الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زراعة الأعضاء حرام-أو رُب حامل فقه غير فقيه

نبيل هلال هلال

2012 / 1 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الله يغفر الذنوب جميعا - عدا الشرك به - ولكن المشايخ الذين نصَّبُوا أنفسهم أوصياء على خلق الله , صنَّفوا الكبائر حتى وسعت كل أنواع الذنوب التي يشاء الله غفرانها , وغالوا في معاقبة المخطئ وتكفير الناس لذنوب يغفرها الله , والكهنة لا يغفرونها , واصطنعوا تراثا يمكِّنهم من إحكام قبضتهم على عقول الناس فلا يستطيعون حراكا بلا مشورة الكاهن . واصطنعوا الغلو في الحرام والحلال والترغيب والترهيب في مزاعم " فقهية " تم إنتاجها في ظلام المعبد .
ومنهم "علماء" يقولون بحِل فوائد البنوك وآخرون يحرِّمونها وآخرون يحرمون زراعة الأعضاء وإجراء عمليات التجميل بدعوى عدم تغيير خلق الله ! وكلهم - المُعارض والمؤيد - لديه حججه وبراهينه , وكلهم فطاحل متخصصون ! وهذا الأمر ومثله يحتم ألا ينفرد بالفتوى فرد واحد مهما قيل في ورعه وفقهه , فالمسألة ليست مجرد ورع وحسن نية , ولكنها علوم لا يعرف المشايخ عنها شيئا كالاقتصاد والطب والفلك وغير ذلك , ولا يجوز لهم الإفتاء فيها عملا بقولهم أنفسهم باحترام التخصص , فرجل الدين الذي يفتي لأهل التخصص في الفلك والطب يكون كمستبضع تمرا إلى أهل خيبر, ولرب حامل فقه غير فقيه , ولرب نابل يظن الإصابة وهو المصاب بما يرسله من النبل . وإذا كان الأمر على حظر النظر في الدين على غير المشايخ لامتنع الكشف عن حقائق الإعجاز العلمي والإعجاز الرقمي في القرآن , وهما وجها إعجاز لا يقوى على كشف حقائقه مشايخ المؤسسات الدينية مجتمعين , وإنما لها العلماء المتخصصون في العلوم غير الدينية والمتخصصون في علوم الحاسوب "الكمبيوتر". ومن كشفوا عن مثل هذا الإعجاز العصري للقرآن ليسوا من المشايخ ولا يتبعون أي مؤسسة دينية رسمية , ولم يتلقوا العلم عن مشايخ (وهو شرط أساسي يضعه الفقيه السلطاني لاعتماد علم العالِِم) . وهذا الإعجاز "العصري"هو السبيل الوحيد لمخاطبة عقول الناس في عصر العلم للمضي نحو عالمية الإسلام , وهي عالمية لن تتحقق بقصر الكلام عن المعجزة اللغوية والبيانية للقرآن فهي غير فاعلة لمن لا يعرف لغة الضاد , بل وحتى لغير المتعلم من العرب . وإذا اقتصر الأمر على ما في كتب التفسير من مثل القول بأن الأرض يحملها حوت- وهو ما قاله الفقيه القديم وسكت عنه الفقيه المعاصر- لانصرف عن الإسلام العقلاء . وقعود المؤسسة الدينية الرسمية عن تنقيح موروث الأسلاف ليُعد خيانة لدين الله ووصمة لا يصح معها زعمها بالقيام على أمر الدين وتسقط حقها في الاستئثار بالنظر فيه .
وفي الوقت الذي تَراجع فيه فقه المسلم لدينه من واقع القرآن , حصل من جهة أخرى مغالاة - إن جاز التعبير- في جانب العبادات , أي نضوب فقهي يقابله "مبالغة " في العبادات , فراح المسلمون يفسرون كل شيء من منظور أداء العبادات : فيتقاعسون عن مدافعة الأعداء ولكن يدْعون عليهم بالهزيمة ويطلبون من الله النصرة , فالدعاء أيسر من الجهاد والقتال الذي لا سبيل إليه , ويكون رد فعلهم على سب أعداء الإسلام للنبي- لا بالمقاطعة الدائمة لمنتجاتهم وهو أضعف الإيمان- ولكن بالاكتفاء بنشر آلاف الملصقات على الجدران تدعو المؤمنين للصيام مدة يوم "يدعون" فيه على الكفرة بالثبور وعظائم الأمور .
وعمد الفقيه إلى تصوير الدين على أنه وعاء لمجموعة من الشعائر تكون هي المطية الذلول للوصول إلى جنة الآخرة , وأغفلوا أن الدين هو الضامن لجنة الدنيا قبل الآخرة , ولا سبيل إليها إلا بتحرير المسلم من قيود الجهل بحقوقه والخوف من المطالبة بها والذعر من مواجهة المحتالين الذين يسرقون سلطته وماله . فالشريعة التي لا تؤدي للناس حقوقهم في الدنيا وتضمن لهم العدل والمساواة والحرية فهي ليست شريعة الله , والشرع الذي يضع حوائل بين المظلوم ومن يظلمه ويردعه ويخيفه من المطالبة بحقه المسلوب , شريعة غير ربانية , وإنما هي شريعة نخبوية , وضعتها الصفوة من أجل الصفوة .نبيل هلال هلال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ولكن غشاء البكاره الصينى حلال
حكيم العارف ( 2012 / 1 / 17 - 23:11 )
اعجبنى العنوان فتأملت فتاوى الشيوخ التى تؤكد ان غشاء البكاره الصينى حلال درء للمشاكل ....

الحلال والحرام مقاييس تتغير بتغير البيئه والظروف .. ولكن الدين احكامه ثابته (بفرض ان الله لايتغير) ...

لذلك ربط الحلال والحرام بالدين هو حلا فقط للحاله الماليه للشيوخ اصحاب الفتاوى..

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل