الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعائر الحسينية .. قراءة نقدية

حسن طبرة

2012 / 1 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ترافق ذكرى إستشهاد الإمام الحسين عليه السلام عدد من الشعائر والممارسات التي يقوم بإحيائها الكثير من المسلمين في مختلف دول العالم وخاصة في العراق وإيران، حيث تقام مجالس العزاء والمحاضرات الدينية، وما يترافق معها من إظهار معالم الحزن على المصيبة من البكاء ولبس السواد ورفع الأعلام والرايات، وتعليق اللافتات، ونصب المواكب وغيرها من الممارسات التي تهدف إلى إحياء ذكرى الإمام الحسين عليه السلام والكوكبة المؤمنة التي أستشهدت معه في يوم العاشر من المحرم عام 61 للهجرة، وكذلك إحياء المبادئ السامية التي قدمها الإمام الحسين للإنسانية جمعاء وضرب بها أروع الأمثلة، وبالرغم من الفائدة الكبيرة التي تقدمها تلك الشعائر والممارسات الدينية والتي تتمثل بالدور التربوي والتوجيهي للأفراد في مختلف المراحل العمرية، إلا أنها قد تحتوي على بعض الممارسات التي تشوه الثورة الحسينية، ولا تحقق أهدافها وتؤدي دوراً عكسياً في التنفير عن قضية الإمام الحسين التي لابد أن نهتم بطريقة إيصالها إلى الآخرين، ومن تلك الممارسات مواكب التطبير التي يستخدم فيها السكاكين والأدوات الجارحة في إحداث جروح في البدن وسيلان الدماء على الأجساد التي عادة ما يمارسها الشباب الذين لا يحملون ثقافة كافية تبصرهم بالآثار السيئة التي تخلفها تلك الممارسة على الدين والمذهب، وأنا في هذا المقام لا أناقش مدى حرمة أو جواز القيام بها، وإنما أناقش الآثار والنتائج التي تخلفها من الناحية النفسية والإجتماعية، فعادة ما تثير تلك المظاهر إشمئزاز الأفراد الذين لم يعتادوا على تلك المشاهد وخاصة الأفراد في الدول الأجنبية، فبدلاً من أن نثير إهتمامهم بالمبادئ الأخلاقية السامية والأهداف الإنسانية التي قاتل من أجلها الإمام الحسين، نشعرهم بالنفور والإشمئزاز من خلال تلك الممارسات، ومن الغريب أنك عندما تناقش تلك الممارسة مع الشباب وغيرهم ممن يقوم بتلك الممارسات يعارضك بالقول أن التطبير من شعار الله .. !! ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب .. نعم .. آمنت بالله، أن من يعظم شعائر الله فإنها مما يزيد التقوى في القلب وتحث على الإلتزام وعدم إنتهاك المحارم .. ولكن السؤال هنا .. ما هي شعائر الله ؟ .. وهل أن التطبير يعد شعيرة من شعائر الله .. ولا يجوز لأحد أن يناقشها أو ينكرها ؟!!.. من المعلوم أن شعائر الله تخص مناسك الحج التي وردت في القرآن (إن الصفا والمروة من شعائر الله) (البقرة:158) والصفا والمروة جبلان في مكة يمثل السعي بينهما إحدى مناسك الحج، وكذلك النحر (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) (الحج:36) ويرى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان أن (الشعائر جمع شعيرة وهي العلامة وكأن المراد بها أعلام الحج ومناسكه) (تفسير الميزان،ج5: ص162) وأن الشعائر تتمثل بـ(الإحرام والطواف والصلاة في مقام إبراهيم والسعي بين الصفا والمروة والمناسك كلها من شعائر الله، ومن الشعائر إذا ساق الرجل بدنه في حج ثم أشعرها أي قطع سنامها أو جلدها أو قلدها ليعلم الناس أنها هدي فلا يتعرض لها أحد، وإنما سميت الشعائر ليشعر الناس بها فيعرفونها) (تفسير الميزان،ج5: 188) وبالتالي فإن شعائر الله هي مناسك الحج بشكل خاص، وبالإمكان تعميمها على العبادات كافة كالصلاة والصيام وغيرها من العبادات التي فرضت على المسلمين، وبما أن التطبير وضرب الرأس بالقامات لا يمثل إحدى مناسك الحج أو العبادات الأخرى، لذا فهي ليست من شعائر الله، وهي وإن كانت مباحة من قبل عدد من مراجع التقليد فهي لم يوجد ما يشير إلى إستحبابها أو الإثابة على الإتيان بها، هذا من الناحية الشرعية، أما من الناحية الإجتماعية والنفسية فإن الأضرار التي تخلفها تلك الممارسة أكثر من الفائدة التي يعتقد بها البعض كمواساة أهل البيت عليهم السلام بدمائهم، وإظهار الشدة في الحزن، ولو أن هؤلاء الشباب توجهوا إلى أساليب وطرق أخرى أكثر فائدة لهم من تلك الممارسات لكان خيراً لهم منها، ولأصبحت فعلاً من تقوى القلوب كالمحاضرات الدينية الهادفة، وعقد الندوات التي يتم خلالها مناقشة أهم المبادئ والدروس الأخلاقية التي يمكن إستشفافها من ثورة الإمام الحسين ودراسة مدى إمكانية تطبيقها في الحياة العملية، علماً أن ثورة الإمام الحسين معين لا ينضب من الفكر والمبادئ والقيم السامية التي يستطيع الباحثون في مختلف المجالات الإستفادة منها، فالإمام الحسين خرج ضد الحكومة الفاسدة التي لا تصلح لقيادة الأمة، والتي كانت تفرض إنتخابها على الآخرين بشكل قسري، أي أن الديمقراطية مغيبة في تلك الحكومة. إذ كان الهدف الأساسي للثورة الحسينية هو الإصلاح وتقويم الإعوجاج في جسد الدولة والأمة الإسلامية ونزع العقائد الفاسدة التي تتمثل بالخنوع والذلة للطغاة ومجاراتهم، وأسس لمبدأ الثورة والوقوف بحزم ضد الظلم والطغيان والفساد بكل أشكاله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما نوع وطبيعة ثورة الحسين وما هي مبادئها
سيد عقيل سيد جعفر ( 2012 / 1 / 18 - 10:04 )
اود ان انطلق في تعليقي على الموضوع من روح عنوانه اي من القراءة النقدية للمقال نفسه هذه القراءة التي تستوجب التجرّد من الثقافة السمعية التي تربينا عليها والتعاليم التلقينية التي ترعرعنا في ظلها بعد ذلك اعتقد يحق لي ان اسأل الكاتب عن المبادئ التي قدمها الحسين للأنسانية وضرب بها اروع الأمثلة ،و ما هو الدور التربوي والتوجيهي المفيد والايجابي التي تقدمه تلك الشعائر لأفراد المجتمع , وما نوع وطبيعة الثورة التي قادها الحسين ان كان هناك معنى للثورة في حركته وما هي المبادئ الانسانية التي قامت عليها اذا ما علمنا ان حياة الحسين نفسه يتجسد فيها معنى العبودية ونظامها من خلال ما امتلكه من العبيد والجواري ، العدالة والحرية والحقوق مفردات جميلة ورنانة من السهل التغني بها لكن العبرة في التدليل عليها لا في رفعها كشعار تستخدم للتمترس والاستقطاب الطائفي الذي نعاني منه هذه الايام سوى في العراق او ايران او البحرين


2 - طمع في السلطة
جورج كارلن ( 2012 / 1 / 19 - 21:34 )
هذا ما تندرج عليه هذه الثورة. ذكر الإستاذ سيد عقيل عن امتلاك الحسين للجواري , يعني لا أدري كيف لثائر ضد الظلم أن لا يبدأ من نفسه؟؟ وحتى ولو كان فعلا يريد الخير و و و جميع ما يردده الأخوة الشيعة . ماذا يفيدنا في سنة 2012 صراع على السلطة بين شخص أموي وشخص هاشمي . هل النزاعات القبلية والطائفية والسياسية هي القدوة التي يجب ان نركض ورائها لبناء مجتمعنا؟؟؟

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب