الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على المائدة

كامي بزيع

2012 / 1 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كيف نأكل ؟ لماذا نأكل بهذه الطريقة وليس غيرها ؟ اسئلة قد لا تخطر على البال كثيرا . ذلك اننا ناكل وكفى.
ربما لم يتوفر لاجدادنا القدماء متسعا من الوقت في البحث عن آداب الطعام لان جل بحثهم كان متجها في ايجاد هذا الطعام وتوفيره والا ماتوا جوعا، لاحقا مع نشوء السلطة والدولة اهتم الملوك او الحكام، ممن كانوا يعنون بأمور البلاد والعباد، بتلك الامور حيث الوقت يسمح لهم، لابتكار طرق معينة في تناول الطعام خصوصا وان موائدهم غالبا ما تكون مفتوحة امام زوارهم وضيوفهم .
ان الاكل بصورة جماعية هو الذي دفع الفراعنة للبحث في اصول آداب الطعام، لذلك يعتبر الفراعنة هم اول من فكر بالاتيكيت، وقد طلب الفرعون ايزيس من وزيره "بتاحوتيب" ان يضع المبادئ التي يمكن اعتمادها اثناء تناول الطعام، وقد عرفت هذه المبادئ فيما باسم "ارشادات بتاحوتيب" وقد وضعت في عام 2500 قبل المسيح، وهي اول كتاب عن آداب السلوك في التاريخ.
ينصح الكتاب المرء اذا كان في حضرة شخص اعلى منه مرتبة ان يضحك كلما ضحك ذاك الشخص وباختصار للتقرب من شخص اعلى منك مركزا "اضحك عندما يضحك"، اما بالنسبة الى الحديث فالافضل هو كبح اللسان "ليكن تفكيرك عميقا وكلامك قليلا"، اما اذا اردت ان تاكل معه فتامل فيما هو امامك جيدا ولا تاكل بنهم كانك لم تر طعاما من قبل "لا تشته اطايبيه فانها خادعة" وزاده لا يشبع .
اما بالنسبة الى اصدقائك فاياك ان تاكل من خبز رجل بخيل لانه يفكر دائما بالثمن، فاذا كان يقول لك ان تاكل او تشرب عنده فان قلبه يقول غير ذلك .
اما فيما يتعلق بالضيوف فان لقمة خبز جافة لكنها تقدم مع كثير من الترحيب والحب لهي افضل من بيت مليء بالذبائح ويسوده الخصام، كما انه ليس من الاهمية اصناف الطعام والوانها وانما كيف تقدم، فأكلة من البقول في جو مشبع بالمحبة خير من وجبة من لحم عجل معلوف في جو من الازعاج .
لذلك فان الاكل ليس مجرد عملية آلية ندخل الطعام فيها الى معدتنا، انه في الحقيقة فعلا اجتماعيا بامتياز، فنحن عندما ناكل انما تكون وجوهنا متقابلة مع الاخرين، لان الاكل مسرة مع الاحبة، ولا يجب ان يغيب عن بالنا كم من الاجتماعات تمت على مائدة الطعام، فالطعام مناسبة ايضا للتلاقي والتحادث والانجذاب.
فالطعام يلعب في كثير من الاحيان دورا كبيرا في تقريب القلوب من بعضها، وعندنا المثل الذي يقول "ان الدخول الى قلب الرجل انما يتم عبر معدته" لكن الامر معكوسا عند شعوب اوجي وسان كريستوبال من جزر سليمان في المحيط الهادي.
تقتضي العادات ان يحضر الشاب الذي يريد الزواج طبقا كبيرا من البطاطا وجوز الهند ويضعه في بيت الفتاة التي اختارها عروسا له، ثم يخرج دون ان يقول كلمة او ينطق حرفا.
يعود في اليوم التالي ليأخذ طبقه فاذا وجده مثلما تركه كان ذلك علامة رفض واهانة معا، اما اذا وجده فارغا وفيه بعض النقود فانما ذلك علامة رفض لعرض الزواج ولكن حرص على استمرار العلاقة معه. اما اذا وجده فارغا تماما، فذلك يعني ان اهل الفتاة قد قبلوا به...مبروك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله