / 1 / 16 - 21:27 )
السيد احمد عفيفي المحترم..كل الذي تفضلت به من تخلف المسلمين اعزوه لسبب واحد هو الخطا في وضع اللبنه الاولى من الاساس....فاللبنه الاولى في الاسلام عوجاء فكيف تريد ان يستقيم البناء...بني الاسلام في اول ما بني عليه على الجهل وقتل العقل والزنى بالطفل وانتخاب الله مكان هبل....بني الاسلام على الذبح والتربع على المنابر والنبح وتقديس الخرافة مع الاطناب في الشرح واستبدال القلم والحبر بالسيف والرمح....بني الاسلام على استعباد الانسان واحتلال الاوطان وسبي الجواري الحسان والتخلف في كل ميدان....بني الاسلام على جنة ذات انهار وحور عين سالبة للأبصار وغلمان طوافون بلذيذ الثمار ورضوان من رب مقتدر قهار....فلا تلم الله لعدم استجابته لدعاء الاسلام....لانه مشغول بتهيئة الجنان وحور العين والغلمان...ومتى انتهى سينظر بطلباتهم ودعائهم...ولكن متى ...الله واعلم... انه دين البدو ..فمتى واين اهتم البدو بالزراعه او العلوم والى ماضيهم يحنون ...وشكرا سيدي احمد عفيفي


4 - يا أخي
جورج كارلن ( 2012 / 1 / 16 - 21:59 )
المسلمون محاطون ومحاصرون بالآيات وبالامثال التي تبعث على الكسل والتواكل. ف مثلاً ( يلي عندو عشّي ليش يزفّر ايديه. أنا أمير وانت أمير مين بدو يسوق الحمير. اذا شفت الأعمى طبّو مانك أكرم من ربّو . اللهم ربي نفسي. حط راسك بين هالروس وقول يا قطّاع الروس. إذا جن ربعك جن معو . يعني شو متخيّل يا صديقي من شعب مازال يتداول هكذا أمثال . هذا كللو بكفة ومقولة التواكل الخالدة في ذهن المسلمين , الله سخر لنا الكفار حتى يخترعوا ما يريحنا في هذه الحياة حتى نحن نتفرّغ للعبادة. والله مساكين هالكفار. عبيد واماء ودفع جزية وسخرة واسرى حرب وفي الآخرة الى جهنم وبئس المهاد. تحياتي


5 - عوده ميمونه
صفوان بن المعطل ( 2012 / 1 / 16 - 22:12 )
نرحب تانيه بعودتك في المقال الثاني زدنا من خيراتك


6 - سلام
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 16 - 22:17 )
الدعاء يستجاب
اذا صح ايمان العبد :)


7 - جورج
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 16 - 22:23 )
وليتهم يتفرغون للعبادة


8 - صفوان
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 16 - 22:25 )
سوف افعل يا صاحب الإفك :)


9 - عقول متكلسه
على سالم ( 2012 / 1 / 17 - 00:43 )
الاستاذ احمد ,حتى المتعلمين واصحاب الدكتاتوره من امه عربان لايزال الصدا يملا عقولهم .الدكتور فاروق الباز عالم جيولوجيا الفضاء واحد منهم بدون جدال , الدكتور فاروق الباز يعيش فى الولايات المتحده وتزوج من امريكيه واقنعها بالدخول فى الاسلام واقتنعت ربما لعدم غضبه وانجب الدكتور اربع فتيات امريكيات وكلهن مسلمات ومتحجبات ويطبقوا شريعه الحبيب المصطفى ولايختلطوا بباقى الفتيات الداعرات كما افهمهم السيد الدكتور ,من دواعى الاسف فان الدكتور لايزال عقله مصدى بالرغم من وجوده فى اميركا طوال اربع عقود ,هذه هى محنه العقل العربى


10 - الاستاذ على
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 17 - 00:51 )
ربما يفعل
ولكنه لا يؤذى احدا بما يفعل
ويتمتع ايضا بمميزات الحياة فى بلد صحى
وليت نصف المسلمون علماء مثل الباز
فلربما صحت واستقامت حياتنا وحياتهم


11 - يبدو ان اله الاسلام لايعرف الكثير عن البشر
حكيم العارف ( 2012 / 1 / 17 - 01:17 )
المصيبه انهم يدعون الدول الغربيه بالكافره ورغم هذا يبوسون ارجلهم للسماح لهم بدخول اراضيهم والتمتع بالحياة الكريمه التى تساوى الانسان بالانسان ... وليس كما يعيشون عيشة البهائم فى بلادهم المتحجره دينيا ...


اكبر دليل هو المقبور القذافى عندما ذهب لاحدى الدول اصر ان يعيش الخيام وسط المدنيه .... ناس عقولها فى شباشبها

والمحجبات اللواتى فى بلاد الغرب ينظرن كل البنات وشعرهن المكشوف ... الا تفكر المحجبه اين العوره فى شعرها !!

الاينظرن الفتيات غير المحجبات وعدم اهتمام الناس بهن اساسا رغم لبسهن الغير محتشم ...

يبدو ان اله الاسلام لايعرف الكثير عن البشر


12 - حكيم
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 17 - 13:12 )
هى ثقافة المونوبولى
اى احتكار الحق والحقيقة
ولا حق ولا حقيقة ولا عزاء للاخرين


13 - الدعاء المستجاب
حكيم فارس ( 2012 / 1 / 17 - 14:06 )
عزيزي الكاتب مشكور على جهدك التنويري يقال ان الله ينزل بالثلث الاخير من الليل لعله يجد عبدا من عباده يدعو ليستجيب له لكن انت تعرف انه اصبحنا نعرف الان ان في كل لحظة يوجد ثلث اخير من الليل في مكان ما على سطح الارض هل معنى ذلك ان الله متواجد في الارض وشكرا


14 - حكيم
أحمد عفيفى ( 2012 / 1 / 17 - 14:39 )
ليته هناك
ليته يستجيب


15 - المشكلة ليست دينيه
حسين الحيدري ( 2012 / 1 / 19 - 21:05 )
عزيزي الكاتب المشكله ليست دينيه كما ذكرت فالبعض يامن بالشمس والاخر بالقمر،وحالنا كحال امريكا اللاتينيه فهم مسيح وليسوا مسلمون ولكنهم مقيدون غير قادرين علي تنفس العلياء


16 - الإسلام ليس بشري
فرحات الجزائري ( 2012 / 1 / 24 - 10:31 )
يقول المتأسلمون ان الإسلام وكل ادواته ليست من صنع البشر وانا اوافقهم الرأي، فهذه العقيدة لا علاقة لها بالبشرية لا من قريب ولا من بعيد
لقد خلقت مخلوقا غريب الأطوار والأفكار، منفصم الشخصية ومتخاصم مع الذات والآخر، لا يجيد شيآ ويفخر بالعدم، لايحب احدا ويستغرب ردة فعل البشر على كراهيته لهم، ينتقد الناس وهو محتاج لهم ولإنسانيتهم، يسمي نفسه حر وهو مستعبد، يتمنى الشر جهارا ويتكلم عن الرحمة،
مضى خمسة عشر قرن وهم يدعون على الآخر بكل انواع المصائب والويلات ولم يتحقق من دعائهم الا العكس، ولم يقنطوا من رحمة ربهم الواسعة عليهم والضيقة على باقي البشر في عقيدتهم بالرغم ان آخر جنس يعيش في ضيقة من امره هو الجنس المسلم
مثلهم مثل المحشش يجدون حلهم في سبب مشكلهم وهو الحشيش الديني
قوم غريب الآطوار فعلا
ولو لم اكن ملحدا مقتنعا ومتآكدا من عدم وجود اي عرش في السموات، للآمنت بوجود مخلوق فضائي شرير وأهبل وراء هذا المعتقد الفاتك باهله قبل غيره
على كلة حال سنوات وينتهي البترول ومعه حساباب وول ستريت، ويرجع اهل الكهف الى مغاراتهم، ويتحرر معظم المسلمين من سطوة الشيطان النفطي وكهنة البرميل الأسود كقلوبهم